نشر موقع "TopWar" الروسي الناطق بالصينية تقريرًا مطوّلاً يستعرض تفاصيل ما وصفه بـ"الملحمة البحرية" التي خاضتها قوات البحرية اليمنية في عرض البحر الأحمر ضد سفن مرتبطة بشركات إسرائيلية وإدارات أجنبية. ويأتي هذا التقرير في ظل تزايد العمليات العسكرية للجيش اليمني في البحر الأحمر، وما أحدثته من صدمة للخصوم، خاصة في واشنطن وتل أبيب والعواصم المتحالفة معهما.

يسرد التقرير بالتفصيل ما حدث مؤخرًا في المياه الدولية قرب الحديدة، حيث هاجمت وحدات بحرية تابعة للجيش اليمني سفينتين يونانيتين ترفعان علم ليبيريا، كانتا في طريقهما، بحسب التقرير، لتوصيل شحنة طيران إلى ميناء حيفا المحتل. ويؤكد الموقع أن السفينتين رفضتا الانصياع لنداءات التوقيف من قبل الوحدات البحرية اليمنية، ما اضطر الأخيرة إلى الرد وفق قواعد الاشتباك المعلنة، بعد أن تبين وجود عناصر مسلحة على متن السفينتين كانت مستعدة للاشتباك المسلح.

وبحسب شهادات مستقاة من مصدر في إحدى الشركات الأمنية الخاصة، والتي نقلتها صحيفة "وول ستريت جورنال"، فقد دار اشتباك استمر لعدة ساعات، استخدمت فيه بنادق آلية، وقذائف مضادة للدروع، وربما أيضًا طائرات مسيّرة انتحارية بحرية. إلا أن ما حدث بعد ذلك كان أكثر أهمية، حيث يُشير التقرير إلى أن الهجوم الحقيقي تم تنفيذه بأربع زوارق مسيّرة محمّلة بالمتفجرات، استهدفت السفن بدقة غير معهودة، ما أدى إلى غرقها دون خسائر في الأرواح، وهو ما اعتبره الموقع دليلًا على أن العملية ليست عملًا فوضويًا، بل هجومًا منظّمًا تنفذه قوة نظامية تمتلك معرفة عسكرية وتقنية متقدمة.

في سياق موازٍ، يسخر التقرير من محاولات التقليل من شأن قدرات أنصار الله من قبل بعض الأوساط الغربية التي لا تزال تصر على تصويرهم كجماعة بدائية لا تمتلك سوى بنادق كلاشنيكوف ومركبات بدائية. ويؤكد التقرير أن هذا التوصيف بات غير واقعي، لا سيما بعد أن أثبتت العمليات البحرية الأخيرة حجم التطور الكبير في قدرات أنصار الله في مجال الحرب غير المتكافئة، التي تشمل الصواريخ البحرية والطائرات المسيّرة وأنظمة التوجيه الدقيقة.

ويشير الموقع إلى أن هذا الهجوم ليس حادثًا عابرًا، بل حلقة ضمن سلسلة عمليات ردعية تقوم بها صنعاء في إطار دعمها لمحور المقاومة ضد الكيان الصهيوني، مؤكدًا أن السفن المستهدفة لم تكن عشوائية بل جرى اختيارها بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة، بما في ذلك ارتباطها بشركات إسرائيلية، سواء من حيث الإدارة أو التمويل أو وجهة البضائع.

التقرير يذهب إلى أبعد من ذلك، إذ يعتبر أن هذه الضربات تحمل في طياتها رسائل استراتيجية تتجاوز البحر الأحمر. فهي، وفقًا له، تمثل تحذيرًا واضحًا لواشنطن وحلفائها بأن السيطرة البحرية لم تعد حكرًا على القوى الغربية، وأن "قوى الميدان" في اليمن قادرة على فرض قواعد جديدة في الجغرافيا السياسية للممرات البحرية الدولية.

ومن النقاط المثيرة التي يعرضها التقرير، أن أحد مقاتلي الشركة الأمنية الخاصة اعترف بأن المعركة كانت متفوقة تكتيكيًا من قبل أنصار الله، وأنه جرى إخماد قدراتهم القتالية تمامًا بعد عدة ساعات من الاشتباك. وتكشف شهادته أن الهجوم لم يكن عملًا بدائيًا بل عملية عسكرية محترفة، كما أن انسحاب المقاتلين الحوثيين فور تنفيذ العملية يشير إلى أنهم كانوا يطبقون خطة دقيقة لتفادي التصعيد أو الانجرار لمعركة طويلة.

ولا يتوقف التقرير عند التفاصيل العسكرية فقط، بل يتناول أيضًا أبعادًا اقتصادية واستراتيجية للعملية، مشيرًا إلى أن شركات التأمين البحري باتت في ورطة بعد غرق السفينتين، وأن هناك تداعيات محتملة على حركة التجارة العالمية، خاصة وأن الشحن البحري عبر البحر الأحمر يواجه تحديًا وجوديًا حقيقيًا لأول مرة منذ عقود.

 

ينتهي التقرير بتحذير واضح لمن يستهين بقدرات اليمنيين، مؤكدًا أن معركة البحر الأحمر لم تعد معركة تكتيكية، بل هي معركة سيادة وشرف واستقلال، عنوانها "اليمن الجديد"، الذي لا يقبل بالهيمنة ولا يعترف بالممرات الآمنة لمن يدعمون العدوان على فلسطين. ويختم بالقول إن صراخ العدو لن يوقف الزوارق، وإن القوات البحرية اليمنية تسير في طريقها لتكون قوة بحرية إقليمية لا يمكن تجاوزها، مهما علت أصوات العواصم المتحالفة مع تل أبيب.