يتجدّد الأمر القرآني "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ" في كُـلّ مرحلة من مراحل صراعنا مع العدوّ الصهيوني، لكنه اليوم، وفي ضوء خطاب السيد القائد الأخير، يأخذ بعدًا استراتيجيًّا وعمقًا غير مسبوق في تحديد مسار الأُمَّــة نحو إسقاط هيمنة هذا الكيان الغاصب. فخطاب السيد القائد لم يكن مُجَـرّد تحليل سياسي، بل كان رؤية شاملة تُحدّد معالم استراتيجية متكاملة للتعامل مع واقع العدوّ المعقد والمتشابك.
لقد أوضح السيد القائد أن العدوّ لا يمارس هيمنته بالسلاح فقط، بل عبر شبكة متشعبة من أدوات السيطرة العسكرية، والاقتصادية، والإعلامية، والثقافية. هذا الفهم العميق يفرض علينا صياغة رد يتجاوز الأساليب التقليدية إلى استراتيجية القوة الشاملة التي تستهدف تفكيك هذه الهيمنة من جذورها.
تبدأ هذه الاستراتيجية من تعزيز القوة العسكرية وتطويرها بشكل مُستمرّ، ليس فقط للردع، بل لتكون قادرة على فرض معادلات جديدة في الميدان. فالمعادلات العسكرية، كما أشار السيد القائد، هي التي تُجبر العدوّ على التفكير ألف مرة قبل الإقدام على أي حماقة. لكن هذا البعد العسكري يتكامل بشكل حيوي مع القوة الاقتصادية. إن توجيه الضربات الاقتصادية الموجعة لأصول العدوّ وداعميه، عبر المقاطعة الشاملة وتفعيل الاقتصاد المقاوم، ليس مُجَـرّد خيار تكتيكي، بل هو سلاح استراتيجي يُفقد العدوّ شريان حياته ويُضعف قدرته على العدوان.
يُضاف إلى ذلك، المعركة الإعلامية والثقافية التي تُعد جبهة حاسمة. فالحرب اليوم هي حرب وعي ورواية. فضح جرائم الاحتلال، وتعرية أكاذيبه، وبناء رواية الأُمَّــة الحقّة، هو واجب لا يقل أهميّة عن أي عمل عسكري. هذا يتطلب تفعيل كُـلّ المنصات الإعلامية، وتوحيد الخطاب، لتشكيل رأي عام عالمي واعٍ ومناهض للظلم.
أخيرًا، تظل وحدة الصف والأمة هي المحرك والضامن لكل هذه الأبعاد. فقد أكّـد السيد القائد على أن قوة الأُمَّــة تكمن في تلاحمها والتفافها حول مشروع المقاومة. عندما تتوحد الإرادات، وتتضافر الجهود، وتتكامل الرؤى، حينها فقط تصبح هذه القوة الشاملة قادرة على إسقاط هيمنة العدوّ الصهيوني بشكل جذري لا رجعة فيه، وتحقيق النصر الذي وعدنا به الله تعالى. إنها معركة وعي، ومال، وسلاح، ووحدة، يقودها إيمان لا يتزعزع.