في زمنٍ تموج فيه الفتن كموج البحر وتتزاحم فيه الأخبار، كان يُخيل لـ "تحالف العدوان" أن شراء فاتورة ما يسمى "الشرعية" سيمثل مكسبًا سياسيًّا وحليفًا حقيقيًّا.

لكن التحالف وجد نفسه أمام بضاعة سياسية تالفة وعبء استراتيجي ثقيل؛ حَيثُ اكتشف أن التمسك بما يسمى "شرعية" لم تصمد على الأرض كان استثمارًا في السراب؛ مما وضع السعوديّة في مواجهة تركة ثقيلة من الفشل والوعود الكاذبة.

لقد وقعت السعوديّة في فخ "سوق الولاءات المغشوشة"، حَيثُ باعت لها أطرافُ (الإصلاح، الانتقالي، والعفاشيون) الوهمَ بالسيطرة على اليمن وتسليمه لها على طبق من ذهب.

صدّقت الرياض الوعود، فتحت الخزائن، منحت الغطاء السياسي والعسكري، ثم فوجئت أن البضاعة كانت فاسدةً من الأَسَاس، وينطبق عليها المثل الشعبي اليمني: "يا باني في ملك غيرك، يا مربي في ولد غيرك"؛ وهو تعبير دقيق عن ضياع الجهد في مكان لن يُجنى منه شيء.

 

المطرودون من الجغرافيا والوعي

السياسة لا تُدار بالأماني، ومن يراهن على من نهب وطنه لعقود لا يحق له التفاجؤ حين يُخدع.

هذه القوى لم تكن مُجَـرّد حلفاء فاشلين، بل كانوا "نصابين محترفين"؛ أفقروا المجتمع ودمّـروا الدولة، ثم خرجوا من الوعي الشعبي قبل أن يخرجوا من الجغرافيا.

وفي المقابل، اكتشفت الرياض أن السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي (يحفظه الله) وأنصار الله وأبناء هذا الشعب الحر، لا يقايضون على السيادة، ولا يبيعون القرار الوطني، ولا ينقضون المواثيق.

إنهم "أنصار الله" الذين رفعوا اسم اليمن عاليًا، ويدركون أن مقدرات الوطن ضرورة وجودية تحفظ كرامة الإنسان واستقلاله.

 

أسئلة الانهيار: أين جيوش "الشرعية"؟

لو كانت هناك جيوش حقيقية لتلك "الشرعية"، فلماذا لم تحَرّكها لاستعادة قرارها المختطَف من قِبل "الانتقالي"؟ ولماذا سكتت على الانقلاب الحقيقي الذي جرى من داخل مجلسها؟ ولماذا صمتت على تمزيق اليمن وساهمت في تشطيره؟

لقد تلاشت جيوشُهم في ليلة واحدة، وضاعت عنترياتهم الكاذبة.

إن مَن لم يستطع الحفاظَ على "عدن" ليس جديرًا حتى بالحديثِ عن "صنعاء".

لقد كشفت الأحداث أن هؤلاء مُجَـرّد مرتزِقة باعوا بلدَهم للمحتلّ، لا يهمهم وحدةٌ ولا سيادة، بل تنفيذ مصالحهم الضيقة ولو فني اليمن عن بكرة أبيه.

 

ختامًا..

تبقى صنعاء هي صاحبة الكلمة الأخيرة، وقبلة الأحرار، والملاذ الآمن لكل اليمنيين.

وفي خضم هذا التخبط للطرف الآخر، نرى خطوات إيجابية من سلطات صنعاء نحو تنفيذ صفقات تبادل الأسرى بجهود مشكورة من الأشقاء في سلطنة عُمان.

لقد جعلتم من اليمن -بفضل قيادته الحكيمة وتوكله على الله- الدولة الوحيدة التي تدافع عن المقدسات الإسلامية والشعوب المستضعفة، بينما ارتهن غيركم لخدمة أجندات الخارج، والميعاد عند رب العباد.