كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي "يحفظه الله"
بمناسبة مرور عامان
من الصمود في وجه العدوان السعودي الأمريكي على اليمن
السبت 26 جماد الثاني 1438هـ 25 مارس 2017م
أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وارضَ اللَّهُمَ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ.
شَعبَنَــــا اليَـمَـــنِي المُسْــلِـمَ العَظِـــيم، أَيُّهَــــا الإِخْـــــوَةُ والأَخَـــــوَات
السَّــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه؛؛؛
على أعتاب العام الثالث، وبمرور عامين منذ بداية العدوان السعودي الأمريكي الظالم على شعبنا اليمني المسلم العزيز، وعلى بلدنا الذي له حرمته وحقوقه كبلد مستقل، مناسبةٌ مهمة، تحمل الكثير من الدروس، ولها الكثير من الدلالات، وفيها الكثير من العبر منذ الليلة الأولى التي بدأ فيها العدوان الظالم على بلدنا،
أول ما كان بالنسبة لهذا العدوان: هو أنه تفاجأ الكثير سواء في بلدنا أو على مستوى المنطقة والعالم؛ في بلدنا الكل تفاجأ بهذا العدوان، وحتى المرتزقة، حتى عبدربه نفسه، الذي جُعل فيما بعد مطية امتطاها المعتدون وعللوا بها عدوانهم، وتذرعوا بها لعدوانهم، هو تحدث عن نفسه، وذلك موثق بالفيديو، أنه تفاجأ بهذا العدوان، بحاح كذلك قال إنه تفاجأ، المرتزقة بشكل عام واضح أنهم تفاجؤوا بهذا العدوان، أبناء شعبنا اليمني في كل أنحاء هذا البلد في المدن والأرياف الكل تفاجأ بهذا العدوان، في المنطقة من حولنا، الشعوب، والحكومات، الجميع تفاجأ بهذا العدوان،
العدوان نفسه أعلن من واشنطن واتخذ قراره هناك، وجرت تدابيره هناك ومخططاته هناك
هذا العدوان فاجأ الكثير لاعتبارين:
الاعتبار الأول: أنه لم يكن هناك من جانب شعبنا اليمني ما يبرر العدوان عليه، بأي حال من الأحوال من قبل قوى العدوان، وعلى رأسها أمريكا وأدواتها؛ النظام السعودي ومعه الإماراتي، لم يكن ما قبل العدوان من أحداث معينة، أو مشاكل معينة، أو ظروف معينة، يستقرئ فيها أحد من المراقبين، ومن المطلعين ومن المهتمين بأوضاع المنطقة، يستقرئ فيها أن عدواناً وشيكاً سيبدأ على هذا البلد المظلوم، وعلى هذا الشعب المسلم العزيز.
والواقع بالنسبة للداخل بالنسبة لنا كشعب يمني، كان الجميع منهمكاً على الوضع الداخلي، في مشاكله وحواراته وأوضاعه السياسية والأمنية والاقتصادية...إلخ.
فبما أنه لم يكن هناك شيء من جانب الشعب، ولا من جانب هذا البلد، يستوجب أو يبرر أي عدوان، الكل تفاجأ! هذا يحمل شهادة كبيرة على مظلومية شعبنا اليمني، ويحمل أيضاً إدانةً كبيرةً على المعتدين.
العامل الآخر للتفاجؤ هذا والسبب الآخر فيه: أن الكثير من النخب والتيارات والقوى في بلدنا، لم تكن فيما قبل تحمل رؤية ناضجة تجاه الواقع القائم في المنطقة ككل، الواقع الذي فيه الكثير من المؤشرات والدلائل الدامغة، على أن كل شعوب المنطقة، وكل بلدان المنطقة، هي مستهدفة بمؤامرات كبيرة وحروب وفتن، الكثير في بلدنا كانوا على خلاف معنا حول هذه النقطة.
عندما كنـا في مسيرتنا القرآنية، وفي تحركنـا نسعى إلى تعميم حالة الوعي، عن أن المنطقة بشكلٍ عام، وعن أن أمتنا الإسلامية بشكل كامل، وعن أن بلدنا في طليعة بلدان المنطقة، الجميع مستهدف بمؤامرات كبيرة، والجميع يحيك له الأعداء الكثير من المؤامرات الرهيبة، وأن المستقبل مليء بالكثير من الأحداث القادمة، كان الكثير يخالفنا في هذه المسألة، وكانوا ينظرون إلى اليمن أنه بلدٌ بمنأى عن الكثير من الأحداث، وعن المؤامرات، نظرة البعض للأسف لم تكن نظرة واعية.
البعض كانوا ينظرون نظرة الاحتقار إلى بلدهم وإلى شعبهم، يعتبروننا بلداً لا أهمية له، وشعباً لا يُحسب حسابه في أي الحسابات والاعتبارات على المستوى الاقليمي، أو على المستوى الدولي، فكانوا يتوهمون أنه ما من أحد، لا الأمريكي، ولا الإسرائيلي، ولا أدواتهم في المنطقة يحملون نية سوء، أو إرادة شر تجاه هذا البلد وتجاه هذا الشعب، وكانوا يسخرون منا من شعاراتنا، من مواقفنا من نشاطنا التوعوي في هذا البلد، فلذلك تفاجؤوا وكانت مفاجأتهم كبيرة جدًّا،
بالنسبة لنا تفاجأنا بالتوقيت وتفاجأنا بطبيعة الأحداث، أما أنه سيأتي في يوم من الأيام عدوان على بلدنا، واستهداف شامل على هذا النحو، فهذه مسألة نعيها جيداً وندركها جيداً، ونعرف من خلال الواقع بكل ما فيه في منطقتنا بكلها، وفهمِنا لعدو هذه الأمة ندركها جيداً.
على كلٍ.. كان أول درس من دروس هذا العدوان، أن نعي جميعاً في هذا البلد أننا شعبٌ مستهدف، وبلدٌ مستهدف، ولاعتبارات كثيرة ومتنوعة، وأن القوى الأخرى وعلى رأسها وفي ضمنها قوى إقليمية، على رأسها أمريكا، ومنها قوى إقليمية باتت اليوم معروفة كانت تقدم نفسها دوماً كصديق، مع أنها كانت في الماضي كله تفعل بهذا الشعب فعل العدو وليس فعل الصديق، وكانت في الحالات تقدم نفسها مصلحة أو محسنة أو فاعلة خير، ولكنها إنما تدس السم في العسل.
على كلٍ.. الحادثة هذه في تلك الليلة، بداية العدوان أيقظ شعبنا بكله، وبات الأمر واضحاً أننا معنيون في كل حساباتنا، في كل اعتباراتنا، في كل اهتماماتنا، وعلى المستوى الثقافي، على المستوى السياسي، على المستوى الفكري، على المستوى الاستراتيجي، في كل تفاصيله، في كل تشعباته معنيون أن نبني حاضرنا، ومستقبلنا بناءً على هذا الأساس.
بناءً على أننا شعب يواجه تحديات كبيرة بهذا المستوى الذي نواجهه اليوم، بهذا المقدار الذي نراه اليوم ونعيشه اليوم، معنيون في مناهجنا الدراسية، في الجامعات والمدارس، في نشاطنا التوعوي، في نشاطنا الاقتصادي، في مسارات حياتنا بكلها، أن ننطلق من هذا المنطلق هذا ما لابدَّ منه، هذا أكبر وأهم درس نستفيده من مفاجأة تلك الليلة بهذا العدوان الظالم والإجرامي والوحشي.
ثم هذه المناسبة أيضاً فرصة لشحذ الهمم، والتذكير بالمسئولية، البعض من الناس مع طول أمد العدوان وتعاقب الأيام والشهور البعض من الناس يصاب بالملل، وتغلب عليه الغفلة ويعيش حالة الأماني والأوهام ويصيبه الفتور، والبعض قد يصيبه الوهن.
الناس متفاوتون في وعيهم، في عزمهم، في يقينهم، في بصيرتهم، في همتهم، وحتى في إدراكهم للمسئولية، ومستوى إحساسهم بالمسئولية، فالتذكير في مثل هذه المناسبة مهم جدًّا، وإيقاظ النائمين الغافلين مهم جدًّا، مناسبةٌ مهمةٌ في هذا الجانب، المناسبة هذه أيضاً فرصة، لمسألة في غاية الأهمية، فرصةٌ للمراجعة للأداء الداخلي، ولتقييم الأداء، في مواجهة هذا العدوان والتصدي لهذا العدوان.
نحن في هذا البلد، في كل المكونات، وبالذات المكونات التي لها موقفٌ شجاعٌ وحرٌ ومسؤول ضد هذا العدوان، وفي التصدي لهذا العدوان، وتتحرك من واقع الشعور بالمسئولية الجميع معنيون، أن نراجع أداءنا العملي، وأن نقيم أداءنا العملي في كل المجالات، ونحن نتصدى لهذا العدوان بهدف تلافي كل جوانب القصور، وبهدف التطوير لمستوى الأداء، والتحسين لمستوى الأداء والارتقاء بمستوى الأداء، حتى نكون أكثر فاعلية وأكثر تأثيراً في أدائنا العملي في كل الميادين، في كل المجالات ونحن نتصدى لهذا العدوان.
مرور عامين على العدوان.. الدلالة المهمة
أيضًا مرور عامين منذ بداية هذا العدوان يحمل دلالةً مهمة، هذا العدوان الذي على رأسه أمريكا وشمل الكثير من القوى الإقليمية وأذيالها، هذا العدوان عدوانٌ كبير استخدمت فيه أفتك أنواع الأسلحة، وأحدث التقنيات الحربية والعسكرية، وتحرك فيه المعتدون بكل ثقلهم وإمكاناتهم الهائلة، وعدوانٌ وحشيٌ وإجراميٌ لم يتقيد بأي من الضوابط الشرعية والإنسانية والأخلاقية، عدوان انفلت وتحلل من كل القيم والأخلاق والضوابط والاعتبارات الإنسانية والشرعية، فعلَ كل شيء في سبيل أن يحسم المعركة استخدم حتى السلاح المحرم دولياً في أن يتحقق له ذلك ارتكب أبشع الجرائم في سبيل أن ينجح في ذلك، فعل كل المحظورات وكل المحرمات في سبيل أن يتحقق له ذلك لم يأل جهدا وفعل كل شيء ومع ذلك فشل، وكانت حساباته التي بنى عليها ترتيباته العملية، أنه سيحسم هذه المعركة في أسبوعين، أو خلال شهر، أو خلال شهرين.
ثم كان يعيش الوهم أنه في هذا الشهر سأحسم المعركة، في الشهر القادم سنحسم المعركة، في يوم كذا سنكون في مدينة كذا أو سنكمل معركتنا هنا إلى غير ذلك، ووجد نفسه فعلاً غارقاً في الوحل، وضائعا في الوهم، ويعيش في السراب يتخبط من شهر إلى شهر، من وقت إلى وقت، ويكلفه هذا العدوان ثمناً باهضاً وكلفةً كبيرةً وعالية.
فمرور عامين كاملين يحمل دلالةً مهمةً، وشهادةً عظيمةً، على الصمود العظيم لشعبنا اليمني المسلم، الصمود والثبات الذي فاجأ العدو، الذي كان حسب حسابه في واقع هذا الشعب، في إمكاناته المتواضعة، في ظروفه الصعبة، في معاناته الاقتصادية، في مشاكله السياسية، في الكثير والكثير من العوامل التي كان يرى فيها أنها عوامل تساعده على حسم المعركة، وعلى السيطرة الكاملة على هذا البلد، وعلى ضرب هذا الشعب وقهره واستعباده والتحكم فيه وإذلاله.
كان يراهن على كثيرٍ من الاعتبارات والعوامل، وكان مطمئناً إلى ذلك وفرحاً بذلك، ودخل بحسابات واعتبارات نتحدث عن البعض منها.
شعبنا اليمني كان فعلاً عندما بدأ هذا العدوان يعيش ظروفاً صعبة في كل الجوانب والمجالات، ظروفاً اقتصاديةً صعبة، مشاكل سياسية كبيرة، ومشاكل كثيرة، قضايا وطنية صنعها أولئك، والبعض منها طورها أولئك، وغذوها وسعوا إلى تحويلها إلى مشكلات كبيرة، ومعضلات حقيقية يعاني منها هذا الشعب، ولكن مع كل ذلك له رصيده الإيماني، رصيده الأخلاقي، هويته المتأصلة، كرامته وعزته.
عوامل مهمة ساعدت على الصمود
وكان هناك مجموعة من العوامل المهمة، التي ساعدت وساهمت في هذا الصمود، على هذا المستوى لهذه الفترة الطويلة، ولمدى أبعد وأبعد إن شاء الله تعالى، أول الفضل في هذا الصمود، وأهم عامل فيه هو العون الإلهي، هذا الشعب شعب مسلم، تتأصل هويته الإسلامية، وتتأصل فيه الروحية الإيمانية، فهو شعب عندما بدأ هذا العدوان بكل وحشيته، بكل جبروته، بكل ما فيه من تدمير وقتل ووحشية وإجرام، هذا الشعب التجأ إلى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وراهن على الله، وتوكل على الله، واعتمد على الله، ووثق بالله، "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وقرر الصمود انطلاقاً من هذه الثقة، انطلاقاً من هذه القيم، وهو يحمل هذه الروحية، روحية الواثق بالله المتوكل على الله، الذي يرى في اعتماده على الله وفي توكله على الله، وفي التجائه إلى الله، وفي رهانه على الله، مصدر قوة، ومصدر نصر، ومصدر عزة، ويرى في ذلك منطلقاً عظيماً يعطيه دائماً الأمل في النصر، مهما كان حجم التحدي، ومهما كان حجم التضحيات، ومهما كان مستوى المخاطر، وهذا الرهان على الله، وهذا التوكل على الله، وهذه الثقة بالله، وهذا الاعتماد على الله، لم يضع أبداً، ولم يضع شعبنا ولم يذهب سدى أبداً، كان له نتيجته كان له ثمرته، كانت له نتائجه العظيمة والايجابية والكبيرة، أولها هذا الصمود هذه القوة في الموقف هذه الفاعلية في الموقف.
فلذلك يمكننا اليوم أن نقول: إن أول عوامل صمود شعبنا، هو إيمانه بالله وتوكله على الله، ورهانه على الله الكبير العظيم، والله هو القائل: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}، فهو حسبه، هو "جلَّ شأنه" نعم المولى ونعم النصير.
العامل الثاني من عوامل الصمود: وهو إنما يكون مع بقية العوامل امتدادا للعامل الرئيسي ونتاجا للعامل الرئيسي في التوكل على الله والإيمان بالله والرهان على الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".
العامل الثاني الفرعي: (إن صح التعبير) هم الشهداء، شهداء الميدان، رجال هذا الشعب وأبطال هذا الشعب، الذين استبسلوا في كل جبهات القتال، وقدموا أرواحهم وحياتهم في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، نصرة لعباد الله المستضعفين، دفاعاً عن شعبهم، دفاعاً عن بلدهم، دفاعاً عن حرية شعبهم وعن كرامة بلدهم، الشهداء العظماء، شهداء الميدان، شهداء الجبهات، الذين وقفوا وقفة الإيمان، وقفة العزة، ووقفة الكرامة، وقفة الثبات، وقفة البطولة، واستبسلوا بكل جد، في مواجهة هذا العدوان، فكان استبسالهم وكان ثباتهم وكانت تضحيتهم تمثل عاملاً مهماً وقوياً وكبيراً في التصدي لهذا العدوان، وفي إفشال مساعي هذا العدوان، في السيطرة السريعة والعاجلة التي كانت أُمنيةً له على هذا البلد، هؤلاء العظام، هؤلاء الشهداء الكرام، بتضحياتهم واستبسالهم وعطائهم العظيم، أسهموا في إخفاق العدوان، كبدوه الخسائر، وقدموا له الدروس المهمة من واقع الميدان، عن أن هذا شعبٌ عزيزٌ وعظيمٌ وحرٌ ومؤمنٌ لدرجة أنه مستعد وحاضر أن يقدم الأرواح، وأن يضحي بالحياة في سبيل الله تعالى، في سبيل أن يحافظ على حريته، وعلى كرامته وعلى استقلاله، أنه شعب حاضر للتضحية، في سبيل أن يحمي نفسه من استعباد قوى الطاغوت، ومن الذل ومن الهوان.
العامل الآخر من عوامل الثبات والصمود: هو صمود الجرحى، الكثير من الإخوة الجرحى صمدوا وكانت مسألة احتمال أن يصاب الإنسان، أن يجرح في ميدان القتال وهو يتصدى لهذا العدوان، لا تؤثر في معنويات المقاتلين بقدر ما يزيدهم إحساسهم بالمسؤولية، استعداداً عالياً للتضحية بالنفس، فكيف بمستوى أن يجرح الإنسان، صمود الجرحى بالرغم مما نعانيه في بلدنا من صعوبة الحصول على العلاج والدواء الذي يحتاج إليه الجريح، ومن الحصار الخانق على تسفيرهم إلى الخارج، مع وجود الكثير من الحالات التي تستدعي السفر إلى الخارج، نتيجة الظروف المتواضعة والإمكانات البسيطة، في الجانب الصحي في البلد، لكن ذلك كله لم يثنِ أبداً، لا الجرحى على الصبر على جراحهم، والعودة عند التشافي أو الإشراف على التشافي إلى ميدان القتال من جديد، ولا الذين هم موجودون في الميدان خشية أن يجرحوا، لم يتأثروا بذلك أيضا.
العامل الآخر: هو صمود أسر الشهداء، وأسر الجرحى، وأسر المرابطين في الجبهات، وصمود المنكوبين والمتضررين من هذا العدوان، والنازحين من المناطق المحتلة في تعز والجنوب، والمناطق الشرقية، هؤلاء كانوا على درجةٍ عاليةٍ من الصبر والثبات والتحمل، بالرغم من حجم المعاناة.
عامل آخر أيضاً: هو الصبر والصمود لكافة أبناء هذا البلد في القرى والمدن، بالرغم من القصف الذي شمل الجميع، شمل المدن، شمل الأحياء السكنية في المدن، وشمل الشوارع والحارات، وشمل القرى والأرياف، بالرغم من ذلك كله الكل أو في غالب الأحوال صامدون وثابتون، لم يذهب شعبنا اليمني للرحيل من هذا البلد، مع أنه استهدف في معظم المناطق، الأكثر بقوا ثابتين في المدن وفي القرى، وبقوا صامدين، لم يتزحزحوا أبداً، وبمعنويات عالية، وبثباتٍ كبير، وبقرارٍ حاسم على الثبات، مهما كان حجم التضحيات، فلا القتل ولا التدمير أوهن من عزمهم، ولا أضعف من قوتهم، ولا حطمهم أبداً.
كذلك من العوامل المهمة: صبر الموظفين الذين انقطعت مرتباتهم وتوقفت بعد تآمر قوى العدوان على البنك المركزي، مع حجم المعاناة الكبير في لقمة العيش، المعاناة المعيشية التي يعاني منها الموظفون، حتى على مستوى التغذية لأسرهم وأطفالهم، على مستوى إيجار السكن، حيث يسكن البعض منهم، والكثير منهم يعتمد على الإيجار، الكل صمدوا رغم حجم المعاناة، ورغم مستوى المؤامرة.
من أهم العوامل التي ساعدت على هذا الصمود: تماسك الصف الداخلي للمكونات الرئيسية في هذا البلد، بناءً على المسؤولية، وانطلاقاً من الوعي، المكونات الرئيسية التي لها دورٌ كبيرٌ في هذا البلد، في تماسك الصف الداخلي وفي الثبات في الموقف من الجميع، سعى الأعداء لشق صفها؛ لإثارة المشاكل فيما بينها، لإثارة النزاعات والخلافات وتأجيجها، بغية تفكيك الصف الداخلي، وبعثرة هذه المكونات، ثم الانفراد بها مكوناً مكوناً، حتى تصل إلى مآربها وأهدافها الشيطانية في القضاء على الجميع، وحتى ينشغل الكثير ببعضهم البعض، ويغفلوا ويذهلوا ويبتعدوا عن مسؤولياتهم الأساسية في التصدي لهذا العدوان، لكن مستوى الوعي والإحساس العالي بالمسؤولية، ساعد على أن يهتم العقلاء والوطنيون والجادون في هذه القوى، بأولوياتهم التي تفرضها عليهم مسؤوليتهم الدينية، والوطنية، والإنسانية، والأخلاقية، وتفرضها الحكمة، ويفرضها المنطق، وهو التصدي لهذا العدوان قبل كل شيء، وتوجه كل الجهد، وكل العمل، وكل المساعي في الواقع العملي، للتصدي لهذا العدوان؛ هذا كان له تأثير مهم في التماسك والصمود.
من العوامل المهمة أيضاً: التحرك الفاعل لكل الأحرار في أوساط هذا الشعب، من العلماء الربانيين والواعين والمدركين لمسؤوليتهم، وللوجاهات الاجتماعية من مشائخ وغيرهم، وللمثقفين، ولكل الشخصيات الفاعلة من أبناء هذا البلد، من مختلف المكونات والفئات، التي تحركت بوعيٍ ومسؤوليةٍ وجدٍ واهتمام، هذا التحرك الشامل الواسع من كل المكونات، ودفع الجميع إلى الموقف، أسهم بشكل كبيرٍ ومفيدٍ وعظيمٍ ومهم، في الصمود والثبات والتصدي للعدوان.
من أهم أيضاً ما ساعد شعبنا بكل مكوناته وفئاته، في صموده- بالرغم من حجم العدوان، وحجم المعاناة، ومستوى التضحيات- هو الرصيد التاريخي لشعبنا العزيز كشعبٍ أصيلٍ متمسكٍ بهويته وأخلاقه وقيمه، وشعب تواق على الدوام للحرية، هذا الشعب هو شعبٌ عظيم، شعبٌ أصيل، وشعبٌ له تاريخ، وله تراكم في هذا التاريخ، تراكم من التجربة، تراكم كبير في رصيده القيمي والأخلاقي، شعب على مدى تاريخه، كان شعباً متمسكاً بهويته، شعباً تواقاً للحرية والعزة، واجه الاستعمار الخارجي على مدى التاريخ، شعباً حراً، شعباً عزيزاً، شعباً أبياً، لو كان فيه هنا أو هناك البعض من الخونة، البعض من الذين أرخصوا أنفسهم وباعوا شعبهم وخانوا أمتهم، لكن فيه الكثير والكثير والكثير من الأحرار والشرفاء والمؤمنين والأعزاء، الذين أبوا إلا أن يكونوا أحراراً وصامدين وثابتين، وأبوا العبودية لقوى الطاغوت، وأبوا الذل وأبوا الهوان، ولذلك هذه الهوية الثابتة في الوجدان، في وجدان الإنسان الوطني، في وجدان الإنسان اليمني، والمتجذرة في مشاعره، وعياً وإيماناً وعزماً وهمةً وشعوراً متأصلاً؛ أبت لهذا الشعب إلا أن يكون صامداً وثابتاً وعزيزاً وأبياً، ألا يحني رأسه لقوى الشر والطاغوت والإجرام والاستكبار، وأبت له إلا أن يكون كما يليق به؛
شعباً في مقام الرجولة، في مقام الثبات، في مقام البطولة، في المقام الذي أراده الله له، وأراده رسوله "صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه" له، وتفرضه عليه هويته الإسلامية ومبادئه وقيمه.
أيضاً من أهم العوامل المساعدة على هذا الصمود والثبات: المظلومية الكبيرة، والممارسات الإجرامية الوحشية من قبل قوى الشر والعدوان، قوى العدوان فعلت في هذا الشعب كل ما يمكن ان يستفز أي انسان بقي فيه ذرةٌ من الإنسانية، وأي رجل بقي فيه ذرةٌ من الرجولة، وأي إنسان بقي فيه شعورٌ بالكرامةِ الآدمية، قتلت الأبناء والأطفال والنساء، هدمت ودمرت المساجد، مزقت المصاحف في المساجد بقنابلها وصواريخها، يعني انتهكت كل المحرمات وفعلت كل المحظورات، فعلت كل ما يستفزك كمؤمن بحكم إيمانك، حين ترى ما يفعله أولئك الظالمون، وهم يفعلون ما يغضب الله ويسخط الله، يرتكبون أبشع الجرائم، ويفعلون أفظع المنكرات والقبائح، التي تستفز كل إنسان مؤمن يرى فيه المنكر الذي يجب عليه أن ينكره، يرى فيها القبيح الشنيع الذي يجب عليه أن يستفظعه، وأن يسعى لمواجهته، وأن يسعى لتغييره، يرى فيها الفظائع التي يأبى له ايمانه ودينه وهويته وقيمه ومبادئه، أن يسكت عليها أو أن يتفرج عليها.
ثم في بلدنا وفي تركيبته القبلية، قبائل هذا البلد تتعيب من أن يَقتُل اعداؤها نساءها وأطفالها، ويدمرون منازلها، ويهدمون مساجدها، ويضربونها بكل استهتار، حتى في مناسباتها، في أفراحها أو في أحزانها، في الأعراس وفي مناسبات العزاء، وأن يستبيحوا فيها كل شيء المنزل والمسجد والمدرسة والمستشفى، السوق والجسر والطريق والبقالة، وأن يستهدفوا فيها المقابر، وأن يستهدفوا فيها المعالم التاريخية.
هذه الاستباحة التي لم ترع حرمة لأي شيء أبدًا، هي تستفز قبائل اليمن، من كان في هذه القبائل بقي له عرفه القبلي أخلاقه وقيمه المتأصلة والتي هي امتداد للقيم الإسلامية والإنسانية، يتعيب وتأخذه عزة الإيمان والاحساس بامتهان الشرف والكرامة فيستفزه كل ذلك لأن يتحرك، هذه قبائل لها أعراف إذا قتل العدو نساءها لها أعراف، ألا تكون قبائل جبانة تغض الطرف وتسكت وتصمت وتتجاهل ما يحدث، إذا قتل العدو أطفالها، لها أعراف كيف تفعل، إن بقي لديها أعرافها وحريتها وكرامتها، لا يخرج من هذه الأعراف تجاه هذه المسائل في مواجهة هذه الاستباحة، إلاّ البائعون الخائنون الذين هناك، أيضاً أعراف بحقهم في هذا البلد.
فعلى كل المظلومية هذه، والممارسات الإجرامية الفظيعة الوحشية من قوى العدوان، عامل مساعد على استفزاز هذا الشعب، وعلى التحسيس بالمسئولية.. لأن البعض قد تبلد نوعاً ما، يحتاج لأن يرى تلك المجازر، تلك المشاهد المؤلمة جدًّا من القتل الجماعي، البعض لا يوقظه من سباته، ولا يغير تبلده ويلفت انتباهه إلا مثل هذا المستوى من الجرائم الفظيعة جدًّا، التي يرتكبها المعتدون بحق هذا الشعب، يحتاج لكي يلتفت وينتبه وأن يحس بالمسؤولية، إلى أن يرى تلك الألاف المؤلفة من الأطفال الذين مزقتهم قنابل المعتدين وصواريخهم إلى أشلاء، ويرى البعض منهم المئات والآلاف جرحى، يصرخون ويبكون من الأوجاع، ويرى استغاثات تلك النساء، ممن أصبحت أرملة وأوتّم أبناؤها، وأصبح الكثير منهن أيضاً جرحى ومعاقات، والبعض منهن كذلك فقدن الكثير من أعزائهن ورجالهن، البعض لا يوقظه إلا أن يرى هذه المشاهد الكبيرة، أمامنا الحاضر اليوم في كل مدينة وفي معظم القرى، يرى الكثير من المساجد المدمرة والمصاحف الممزقة، ويرى الكثير الكثير من المنشئات الخدمية التي استهدفت بغية إلحاق الأذى بهذا الشعب في كل مجالات حياته، لا بأس، حدث كل ذلك وأيقظ الكثير ونبه الكثير.
العدوان على اليمن ضمن مشاريع الهيمنة على المنطقة
أيضاً من العوامل المهمة للصمود بالأمس واليوم وبعد اليوم وعلى مدى الزمن، هو إدراك الأحرار في هذه البلد، والحكماء في هذا البلد، وذوي المسئولية في هذا البلد، بحقيقة أهداف قوى العدوان، من وراء هذا العدوان.. هذا العدوان، أيها الإخوة والأخوات، إذا أتينا لدراسة ماهيته، وبتأمل بسيط، يعني لا تحتاج المسألة إلى عمق النظر وبُعد في التفكير، |لا|.. هذا العدوان رأسه المدبر والمدير والمتحكم والمشرف والآمر والمخطط هو: أمريكا، أما قلبه في كل شعوره ووجدانه فهي إسرائيل، أما أدواته التي تباشر الدور الرئيس في التنفيذ وتُحرك في الميدان وتشغل في الميدان، فهي قوى العمالة والارتهان للأمريكي والإسرائيلي في المنطقة، وعلى رأسه السعودي ومعه النظام الإماراتي.
بالتالي ماذا نتوقع أن يكون هذا العدوان؟ لا والله، لا يمكن أن تحت أمريكا وتحت تدبير أمريكا وتحت توجيه أمريكا وبرعاية أمريكا وبإسهام إسرائيل أي موقف مُحِقّ أبدا ولا أي تحرك في الاتجاه الصحيح أبدًا.
تَحرُك كهذا رأسه أمريكا وقلبه إسرائيل وأياديه قوى العمالة والارتهان وقوى التخريب في المنطقة لن يكون إلا ضمن المخططات الأمريكية والإسرائيلية ضمن مشاريع الهيمنة والاستهداف لهذه المنطقة من قِبل أمريكا وإسرائيل.
فإذاً، هذا العدوان بالتالي هو غزو استعماري تدميري، يستهدف الشعب اليمني المسلم، الشعب نفسه كشعب من أهم شعوب المنطقة، وكجزء من الأمة، يحسب الأعداء حسابه، في اهتمامه بقضايا أمته الكبرى، في موقفه من إسرائيل، في توجهه الحر وفي توجهه نحو الاستقلال، المنطقة بكلها مستهدفة شعوبهاً بكلها مستهدفة، الأمة كأمة قبل أن تنظر إليها كشعوب، فرقها العدو يوماً ما، ومزقها العدو يوماً ما، وقطع أوصالها العدو يوماً ما، قبل ذلك كله هي أمة، أمة واحدة الأمة الإسلامية هذه في المنطقة العربية، وفي محيطها الإسلامي فيما بقي من العالم الإسلامي، لكن على رأس هذا الاستهداف المنطقة العربية بالتأكيد.
فإذاً.. الأمة هذه مستهدفة كأمة، هناك شعوب بارزة في هذه الأمة، هناك شعوب مهمة في هذه الأمة في حسابات العدو الأمريكي، والعدو الإسرائيلي، يرى أن يبدأ بالخلاص منها أولاً، إذا هو تخلص منها تخلص مما عداها بكل سهولة، ثم هو ينظر أيضاً إلى أن هذه الشعوب تمثل عقبة أمامه، بحكم أن فيها قوى متحررة، قوى واعية قوى مسؤولة ترفض هيمنته، تقف في وجه مشاريعه ومؤامراته، فهو يريد أن يتخلص منها أولاً، لكي يستطيع بعد ذلك أن يمرر كل مؤامراته، وينجز كل مشاريعه في المنطقة بسهولة ويسر، وبدون مواجهة أي صعوبة، فبدأ بدايته بهذه الشعوب ضمن هذه الشعوب في المصاف الأولى لهذه الشعوب، يقع الشعب اليمني المسلم المعروف بتمسكه بهويته إلى حد كبير، المعروف بتفاعله الحي والبارز مع قضايا الأمة من حوله.
هو شعب يهتف الكثير فيه بالموت لأمريكا، والموت لإسرائيل، هو شعب يمتد في أوساطه بين كل مكوناته الحرة، ويتجذر في أبنائه رجالاً ونساءً العداء الشديد لإسرائيل، الاهتمام الكبير بالقضية الفلسطينية المناهَضَة للهيمنة الأجنبية على المنطقة وعلى البلد نفسه. فإذن شعب كهذا مستهدف في مقدمة الشعوب المستهدفة مع الشعوب الحرة، ويستهدف هذا العدوان اليمن في جغرافيته، لاحتلال رقعة جغرافية من أهم المناطق في المنطقة العربية والعالم الإسلامي، من حيث موقعه المطل على باب المندب، من حيث جزره في البحر الأحمر والبحر العربي، وفي مقدمتها (ميون) وجزيرة (سقطرى) وغيرها من عشرات بل مئات الجزر مئات الجزر في هذا البلد. فإذن الموقع الجغرافي الذي هو مهم للأمة الإسلامية كأمة إسلامية، للمنطقة العربية كمنطقة عربية، ولنا نحن كيمنيين، محسوب حسابه في كل العالم، ومحسوب بالدرجة الأولى لدى الدول الاستعمارية، التي ترى في سيطرتها المباشرة واحتلالها المباشر لهذه الرقعة الجغرافية، وعلى هذه المنافذ المهمة، ولهذا الموقع الاستراتيجي، عامل قوة لها ومفتاح سيطرة أكبر لصالحها على بقية البلدان، وعلى بقية القوى المنافسة لها في العالم.
اليوم أمريكا وإسرائيل، كل منهما يرى في هذه السيطرة المباشرة والاحتلال المباشر لهذه الرقعة الجغرافية عاملًا مهمًا على مستوى العالم الإسلامي، في إركاعه وضربه والقضاء على هويته وكيانه، وعلى مستوي القوى المنافسة في العالم، الصين روسيا وغيرها. هذا العدوان أيضًا له هذا الهدف، وأيضًا يستهدف اليمن في ثروته الواعدة، فيما عرفه الأعداء من خلال عمليات المسح والاستكشاف، التي تشير إلى مخزون هائل من النفط والغاز والمعادن الأخرى في هذا البلد، في كثير من مناطقه، خصوصًا المناطق الشرقية الممتدة من حضرموت إلى الجوف، وفي مناطق أخرى، وأيضًا على المستوى التجاري محسوب في هذا البلد، موانئه المهمة في عدن، وفي المخا، وأيضًا في سقطرى، ووصولًا إلى الحديدة، وهكذا بقية الموانئ حسابات كثيرة، أطماع كثيرة، اعتبارات كثيرة دفعت الأعداء إلى هذا العدوان، وأيضًا ضمن المؤامرات التي تستهدف المنطقة بكلها، من البحر العربي، إلى البحر الأبيض المتوسط، من اليمن إلى المغرب العربي، حتى من المحيط الهندي، وحتى أيضا البحر الأبيض المتوسط الممتد إلى المحيط، فإذن هناك مؤامرات كبيرة على هذه الأمة كأمة، على هذه الشعوب كشعوب، وفي مقدمتها وفي طليعتها الشعوب الفعالة، الشعوب الحرة، الشعوب التي يرى فيها العدو عائقًا أمام مشاريعهم الاستعمارية، وأمام مشاريع الهيمنة والاحتلال.
الأعداء وحساباتهم الخاسرة
هكذا تحرك الأعداء كلٌ بحساباته، الأمريكي يرى في هذا العدوان أنه عبارة عن تنفيذ أجندة له في المنطقة، في تفكيك كيان المنطقة، في ضرب شعوبها حتى في عمليات القتل للناس؛ الأمريكي والإسرائيلي يرتاح لهذا.. القتل الدمار التخريب، التفكيك لكيان الأمة، البعثرة لهذه الشعوب، الإضعاف لهذه المكونات والقوى، هذا بالنسبة للأمريكي يعتبر تنفيذًا لأجندة يريدها ويسعى لها، ثم من خلال هذا العدوان يستفيد على المستوى الاقتصادي بشكل كبير، مئات المليارات من البترودولار تذهب إلى خزائنه، يقدمها أولئك الأعراب الجفاة البدو الغلاظ الأفظاظ الجهلة، الأعراب الأشد كفرًا ونفاقًا، يذهبون بثروات بلدانهم الهائلة- بدلًا من أن تستفيد منها شعوبهم بدلًا من أن يبنوا بها دولهم على المستوى النهضوي والاقتصادي- تذهب إلى خزائن أو خزانة الأمريكي، ويستفيد الإسرائيلي، بالتالي تبعًا لذلك وبشكل مباشر وأحيانًا من خلال الأمريكي، الأمريكي يحسب هذه الحسابات في عدوانه.
الإسرائيلي يحسب هذه الحسابات، ويحسب- أيضًا- أن هذه الأحداث تلهي الأمة عنه، تشغل الأمة عنه، تعطيه الفرصة ليستقر ويشتغل ليثبت وجوده ويمكن حضوره في المنطقة، وليصبح له نفوذ أكبر على مستوى المنطقة بكلها، تحت عنوان أنه حليف لأولئك الأعراب، هنا سيوفر لنفسه حماية من خلالهم هم، وهم يخوضون معركته ضد كل القوى التي يراها عدوة له، يخوضون معركة الإسرائيلي بعناوين عربية وبعناوين زائفة وبتبريرات زائفة، فيرى نفسه مستفيدًا من جوانب كثيرة وباعتبارات كثيرة.
النظام السعودي وهو النظام الذي ابتعد عن الأمة في خياراتها في اهتماماتها في قضاياها، شق له طريقًا مختلفًا كليةً كل الاختلاف، اختار هو أن يجعل مصيره ومساره وطريقه باللحاق بالأمريكي والإسرائيلي، يرى أنه يمكنه أن يكون له دور في المنطقة من خلال هذا الدور، من خلال التبعية المطلقة والعمياء للأمريكي، ومن خلال التماهي التام مع الإسرائيلي تحت عنوان التحالف مع إسرائيل.
النظام السعودي وداخل هذا النظام أيضاً طرأت حسابات جديدة؛ فريق داخل النظام السعودي، وفريق محمد بن سلمان يرى أن هذا العدوان بات سلَّماً له، للوصول إلى أهداف شخصية ومكاسب شخصية، للوصول إلى هدفه في الاستيلاء الكامل والانفراد بالسلطة في النظام السعودي، هو يسعى إلى إقصاء تيار محمد بن نايف، هذه مسألة واضحة ومؤكدة لها الكثير من الدلائل الدامغة والواضحة جدًّا، وهم في داخل الأسرة اليوم يعرفون أن محمد بن سلمان وتياره يسعون بكل جد، إلى الاستحواذ التام على السلطة في المملكة، والتخلص من المكون الآخر أو من التيار الآخر الموجود داخل الأسرة، هناك أيضا حسابات رهانات للسيطرة في الجزيرة العربية على الشعب نفسه في المملكة، ولتدويخ هذا الشعب لقهر هذا الشعب، لإذلال هذا الشعب للتحكم أكثر بهذا الشعب، ونرى كيف أن المسألة باتت اليوم واضحة بشكل كبير.
حتى الكثير من المتأملين في الواقع من أبناء المملكة أنفسهم، يرون هذه الحقيقة بوضوح وأكثر من غيرهم، النظام الإماراتي كما النظام السعودي، يحسب حساب أنه كذلك لن يكون له دور، لن يكون له حضور، لن يكون له اعتبار، إلا في أن يكون واحداً من الأذيال اللاحقة بالأمريكي والإسرائيلي، باتت هذه المسألة واضحة بالنسبة للإماراتي والسعودي، وأقصد في كليهما النظام والسلطة، المسألة واضحة جدًّا، كل منهما اتجه هذا الاتجاه وحسم خياره على هذا الأساس، وانطلق بناءً على ذلك، عندما تشاهدون في التلفزيون المشاهد التلفزيونية لأنور عشقي، ولتركي الفيصل إلى جانب الإسرائيليين، كيف أن تلك اللقاءات حميمية لدرجة عجيبة، الابتسامات وحالة الابتهاج الواضحة عليهم، تدل على ارتباط وثيق وحميمي ولزمن طويل، خرج من السر إلى العلن، الإمارات نفسها هناك شخص هو وزيرها، المعروف سلطان أحمد الجابر، هذا الوزير معني بشكل رئيسي في الإمارات بالتنسيق المباشر مع الاسرائيليين، وبات هناك اليوم مهام عملية مشتركة، ما بين الإماراتي والإسرائيلي، هذه المسألة معروفة وواضحة، فإذاً هؤلاء انطلقوا من خلال هذه الحسابات لهذه الاعتبارات لهذه الأهداف.
العناوين الأخرى التي يرفعونها ويتحدثون عنها من باب الضجيج والاستهلاك الإعلامي والتغطية على الحقائق، عنوان الأمن القومي العربي، عنوان الحماية للشرعية والدفاع عن الشرعية، ما هي إلا مجرد أكاذيب مفضوحة ومكشوفة، ما هي إلا مجرد عناوين زائفة لا أساس لها، ولا واقع لها، إن هي إلا أكاذيب كبيرة، وكلمات خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، لا أصل لها، لا واقع لها، لا حقيقة لها، يشتغل ضمن المشروع الأمريكي في المنطقة، هذا بالتأكيد يهدد الأمن القومي العربي والاسلامي، يتحالف مع إسرائيل يدخل مع إسرائيل فيما يسميه الاسرائيلي ويتحدث عنه الإسرائيلي كمصالح مشتركة، إن المصالح المشتركة مع إسرائيل لن تكون إلا أضراراً حقيقية، ومخاطر حقيقية على العرب وعلى المسلمين، لن تكون إلا تهديداً فعلياً للأمن القومي العربي ولاحظوا: هم عملوا على جر مصر إلى هذا العدوان، تحت العنوان هذا الحفاظ على الأمن القومي العربي.
ولكن لاحظوا كيف شُغلهم حتى اليوم شُغلهم في جزيرة (ميون) شُغلهم في جزية (سقطرى) تركيزهم على الساحل، استهدافهم لكثير من المناطق سيطرتهم في البلد المباشرة على الموانئ والمطارات، تصرفاتهم كلها هي تصرفات احتلال، وأينما تواجد الجندي الإماراتي اعتبر أنه تواجد عميل لصالح أمريكا، مهمته الرئيسية والأولى خدمة أمريكا وخدمة إسرائيل، أينما تواجد الضابط السعودي في مأرب أو في الجوف أوفي شبوة أو في الجنوب بشكل عام في أي منطقة من مناطق الجنوب، أو أي منطقة من مناطق الساحل، أو في أي من الموانئ والمطارات، اعتبر أنه تواجد عنصر مخابراتي لصالح أمريكا، وعميل يؤدي دوراً لخدمة أمريكا ولخدمة إسرائيل.
اليوم أنا أقول لمصر، مصر الدولة العربية الكبرى، التي همش النظام السعودي دورها في المنطقة، وسعى لجعل دور مصر دوراً ثانويا وتابعاً بشكل حرفي تابعاً لا يناقش، وتابعاً لا يخالف لا يباين شيئاً من وجهات النظر، هذا الذي يريده النظام السعودي لمصر، وما إن تختلف معه مصر في أي وجهة من وجهات النظر، أو في موقف من المواقف، أو في مسألة من المسائل، إلا وعامل مصر بشكل غير لائق، بشكل مهين، بشكل ابتزازي، يحاول أن يوجه صفعات اقتصادية، يرسل وفوده إلى اثيوبيا بشأن السد، سد النهضة هناك الذي يهدد مصر، يتصرف تصرفات وألاعيب هنا أو هناك، يحرك خلاياه في سيناء ويستهدف الأمن المصري، يشتغل بأساليب كثيرة، اليوم الوجود الإماراتي والوجود السعودي العسكري المحتل في ميون وسقطرى، في باب المندب وفي عدن، وفي المناطق هذه الاستراتيجية والحيوية، أنا أقول لمصر وأقول لكل العرب هذا وجود يمثل إسرائيل ولمصلحة أمريكا، ويرى فيه الإسرائيلي أنه وجود لصالحة، وأنه يخدمه وله علاقة به، له إسهام فيه له حضور بشكل أو بآخر، هذا الذي يهدد الأمن القومي العربي، ولهذا لاحظوا سواءً في الجانب اليمني، أو في الجانب الأفريقي، في جيبوتي وفي أرتيريا، اتجهوا هناك، وفي الصومال أيضاً حتى في الوضعية الحالية للصومال، التي مزق فيها الصوماليون إلى منطقتين، ذهبت لتشتغل هناك وتسعى إلى فرض قواعد لها هناك، وهي قواعد العميل لصالح أسياده الأمريكان والإسرائيليين، وبالتالي هذا الذي يهدد الأمن العربي.
من هذا المنطلق لهذه الحسابات، لهذه الاعتبارات، كان هذا العدوان على اليمن ويستمر هذا العدوان على اليمن وعلى مدى عامين، ونحن اليوم على أعتاب العام الثالث، هذا دفع شعبنا إلى الصمود إلى الثبات إلى الاستبسال، وهو يعي حقيقة هذا العدوان وما يهدف إليه هذا العدوان، وعانى شعبنا وعانت المنطقة بكلها، حتى بلدان قوى العدوان أو بعضها مثلما هو حال الجميع في المملكة العربية السعودية، وحال الشعب أيضاً في الإمارات الكل بدأ يعاني، هناك حتى النظام السعودي نفسه بدأ يعاني، حتى النظام الإماراتي نفسه بدأ يعاني، وكلفهم هذا العدوان كثيراً، حتى على مستوى الكلفة الاقتصادية، اليوم «أرامكو» فخر الاقتصاد السعودي دعامة الاقتصاد في المملكة العربية السعودية، التي نهض من خلالها اقتصاد المملكة بشكل رئيسي، اليوم هي سلعة معروضة في الأسواق للبيع، اليوم الكثير مما يتعلق بالقطاع العام في المملكة، يعرض للخصخصة ومتجه نحو الخصخصة، اليوم في المملكة تخفيضات وخصميات واقتطاعات في المرتبات، من مرتبات الوزراء الى أصغر موظف، اليوم هناك وضع اقتصادي حرج، أزمات اقتصادية، جرع اقتصادية، ومشاكل سياسية اليوم كذلك بعدما باتت هذه الألاعيب معروفة أن محمد بن زايد يقف إلى جانب محمد بن سلمان لدعمه للسيطرة والاستحواذ الكامل على الحكم في المملكة، على حساب التيار الآخر، والجميع أيضاً يرى أن الشعب هناك غير معني بهذه المسألة.
هكذا يرون شعوبهم، يرون الشعب في المملكة شعباً غير معني لا من قريب ولا من بعيد في مسألة سلطته ونظام حكمه، والسياسات والقرارات والمواقف وقرارات الحرب وقرارات السلم وغير ذلك، ولذلك هناك مع الوقت استياء لهذه السياسات، وإدراك لمخاطرها على المنطقة كلها ليس علينا فقط، نحن تضررنا كثيراً من هذا العدوان فعلاً كيمنيين تضررنا، استشهد منا الآلاف من أطفالنا ونسائنا ودمر بلدنا، ولكن اليوم هذا العدوان له أضرار كارثية على المنطقة بكلها، في قضاياها الكبرى، في قضاياها الاستراتيجية، وله اضرار في البلدان المعتدية التي لعبت دوراً أساسياً ورئيسياً في هذا العدوان، بالدرجة الأولى في المملكة والإمارات، فإذاً الجميع هناك يلحظ مدى التبعات الكارثية والنتائج الكبيرة لهذا العدوان.
لاحظوا.. أنا ألحظ بوضوح، أن الكثير من منتسبي الجيش في السعودية غير مقتنعين بهذا العدوان، وهذا هو وراء موقف الكثير من الضباط والجنود السعوديين غير المتفاعلين، الكثير منهم غير متفاعل مع هذا العدوان؛ لأنه يعرف أن هذا عدوان بغير حق وبدون مبرر ولا ضرورة له، وأنه يسيئ إلى الجوار وإلى الحقوق المفترضة بين بلدين متجاورين، وشعبين بينهما الكثير من الأواصر والروابط، هذا وراء موقف الكثير منهم في عدم تفاعلهم في المعركة وفي الميدان، ليس جبناً الكثير منهم رجال وأبطال ومن مناطق معروف أهلها بالبطولة والشجاعة، لكنهم يدركون أن هذا عدوان على إخوتهم في الإسلام، على أبناء جلدتهم في العروبة، على بلد مجاور لهم، على جيرانهم الذين تربطهم بهم أواصر الإسلام وأواصر العروبة وأواصر الجوار، فالكثير منهم حتى من نفس المواطنين يدركون هذا. هناك البعض؛ الوهابيون بزيادة، لديهم عقد لأنهم مرضى على العالم كله، على الإسلام والمسلمين وعلى الجميع، لديهم عقد معروفة نتيجة النزعة الوهابية التكفيرية المتوحشة تجاه الأمة بكلها والبشرية بكلها.
لكن أقول لشعبنا اليمني، لا تنظر إلى الجميع في المملكة بهذه النظرة، هناك الكثير ممن يتألم ويأسى ويشاركنا آلامنا نتيجة العدوان، هذا العدوان وهو على أعتاب العام الثالث، أثر على القضية الفلسطينية، شأنه شأن كل المشاكل في المنطقة التي يشتغل عليها أولئك المعتدون، علينا، شغلهم في سوريا، شغلهم في العراق، شغلهم في سائر البلدان، ألاعيبهم على مستوى ما يفعلونه لتخريب الأمن والاستقرار في بلدان المنطقة، وصناعة الأزمات السياسية والحروب والمشاكل والفتن، تحت كل العناوين، لكن أبرز حدث أكبر مؤامرة هي التي تحدث اليوم في اليمن، بل نستطيع القول أن ما يحدث اليوم في بلدنا، وأن هذا العدوان على بلدنا، هو أكبر حرب قائمة في العالم اليوم، أكبر حرب وأكبر عدوان قائم في العالم اليوم في الأرض اليوم، هو العدوان في هذه المرحلة على بلدنا، على أعتاب العام الثالث كلفة كبيرة للعدوان، على مستوى عام، على مستوى بلدانهم، على مستوى بلدنا، ولكن هل ساهم هذا العدوان أو تمكن بكل وحشيته وإمكاناته وبكل جبروته وطغيانه من كسر إرادتنا، |لا|، |لا|، لم يكسر إرادتنا، ولن يكسر إرادتنا، ولن يوهن من صلابتنا، ولن يسهم أبداً أو يدفعنا لوهن أو ضعف في العزم أبداً، وإنما يزيدنا عزماً قناعةً وعياً إيماناً ثباتاً وصموداً.
بعد عامين، وهم انتظروا أن ننتهي في الأسابيع الأولى، ما الذي حدث إلى حد اليوم؟ تطورت قدرات بلدنا العسكرية ضمن برنامج تصاعدي وفعال، تنامت الخبرات العملياتية والقتالية لرجال البلد في الميدان، وتنمو في البلد أكثر، تساهم الأحداث هذه في أكبر عملية تنظيف وتطهير للبلد من العفن والقاذورات المتمثلة بالخونة والعملاء من كل فئات هذا الشعب، يعني أكبر عملية تنظيف وتطهير تتم اليوم، تُقدم شاهداً إضافياً كبيراً للشعوب، ألا تُراهن أبداً لا على مؤسسات دولية، كالأمم المتحدة، ومجلس الأمن ولا على غيرها، أن تعتمد على الله وعلى نفسها.
الأمم المتحدة والدور السلبي
نحن- ولو قد طال الكلام- لا يمكن أن نتجاهل طبيعة الدور السلبي للأمم المتحدة، ولمجلس الأمن ما من شك أبداً في أن الأمم المتحدة لعبت دورا، سلبياً منذ بداية العدوان وإلى اليوم، سعت إلى تقديم غطاء على العدوان وعلى جرائمه الفظيعة والكبيرة والمشهودة، وفي كثير من الأحيان قدمت توصيفات خجولة، وانتقادات متواضعة، ومواقف متذبذبة ومتناقضة ومترددة ومضطربة.
فهذا واحد من الأدوار السلبية، انحازت إلى صف العدوان، وتبنت مزاعمه وافتراءاته في كثير من القضايا والأمور، حاولت التقليل من مستوى الجرائم، حتى في تقديم الأرقام، تقدم أرقاماً منخفضة، عملت في المفاوضات عملية تمثيل سخيفة، وكأن هناك جدية في السعي لتحقيق السلام، ووقف العدوان، وإنهاء الحرب وحل المشكلة، فلم تكن أكثر من عملية تمثيل، فقط، لمحاولة إقناع القوى الحرة بالاستسلام وليس السلام، حاولت في أدائها فيما يتعلق بالمعونات الغذائية، أن تكون على نحو محدود جدًّا، أرادت ذلك ووجهت بذلك، وأن تكن مجرد عملية خداع، وليس إعانات إغاثية جادة، وحتى في كثير من الحالات كانوا يقدمون مواد فاسدة وغير صالحة للاستخدام الآدمي، دور سلبي بكل الاعتبارات.
أي شعب في الدنيا، وأي قوم أو ناس عليهم عدوان لديهم مظلومية ليعوا جيداً، وليعرفوا وليوقنوا وليدركوا وليتأكدوا أنه لا أمما متحدة، ولا مجلس أمن، ولا عالماً غربياً، ولا أوروبياً، ولا طرفاً من هذه الأطراف، يمكن أن يدفع عنهم شراً، أو أن يخلصهم من مظلمةً، أبداً، التوكل على الله، العزم، الثبات، التحمل للمسؤولية، هو الشيء الذي يفيد ويجدي؛ ولذلك بما أن العدوان مستمر وداخل في عامه الثالث، ونحن شعب يمني مستهدف مظلوم، ولا يمكننا التعويل لا على أمم متحدة، ولا على أطراف دولية، ولا هنا ولاهنا، حتى روسيا، وحتى الصين، لا يمكننا التعويل عليهم، نحن رأينا كيف أن روسيا قدمت أموال الشعب اليمني المليارات من الفلوس التي طبعتها، وهي استحقاق للشعب اليمني، تقدمها اليوم إلى المرتزقة لتعينهم في الحرب، إلى المرتزقة والخونة تقول تفضلوا وتدفع إليهم بتلك المبالغ التي هي حق للشعب اليمني، وكان المفترض أن تذهب لصالح المرتبات، ولكن لم تذهب لصالح المرتبات، باستثناء اليسير جدًّا للقليل القليل من الموظفين والأغلبية لم يصل إليهم شيء.. هذه الأموال تواطأت روسيا، وتواطأت معها الأمم المتحدة، أن تذهب إلى جيوب المرتزقة لصالح أرصدتهم في البنوك، وجزء منها لتمويل الحرب، لتمويل العدوان، لتمويل الجرائم لتمويل عمليات القتل، جزء منها سيصل بلا شك للقاعدة وداعش وأمثالهما من القوى الإجرامية، التعويل على الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".
تعزيز عوامل الصمود على المستوى الرسمي
ونحن معنيون بتعزيز عوامل الصمود والثبات، والاهتمام بكل ما من شأنه أن يساعد على ذلك رسمياً وشعبياً، على المستوى الرسمي معنيون:
أولاً: تفعيل مؤسسات الدولة ومراجعة أدائها، وربطها بالواقع للقيام بمسؤولياتها وواجباتها، بحسب المتطلبات والاحتياجات والضرورات الملحة لظروف الحرب ومواجهة العدوان، لماذا؟ لأن الكثير في مؤسسات الدولة لا يزال في نشاطه وعمله وسياساته واهتماماته خارج نطاق التغطية- كما يقولون- يعني لا يدرك أننا في حرب، وأن من المفترض أن تكون كل اهتمامات مؤسسات الدولة تلبي الاحتياجات التي يحتاج إليها الشعب ويحتاج إليها الجيش في مواجهة العدوان، البعض لا يزال يشتغل ضمن اهتمامات أخرى، روتينه الروتين السابق، وليس بأن البلد في حالة مواجهة لأكبر حرب قائمة حالياً على مستوى العالم.
ثانيـاً: تفعيل قانون الطوارئ لمواجهة الطابور الخامس، الذي يلعب أقذر دور في تفكيك وخلخلة الجبهة الداخلية بكل الوسائل القذرة، وأمنياً، وإعلامياً، واجتماعياً، هذا الطابور، يجب أن يُفعل قانون الطوارئ للتصدي له، ولمنعه، لأنهم قذرون ودنيؤون ومنحطون لدرجة أنهم بلغوا في مستوى اللؤم والخسة والدناءة، درجة لا يُوقفهم إلا الحزم ولا يُبكمهم إلا العزم، وأيضاً لاتخاذ الإجراءات اللازمة، للحفاظ على أمن الداخل، ومواجهة الاختراق والاستقطاب المعادي.
ثالثـاً: تطهير مؤسسات الدولة كافةً، من الخونة الموالين للعدوان، للأسف لا يزال في كل مؤسسات الدولة، من الذين قد خرجوا إلى خارج البلاد أو المناطق المحتلة ومن المتواجدين حالياً، هناك من هم موالون للعدوان، يمجدون ويقدسون كل الجرائم التي قتل فيها الآلاف من الأطفال والنساء، ويبتهجون على المشهد الدموي لأشلاء الأطفال والنساء، مرتاح مكيف أن شعبه يُقتل ويذبح، وأن بلده يُدمر، ويعتبر ذلك مفخرة ومجداً! على كُلٍّ.. لابدَّ من تطهير مؤسسات الدولة منهم، ومحاكمتهم على خيانتهم لبلدهم وشعبهم، واستبدالهم من الأوفياء الأكفاء من أبناء البلد.
رابعــاً: تفعيل القضاء مع إصلاحه، يحتاج إلى إصلاح ويحتاج إلى تفعيل للقيام بمسؤولياته وواجباته، واليقظة من حالة السبات التي طال استغراقه فيها، القضاء اليوم في حالة سبات، نائم، بحاجة أن يستيقظ، مع ملاحظة تطهيره أيضاً من كل الخونة المؤيدين للعدوان ومحاسبتهم.
خامسـاً: تشكيل وتفعيل اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء، لا يزال عمل اللجنة الاقتصادية عملاً شكلياً ومحدوداً وليست فاعلة كما يجب، ولم تتشكل وتتفعل كما ينبغي، والعمل وفق رؤية اقتصادية واقعية وبناءة، والاستفادة من كثير من الاقتراحات والحلول لدى بعض الوزراء وبعض الخبراء.
سادسـاً: إصلاح وتفعيل الأجهزة الرقابية للقيام بمسؤولياتها في محاربة الفساد والحد منه، واعتماد رؤية وطنية فعالة لتحقيق هذا الهدف وبجد ومسؤولية، هذه من أهم المسائل التي يجب المسارعة فيها، والتأخير ليوم واحد في هذا الجانب ذنب على الجانب الرسمي.
سابعـاً: ضبط الموارد المالية وإصلاحها وتوسيع دائرتها والاستفادة من كل الفرص المتاحة وهي كثيرة، والسعي الجاد لتحقيق الاستحقاقات والمديونيات الجمركية والضريبية.
ثامنـاً: العناية القصوى بالزكاة، واختصاصها للضمان الاجتماعي لصالح الفقراء في البلد بطريقة رسمية، ونقترح إصدار قانون بهذا الشأن يراعي في الزكاة كفريضة إسلامية الاعتبارات الشرعية ووفق آلية تضمن وصولها إلى الفقراء من دون أي تمييز فئوي أو مذهبي أو سياسي، ومع المعاناة الكبيرة للفقراء اليوم فهي ستمثل رافداً وداعماً مهماً لأكبر شريحة من الشعب اليمني وأكثرها معاناةً وبؤساً، وأيضاً بالنظر إلى الأهمية الشرعية لاستنزال البركات والخيرات من الله، وأيضاً لمنع تسريبها لصالح العدوان تحت غطاء جمعيات تابعة لقوى العدوان، هذا موضوع مهم، اليوم أكبر شريحة من الشعب اليمني هم الفقراء ومعاناتهم تزداد بشكل كبير يوماً بعد يوم، الزكاة مهم جدًّا العناية بها وتطهير الأموال، وليُدرك الجميع أن البخل بالزكاة وعدم إخراجها له أضرار كبيرة جدًّا من نقْصٍ من الخيرات والبركات، يعني نحن كشعب مسلم بحكم إسلامنا وهويتنا الإيمانية والتزامنا الشرعي، يجب أن ندرك أهمية هذا الركن من أركان الإسلام، وأن نتعاطى بجدية وبناءً على هذا المقترح الذي نأمل التجاوب معه من الجانب الرسمي.
تاسعـاً: فتح أبواب التجنيد في الجيش والإحلال بدل الفرار، وأيضاً بدل الخونة المنظمين لصف العدوان، مما يتيح للشباب الأبطال والرجال الشجعان في هذا البلد فرصة الدفاع عن بلدهم وشعبهم من خلال تجنيدهم واستيعابهم في المؤسسة العسكرية.
عاشـراً: الاستمرار في تطوير القدرات العسكرية وعلى رأسها القوة الصاروخية، والدفاع الجوي والبحرية والتقنيات العسكرية المعتمدة على الليزر، وغيرها من المشاريع المبتكرة التي لا زالت طور الإنشاء والبناء.
أحد عشـر: إصلاح وتوجيه العمل الإغاثي والإنساني بما يضمن وصول المساعدات المُحتاج إليها، للمحتاجين والمتضررين والمنكوبين والنازحين، والسعي الحثيث والجاد لدعم المشاريع الصغيرة للأسر، وتمويل الأنشطة الاقتصادية للأسر، وإعادة ترميم اقتصادها من جديد للعودة بأبناء هذا البلد إلى حالة الإنتاج، وليس فقط البقاء تحت رحمة الاستجداء.
اثنا عشـر: تفعيل العمل الحقوقي برعاية من وزارة حقوق الإنسان، لفضح جرائم المعتدين والتشهير بهم، والسعي لمقاضاتهم وإيصال مظلومية الشعب اليمني، بالتعاون مع الإعلام من مختلف الشعوب بمختلف اللغات العالمية، وتوثيق الجرائم والأضرار للاعتبار الحقوقي والاعتبار التاريخي أيضاً.
- على المستوى الشعبي:
أولاً: العناية المستمرة بدعم الجبهات بالرجال والمال، الجبهات تحتاج باستمرار لدعم مستمر بالرجال، وأيضاً بالإمكانات المادية.
ثانيـاً: العناية القصوى بالتكافل الاجتماعي، نحن شعب مسلم يجب أن نكون فيما بيننا رحماء، ورحماء لفقرائنا والمتضررين فينا، وتطوير آليات العمل فيه وتفعيل العمل الخيري في هذا الجانب.
ثالثـاً: الحفاظ على وحدة الصف بين كل المكونات، وتفعيل آليات التعاون والعمل المشترك، والحفاظ على السلم الاجتماعي بين القبائل، اليوم القبائل مستهدفة في سلمها الاجتماعي فيما بينها، والتصدي للمساعي الشيطانية من قوى العدوان لإثارة المشاكل والنزاعات بين القبائل، وإشغالها عن ميدانها المُشرِّف ومعركتها الحقيقية وقضيتها العادلة، وأولوياتها المهمة.
رابعـاً: العناية بالنشاط التوعوي في الجامعات والمدارس والمساجد والمقايل والمناسبات، والتحصين بالوعي في مواجهة التضليل الإعلامي والفكري والتصدي للحرب الناعمة من قوى العدوان، هي تشن علينا حرباً عسكرية تدميرية، وحرباً ناعمة إفسادية، التي تسعى إلى إفساد الشباب ونشر الدعارة والمخدرات، هذه طبيعة أولئك حكام الأعراب، يحاولون نشر الدعارة والمخدرات، والسعي لضبط حالة الفوضى في مواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام بكل الوسائل الممكنة.
خامسـاً: تفعيل وثيقة الشرف القبلية التي اعتمدها ووقع عليها جمهور كبير من رجال اليمن وقبائل اليمن.
سادسـاً: العناية رسمياً وشعبياً بأسر الشهداء وبالجرحى، وبأسر الأسرى وبأسر المرابطين في الجبهات، لتوفير احتياجاتهم المعيشية، وبالنازحين والمنكوبين جراء العدوان، وهذا عمل مشترك ما بين الجانب الرسمي والشعبي.
سابعـاً: الاهتمام- وأرجو ذلك يا شعبنا العزيز- الاهتمام باستغلال موسم الزراعة القادم بتعاون رسمي وشعبي، نحن معنيون بالسعي، والاهتمام بشكل كبير بأقصى قدر ممكن، موسم زراعة الذرة قادم ومهم عندما يأتي الاهتمام به من الجميع.
أما لقُوى العدوان فنقول لهم بالمختصر المفيد: ما دام عدوانكم مستمراً فيعني ذلك حتمياً وبإذن الله صمودنا مستمر، صامدون، لا تراهنوا أبداً على أي شيء أنه يمكن أن يكسر إرادتنا أو يدفعنا للتراجع أبداً.
ولشعبنا أقول: أيها الشعب المسلم العزيز الحر الأبي الصامد، المستمد لثباته من إيمانه بالله تعالى، توكل على الله، توكل على الله، توكل على الله، وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا، نِعم المولى ونعم النصير، قَدَرُك بين الخيارات: خيار التضحية من موقع العزة والكرامة والإيمان ومن واقع الحرية والإباء، يوم اختار البعض أن تكون خسائرهم وما يقدمونه من موقع العمالة والعدوان والإجرام والعياذ بالله، خيارك أنت أن تكون تضحياتك من موقع الإيمان والكرامة والحرية والاستقلال، يعني اليوم الكل يضحي، إما أن تضحي عزيزاً شريفاً كريماً حراً مؤمناً محافظاً على مبادئك وقيمك وأخلاقك وإما أن تخسر كل شيء مع العدو.
يعني لاحظوا في بلدنا اليوم، الأحرار تضحياتهم في محلها، الخونة والعملاء يقدمون كل شيء، يقدمون الرجال ويخسرون ويدفعون كل شيء، النظام السعودي هذا حاله، يقدم كل الخسائر، الخسائر البشرية والخسائر المادية، اليوم واقع المنطقة على هذا النحو، فإما أن تكون في موقع العزة والكرامة، ولو ضحيت، ما هناك مشكلة، أو أن تكون في موقع العمالة والارتهان والخسة والانحطاط والدناءة وتخسر وتدفع الثمن باهظا، تقدم قتلى وجرحى، وكلفة مادية إلى غير ذلك، فالأفضل هو هذا الخيار الذي يفرضه ديننا وكرامتنا ومبادئنا وقيمنا.. كما أدعو إلى احتشاد شعبي كبير وواسع في فعالية الذكرى يوم الغد إن شاء الله.
أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى- بِفَضْلِهِ وَكَرَمِه- أَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَيَفُكّ أَسْرَانَا، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّــلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه؛؛؛
وَأَقُوْل: لَا تَبْتَئِسْ يَا شَعْبَنَا مَهْمَا كَانَ حَجْمُ المُعَانَاةِ، تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَوَاصِل.
قَادِمُوْن فِي العَامَ الثَالِث، بِعَونِ اللَّهِ، بِاِنْتِصَارٍ، وَثَبَاتٍ، وَتَضْحِيَّاتٍ، وَمَوَاقِفٍ مُشَرِفَةٍ تُرْضِي اللَّهَ عَنَّا، وَتُرْضِي رَسُولَهُ عَنَّا.