موقع أنصار الله . تقرير 

في غزةَ كُـلُّ شيء يئنُّ ويتوجع.. البشر.. الشجر.. الحجر؛ في غزة كُـلّ شيء يصرُخُ ويستصرخ مَن يمتلك في نفسه ذرةً من إنسانية، ليس لتقديم الدعم والمساعدة، مثل الماء والغذاء والدواء، فحسب، بل بالدم والنصرة واستمرار الموقف المساند المتضامن، والضاغط حتى تحقيقِ الحرية والاستقلال والعدالة والإنصاف والعيش الكريم فيها.

في اليمن تمثِّلُ فعالياتُنا اليومية وخروجُنا الأسبوعي في المسيرات المليونية أسمى أشكال التعبير عن التضامن والنصرة، ودعم الكرامة الإنسانية، وأرقى صور الانتصار للحرية التي لا وطن لها ولا أرض؛ لأَنَّها سماء، والسماء وطن الجميع، وفلسطين أرض العروبة والإسلام.

خرج الشعب اليمني في أكثر من (1.205) مسيرات في موقفٍ يعبِّرُ عن الحرية التي هي روحُ الموقف الأخلاقي والإنساني؛ فبدون الحرية لا أخلاق ولا إنسانية ولا إبداع في موقف ولا واجب؛ ولأنها أَسَاسُ القيم الإنسانية لا تُعطَى على جرعات؛ فالمرء إمّا أن يكونَ حُرًّا أَو لا يكون.

ساحات الاحتشاد توزعت على العاصمة صنعاء والمحافظات على النحو التالي: العاصمة صنعاء: ميدان السبعين، محافظة حجة (267) مسيرة، محافظة الحديدة (235) مسيرة، محافظة إب (195) مسيرة، محافظة المحويت (94) مسيرة، محافظة عمران:(86) مسيرة، محافظة ريمة (75) مسيرة، محافظة تعز (66) مسيرة، محافظة الجوف (50) مسيرة، محافظة ذمار (46) مسيرة، محافظة صعدة: (37) مسيرة، محافظة البيضاء (23) مسيرة، محافظة مأرب (18) مسيرة، محافظة الضالع (12)، محافظة لحج: ساحة القبيطة.

إن الخروج مع غزة مسؤوليةٌ جماعيةٌ؛ لأَنَّها موقفٌ لا يُستجدَى بل هبةٌ مِنَّا عن رغبة بأن نكون مسؤولين عن أنفسنا، فالمواقفُ الحرة ثمرةٌ نادرة، تنبت على شجرة نادرة تُدْعَى الوعي والفهم والإدراك لما يجب أن نكونَ عليه، في موقفٍ يلخِّصُ أهميّة حياتنا وكيف يمكن لمشاركتنا أن تكونَ وسيلةً لتحقيق مبادئنا في هذه الحياة.

صلابة الموقف 

ولأنها عاصمة العواصم فقد شهدت العاصمة صنعاء كغيرها من المدن اليمنية حشوداً مليونية في مسيرة "ثبات مع غزة وجهوزية واستنفار في مواجهة العدوان"، تأكيداً على الاستمرار في نصرة الشعب الفلسطيني وجهوزية في مواجهة أي عدوان أمريكي أو إسرائيلي.

الحشود نددت بجرائم كيان العدو الصهيوني المستمرة في فلسطين ولبنان، مؤكدة أن العدو الإسرائيلي يتجاوز كل الخطوط الحمراء ويستخف بكل الأعراف والقوانين الدولية. وجددت التأكيد على مواصلة التحشيد والتعبئة العامة والالتحاق بالدورات العسكرية المفتوحة استعداداً لمعركة "الفتح الموعود والجهاد المقدس" نصرة للأشقاء في فلسطين.

وجسدت الجماهير بخروجها المليوني صلابة موقف اليمن، واستشعار المسؤولية الدينية والإنسانية والأخلاقية في التضامن مع الشعب الفلسطيني.

ورددت الحشود في المسيرة الهتافات المؤكدة على حتمية النصر لغزة مهما بلغ إجرام العدو الصهيوني، وأن زوال "إسرائيل" محتوم. كما هتفت الحشود بشعارات التضامن والنصرة والوفاء والمساندة لفلسطين والمجاهدين في غزة، مؤكدة أن المعركة واحدة.

ورددت في المسيرة شعار البراءة من أعداء الله ورسوله والمسلمين، وهتفت بعبارات (لإسرائيل هتفنا الموت، وأكدناه بفرط الصوت)، (مع غزة من أجل الله، وجهاداً بسبيل الله)، (المحتل أباد وأجرم، والغرب المتحضر يدعم)، (أمتنا المسؤول الأول، عن غزة مهما تتنصل)، (في الأقصى يتمادى المجرم، بسكوت الملياري مسلم)، (لن يُخزي الله أعادينا، إلا في الحرب بأيدينا)، (لا حل سوى بالقتال، وإسرائيل إلى زوال).

وصرخت الحشود (ثوروا يا شرفاء العالم، غزة مأساة تتفاقم)، (إن حشدوا زدنا إصرار، بجهوزية.. واستنفار)، (في غزة لله رجال، معجزة في الاستبسال)، (يا غزة يا جند الله، معكم حتى نلقى الله)، (الجهاد الجهاد، كل الشعب على استعداد)، (يا غزة يا فلسطين، معكم كل اليمنيين)، (فوضناك يا قائدنا فوضناك).

جهاد وثبات مع غزة

المسيرات الشعبية اليمنية أصدرت بياناً، ألقاه النائب الأول لرئيس الوزراء - رئيس اللجنة العليا لنصرة الأقصى العلامة محمد مفتاح، أوضح أنه وأمام مرأى ومسمع مئات الملايين من العرب والمسلمين وكل العالم يواصل العدو الصهيوني المجرم - بمشاركة أمريكية وغربية كاملة - أبشع جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني المسلم في قطاع غزة وكل فلسطين، وعلى مدى واحد وعشرين شهراً.

وأكد أن العدو الصهيوني يواصل انتهاكاته وجرائمه بحق المسجد الأقصى وكل المقدسات ويعمل بكل حقد وصلف لفرض معادلة الاستباحة المطلقة لكل شعوب المنطقة.

وأشار البيان إلى أنه واستجابة لله تعالى، وجهاداً في سبيله، وابتغاء لمرضاته، يستمر الشعب اليمني في خروجه المليوني الأسبوعي نصرة للشعب الفلسطيني المسلم المظلوم، بكل ثبات وعزيمة، وجهوزية واستنفار، في مواجهة أي عدوان، متوكلاً على الله واثقاً بوعده ونصره وتأييده.

وأدان بشدة استمرار صمت معظم الأنظمة العربية والإسلامية عن الجرائم البشعة والمجازر الكبرى ومختلف جرائم الإبادة الجماعية بالقتل والتجويع والتدمير التي يمارسها العدو الصهيوني ومعه الأمريكي بحق أهلنا في غزة.

كما أدان الصمت والتواطؤ والتخاذل العالمي والاكتفاء بالمواقف الكلامية المخادعة التي تفتقر إلى أدنى مستويات الفعل المؤثر والتي تشجع العدو على الاستمرار في جرائمه وهو مطمئن أن لا أحد من هؤلاء سيحرك ساكناً حتى لو أباد الشعب الفلسطيني بأكمله، ولو هدم المسجد الأقصى واستباح كل المقدسات. مشيراً إلى أن هذه الحالة الخطيرة التي وصلت إليها الأمة أصبحت للأسف الشديد تهديداً حقيقياً وفعلياً لحاضرها ومستقبلها في الدنيا والآخرة.

وأكد البيان أن الشعب اليمني بقيادته الحكيمة ومشروعه القرآني العملي التحرري، الواضح الفعالية والتأثير، وبهويته الإيمانية الراسخة والمتجذرة، وتحركه الجهادي الصادق، لن يتراجع عن مواقفه العظيمة الثابتة، المناصرة لغزة وكل فلسطين والأقصى الشريف، ولم ولن ترهبه تهديدات الصهاينة والأمريكان وأدواتهم.

وأضاف "ونحن مستعدون لأي تصعيد مهما كان حجمه أو مصدره، متوكلون على الله في كل ذلك، ومعتمدون عليه وواثقون به، والأعداء يعرفوننا ونعرفهم، وميادين المواجهات تشهد على صدق وثبات مواقفنا، وأن التراجعات والتنازلات ليس لها مكان في ثقافتنا ووعينا؛ بل إن الصبر، والجهاد، والثبات، والإعداد والاستعداد، والاستجابة لله هي خياراتنا وقناعاتنا وتوجهاتنا، ومؤمنين كل الإيمان بأن لله عاقبة الأمور".

ولفت البيان إلى أن المواقف البطولية الأسطورية لعظماء وعظيمات الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، واستمرار وثبات غزة شعباً ومقاومة في مواجهة أشرس عدوان - رغم جسامة التضحيات وفداحة المواجع والآلام - ستبقى محط اعتزازنا وافتخارنا، ونموذجاً ملهماً ونهجاً واضحاً لبقية الشعوب بأن الاستسلام والخنوع للأعداء لا تبرره إطلاقاً قلة الإمكانات، أو صعوبة الظروف.

وتابع "فمن هو الذي يمكن أن يدعي بأن واقعه اليوم أصعب حالاً أو أقل قدرة من غزة وأهلها الذين لم يقبلوا الخنوع ولم يجنحوا للاستسلام؛ بل سطروا أروع ملاحم التضحية، والصبر، والثبات، والفداء، والاستبسال، حتى عجز العدو بكل ما يملك من إمكانات هائلة عن كسر إرادتهم، وأمام ذلك فاعتبروا يا أولي الأبصار".

ودعا البيان العرب والمسلمين شعوباً وأنظمة لمقاطعة بضائع ومنتجات الشركات الإسرائيلية والأمريكية التي تساهم في دعم الكيان الصهيوني المجرم الذي يرتكب أبشع جرائم الإبادة في غزة، فالمقاطعة سلاح فعال ومؤثر ومتاح للجميع، كأقل موقف تجاه ما يرتكبه العدو الصهيوأمريكي من جرائم في غزة وكل فلسطين، ولا عذر للجميع أمام الله.

من بلد الأنصار إلى أرض المسرى

ولأن خروج الشعبي اليمني ليس خروجاً عبثياً، بل يتبعه بالعمل والتحرك الجاد. فخلال الأيام الماضية أذاقت قواتنا المسلحة العدو الصهيوني كأس المنون، وسددت ضربات نوعية في مطار اللد "بن غوريون" ويافا المحتلة وعسقلان وأم الرشراش وهذه رسائل نارية انطلقت من اليمن إلى عمق الكيان المؤقت لتخترق الدفاع الجوي الإسرائيلي، وتحطم أُسطورة الكيان كما حطمت أُسطورة الأسطول الأمريكي.

واليمن بهذا يرسل إشعارًا للكيان الصهيوني أنه لن يبقى آمنًا ما دامت غزة غير آمنة، ومنذ أن بدأ طوفان الأقصى المبارك والذي انطلقت حممه ونالت وستنال من المحتلّ الغاصب ومن الظالمين المناصرين لهم واليمن أعلن المساندة وخوض المعركة معهم.

وللأقصى يقول شعبنا: لن تكون وحدَك وستظل غزة صامدة حامية للقدس ولن يستطيع العدوّ فصلَ غزة عن القدس ولا فصل القدس عن كُـلّ فلسطين، ومع كُـلّ ما يرتكبه العدوّ في غزة الآن طوفان الأقصى ما زال منتصرًا عليهم وأثبت أن فلسطين هي القضية، والقدس هو الهدف، و”إسرائيل” هي العدوّ.