• المنجز الأكبر لهذه الثورة الشعبية، هو: إسقاط السيطرة والوصاية الخارجية على هذا البلد:
وهو إنجازٌ عظيمٌ بكل الاعتبارات، بالقيمة الإيمانية والدينية؛ لأن الذي كان يسيطر على هذا البلد- كما قلنا- ومن قُدِّم كوصي على هذا الشعب هم أعداء هذا البلد، في المقدِّمة: الأمريكيون، وهم الأساس في المسألة، الآخرون كانوا أعواناً لهم فقط، هم كانوا يقولون: [دول العشر]، الدول العشر الدور الأساس فيها كان للأمريكي؛ البقية كانوا مجرَّد أعوان للأمريكي، ومن يتذكَّر مجريات تلك المرحلة، وطبيعة التَّحَرُّك الأمريكي فيها، والدور الذي كان متروكاً للسفير الأمريكي؛ يتجلَّى له ذلك بوضوح، كل شيءٍ كان واضحاً، كان ظاهراً، كان مكشوفاً، لم تكن الأمور مخبَّأة ولا مغطَّاة، تتحدث عنها وسائل الإعلام باستمرار، وتحركات مكشوفة في كل المجالات، لقاءات السفير الأمريكي، وتدخُّلات السفارة الأمريكية، وتدخُّلات الأمريكيين بمن يرسلونهم من مسؤوليهم إلى هذا البلد، كانت علنيةً واضحة: في الشأن العسكري، في الشأن الأمني، في الشأن الاقتصادي، في الشأن التعليمي والثقافي والإعلامي... في كل المجالات، وكانت أيضاً النتائج تتجلَّى باستمرار لتدخُّلاتهم، فيما يظهر لها من أثرٍ سيءٍ جدًّا في واقع هذا الشعب في كل المجالات.
فبالمعيار الإيماني، والقيمي، والديني، لهذا الإنجاز في التَّحَرُّر من الوصاية والسيطرة الأمريكية والخارجية أهمية عظمى؛ لأن المبدأ الأكبر والأساس في الدين الإلهي الحق، في الإسلام العظيم، في الانتماء الإيماني لشعبنا العزيز، هو: مبدأ التَّحَرُّر من الطاغوت، والعبودية لله وحده، والذي يمارسه الأمريكي مع أُمَّتنا هو استعباد بكل ما تعنيه الكلمة، استعباد، فرض سيطرة كاملة على كل المستويات، وفي كل المجالات، برمجة لشؤون حياة الناس وفق إملاءات الأمريكي وتوجُّهاته، التي هي إملاءات طاغوتية، طاغوت، مستكبر، ظالم، كافر، يتَّجه بالناس اتِّجاهاً مبايناً للقيم الإلهية، للتعاليم الإلهية، مبايناً للعدالة، للحق، وبعيداً عن الخير للشعوب، يتَّجه بهم في اتِّجاه الشر، الظلم، الفساد، الطغيان، يفرِّغهم من هويتهم الإيمانية والأخلاقية والقيمية، ويتَّجه بهم في ما هو شرٌّ عليهم في الدنيا والآخرة.
ولذلك فبالمعيار الإيماني والديني، لهذا المنجز العظيم، الذي هو: التَّحَرُّر من سيطرة الأمريكي، وأعوانه، وأدواته، أهمية دينية كبرى، بالمستوى الأول في القيمة الدينية، بالمستوى الأول، الانسجام، والتجسيد، والتحقيق لمصداقية الانتماء العظيم للإسلام والإيمان، للمبدأ العظيم في الإسلام: (لا إله إلَّا الله)، (لا إله إلَّا الله).
أمَّا الآخرون من الأدوات المحلية والإقليمية، ومن يحاولون أن يثيروا الحساسيات، تحت عناوين: عرقية، ومذهبية، ومناطقية، فما الذي كانوا يعملون له في أوساط هذا الشعب؟
هم- في أنفسهم- خانعين بشكلٍ تام للأمريكي، وإرادته، وإملاءاته، وتوجيهاته، وتعليماته، ويعملون على إخضاع هذا الشعب ليكون عبداً للأمريكي الكافر، المستكبر، الظالم، المفسد، ويخنعون له لتنفيذ مخططاته وأجنداته في كل المجالات؛ بينما هي تدميرية، كانت تذهب بهذا البلد نحو الانهيار التام في كل شيء، في كل شيء؛ ولـذلك هم لم يكونوا أهل أمانة، ولا أهل وفاء، ولا أهل قيم، ولا حملوا إرادة الخير تجاه هذا الشعب؛ بل كانوا يعملون لما هو شر على هذا البلد، وخطر على هذا البلد، ويسعون لتعبيد هذا الشعب العزيز بِعِزَّة الإيمان، الحر بِحُرِّيَّة الإسلام، كانوا يسعون إلى تعبيده للأمريكي، لإرادة الأمريكي، لتوجُّهات الأمريكي، بما هو شرٌ على هذا البلد.
أهمية كبرى للإنجاز العظيم لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر بالقيمة الإنسانية، إعادة الاعتبار لهذا الشعب العظيم، في القيمة الإنسانية للحُرِّيَّة بمفهومها الحقيقي: ألَّا نكون عبيداً إلَّا لله، ولا خاضعين إلَّا لأوامره، ونهجه الحق، ودينه العظيم، وتعليماته القيِّمة، لهذه المسألة أهمية كبرى في القيمة الإنسانية، في قيمة الإنسان كإنسان؛ لأن إخضاع الإنسان ليكون عبداً لغير الله، هي كارثة على هذا الإنسان، هي انتقاص من كرامته الإنسانية، ومن قيمته الإنسانية؛ ولهـذا هذا الإنجاز العظيم، هذا المنجز المهم، له قيمة؛ لأنه أعاد الاعتبار والكرامة الإنسانية لشعبنا العزيز، الذي حاول أولئك من أعدائه ومن أدواتهم أن يسلبوها منه.
الأمريكي لا يبقي لأي مجتمعٍ يخنع له، يخضع له، يطيعه ويرتبط به، لا يبقي له لا هوية صحيحة، ولا قيمة إنسانية، أي خضوع للأمريكي، وطاعة، واستسلام، وتبعية للأمريكي، هي على حساب الكرامة الإنسانية، والهوية الإيمانية، وهي على حساب القيمة الإنسانية للإنسان؛ لأن هذه نتيجة حتمية للتبعية التَّامَّة للأمريكي، والخضوع لسيطرته، والخنوع لتوجُّهاته وأمره.
والنتيجة ذات أهمية كبرى لهذا المنجز العظيم، يعني على هذا الأساس: عندما يمتلك شعبٌ حُرِّيَّتِه، واستقلاله، وكرامته الإنسانية، ويحافظ على هويته الإيمانية؛ فهو يستطيع أن يبني عليها حضارةً إنسانية، يستطيع أن يتحرَّك على ضوء ذلك ليضمن مستقبله في الدنيا والآخرة؛ لأن حسابات الإنسان المسلم لا تنحصر على هذه الدنيا، وتجاه هذه الدنيا؛ إِنَّما تجمع بين مستقبله في الدنيا وفي الآخرة، مسألة الآخرة ذات أهمية كبيرة لمن يؤمن بالله واليوم الآخر، وهكذا هو الحال في الانتماء الإسلامي، وفي الانتماء الإيماني.
كلمة السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي "يحفظه الله " بمناسبة ذكرى ثورة 21 سبتمبر 1447هـ