أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:

السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

فيما يتعلَّق بتطورات العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة:

شهد هذا الأسبوع من المآسي والفظائع، والجرائم الوحشية، التي ارتكبها القاتل الصهيوني المجرم السفاح، أمام مرأى وعلى مسمع العالم المتبلِّد، بمؤسساته الدولية المتفرِّجة والصامتة، هذا الجيل سيكون شاهداً على أكبر فضيحة، وأخزى انكشاف، وأقبح انحطاط وقع فيه المجتمع الدولي بمختلف مسمياته وعناوينه وأطره، وسيورِّث ذلك للأجيال اللاحقة.

نحن نشهد موت الضمير الإنساني، والمجتمع البشري يشاهد أكثر من مليوني إنسان بأطفالهم، ونسائهم، ومرضاهم، يجوَّعون ويعطَّشون ويبادون على أرضهم بمختلف وسائل الإبادة، على يد عصابةٍ إجراميةٍ متوحشةٍ، ولفيفٍ من شُذَّاذ الآفاق، الصهاينة المجرمين، الذين لا يرعون أي حرمةٍ ولا قيمةٍ للنفس البشرية، ترعاهم وتشاركهم في ذلك، وتدعمهم: أمريكا، الطاغية المجرمة، التي تدَّعي تصدَّرها للمجتمع البشري بكافّة وسائل وإمكانات القتل والإبادة، ومعها أيضاً مجموعةٌ من الأنظمة والدول والحكام، الذين يقدمون أنفسهم- زوراً- كروادٍ للحضارة وللعالم المتحضر؛ فيما لم يأمن منهم وممن يدعمونه لا طفلٌ على حياته، ولا امرأةٌ على حياتها وحياة أطفالها، ولا مسنٌ عاجزٌ على فراش المرض، ينتظر حبة دواء، فيدفع إليه بكلبٍ بوليسيٍ مسعورٍ، ينهش ما بقي من لحمه وجلده، مع مجموعةٍ من المجرمين الصهاينة، ويعدمونه على فراش مرضه بأبشع طريقة. روَّعوا وقتلوا الأطفال بمختلف مراحل عمرهم، أبادوهم في بطون أمهاتهم، وقتلوا الخُدَّج أيضاً في الحَضَّانات، وأعدموهم قبل أن يروا الحياة أصلاً، قتلوهم وهم رُضَّع بالقنابل الفتاكة، وبالتجويع، ومنع الحليب عنهم، قتلوهم بالآلاف، وهم لا يزالون بأعمارهم ما بين السنة والعشر سنوات، وبأبشع أصناف القتل، بعد أن مارسوا بحقهم أشد انواع التعذيب والاضطهاد، من تهجيرٍ، وترويعٍ، وتجويعٍ، وحرمانٍ تامٍ من التعليم، والمجتمع الغربي، الذي لطالما تحدث عن التَّحَضُّر، لم يوفر وسيلة من وسائل القتل والإبادة، إلَّا ودعم بها أولئك القتلة، السفاحين، المجرمين، اليهود الصهاينة؛ ليذبحوا أطفال فلسطين، ويحاولوا إبادة جيلٍ بكامله في غزَّة.

أية حضارةٍ تدعم كل ذلك المستوى القبيح والشنيع من القتل، والإجرام، وإراقة دماء الأطفال والنساء، والعجزة، والمساكين؟! وأي عالمٍ يدَّعي التَّحَضُّر، ومئات آلاف الأطفال من الناس يتوقون إلى رغيف الخبز، ويمنعون منه، وهو متكدسٌ في مئات الشاحنات على مرمى حجرٍ من قطاع غزَّة؛ أمَّا الحصول على حليب الأطفال، الذي هو أول غذاءٍ في الحياة الإنسانية، فأصبح في عداد المستحيلات، والعالم يشهد بأن تجويع الرُّضَّع في غزَّة أصبحت استراتيجيةً متعمدة، يدعمها أولئك؟! عالمٌ يدَّعي التَّحَضُّر، وهو يصر على أن يبقى ستمائة ألف طفل في قطاع غزَّة وسط الأنقاض دون أي مأوى؛ فيما العالم العربي والإسلامي يتسمر، وكأن أُمَّتنا الإسلامية عبارةً عن مليارين من الأخشاب اليابسة والجامدة، بلا روحٍ ولا إحساسٍ ولا مسؤولية!

شهد هذا الأسبوع، في التطورات في العدوان الإسرائيلي الهمجي الإجرامي على قطاع غزَّة، جرائم رهيبة، وفظيعة، ومتنوعة، حيث أباد العدو الإسرائيلي وجرح ما يزيد على الـ (ثلاثة آلاف وسبعمائة فلسطيني)، أكثرهم من الأطفال والنساء، وهم بكلهم من النازحين ومنتظري المساعدات.

في مجزرة صباح اليوم في (دير البلح): ستة عشر طفلاً، بينهم أطفال صغار السن ورُضَّع، وكانت الجريمة أثناء تَجَمُّع الأهالي لاستلام مكملاتٍ غذائية لأطفالهم.

العدو الإسرائيلي يستخدم التجويع، ويستخدم مصائد الموت أيضاً للإبادة، والمسألة واضحة في المشاهد التي يشاهدها من يتابع وسائل الإعلام، وأيضاً بشهادة المنظمات الدولية:

  • فبحسب منظمات دولية، فالطحين في قطاع غزَّة أصبح أغلى ثلاثة آلاف مرَّة من قيمته الطبيعية، وهو ممنوعٌ بالأصل من الدخول إلى غزَّة.
  • ما تسمَّى بـ (منظمة العفو الدولية)، قالت: .
  • مقررة الأمم المُتَّحِدة المعنية بفلسطين، قالت: .
  • (الأونروا) قالت: .

هذه أيضاً شهادة من منظمات غربية ودولية، ومعترفٌ بها في الغرب.

يستمر العدو الإسرائيلي أيضاً في مساعيه للتهجير القسري، وفي مساعيه أيضاً لصنع بيئة تنعدم فيها كل الظروف الصِّحِّيَّة، فهو من خلال التهجير القسري، وعمليات النسف والتدمير، يدفع بمجتمع القطاع إلى التَّكَدُّس في مربعات ضيقة جدًّا، حيث يتكدَّس أكثر من أربعين ألف إنسان في كل كيلو متر مربع واحد، وهذا أيضاً مما يتسبب به هو المعاناة والأزمات الصِّحِّيَّة، إضافةً إلى بقية أشكال المعاناة.

فيمــا يتعلَّـق بالضِّفَّـــة الغربيـــة:

  • يستمر العدو الإسرائيلي في كل الاعتداءات فيها، من: قتلٍ، وتجريفٍ، وتهجيرٍ قسري من عددٍ من القرى حتى في (غور الأردن)، وكذلك من المخيمات.
  • ويستمر في جرائم الاختطاف.
  • وكذلك يواصل استحداث بؤر استيطانية على الأراضي المغتصبة.
  • إضافةً إلى مخططٍ جديد يسعى له اليهود الصهاينة، بعنوان ، وهو مخطط يسعى العدو الإسرائيلي إلى تنفيذه، ويسعى إلى أن يحصل على عملاء من أبناء الشعب الفلسطيني؛ ليكونوا عوناً له في تنفيذ هذا المخطط؛ هو مخطط سيء، ولكنه- إن شاء الله- فاشلٌ بإذن الله تعالى.

فيمــا يتعلَّـق بالقـــدس:

  • يستمر الأعداء الصهاينة في انتهاك حرمة المسجد الأقصى بشكلٍ شبه يومي.
  • يستمرون أيضاً في عمليات التهويد في مدينة القدس، والتهديم لبيوت الفلسطينيين، وكذلك التهجير القسري من أحياء في مدينة القدس.
  • ويستمرون أيضاً في إقامة بؤر استيطانية في المدينة وفي محيطها.

    فيمــا يتعلَّـق بعمليـــات المجاهـديــن في قطــاع غــزَّة بمختلــف فصائلهــم، وفي ثباتهـم العظيـم:
  • الثبات في مواجهة أربع فرق عسكرية من اليهود الصهاينة.
  • والثبات في مواجهة الهمجية والوحشية والإجرام، والتدمير الشامل.
  • والثبات بالرغم من الحصار الشديد، والتجويع، وكل أشكال المعاناة، ورغم الخذلان الواسع من محيطهم العربي والإسلامي، إلَّا القليل في حالاتٍ استثنائية.

ثباتٌ عظيم، بروحٍ معنويةٍ عالية، تتجلَّى في أدائهم القتالي الجهادي، وفي عملياتهم في تصديهم للأعداء، والمهاجمة لهم إلى ناقلاتهم المدرَّعة ودباباتهم، والاشتباك معهم من نقطة الصفر، ثبات بأداءٍ جهاديٍ فعَّال، ومؤثِّر، ومنكِّل بالعدو، ومحبط لتكتيكاته التي يعتمد عليها، مع أنه يسعى إلى تنويعها وتجديدها، ولكن دون جدوى.

 

 

في هذا الأسبوع نَفَّذت كتائب القسام (ستة عشرة عملية متنوعة)، منها:

  • عشر عمليات استهداف لآليات العدو.
  • وخمس عمليات قصف.
  • وعملية استهداف لقوات العدو الراجلة.

كمين (بيت حانون)، في منتصف ليل الاثنين الماضي، تتجلَّى فيه قمة الإبداع القتالي المقاوم، والأداء الجهادي الفعَّال، وكانت نتائجه: قتل وجرح واحد وعشرين جندي وضابط صهيوني، واحتراق مدرعات لوحدةٍ عسكريةٍ إسرائيلية، هي من أسوأ وحدات العدو الإسرائيلي وأكثرها إجراما.

خبراء العدو الإسرائيلي ووسائل إعلامه تُقِرُّ بفشل خطته واستراتيجيته الجديدة في العدوان، وهذا شيء واضح، العدو الإسرائيلي يستحدث بعد كل فترة تكتيكات جديدة، ويعتمد استراتيجيات جديدة؛ بهدف أن يحقِّق ما يسعى له من الاجتياح الكامل، والسيطرة التَّامَّة على قطاع غزَّة، وأن يتخلَّص من المقاومة، وأن يقضي على المجاهدين، ولكنه يفشل.

فَشِل العدو الإسرائيلي على مدى واحد وعشرين شهراً، بالرغم مما بحوزته من الإمكانات، وحجم الدعم الأمريكي، الذي يصل إلى حد الشراكة الكاملة، وكذلك أيضاً دعم كبير وضخم من دول غربية: بريطانيا، ألمانيا، فرنسا... وغيرها، وبالرغم أيضاً من حجم الإجرام والطغيان.

هذا الفشل، واستمرار فاعلية الأداء الجهادي للإخوة المجاهدين في قطاع غزَّة، بالرغم من ظروفهم الصعبة جدًّا، ومن حجم المعاناة، هو مما يكشف حقيقة واقع العدو الإسرائيلي، ومصاديق للحقائق القرآنية عنه؛ لأن العدو الإسرائيلي بإمكاناته الضخمة والهائلة، بالدعم الهائل الذي يحظى به من أمريكا والغرب، وأيضاً حجم الإجرام والطغيان والتدمير الشامل؛ ومع ذلك يواجَه بكل هذا المستوى من الاستبسال، والأداء الفعَّال في أداء الإخوة المجاهدين في قطاع غزَّة، الأداء المؤثِّر، الأداء المنكِّل بالعدو، الأداء الذي يلحق بالعدو الخسائر المباشرة المؤثِّرة، وفي نفس الوقت يفشله، ويُفْشِل أهدافه؛ هذا مما يكشف حقائق القرآن الكريم عنه، الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" حينما قال عن اليهود: {وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ}.

جنود العدو الإسرائيلي يظهرون في عملياتهم تلك، حينما يدخلون في حالة اشتباك مع الإخوة المجاهدين في فلسطين، يظهر كم هم خائفين، كم هم في حالة خوف ورعب، ولا يمتلكون الروح المعنوية، حالة تختلف عن جرأتهم على العُزَّل من السلاح، وجرأتهم على الأطفال والنساء، في الحالات التي يجتاحون فيها مخيمات النازحين، ويهجمون فيها على المدنيين لإبادتهم بجرأة كبيرة، ووحشية وإجرام؛ ولكن عندما تكون الحالة حالة اشتباك مع المجاهدين؛ تظهر حقيقتهم فيما هم عليه من الخوف والرعب، وهم في دباباتهم، في ناقلاتهم المدرَّعة، ناقلات الجند المدرَّعة، وهم في حماية جَوِّيَّة كبيرة، بالقصف، والإسناد الناري... وغير ذلك، ومع كل ذلك يظهرون في حالة رعب، وذعر، وخوف، ما إن تبدأ خسائرهم البشرية من القتلى والجرحى، حتى يعلو صراخهم، ويبدأ هروبهم، ويحاولون الخروج من كمائن الموت.

هذه الحالة تكشف حقيقتهم، أنهم- كما قال الله عنهم في القرآن الكريم- لا يمتلكون أبداً الروح المعنوية للتضحية، الله قال عنهم في القرآن الكريم: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ}، فهم أحرص الناس على أي حياة، ليس هذا من باب حرصهم على الحياة، والسلام، والاستقرار في الأرض، فهم فيما هم عليه من عدوانية، ووحشية، وإجرام، واستهتار بحياة المجتمع البشري من حولهم، ولكن عندما تكون المسألة مسألة تضحية بالنفس، فهم لأنهم في حالة عدوانية، وإجرام، ووحشية، وطغيان؛ هم يدركون أنهم ليسوا في الموقف الصحيح، ولا الاتِّجاه الصحيح، الذي يطمئنون فيه على مستقبلهم عند الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في الدار الآخرة؛ ولـذلك هم أحرص الناس على عدم التضحية، وأخوف الناس من الموت؛ وبالتـالي ليس عندهم أي روح معنوية، ولا أي استعداد للتضحية؛ إنما يتجرَّؤون عندما تكون المسألة هجوم على العُزَّل من السلاح، وهجوم على الأطفال، هجوم على النساء، يظهرون في جرأة عالية، وطغيان وتوحُّش، وفي منتهى الإجرام.

ما هم عليه من العدوانية، وما هم عليه من الإجرام، ما هم عليه من السوء، ما هم عليه من الولاء للشيطان، كل هذا هو ثغرات كبيرة عليهم؛ تسبب لهم سخط الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وهم باءوا بغضبٍ من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"؛ ولـذلك فهم في حالة خطيرة، عليهم حالة تُعَرِّضهم للمؤاخذة الإلهية، والعقوبة العاجلة من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، هم أولياء الشيطان، والله يقول: {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}؛ ولـذلك فهم المستوى المعنوي، عندما تكون المسألة مسألة مواجهة مباشرة مع مجاهدين، مؤمنين، معتمدين على الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، يحملون الروح الإيمانية الجهادية، وينطلقون الانطلاقة الصادقة مع الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"؛ فحالهم مختلفٌ تماماً عمَّا هم عليه من الكبرياء والغرور والطغيان، تتجلَّى حقيقتهم، هم في حالة ضعف على المستوى المعنوي.

هم فيما هم عليه من الإجرام والطغيان، ولا يمتلكون قضيةً مُحِقَّةً ولا عادلة، هم في حالة بغي، احتلال، طغيان، عدوان، إجرام، فهم في حالة وعيد بالمؤاخذة من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ووعيد بالتسليط عليهم، وهذه حالة منذ زمنٍ بعيد؛ لأنهم يرثون حالة البغي، حالة العدوان من أشرارهم، يرث أشرارهم هذه الحالة من أشرارهم السابقين جيلاً بعد جيل؛ ولـذلك قال الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في القرآن الكريم: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}.

وهذه الحقيقة يجب أن يستوعبها مجتمعنا المسلم بشكلٍ عام، أن يعيها عنهم؛ لأن البعض ينظر إليهم ككتل من القوة، وأن الوقوف بوجههم من المستحيلات، وأن التَّغَلُّب عليهم أيضاً مما يعتبر في قائمة المستحيلات؛ بينما هناك ثغرات كبيرة، ونقاط ضعف كبيرة جدًّا في واقعهم، وإنما استفادوا بالدرجة الأولى من تخاذل المسلمين، ومن إخلال كبير في واقع المسلمين بمسؤولياتهم المهمة، المسؤوليات الدينية، الأخلاقية، المسؤوليات المقدَّسة والعظيمة، التي ضاعت الأُمَّة لما أضاعتها؛ وإلَّا فهذه الثغرات في واقع أولئك الأعداء، فيما هم عليه من طغيان وإجرام وشر، وفي ما هم عليه من عدوانية وسوء، هم في حالة وعيد من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" بالمؤاخذة والتسليط، وأن يبعث عليهم، وبشكلٍ مستمر، ليس فقط في ما قد مضى من التاريخ، بل بشكلٍ مستمر إلى يوم القيامة، من يسومهم سوء العذاب، هذه ثغرة كبيرة عليهم.

ولـذلك مما يشهد لهذه الحقيقة، في واقعهم النفسي، وانهيارهم على المستوى المعنوي، تجد أن الإحصائيات التي يعلنون عنها هم عن الآلاف من جنودهم، الذين أصيبوا بحالات نفسية، والبعض حتى باختلال عقلي، وكذلك حتى في أوساط بقية المغتصبين، تلك الإحصائيات تشهد على هذه الحقائق، على حقيقة واقعهم النفسي، وانهيارهم على المستوى المعنوي.

أيضاً مع هذه الإحصائيات، الفشل الكبير في تحقيق أهدافهم من عدوانهم على قطاع غزَّة، هذا الفشل الذي يقاس بما معهم من إمكانات ودعم، وما فعلوه من إجرام، ثم مع كل ذلك يفشلون في تحقيق أهدافهم، هذا أيضاً يكشف الحقيقة عن واقعهم النفسي الضعيف، الضعيف إلى حدٍ كبير.

هذا أيضاً يشهد- في نفس الوقت- على قبح وجرم التخاذل من المسلمين، من العرب وغيرهم من بقية الأُمَّة، التخاذل في مواجهة عدو حالته النفسية والمعنوية ضعيفة، قابلة للانهيار؛ إنما تتطلب أن تنهض هذه الأُمَّة وتؤدِّي واجبها بشكلٍ صحيح، وأن تساند الشعب الفلسطيني ومجاهديه بما ينبغي، بالمقدار الذي ينبغي، ثم هي تتخاذل في مواجهة عدو هو في هذا المستوى من الضعف النفسي والمعنوي، وتترك له المجال أن يتحرَّك بكل وحشية وإجرام على الشعب الفلسطيني، على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، الذي لا يمتلك أي مقومات كافية للدعم والمواجهة؛ نتيجةً للخذلان الكبير من هذه الأُمَّة، سوى إمكانات بسيطة بيد أولئك المجاهدين الأعزاء، الثابتين كل هذا المستوى من الثبات، بهذه الفاعلية العالية في المواجهة.

الخذلان من العرب، من المسلمين بشكلٍ عام، ما عدا الحالات الاستثنائية، في النصرة للشعب الفلسطيني، والدعم والمساندة للشعب الفلسطيني، هذا الخذلان له عواقبه الخطيرة، هو غير مبرر، خذلان له عواقبه الخطيرة في وعيد الله للمتخاذلين والمتربِّصين.

هذا فيما يتعلَّق بفلسطين.

فيمـــا يتعلَّــق بلبنـــــان:

العدو الإسرائيلي مستمرٌ في العدوان، والانتهاكات الجسيمة للاتِّفاق الذي بينه وبين الدولة اللبنانية، وهذا كله يتم بتشجيع ودعم أمريكي، استمرار العدو الإسرائيلي في العدوان، وفي نقض الاتِّفاق، والانتهاك له، هو بتشجيعٍ ودعمٍ أمريكيٍ فاضح، بالرغم من أنَّ الأمريكي ضمين في ذلك الاتِّفاق:

  • العدو الإسرائيلي مستمرٌ في احتلاله لخمسة مواقع، في المناطق التي توغَّل فيها في حدود جنوب لبنان مع فلسطين المحتلة، مع أنَّ الاتفاق يقضي بخروجه من كل ما كان قد توغَّل فيه في جنوب لبنان.
  • يواصل أيضاً عمليات القتل، والغارات الجوِّيَّة (من جنوب لبنان إلى شماله).
  • يستمر في التجريف للأراضي، والهدم للمنازل، والتوغُّل في القرى الحدودية.
  • يستهدف مظاهر الحياة في القرى الجنوبية بشكلٍ عام.
  • يسعى ومعه الأمريكي إلى فرض معادلات جديدة، وشروط جديدة، خارج الاتِّفاق، وحتى خارج المعقول، والخلاصة: أنَّه يسعى لتجريد الشعب اللبناني من عنصر قوته الأساس، وهو: سلاح المقاومة.

سلاح المقاومة هو قوة للبنان كل لبنان، وحماية للبنان، حماية للبنان من الاحتلال، من السيطرة الإسرائيلية المباشرة.

الموقف اللبناني الرسمي في رفض ذلك، هو موقفٌ إيجابي وصحيح، وينبغي أن يحظى بالدعم من كل العالم الإسلامي، وينبغي الثبات رسمياً على هذا الموقف في لبنان: أن يكون موقف الدولة اللبنانية هو الرفض التام لكل الإملاءات، التي يسعى الأمريكي والإسرائيلي من خلالها إلى تجاوز الاتِّفاق ونقاطه، وفرض إضافات، وشروط، ومعادلات، كلها ضد الشعب اللبناني، وليست لمصلحة لبنان إطلاقاً.

في هذا الأسبوع كان هناك مقابلة لأمين عام حزب الله، الشيخ/ نعيم قاسم "حَفِظَهُ الله"، مع قناة الميادين، وهي مقابلة مفيدة وقويَّة، وشرح فيها ثبات الحزب على مواقفه وتوجهاته.

فيمـــا يتعلَّــق بسـوريـــا: يستمر العدو الإسرائيلي:

  • في التوغل في الأراضي السورية.
  • في التجريف والهدم للمنازل.
  • في المداهمات للقرى.
  • في الاختطافات لأبناء الشعب السوري.

ووصل في توغُّله إلى ريف دمشق في (يعفور)، على بُعد نحو عشرة كيلومتر من العاصمة السورية (دمشق)، وكل هذا بالرغم من مسار التطبيع المعلن عنه بين العدو الإسرائيلي والجهات المسيطرة في سوريا.

ما يفعله العدو الإسرائيلي في سوريا هو من الشواهد والدلائل الواضحة على قول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في القرآن الكريم: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ}، هذا النص القرآني: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ}، أتى في سياق الحديث عن عداء اليهود للمسلمين، ما قبل هذا النص وما بعده كله يتحدَّث عن هذه الحقيقة، ويذكر لها شواهد متنوعة من عدائهم للمسلمين، ويبيِّن أنَّ هذه حقائق ثابتة، وأن الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" هو الأعلم بهم، وفعلاً هو الأعلم.

من الذي يستطيع من أبناء هذه الأُمَّة، من المسلمين جميعاً، من كل الذين ينتمون للإسلام، من نخب، وسياسيين، وأكاديميين... من كل أبناء هذه الأُمَّة بمختلف أطيافهم، مهما كان يتصوَّر نفسه عبقرياً، وفاهماً، أو عالماً ومطَّلعاً، أو خبيراً... أو بأي صفة من الصفات، من الذي يستطيع أن يدَّعي أنَّه أعلم من الله؟! هل أحد يستطيع أن يدَّعي ذلك؟! الله هو أعلم بأعدائنا من هم، في تشخيص من هو العدو، وقد شخَّص، وبيَّن، وحدَّد، ووضَّح، وقال: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ}، رقم (1) اليهود، {وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}، رقم (2)، أتى بهم العدو الأول الألد لهذه الأُمَّة، لكل المسلمين، لكل من ينتمي إلى هذا الدين، على مستوى التشخيص للعدو من هو؛ ومع ذلك هناك اتِّجاهات مخالفة، مخالفة للقرآن، ومتنكِّرة لحقائق الواقع في تشخيص من هو العدو، فتأتي بتشخيصات أخرى، إلى درجة أنَّ البعض يقول للعدو الإسرائيلي: ! أليس هذا بُعدٌ عن هذه الآية المباركة؟! يعني: من يتصوَّر فعلاً أنَّ هناك من هو عدو أخطر عليه من العدو الإسرائيلي، ويعتبر نفسه- في ذات الوقت- يعتبر نفسه مسلماً ينتمي إلى هذه الأُمَّة، ولكن مع كل ذلك يرى أنَّ العدو الإسرائيلي هو أقرب إليه، وفي نفس الوقت له عدو مشترك مع العدو الإسرائيلي من أبناء هذه الأُمَّة! هل هذه حالة سليمة، أو هي حالة مخالفة للقرآن في تشخيص العدو.

ثم مع التشخيص أيضاً في مستوى العداء، في طبيعة العداوة والصراع مع هذا العدو، كيف يتحرَّك هذا العدو، فيما ينبغي في مواجهة هذا العدو، الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" قدَّم لنا في القرآن الكريم تشخيصاً للعدو، لكل وسائله وأساليبه في الاستهداف لنا، من منطلق عداوته لنا كمسلمين، وفي نفس الوقت رسم لنا الطريقة الصحيحة، التي نتحرَّك فيها لوقاية أنفسنا من شرِّ ذلك العدو، لدفع شرِّه، لدفع خطره، بعد أن وضح لنا مستوى ما هو عليه من الخطورة، ثم أيضاً كذلك مستوى ما ينبغي أن نكون عليه نحن، فيما يقينا من تلك الخطورة، ويحوِّل واقع العدو إلى واقع ضعيف، إذا تحرَّكنا وفق توجيهات الله وتعليماته.

ولـذلك كل التصورات الخاطئة عن إمكانية السَّلام والتعايش مع العدو الإسرائيلي، أو الصداقة والتحالف، هي باطلة، باطلة بالفعل، مخالفةٌ للواقع وللقرآن، الخيارات التي تبنى عليها؛ لأنه يبنى عليها مواقف، يبنى عليها توجهات، يبنى عليها سياسات، وهي تصورات باطلة، كل ما يبنى عليها من خيارات، من سياسات، من توجهات، من مواقف، عاقبتها الخسارة، والقرآن الكريم يكشف ذلك، الواقع أيضاً يشهد، وحتى تصريحات الأعداء وممارساتهم هي تشهد بذلك، انظروا كيف هي ممارسات العدو الإسرائيلي في سوريا.

فيمــا يتعلَّـق بجبهــة الإسنـــاد مـن يمـن الإيمــان والحكمـــة والجهـــاد، في (معركة الفتح الموعود والجهاد المقدَّس):

فعمليات الإسناد مستمرة، وهي في هذا الأسبوع- بفضل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"- بوتيرةٍ مرتفعة، حيث نُفِّذَت عمليات هذا الأسبوع بـ (خمسةٍ وأربعين)، ما بين صواريخ فرط صوتية، وبالِسْتِيَّة، وطائرات مسيَّرة، وزوارق حربية، وتنوعت العمليات في هذا الأسبوع:

 

  • منها: ما كان باتِّجاه عمق فلسطين المحتلة:

إلى (يافا، وأسدود، وعسقلان، وأم الرشراش)، ومنها: عملية فجر اليوم، بصاروخ فرط صوتي، حيث دوَّت صفارات الإنذار في أكثر من ثلاثمائة مغتصبة من المدن والبلدات في فلسطين المحتلة، وعُلِّقت رحلات الطيران مؤقَّتاً في مطار اللد، الذي يسميه العدو الإسرائيلي باسم المجرم ، وحسب العادة يهرع الملايين من الصهاينة مذعورين إلى الملاجئ.

  • ومنها: العمليات البحرية:

حيث استجد في هذا الأسبوع محاولات لإعادة تشغيل ميناء أم الرشراش، وبدأت بعض شركات النقل البحري بالمخالفة لقرار الحظر والشحن إليه، متجاهلةً قرار الحظر اليمني، وربما متوهمةً أنَّه يمكن التغاضي عن ذلك.

العمليات البحرية، بإغراق سفينتين من سفن الشركات المخالفة، تؤكِّد ثبات الموقف الحازم في حظر الملاحة على العدو الإسرائيلي، طالما استمر العدوان والحصار على غزَّة، وننوه هنا على أنَّ قرار الحظر على العدو الإسرائيلي في الملاحة، عبر (البحر الأحمر، وخليج عدن، وبحر العرب)، هو قرارٌ مستمر، يعني: في كل المراحل الماضية هو لم يتوقَّف أبداً هذا القرار، ولم يلغ، قرار ساري المفعول، وكانت عملية الرصد مستمرَّة، وترقب بشكلٍ مستمر أي حركة في البحر، ولكن الذي استجد هو هذه المخالفة من بعض الشركات، وهذه المحاولة من قِبَل العدو الإسرائيلي لإعادة تشغيل ميناء أم الرشراش، الذي يسميه العدو الإسرائيلي بـ ، وهذا ما لا يمكن السماح به.

موقفنا اليمني هو موقفٌ حازم وحاسم، وقرارنا في منع الملاحة على العدو الإسرائيلي، في (البحر الأحمر، وخليج عدن، والبحر العربي)، في هذا المسرح الواضح للعمليات، هو قرارٌ حازمٌ حاسمٌ ثابتٌ مستمر، طالما استمر العدو الإسرائيلي في العدوان والحصار على قطاع غزَّة؛ ولـذلك لم يتغير شيءٌ في ذلك؛ إنما لأنه استجدّ مستجدَّات من قِبَل العدو الإسرائيلي، في محاولاته لإعادة تشغيل ميناء أم الرشراش، واستجدَّت هذه المخالفة من بعض الشركات، والذي حصل فيه درسٌ واضح لكل شركات النقل البحري، التي تتحرَّك للنقل لصالح العدو الإسرائيلي، سَتُعَامَل بكل هذا المستوى من الحزم، ولا يمكن السماح لأي شركة تقوم بالنقل لبضائع للعدو الإسرائيلي عبر مسرح العمليات المعلن عنه، فالموقف حاسم في هذا الاتِّجاه.

العمليات البحرية نفَّذتها القوات اليمنية، بالاشتراك بين (البحرية، والصاروخية، والطيران المسيَّر)، وأفضت إلى إغراق السفينتين، وتم نشر المشاهد على القنوات الفضائية.

  • أيضاً من العمليات في هذا الأسبوع: عمليات التصدِّي للعدوان الإسرائيلي من قِبَل الدفاع الجوي، والقوات الصاروخية:

وقد نجحت عمليات التصدِّي، بمنع طيران العدو الإسرائيلي من التوغُّل في أجواء البلد، ومن استكمال تنفيذ أهدافه، من استكمال تنفيذ أهدافه العدوانية، وكانت غاراته على الموانئ في الحديدة من خارج الأجواء اليمنية.

عدوان العدو الإسرائيلي، والدعم والإسناد الأمريكي الذي يحظى به، وكذلك الدعم الغربي، ومعه الحملات الدعائية التي تناصره من كل أبواقه، وكثيرٌ منها أبواق من العالم العربي وللأسف الشديد، وكل أشكال المساندة للعدو الإسرائيلي من كل الموالين له، والمعادين لأعدائه، كل ذلك لا يؤثِّر على موقفنا الثابت في إسناد غزَّة، ونصرة الشعب الفلسطيني؛ لأنه موقفٌ دينيٌ، ومبدئيٌ، وإنسانيٌ وأخلاقيٌ.

نحن- كشعبٍ يمني- على بصيرةٍ وبيِّنة في هذا الموقف، وجاهزون للتضحيات وللثبات مهما كان حجم التحديات، ومهما كان مستوى المواجهة، التضحيات والمعاناة في إطار الموقف الحق، والصبر في الثبات وفي الاستمرار، محسوبةٌ عند الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ولها نتائجها وثمرتها في الدنيا والآخرة؛ في مقابل أن ما يحصل على المتربِّصين والمتخاذلين من معاناة بكل أشكالها، في كل المجالات، ومن مخاطر وخسائر، هي جزءٌ من العقوبة لهم، ودون أي نتيجة إيجابية لا في الدنيا ولا في الآخرة؛ ولـذلك هذه المقارنة كافية في أن يكون لدى الإنسان قناعة بالموقف الحق، وبكل ما يلزم للموقف الحق من تضحية، ومن صبر، ومن عطاء.

الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" يقول في القرآن الكريم: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}، واقع الحياة في الاتِّجاهين:

  • في اتِّجاه أن تتحرَّك في الموقف الحق، في الاتِّجاه الصحيح الذي يرضي الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، لابدَّ فيه من الأحداث، لابدَّ فيه من الاختبار.
  • أو اتِّجاه التخاذل، أنت في حالة اختبار، تواجهك في ظروف هذه الحياة المعاناة، والمتاعب، والمخاطر، والتحديات.

ليس المعنى أنَّ من خياراتهم خيارات مختلفة سيعيشون في جنَّة، وفي مأمن من كل الصعوبات، من كل التحديات، من كل الأخطار، من كل الهموم والمشاكل، عندما نستعرض ونقيِّم حال من يتَّجهون في الخيارات الأخرى؛ سنجد أنهم يعيشون نفس المخاطر، بل ما هو أخطر، وما هو أكبر.

الاتِّجاه الذي نسير فيه في هذه الحياة في إطار الموقف الحق، نحظى فيه بمعونةٍ من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، برعايةٍ من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ويكون للتضحيات قيمتها، أهميتها، أثرها في خدمة الموقف الذي نحن فيه، وفي ما يكتبه الله من عواقب محمودة، {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}، كما أكَّد في القرآن الكريم، عواقب في الدنيا، وعواقب في الآخرة.

فعلاً قد تكبر الأعباء؛ نتيجةً للتفريط في مراحل معينة، كما هي في قصة أُمَّتنا الإسلامية بشكلٍ عام في مقابل الخطر الإسرائيلي، الأعباء كبرت نتيجةً لماذا؟ نتيجةً للتفريط الطويل على مدى زمنٍ طويل، كيف كان واقع العدو الإسرائيلي، بل وحتى من خلفه من الداعمين في الغرب، في بداية الأحداث، في بداية المخاطر، في بداية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين؟ عصابات صهيونية لديها إمكانات محدودة، قدرات محدودة، في أعداد محدودة، وتخاذلت الأُمَّة؛ حتى وصل الحال إلى ما وصل إليه، أن يكون الوضع بهذا المستوى فيما بحوزة العدو الإسرائيلي من إمكانات وقدرات، وما يحظى به من دعمٍ غربي، وفي مستوى أيضاً إمكانات داعميه، كل هذا هو نتيجة لتخاذل لمراحل طويلة، وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، فالأعباء تكبر مع التفريط، ولكن المسؤولية أيضاً تتعاظم مع ذلك، تتعاظم مع ذلك.

الفــــارق بــين الحالتـــين:

  • ما بين حالة: أن تكون في إطار الموقف الحق، وأنت تعاني، وتضحي، وتصبر، من يقدِّم الشهداء وهو في إطار الموقف الحق، من يعاني على المستوى الاقتصادي والمعيشي، وعلى المستوى الأمني... وغير ذلك.
  • وما بين الحالة المختلفة: حالة التَّرَبُّص والتخاذل؛ أو حالة الولاء للعدو.

الفارق الكبير جدًّا في ذلك: أنك في الاتِّجاه الحق، تنطلق كمؤمنٍ واعٍ وأنت موطِّنٌ لنفسك على الصبر، على التضحية، مقتنعٌ بموقفك، تعي أهميته، تدرك أهميته، تتحرَّك فيه بقناعة، بروحٍ معنويةٍ عالية، هذا المستوى من توطين النفس على الصبر، من الاستعداد للتضحية، من القناعة بالموقف، من الإيمان بعدالة القضية، هو يفيدك في مستوى وقع الأحداث عليك، حتى على مستوى وقع الأحداث عليك؛ لأنك في الإطار الذي تتحرَّك فيه ضد ذلك العدو، تضربه، تواجهه، تقف ضده، لست في حالة الخضوع والخنوع وهو يضربك، وفي حالة الاستسلام وهو يضربك، أنت تحتسب ما تضحي، ما تقدمه من تضحيات، وما تسهم فيه، تحتسبه عند الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، قربةً إلى الله، سبباً للأجر والثواب، سبباً للمعونة الإلهية، سبباً للنصر والتأييد الإلهي؛ ولـذلك الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" يتدخَّل حتى في الحالة النفسية، يُنَزِّل السكينة كما قال "جَلَّ شَأنُهُ": {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ}، هو القائل: {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا}، في قصة أصحاب الكهف، {فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، تأتي رعاية من الله حتى على المستوى النفسي، حتى في وقع الأحداث على النفسيات، والناس يتَّجهون في هذا الاتِّجاه الصحيح.

ثم المواقف، التضحيات يكون لها أثرها في خدمة الموقف الذي أنت فيه؛ لأنك في موقف عملي، تضحياتك تخدم هذا الموقف العملي، تثمر لصالح هذا الموقف العملي، برعايةٍ من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وأنت أيضاً موعود من الله بالفرج، في هذه الآية المباركة عندما قال الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {وَزُلْزِلُوا}، وهذا تعبير عن حجم الأحداث والمعاناة، وعن مستوى الصراع والمواجهة، {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}، معنى ذلك: أنَّ النَّصر من الله، وأنَّ الفرج يأتي مهما كانت الشدة قد بلغت، مهما كانت الصعوبات قد بلغت، يأتي الفرج من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، يأتي النصر من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، طالما وأنت ثابت، وأنت صابر، وأنت مستمر، وأنت معتمدٌ على الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وأنت تأخذ بأسباب نصره ومعونته، وأنت تسعى للالتزام بتعليماته وتوجيهاته، يأتي الفرج من الله حتى في أقصى الظروف، وأصعب المراحل، وعند أكبر الشدائد، يتدخل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" برعايته لو بلغت الشدائد ما بلغت.

يقول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في القرآن الكريم: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}، المعاناة تحصل، هذه المعاناة تحصل على الناس جميعاً، هي حاصلة في واقع أُمَّتنا الإسلامية بشكلٍ عام، في واقع الشعب الفلسطيني بشكلٍ عام، في واقع الأُمَّة بشكلٍ عام، معاناة من الجوع والخوف، شيءٍ من الخوف، شيءٍ من الجوع، نقص من الأموال والأنفس والثمرات؛ لكن في الاتِّجاه العملي مع الصبر، والصبر هنا يأتي في إطار العمل، في إطار الاستجابة لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، تأتي البشارة من الله: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}، وهي تشابه قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}، في ختام الآية السابقة، فالصبر في مقام العمل تأتي معه البشارة، البشارة من الله بالفرج، بالعواقب المحمودة.

في الخيارات الأخرى، ليس هناك لا أجر ولا ثواب، والخسائر التي تحصل ليست في إطار خدمة للموقف، وليس لها ثمرة لقضية الإنسان، عندما نأتي لقراءة بقية الخيارات:

  • خيار الولاء للأعداء:

خيار خطير للغاية، ومن يتَّجهون فيه من أبناء الأُمَّة، هم يتَّجهون إلى الهاوية، إلى الخسران في الدنيا والآخرة، موقف خطير للغاية على المستوى الإيماني والديني، لو لم يكن للناس إلا قول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، هكذا تصبح محسوباً عند الله: {مِنْهُمْ} في عدادهم، هل بعد هذا من سوء؟! هل بعد هذا من بُعد كبير وشاسع عن انتمائك الإسلامي والديني؟! حالة خطيرة للغاية، تصبح محسوباً عند الله منهم، فيما هم عليه من سوء، وإجرام، وظلم، وطغيان، وما يؤاخذهم الله به، حالة خطيرة، وتحشر يوم القيامة معهم إلى جهنم والعياذ بالله، حالة خطيرة جدًّا، والعقوبات فيها تأتي ابتداءً في الدنيا حتى قبل الآخرة.

كذلك عندما قال الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" عن هذه المسألة بالذات: عن موالاتهم: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ}، {فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ}، لم يبق لك أي صلة إيمانية بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، أصبحت عند الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" ممقوتاً، يلعنك كما لعنهم، يغضب عليك كما غضب عليهم، تبوء بغضبه، وسخطه، ومقته، ويؤاخذك في الدنيا وفي الآخرة.

  • خيار التخاذل، والتفريط، والتَّنَصُّل عن المسؤولية:

سيَّما والإنسان يعايش هذه الأحداث، هذه المآسي تجاه أُمَّته، تجاه الشعب الفلسطيني الذي هو جزءٌ من هذه الأُمَّة، وأحداث مستمرَّة شهراً بعد شهر، وعاماً بعد عام، ماذا يعني ذلك؟ يعني: التمادي في الإعراض عن القرآن الكريم، ليست المسألة أنَّه كلما طال الوقت، وكلما تراكمت الأحداث والإنسان مستمرٌ في الإعراض، أنها مسألة عادية، هذا معناه: التمادي.

التمادي في الإعراض عن القرآن الكريم، عن هدي الله، عن تعليمات الله، عن أوامر الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، يعني: الإصرار على العصيان لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، يعني: تحمل الوزر الكبير، يعني: الإصرار في حالة التَّرَبُّص التي عليها وعيدٌ من الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في قوله: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}، وهي حالة خطيرة جدًّا، التَّرَبُّص الذي عاقبته الوعيد الإلهي.

هي حالة تكشف- في واقع الحال- عن انعدام الوعي، انعدام الوعي تجاه العدو، وتجاه الأحداث، تجاه سنن الله في هذه الحياة، سنن الله في عباده، تجاه واقع الحياة بكله، تكشف عن أسباب يعلمها الله، وكشفها في القرآن الكريم، فيما يتعلَّق بالجانب الإيماني، الله يقول: {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44) إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ}، فالذين هم في حالة تهرُّب، تخاذل، تنصُّل عن المسؤولية، بُعْد عن أي عمل أو إسهام في إطار الموقف الحق، سيَّما ونحن في هذا العصر أصبحت هناك وسائل كثيرة، خيارات كثيرة، تساعد الإنسان على أن يساهم في الموقف الحق، أعمال متنوعة، أعمال متيسِّرة كثيرة، ثم يتخاذل الإنسان مع كل ذلك، حالة تكشف عن واقعه فيما يتعلَّق بالإيمان بالله، أنَّه لا يثق بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"؛ ولـذلك يتَّجه الاتِّجاه الذي منبعه الريب، {فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ}: ليس عندهم ثقةٌ بالله ولا بوعده الحق في كتابه القرآن الكريم؛ ولـذلك فهي حالة خطيرة على الإنسان جدًّا.

فموقف شعبنا العزيز في خياره وقراره في نصرة الشعب الفلسطيني، استجابةً لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وجهاداً في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، تحرُّكاً ضد الطغيان والإجرام اليهودي الصهيوني، هو مصداقٌ لانتمائه الإيماني، من الإيمان ومن الحكمة؛ لأن التَّحَرُّك الجهادي في سبيل الله هو من أهم المصاديق للانتماء الإيماني، والله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" قال في القرآن الكريم: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}، مصداقية يثبتها الاستجابة العملية لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، والتَّحَرُّك للجهاد في سبيل الله بالمال وبالنفس؛ ولـذلك هذا من مصداقية الانتماء الإيماني، من مصداقية: ((الْإِيْمَانُ يَمَان))، وكذلك الحكمة، الحكمة؛ لأن أوامر الله بالجهاد في سبيله هي أوامر حكيمة، تعليمات الله في القرآن الكريم عن الجهاد في سبيل الله تعالى هي من الحكمة، ما هدى إليه في القرآن الكريم من الموقف تجاه أعدائه من اليهود هو أيضاً من الحكمة، القرآن كتاب الله الحكيم، وأقسم الله بذلك: {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ}، الموقف الجاد في مواجهة أعداء الله من اليهود، وأوليائهم من النصارى وغيرهم، الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أكَّد أنَّه هو الموقف الحق، الموقف الحكيم: {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}، هذا من الحكمة.

وفعلاً للموقف تأثيره على العدو، موقفنا ضد العدو الإسرائيلي على المستوى العسكري، وفي كافَّة المجالات، له تأثيره، تأثير واضح على العدو الإسرائيلي، تأثير على المستوى العسكري، على المستوى الاقتصادي، الحقائق، والوقائع، والأرقام، واعترافات العدو، تثبت ذلك، وتشهد على ذلك.

حتى الخروج المليوني الأسبوعي في المظاهرات الأسبوعية، يجب أن نستحضر فيه هذا العنوان، كما نستحضره في مقام العمليات العسكرية وغيرها: {وَلَا تَهِنُوا}، لا ينبغي أن يكون هناك أي وَهَن؛ بل ينبغي أن نستمر بكل صلابة، بكل قوَّة عزم، وبدون ملل، وأن ننظر إلى الفارق، أن ننظر إلى الفارق:

  • الخروج المليوني لشعبنا العزيز في يوم الجمعة من كل أسبوع، خروجٌ في النهار، طوعاً، ورغبةً، واستجابةً لله تعالى، بروحٍ معنويةٍ عالية، بمظاهر عِز، وشرف، وإباء، ووفاء، البعض في ضحى النهار يخرجون في أول النهار للمظاهرات، والبعض عصراً، وهو يوم في الأسبوع، في ساعاتٍ محدودة ومعدودة.
  • في المقابل هناك خروج مليوني للصهاينة اليهود من نوعٍ آخر، خروج مليوني لكن من نوعٍ آخر، وبشكلٍ مختلفٍ تماماً، أحياناً يكون في منتصف الليل، وأحياناً في آخر الليل، أحياناً في النهار، عند إطلاق الصواريخ اليمنية، حينما تدوي صافرات الإنذار، يقومون من فوق فراش نومهم، مذعورين فزعين، للهروب إلى الملاجئ، فهو خروج مليوني يتكرَّر في الأسبوع وهم مرغمون أذلاء، لكن في حالة مختلفة، وحالة مستمرِّة على نحوٍ أسبوعي.

    ​​​​​​​فيمــا يتعلَّـق بالمظاهــرات والأنشطـــة الشعبيـــة:

خرجت في هذا الأسبوع الماضي، في يوم الجمعة الماضي خرج شعبنا العزيز في مظاهرات واسعة، وكبيرة، وعظيمة، ومشرِّفة، بلغت إلى (ألف ومائتين وتسعة وثلاثين) مسيرة ووقفة، وهذا الزخم الهائل- كما قلنا سابقاً- يجعل اليمن في مستوى الأنشطة الشعبية، والخروج الشعبي، والمظاهرات، والمسيرات، في كفة، وكل الأنشطة في بقية البلدان في العالم في كفة أخرى، وكفَّة اليمن أرجح.

خرجت مظاهرات في خمسة عشر بلداً: في أوروبا، في أمريكا، في كوريا الجنوبية... في بلدان أخرى، وتنوَّعت حالات الخروج، تنوعت ما بين وقفات، ما بين مظاهرات، في السويد خرجت مظاهرات بين الأمطار، بين الأمطار الغزيرة، وهذا شيءٌ مهم، أن يبقى الصوت الإنساني مستمرّاً في المساندة للشعب الفلسطيني.

في واقع شعبنا العزيز: نحن نعتبر هذا المستوى من التفاعل الشعبي الواسع، بدون كللٍ ولا ملل، كله يجسِّد الانتماء الإيماني لشعبنا العزيز، يجسِّد القيم العظيمة لهذا الشعب المسلم، قيم الوفاء، والثبات، مصاديق تدل على قيمه وأخلاقه ووفائه، وهذا شيءٌ عظيم، وشيءٌ مهم.

أدعو شعبنا العزيز إلى الخروج يوم الغد- إن شاء الله تعالى- في العاصمة صنعاء، وبقية المحافظات، خروجاً مليونياً عظيماً، يؤكِّد على ثبات موقفه، وعلى استمراره، مهما كانت التحديات، ومهما كانت التضحيات، وشعبنا واثقٌ من وعد الله الحق، بأن خاتمة هذه الاستجابة لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، والعاقبة، هي ما وعد الله به عباده المتقين، من النصر والفتح المبين.

نَسْألُ اللَّهَ "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيه عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء، وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصْرِ لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ المَظْلُوم، وَمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَّاء.

وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛