كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي "يحفظه الله" عشية اجتماع العاشر من رمضان الأحد 10 رمضان 1438هـ 4 يونيو 2017م
أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلى إِبْرَاهِيمَ وَعَلى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ.
أَيُّهَـــــا الإِخْــــوَةُ وَالأَخَــــوَات: السَّــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه؛؛؛
وَتَقَبَّل اللهُ مِنَّا وَمِنْكُمُ الصِّيَام، وَالقِيَام، وَصَالِحَ الأَعْمَال.
حديثنا اليوم، ليس على حسب التسلسل الذي كنا عليه فيما يتعلق بالمواضيع الرئيسية التي تحدثنا عنها خلال الأيام الماضية، نتحدث في هذه الكلمة بمناسبة اجتماع العاشر من شهر رمضان المبارك، المقرر ليوم الغد إن شاء الله.
وهذا الاجتماع الذي كنا قد دعونا إليه لهدفٍ واضح، وتحت عنوانٍ واضح، هو: (الحفاظ على وحدة الصف الداخلي، وتماسك الجبهة الداخلية، والعمل على تعزيز الموقف الداخلي في مواجهة العدوان، والتصدي للعدوان)، وهذا الهدف نعتبره هدفاً مشروعاً، وهدفاً مقدساً، وهدفاً مهماً يعنينا كشعب يمني نتصدى لهذا العدوان الجائر، وبالتالي كنا نتوقع التفاعل الإيجابي الذي لمسناه ونشكره ونقدره من كل القوى والمكونات في الجبهة الداخلية، سواءً الحزبية والسياسية منها، وفي طليعتها المؤتمر الشعبي العام، والأحزاب والمكونات، أو المكونات الاجتماعية: من علماء، ومن أكاديميين، ومن مشائخ، ووجاهات، ومختلف الفئات الشعبية، التي أبدت تفاعلاً واستجابةً مشكورةً ومقدرةً، نثمنها بكل إجلال وإكبار واحترام.
الغزاة والمحتلون وسياستهم لتفكيك البلد
نعرف كلنا في هذا البلد أنه منذ بداية العدوان الأمريكي السعودي الأجنبي على بلدنا- علينا كشعبٍ يمني مسلم- سعت قوى العدوان، وخصوصاً بعد أن واجهت الصعوبات، وأدركت هي صعوبة هذه المعركة عليها، وصعوبة تحقق أهدافها من هذا العدوان؛ سعت إلى اختراق الوضع الداخلي في هذا البلد، وسعت إلى أن تجرّ إلى عدوانها وفي صفها البعض من المكونات والبعض من القوى، وسعت إلى استغلال وتوظيف المشاكل التي كانت قائمة في هذا البلد، وبالذات المشاكل السياسية الكبيرة، وإلى أن تستغل البعض من المكونات التي أرخصت نفسها، وباعت شعبها، وآثرت المصالح والاعتبارات: (الفئوية، أو الحزبية، أو المصالح الضيقة)، على حساب المصالح الكبرى، والاهتمامات الكبرى، والمسؤوليات الكبرى؛ وهذا أمر يفعله كل محتلٍ وكل غازٍ وكل معتدٍ أجنبي على أي بلد: سواءً في الحاضر، أو في الماضي، والتاريخ يشهد بذلك في كل مناطق الدنيا، وفي كل المراحل، وعلى مدى الزمن في التاريخ كله، كان أي غازٍ أجنبي، وأي محتلٍ يسعى لاحتلال بلد ما، والسيطرة على شعب ما، يعمد ويسعى إلى تفكيك ذلك البلد، وإلى أن يستأجر، وأن يستجلب، وأن يجر إلى صفه ضعاف النفوس من: (الخونة، والمعقدين، وأصحاب الاعتبارات والمصالح الضيقة)، الذين يكونون في العادة قد فقدوا- إلى حدٍ كبير- ارتباطهم بشعبهم وارتباطهم بأمتهم، وأصبحوا مأزومين لدرجة كبيرة، ومعقدين لدرجة كبيرة، وعندهم- كذلك- إفلاس على المستوى الأخلاقي؛ فيسعى إلى أن يستفيد منهم في تفكيك الجبهة الداخلية، وأن يخترق من خلالهم ذلك البلد، حصل هذا في كل البلدان وفي كل المناطق، في الحاضر شهدنا على ما حصل في فلسطين ويحصل، ما حصل في لبنان، حيث عمدت إسرائيل- آنذاك- أن تُجَنِّد حتى على المستوى العسكري، وليس فقط على المستوى السياسي، تجند بالآلاف من يقاتل إلى صفها ويقف إلى جانبها، وشهدنا ذلك في بلدان أخرى: سواءً في المنطقة العربية، أو في خارج المنطقة العربية وخارج العالم الإسلامي، كيف كانت القوى الأجنبية تحظى وتحصل على البعض من رخاص النفوس، البعض كقوى ومكونات، أو حتى على المستوى الفردي، يتجه البعض لاعتبارات متنوعة؛ فيقف في صف الأجنبي ضد بلده.
أيضاً، شهدنا في واقعنا الحاضر، وفي زمننا هذا، وفيما استقرأناه من التاريخ، كيف كانت القوى الحرة والشريفة والعزيزة والمستقلة، التي تتصدى للعدوان على شعبها وعلى بلدها، وتتصدى للمحتل الأجنبي، كيف كانت تعاني الكثير والكثير، مثلاً: كان البعض يتآمرون عليها، كان البعض يتخذون منها مواقف سيئة، كان البعض يطعنونها في الظهر، كان البعض لهم مواقف سلبية منها؛ وفي النهاية، عندما تنتصر، وعندما تصل إلى نتيجتها الحاسمة، التي هي نتيجة مؤكدة، وهي نتيجة النصر، ونتيجة الطرد للمحتل الأجنبي، ونتيجة الفشل الذريع للغازي الأجنبي؛ فيما بعد يأتي التاريخ ليسجل الموقف الشريف والعظيم والمسؤول للقوى الحرة، والآخرون يأتي التاريخ ليتخذ منهم موقفه- أيضاً- الحاسم كخونة، أو متخاذلين، أو مثبطين...الخ.
فئة المتذبذبين
وشهدنا، ونشهد أيضاً، كيف أن هناك فئة، هذه الفئة تكون موجودة في كل بلد يشهد احتلالاً وغزواً أجنبياً، هي فئة المتربصين، الجبناء، الضعفاء، الذين يؤثرون- إلى حدٍ كبير- الصمت والانتظار لمألات ونتائج الأحداث، ودائماً يكونون هم مرتابين تجاه إمكانية النصر وإمكانية التصدي للمحتل الأجنبي، خصوصاً إذا كان هذا الغازي المعتدي له قوة عسكرية ضخمة وله إمكانيات كبيرة، فدائماً يكونون مرتابين في إمكانية الصمود في مواجهة هذا المعتدي؛ فيؤثرون أن يكون موقفهم متذبذباً، ويكون- إلى حدٍ ما- متغاضياً ومتجاهلاً لطبيعة الأحداث، ويرصدون الأحداث: إن سجلوا مواقف وطنية، بارزة، قوية في مواجهة الأجنبي؛ حاولوا أن يسجلوا بعضاً من المواقف التي تتسم شيئاً ما بالإيجابية، وأن يتوددوا إلى القوى هذه التي تتصدى للمعتدي، وإن لاحظوا في ظروف معينة، أو في أحداث معينة، تقدماً لصالح الأجنبي هذا؛ حاولوا- أيضاً- أن يسجلوا بعض المواقف السلبية ضد الداخل، والمواقف المتوددة من الأجنبي المعتدي، ويحاولون أن يعرضوا أنفسهم في المزادات العلنية؛ ليقولوا: وفق رسائل معينة، وأصوات معينة، ومواقف معينة: ، هذه حالة، وهذا التصنيف لثلاث فئات، عادةً ما تكون فئات موجودة في كل بلدٍ يشهد عدواناً أجنبياً، ويستهدفه غازٍ أجنبي ومحتل أجنبي، هذه حالة موجودة؛ وبالتالي لن نكون استثناءً في هذا البلد، ولا في هذه المرحلة، ولا في مواجهة هذا العدوان الأجنبي، حتى في تاريخنا- نحن كشعبٍ يمني- أيام الاحتلال البريطاني.
دروس وعبر
اليوم كلنا نجمع في هذا البلد على إدانة الاحتلال البريطاني، وعلى توصيفه بأنه: كان احتلالاً أجنبياً وغزواً أجنبياً، وأنه كان عدواناً بكل ما تعنيه الكلمة، وأن المسؤولية والواجب الحتمي الأخلاقي والوطني والإنساني، هو التصدي لذلك الاحتلال، ونشيد كلنا في هذا البلد بالذين وقفوا ضد هذا الاحتلال، ولكن ما الذي كان قائماً آنذاك؟ ما الذي كان يحدث أمام الاحتلال البريطاني، وعلى مدى أكثر من مائة وعشرين عاماً في الجنوب؟ البعض وقفوا مع هذا الاحتلال وناصروه، والبعض من أبناء شعبنا قاتلوا معه، قاتلوا في صفه، وقاتلوا جنوداً مجندة، جنوداً خاضعين لإمرة ضباط بريطانيين، أميره، قائده الذي يديره، يأمره، يوجهه حتى ليوجه بندقيته ضد من هم من أبناء بلده، وأن يقتل من هم يمنيين، ومن هم جنوبيين، ضابط بريطاني يأمره ويوجهه ويحركه إلى هذه الجبهة أو تلك، أو ليستهدف أولئك من أبناء بلده في تلك المحافظة أو تلك، في تلك المنطقة أو في تلك، في تلك القرية، أو في تلك المدينة، والبعض سياسياً ارتبطوا بالمحتل البريطاني، ووقفوا في صفه، وتآمروا معه، وتحركوا تحت مظلته في الجنوب، وفي الشمال- أيضاً- البعض ذهب ليجلس هناك في عدن تحت العباءة البريطانية، وليحتضنه البريطاني ويحتضن مشروعه في الشمال؛ فكانت الحالة- آنذاك أثناء الاحتلال البريطاني- شبيهة بالحالة اليوم، أن تقف البعض من التشكيلات والقوى مناصرة للمحتل ومقاتلةً في صفه، توجه بندقيتها إلى الداخل، تقتل من يريد منها البريطاني أن تقتل، وأن يقف البعض إعلامياً، بعض القوى تقف إعلامياً، تبرر الاحتلال البريطاني، تمجد الاحتلال البريطاني، تشيد بأي خطوة يقوم بها المحتل البريطاني، وتطبل لأي مواقف من جانب البريطاني، والبعض وقفوا سياسياً، بشكل مباشر، وواضح، وصريح، ومؤيد، ارتباط تام، والبعض ارتباط بشكل غير مباشر، بمعنى: ذهب إلى البريطاني، ونسق مع البريطاني، ولكن حاول أن يجعل له عناوين أخرى، أجندة أخرى، أعمالاً أخرى... ولكن كانت مسألة التنسيق واضحة، ومعلنة أيضاً، وصريحة، يعني: يذهب إلى عدن، ويستقبله البريطاني ويحتضنه، ويبارك مشروعه وأنشطته وجهوده.
ما قبل الاحتلال البريطاني، أيضاً الاحتلال التركي، البعض وقفوا مع المحتل التركي: أيدوه، قاتلوا معه، نصروه، باركوا خطواته، باركوا جرائمه، وبرروا له كل ما يفعل: من قتل، من نهب، من كل أشكال وأصناف الجرائم...، برروا ذلك كله، شرعنوه، أضافوا إليه عناوين معينة، وطبعوه بطابعٍ ديني...الخ.
فهذا الجو الذي نراه اليوم أمامنا ليس جواً غريباً، لا على مستوى التاريخ في بلدنا، ولا على مستوى الواقع من حولنا (في بقية البلدان، وفي بقية المناطق، وعلى مدى الزمن ومدى التاريخ)، فيما بعد يأتي التاريخ ليتخذ موقفاً مختلفاً، يصنف كل الذين وقفوا إلى جانب المحتل الأجنبي المعتدي، وناصروه: (عسكرياً، وسياسياً، وإعلامياً)، وتحت أي عنوان، وبأي تبرير؛ يصنفهم بالخونة، والعملاء، والمرتزقة، والمجرمين... ويمجد، ويثمن عالياً موقف القوى الحرة التي تصدت للمعتدي الأجنبي المبطل الظالم، ويأتي ليسجل مواقفها، وبطولاتها، وأيامها، ووقائعها التاريخية، ويشيد بها، ويبرز موقفها، هذا يحصل في كل الدنيا.
فئتان تسبب المعاناة للشعب اليمني
اليوم نحن، وسنظل، نعاني في هذا البلد مادام هذا العدوان الأجنبي قائماً، نعاني من فئتين في هذا البلد:
الفئة الأولى: هي الفئة التي اتخذت موقفاً صريحاً وواضحاً بانضمامها إلى صف هذا الأجنبي، وتشكلت سياسياً وعسكرياً وإعلامياً في صفه؛ فذهبت تشكيلاتها العسكرية تحت إمرة ضباطه، كما يحصل اليوم: هناك ضباط سعوديون وضباط إماراتيون (في مأرب، وفي الجنوب، وفي المخا، وفي تعز)، ضباط معروفون، والمرتزقة هؤلاء، الذين يحاولون أن يتحدثوا تحت عناوين وطنية، هم يعرفون: (من يأمرهم، من ينهاهم، من يقودهم، من يؤدبهم، ولإمرة من يخضعون)، المسالة واضحة.
الاستهلاك الإعلامي، والضجيج، والنفاق، والكلام المزخرف... شيء هناك، لكن الواقع واضح جدًّا، ولا يستطيع أحد أن يغطي عليه.
عدوان أجنبي واضح.. فلماذا الحياد؟!
ثم الموقف من بدايته موقف واضح جدًّا، يعني: بدأ هذا العدوان الأجنبي على نحو واضح، لا خفاء فيه، لا غموض فيه، وليس بمستوى بسيط ومتواضع وخفي، وعملية ليلية، سرية، تحت جنح الظلام، ما أحد عرف مَن ورائها. |لا|، أتى هذا التحالف الأجنبي بقوى أجنبية واضحة وصريحة وبينة؛ ليعلن من واشنطن عدواناً أجنبياً على اليمن (على هذا البلد)، ووجوه هذا العدوان وجوه واضحة، من واشنطن أُعلن، أعلنت أمريكا موقفها الصريح في رعاية هذا العدوان، وفي إدارة هذا العدوان، وفي الإشراف على هذا العدوان، وفي تزويده بما يلزم من السلاح، مقابل المال طبعاً؛ لأنها تريد أن تستفيد في كل الاتجاهات، وبالحماية السياسية في مجلس الأمن والأمم المتحدة، وبالحماية- أيضاً- والإدارة العسكرية اللازمة، من خلال توفير: (الصواريخ، القنابل، الطائرات، العتاد الحربي بكل أصنافه)، ومن خلال الإدارة العملياتية في غرف العمليات: في الرياض، وفي الإمارات، وفي اريتريا، وفي غيرها من البلدان التي تقع فيها أهم غرف العمليات التي تشرف وتدير العمليات الحربية على بلدنا.
ثم أتى النظام السعودي ليكون هو معنياً في عملية التنفيذ بشكل واضح وصريح ومعلن، يعني: هو لا يخفي ذلك، هو يعلنه، هو اليوم قضيته الكبرى التي يبذل فيها كل جهده، ويضخ فيها بكل إمكاناته وأمواله، ويحرك فيها كل قدراته وإمكاناته الإعلامية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية، ويشتغل بكل ما أوتي وبكل ما يملك وبكل وضوح، حتى أنها أصبحت القضية البارزة عالمياً اليوم.
هذا العدوان اليوم برأسه الأمريكي، وبوجهه السعودي، وبأنفه الإماراتي، وبأذرعه وتشكيلاته من القوى التي أطلقت على نفسها قوى التحالف، هو اليوم أمرٌ واضح على المستوى العالمي، على المستوى الدولي، على المستوى الإقليمي، على المستوى المحلي، وليس خافياً، ولا سرياً، ولا غامضاً، ولا متخفياً تحت عناوين أخرى... أبداً، واضح جدًّا جدًّا، يعني: من أكبر الواضحات، وسنأتي لنوضح لماذا نحتاج إلى أن نقول هكذا، ولماذا نضطر إلى أن نكرر الواضح الأوضح، الذي هو واضحٌ كالشمس.
صحيح، واضح جدًّا، بالرغم من ذلك تبرز- أحياناً- بعض الأنشطة، بعض العناوين التي تتعاطى مع هذا العدوان الأجنبي الواضح، برأسه الأمريكي، بوجهه السعودي والإماراتي، وأذرعه وتشكيلاته الأجنبية، وأصابعه، أحذيته وليس أصابعه، أحذيته المحلية، له من هذا البلد الحذاء، الحذاء يمني، أما الرِّجل، واليد، والرأس، والوجه، والشعر، والأظافر، والأسنان، والمخالب... كلها خارجية، من هذا البلد الحذاء، الحذاء يمني.
فإذاً، هذا العدوان الواضح جدًّا، الذي يُعَبِّر عن نفسه كل يوم إعلامياً وسياسياً، وبخطوات عملية عسكرية، وواضح عند إطلاق كل عملية في ثنايا هذا العدوان، ما سبق من عمليات استهدفت أي منطقة من مناطق الجنوب، أو أي منطقة من المناطق الشرقية، أو مثلاً: عمليات المخا، أو أي عملية... من الذي يعلن عنها؟ من الذي يتحدث عنها؟ من الذي يعبر عنها؟ من الذي يظهر بكل وضوح مديراً لها، وآمراً فيها، ومحركاً لها؟ هو الأجنبي، واضح. ويأتي ناطق باسم قوى العدوان، وتصدر بيانات.. مسألة من أوضح الواضحات.
أشباه الحمير والتعاطي السلبي مع الأحداث
الفئة الثانية: من يحاولون أن يتعاطوا بطريقة مختلفة، يأتي أشباه الحمير؛ لأن من الظلم الفادح للحمير أن نصنف البعض بأنهم حمير، لكن يأتي أشباه الحمير ليتعاطى مع الأحداث وكأن لها سياقاً آخر، وشكلاً آخر، وواقعاً آخر، كأنها أحداث ليس فيها طرف خارجي، يعني: كأنك أمام مشكلة داخلية؛ فيأتي البعض ويقدم نفسه، من أبو أذان (كالحمير)، يعني: أشباه الحمير هؤلاء، فيتعاطى وكأن هناك مجرد مشاغبات وإشكالات داخلية؛ لينصح هؤلاء الذين في الداخل أن يتركوا مشاغباتهم وإزعاجهم للشعب اليمني، ويأتي البعض ليقدم عنواناً حيادياً: ؛ فينصح الطرفين هؤلاء (من المشاغبين في هذا البلد) ليكفوا عن إزعاجهم للشعب اليمني، وأذيتهم للشعب اليمني، ويحاول أن يتجاهل كل هذا العـــــدوان الكبــــــير، المعلــــــن، الصريــــــح، الواضــــــح، الذي تنطق به مئات الوسائل الإعلامية من: (قنوات، وصحف، ومواقع...)، وتعقد له قمم واجتماعات (دولية، وإقليمية)، ويتحدث عنه زعماء العالم (على المستوى الدولي، والإقليمي)، وتتحرك له جيوش بأكملها، وله وقائع وأحداث واضحة، عبرت عنها جرائم كبيرة ضد الإنسانية، وأحداث كبيرة واضحة.
كل هذا الوضوح الكبير جدًّا، كل هذه الأحداث التي ملأت الساحة العالمية والإقليمية والمحلية، يأتي البعض ليحاول أن يغمض عينيه أمامها، أن يتجاهلها، أن يتنكر لها، أن يوصّف ما يجري وما يحدث بتوصيفات أخرى وعناوين أخرى؛ ليبرر لنفسه أن يكون له موقفٌ آخر، موقفٌ لا ينسجم مع المسئولية الدينية، ولا ينسجم مع الفطرة الإنسانية، ولا ينسجم مع الواجب الوطني، ولا ينسجم مع أي اعتبار يمكن أن تستند إليه كإنسان، يعني: سواءً أردته اعتباراً إنسانياً، أو دينياً، أو وطنياً، أو سياسياً، أو أيا كان يعني... ليتخذ له: موقف الخيانة، الموقف الذي يتنصل فيه عن المسئولية، الموقف اللامسئول، الموقف الذي منشأه: إما حالة انهزامية؛ لأن البعض جبان، جبان بما تعنية الكلمة، مرعوب، لا يمتلك من الشجاعة ما يهيئه ويخوله أن يتبنى الموقف المسئول ضد هذا العدوان؛ فيكون له موقف مشرف من هذا العدوان. |لا|، هو جبان، ضعيف، مهزوم النفس، ومتشبع بالروحية الانهزامية، ممتلئ بها، متحكمة فيه، لا يجرؤ على أن يكون له موقف صريح من هذا العدوان، بكل ما قد حدث من هذا العدوان من: جرائم فظيعة يندى لها جبين الإنسانية، جرائم مشهودة، أسواق ألقيت القنابل والصواريخ على المتسوقين فيها، على المئات من اليمنيين فيها، أسواق عادية، ليست ساحات حرب، ليست جبهات حرب، أسواق فيها متسوقون يمنيون من مختلف أبناء هذا الشعب، في مختلف محافظات هذا البلد، إذا أنت مأزوم مناطقياً؛ فحتى على مستوى المناطق، ما من محافظة في هذا الوطن وفي هذا البلد إلا وشهدت مجازر، المأزومون مناطقياً لم نسمع لهم صوتاً حتى تجاه ما يحدث في مناطقهم، مجازر فظيعة وجرائم فظيعة حدثت في تعز، لم نسمع صوتاً واحداً يتألم من المأزومين تحت العنوان المناطقي، من المخبولين والموسوسين مناطقياً، لم نسمع صوت: |لا|، مهما كانت فداحة العدوان، مهما كانت فظاعة تلك الجرائم، مهما كان مستوى ما أحدثت من نتائج: (من تدمير، ومن قتل، ومن جرح، ومن إعاقات...)، طالما والذي فعل ذلك هو العدوان الخارجي، هو الأمريكي السعودي الإماراتي؛ طبيعي ليفعل ما يفعل، تنتهي مسألة: ، التي يستخدمها البعض كأسلوب مناطقي وأسلوب يحاول دائماً أن يعزز حالة التفكيك لأوصال هذا البلد.
حينما تحدث في الجنوب: (حصلت في لحج، وحصلت في عدن، وحصلت في أبين، وحصلت في شبوة...)، ما من محافظة في الجنوب إلا وقد ارتكبت فيها قوى العدوان جرائم، جرائم قتل بشكل جماعي للناس في: (الأسواق، والمساكن...)، لم نسمع صوتاً ولا كلمةً، وكذلك اذهب إلى مأرب، اذهب إلى الجوف، اذهب إلى تهامة... المأزومون مناطقياً، والموسوسون والمرضى، الذين حملوا العنوان المناطقي لتقطيع أوصال هذا البلد: أي شيء يفعله المعتدي الأجنبي لا يتكلمون عنه، مهما كان فظيعاً، ولو كان كيفما كان ما عندهم مشكلة، لماذا؟ لأنه في حقيقة الحال ما عندهم اعتبارات حقيقية أبداً، عندهم عناوين يرفعونها للتبرير، عناوين يجعلون منها لحافاً يغطون به جوهرهم الحقيقي، وهو الخيانة؛ حقيقة موقفهم، وهو الخيانة؛ حقيقة أمرهم، وهو أنهم يفعلون ما يفعلون من أجل الأجنبي، وفي ظل الأجنبي، ولمصلحة الأجنبي.
ثم بقية العناوين تضيع: عناوين سياسية رأيناها ضاعت، عناوين ومطالب كانوا يتحدثون بها ليلاً ونهاراً ضاعت، البارز اليوم في موقف بعض القوى: ليس سوى الشغل الخالص لمصلحة الأجنبي (يشتغلون للأجنبي)، قضاياهم وعناوينهم ومشاكلهم هل حلت إلى اليوم! لم تحل. هل فعل لهم الأجنبي والخارجي- هذا المعتدي- لهم شيئاً، هل حل مشكلاتهم تلك؟ لم يحلها لهم أبداً، وهي خارجةٌ عن نطاق أجندته واهتماماته الفعلية.
هذا المعتدي الأجنبي: الأمريكي أولاً، والبريطاني ثانياً، السعودي والإماراتي والأدوات الإقليمية ثالثاً، كلهم لا يهمهم أبداً مشاكل أحذيتهم التي لبسوها في الداخل اليمني: (لا في الشمال، ولا في الجنوب، ولا في الشرق، ولا في الغرب)، ولا تحت عنوان من العناوين: (لا العنوان السياسي، ولا العنوان المناطقي، ولا العنوان المذهبي...)، ولا أي عنوان من العناوين، ولا العناوين الاجتماعية.
الأجنبي له أجندة واضحة، له أهداف حقيقية وفعلية معروفة لأي متأمل، لأي متفهم، لأي مستقرئ وعارف بطبيعة القوى المعتدية وما الذي أرادته وتريده في هذا البلد، حتى عناوينها الإقليمية افتضحت فيها، عنوان القومية العربية والأمن القومي العربي افتضحوا، وقال عنهم ترامب، ونقل عن قيادة النظام السعودي: ، تجاه إسرائيل، وتحدث الإسرائيلي عن أن ما يفعله النظام السعودي في اليمن وفي المنطقة إنما يمثل مصالح مشتركة، أي أمن قومي عربي! مصالح مشتركة مع الإسرائيلي، إذا أنت تفعل ما تفعله وهو يمثل مصلحة حقيقية فعلية لإسرائيل، فأين هو الأمن القومي العربي؟! ضاعت العناوين كلها، افتضحت وانقشعت كل الأغطية، باتت المسألة واضحة جدًّا.
رغم بشاعة العدوان.. كيف غابت أصوات البعض؟!
ولاحظوا، منذ بداية العدوان إلى اليوم، العدوان من أصله وفصله كان عدواناً خارجياً أجنبياً تجاه بلدٍ مستقل هو اليمن (الجمهورية اليمنية)، ثم مارس منذ يومه الأول، ومنذ غاراته الأولى وإلى اليوم، مارس أبشع وأفظع الجرائم بحق هذا الشعب: القتل الجماعي للشعب اليمني، الآلاف من الأطفال والنساء قتلوا (آلاف مؤلفة)، مجازر مشهودة وثقتها وسائل الإعلام وعرضت أمام مرأى ومسمع العالم، مجازر مشهودة، آلاف مؤلفة من الأطفال والنساء قتلوا في مختلف ربوع هذا البلد، قتلوا حتى في الأسواق، وفي المساجد، وفي المدارس، وفي المساكن الآمنة التي دمرت بالصواريخ والقنابل في داخل هذا البلد، ليس في مناطق الاشتباك بل (داخل مدينة صنعاء، وفي صنعاء، إلى عمران، إلى صعدة...) خارج مناطق الاشتباك، في عمق القرى والمدن في هذا البلد، وقتلوا بغير وجه حق، وجرائم مشهودة وكثيرة وفظيعة، اعترفت بها الأمم المتحدة، بالرغم من انحيازها التام إلى قوى العدوان، واعترفت بها- أيضاً- منظمات معروفه، منها: (منظمات أمريكية، ومنظمات أوربية)، أسلحة محرمة دولياً تحدثت عنها حتى وسائل الإعلام في أمريكا، وفي بريطانيا، وفي مختلف مناطق أوروبا... واستخدمت في هذا البلد، وصورت، ونقلت... كل شيء واضح، كل شيء ثابت، كل شيء بين، لا غموض في شيء، ولا خفاء في شيء.
مع ذلك، في هذا البلد من لم نسمع لهم صوتاً تجاه كل ما حدث: لا تجاه هذه المجازر الوحشية التي قتلت فيها آلاف مؤلفة من أبناء هذا الشعب (أطفالاً ونساءً، كباراً وصغاراً)، وجرائم واضحة: (في الأسواق، في الصالات، في مناسبات الإعراس، وكذلك في اجتماعات العزاء...)، في مختلف المناسبات لهذا الشعب؛ ولا صوتاً سمعناه للبعض، البعض قد يطلق صوتاً ضعيفاً جدًّا، ويترافق مع صوته هذا ألف ألف موقف سلبي ضد القوى التي تتصدى لهذا العدوان؛ ليقول للعدوان: ، البعض كان يأتي ليحاول أن يحمل القوى الداخلية، القوى التي تتصدى لهذا العدوان، القوى الحرة في هذا البلد، يحملها المسئولية في جرائم معينة، ثم ينخدع، يعني: يورط نفسه، ويورط حاله؛ فلا يلبث المعتدي الأجنبي أن يعترف بها، حدث حتى في جريمة الصالة الكبرى، كيف أن البعض حاولوا أن يغطوا وأن يبرروا وأن ينسبوا هذه الجريمة إلى القوى الحرة التي تتصدي لهذا العدوان، بعد ذلك افتضحوا؛ لأن العدو نفسه اعترف أنه من ارتكب هذه الجريمة.
ومع كل هذا الوضوح، لكن المسألة هي على هذا النحو: دائماً قوى الخيانة في كل بلد، التي تقف إلى جانب الأجنبي وتناصر المحتل والغازي، دائماً هي مفضوحة على هذا النحو، وموقفها ضعيف إلى هذا النحو، دائماً هي: تتبنى مواقف لا مسئولة، ومواقف مشوهة، ومواقف لا تستند إلى الواقع؛ تحتاج في تبرير موقفها إلى أن تتنكر للحقائق الكبرى وللقضايا الواضحة جدًّا، ودائما تستند المواقف الحرة إلى الواضحات، والقضايا البينات، والشواهد الدامغة الحقيقية، التي تملأ سمع الدنيا وبصرها، الأمور هي على هذا النحو. الإنسان الحر، الذي يقف الموقف الشريف والمسئول، يستند إلى حقائق واضحة بكل وضوح (لا غموض فيها)، والآخرون: إما المتربصون، والمأزومون، والمهزومون، والضعفاء، والمتهربون، والمتنصلون عن المسئولية؛ أو الخونة الصريحون الواضحون، يحاولون أن يبرروا مواقفهم، وأن يغطوا على حقيقة فعلهم، وعلى سوء وشناعة موقفهم، بالتنكر للحقائق الواضحة، هذا هو المشهد دائماً، في واقعنا، وفي كل بلد يواجه عدواناً أجنبياً ظالماً.
العدوان وردود الفعل المتفاوتة
فإذاً، نحن بعد كل الذي قد مضى، منذ بداية العدوان وإلى اليوم، لاحظنا كيف أن بلدنا في الداخل كان موقفه على هذا النحو: معظم أبناء هذا الشعب، كل الشرفاء والأحرار في هذا البلد، أوضحوا موقفهم، وكان موقفهم موقفاً مسئولاً وطبيعياً ضد هذا العدوان الأجنبي على هذا البلد، وهم يتحركون، وبمستويات متفاوتة بالتأكيد، يعني: ليس كل الذين وقفوا في هذا البلد ضد هذا العدوان على مستوى واحد في تحملهم للمسئولية، وفي اهتمامهم، وفي تحركهم، وفي جديتهم... |لا|، البعض تحركوا بكل ما يستطيعون في التصدي لهذا العدوان، وتحركوا، ومن مختلف الفئات، يعني: الموقف متفاوت لدى الجميع، ولدى مختلف الفئات والمكونات، ليسوا سواءً، ليس كل الناس سواءً في موقفهم، ليس كل الذين وقفوا الموقف المسئول على مستوى واحد ودرجة واحدة في مدى تحملهم للمسئولية وتفاعلهم. |لا|، البعض، بعض الأسر لو تأتي تتأمل في واقعها قدمت معظم أبنائها شهداء، هل هؤلاء على مستوى واحد هم وبعض الأسر التي لم يلحق بها شوكة واحدة في تصديها لهذا العدوان؟ البعض يضحون ويعانون، وبكل إباء، وبكل شموخ، وبكل عزة، وبكل مسئولية، (موقفهم مئة بالمائة ضد هذا العدوان، وما عنده ولا أي تردد ولا أي تذبذب ولا أي شيء...)، موقف صريح وواضح، وضحوا البعض ضحوا تضحيات كبيرة، وتضحيات جسيمة، وتضحيات عظيمة، وقدموا الرجال: (قبائل قدمت أعدادا كبيرة من الشهداء، أسر قدمت أعداد كبيرة من الشهداء، مناطق سيبقى التاريخ مسجلاً لها موقفها أنه كانت في طليعة الموقف في هذا الشعب وفي هذا البلد).
والبعض- أيضاً- مستوى معاناتهم وتضحياتهم على المستوى الاقتصادي كبير، مستوى تحملهم المسؤولية وهم يتحركون، البعض سجل موقفاً، صحيحاً، البعض قال: ، ولكن انشغالاته ثانية، اهتماماته ثانية، وكثر الله خيره أنه قد سجل موقفاً ضد هذا العدوان وإن كان منشغلاً باهتمامات، لكنه قد سجل موقفاً، ومن ناحية أخرى هو لا يثبط، لا يخذّل، لا يسيء إلى الآخرين الذين هم يبذلون كل جهدهم، كل طاقتهم، ويتحركون بكل قواهم وإمكاناتهم للتصدي لهذا العدوان، لا يسيء إليهم، لا يطعنهم في الظهر، لا يتآمر عليهم، لا يساوم على رؤوسهم... لا، في الحد الأدنى سجل موقفاً مسؤولاً وشريفاً وحراً، ويسهم: أحياناً قد يحضر في مظاهرة، أو مسيرة شعبية، أو اجتماع، البعض إسهاماته أكثر: يسهم مادياً في قوافل الكرم، يسهم بكلمات مشكورة وحرة ومسؤولة، يشجع، يبارك جهود هؤلاء الناس وتضحيات هؤلاء الناس.
إسهامات الناس متفاوتة، هذه مسألة معروفة، نعرفها في الداخل، كل منا يعرف بعضنا البعض، ونعرف كلاً بمستوى موقفه، ومستوى مجهوده، ومستوى دوره، ومستوى عطائه وتضحيته.
المتربصون.. جبهة موازية
البعض، |لا|، لهم مواقف مشبوهة: متربص، ماله أي موقف أبداً ضد هذا العدوان، وعلى العكس هو بدلاً من أن يكون له موقف صريح وواضح ومسؤول، يشرفه أمام الله والتاريخ، يفيده يوم القيامة (يوم يقوم الناس لرب العالمين)، حين يسأله الله، ماذا كان موقفك تجاه أولئك الذين قتلوا بصواريخهم وقنابلهم آلاف الأطفال والنساء من أبناء بلدك ومن أمتك؟ ماذا كان موقفك حينما أتى الآخرون وأهلكوا الحرث والنسل، وتآمروا على شعبك، وحاربوه اقتصادياً، وانتشرت بمحاربتهم الاقتصادية المجاعات والمعاناة، عانى الملايين من أبناء شعبك، ماذا كان موقفك من أولئك الذين أهلكوا الحرث والنسل؟ البعض ما كان له أي موقف، وفي الوقت نفسه هو محرج لأن يكون له موقف صريح وواضح لتأييد العدوان، ولكن يؤيد العدوان ويقف مع العدوان بطريقة مختلفة، أولاً- لا يتبنى أي موقف من العدوان، ثانياً- يعمل بكل ما أوتي من قوة في –نستطيع أن نقول أنها جبهة موازية– الجبهة الموازية لجبهة العدوان، هذه، الموازية لجبهة العدوان هي: جبهة تبذل كل جهدها لضرب القوى التي تقف ضد العدوان، ولكن لا تحمل عنوان العدوان، ولا تصرح بوضوح بانضمامها إلى صف العدوان؛ لأن هذا يحرجها، ثم يهيئ الفرصة لضربها بكل وضوح، يعني: ما تحتاج القوى الحرة إلى تردد لضربها، هذه الجبهة هي جبهة الذين في قلوبهم مرض، هذه الجبهة هي جبهة المتربصين، يعني: ما عنده أي موقف فعلي، حقيقي، واضح ومسؤول تجاه العدوان، وفي الوقت نفسه له منك- كمتصدٍ لهذا العدوان، وكمتفرغ للتصدي لهذا العدوان، وكمتحمل للمسؤولية، تعمل بكل ما تستطيع وبكل جدية ومسؤولية لمواجهة هذا العدوان- له منك مائة ألف ألف موقف، مشغول يطعن في ظهرك دائما وأبدا، يثير لك الكثير من المشاكل، وبطريقة غير مسؤولة أبداً، بطريقة غير مسؤولة نهائياً.
لاحظوا، نحن نقول من موقعنا في المسؤولية، وكقوى موقفها واضح وصريح في التصدي لهذا العدوان، ما يستطيع أحد يشكك ولا يستطيع أحد يزايد علينا، موقفنا واضح، إن لم يكن موقفنا واضحاً في التصدي لهذا العدوان، فمن الذي يتصدى لهذا العدوان؟ نحن في طليعة هذا الشعب، ومن أبناء هذا الشعب، ونحن نتحرك في التصدي لهذا العدوان، لا نمانع نهائياً من النقاش في أي قضايا أو أي مواضيع أو فتح أي ملفات؛ لمعالجة الوضع الداخلي أو المشاكل الداخلية، حاضرون.
لتخرس كل الأبواق.. نحن متعودون!!
ونحن وبكل وضوح نقول: لسنا قوماً مدللين، نحن معتادون للصراع، نحن أبناء الصراع، نحن قومٌ نقاتل ونجاهد ونحارب، ومتعودون على مواجهة المشاكل والتحديات مهما كان حجمها، نحن لسنا أبناء القصور، ولا أبناء الفِيلّات، ولسنا أصحاب الأرصدة في البنوك، ولسنا أصحاب المؤسسات والشركات العملاقة... نحن من أبناء هذا الشعب: من حفاته، ومن فقرائه، ومن رجاله، من الكادحين فيه، ومن المتعودين أن نعيش فيه كل المشاكل، ولدنا في هذا البلد بين الأزمات، ونشأنا بين المشاكل، وعشنا كل الظروف، لسنا لا من الرياض، ولسنا من أبو ظبي، ولسنا- أيضاً- من الفئة المترفة في هذا البلد والمتنعمة، التي عاشت منذ عشرات السنين متربعةً على الكراسي، ومتخمةً، ومتنعمةً في الفلل، وذاهبةً وآيبةً في سفريات إلى أوروبا وإلى أمريكا ومن هنا إلى هنا إلى هنا... |لا|، عشنا الحروب، عشنا المشاكل، عشنا عشرات السنين والأبواق الإعلامية من جهات متعددة، وبأشكال متعددة، وبأصوات متعددة، (طائفياً) لنا عشرات السنوات وهناك من يقول عنا: ، هذا صوت ليس جديداً على مسامعنا، نسمعه منذ كنا أطفالاً، وسمعه آباؤنا قبلنا، أيضاً (النبز والهمز واللمز سياسياً)، هذا منذ طفولتي أنا ومن هم في جيلي ونحن نسمع الهمز واللمز تحت مسميات وعناوين سياسية، كل المرحلة الماضية ليلاً ونهاراً، على مدى عشرات السنوات، ما كادت تمر بنا ليلة، ولا كاد يمر بنا يوم، إلا ونسمع الهمز واللمز بمسميات وعناوين سياسية، ثم بقية الأساليب: كل الشتائم وجهت إلينا، كل الاتهامات وجهت وأطلقت علينا، كل أشكال وأنواع التحريض وجه ضدنا؛ لسنا مدللين.
نحن متعودون، الحمد لله متعودون جدًّا، وهذا التعود أفادنا ربما لهذه المرحلة، يعني: لو كنا مثلاً خلال المرحلة الماضية لا نسمع أي صوتٍ يجرح مشاعرنا، ولا نسمع أي كلام يسيء إلينا، ولا نسمع بأي تهمة توجه لنا؛ لكنا مع كل ما أتى اليوم من قوى العدوان على المستوى العالمي والإقليمي والمحلي، لكنا مرهقين جدًّا بكل ما نسمع، ولكانت هذه مشكلة علينا، ولو كنا متنعمين ومدللين ومترفين ونعيش حالة البعض التي عاشوها في الخليج أو في بلدنا؛ كذلك لكانت مشكلة علينا، لكن |لا|، هذه الأحداث لم تأت لنا بجديد، وعلى العكس نحن اليوم نعيش وضعاً أفضل من كل المراحل التي قد مضت، والله نعيش وضعاً أفضل في كل الجوانب، يعني: لا كان وطء هذه الأحداث وحجمها وأذاها ووجعها بالشكل الذي يصدمنا، وأتى ونحن غير متروضين ولا متعودين. |لا|، متعودون لكل شيء، متعودون جدًّا جدًّا جدًّا، نعتاد الجبال، نعتاد الوديان، نعتاد أن نعيش في أي ظروف، ما من جديد، ونعتاد على التضحية، نحن أهل التضحية وحاضرون للتضحية، ونحن قوم في عقيدتنا وفي قيمنا وفي روحيتنا وفي أخلاقنا نحمل أرواحنا على أكفنا، ونؤمن بالمسؤولية وتربينا على المسؤولية؛ فلسنا مدللين، ولا نأتي عندما نجي لنقول: يا جماعة، في الوضع الداخلي، الأفضل لنا في هذا البلد، والموقف الحكيم والصحيح والمسؤول والوطني والأخلاقي، والموقف الذي تفرضه علينا المسؤولية من جانب، وتفرضه علينا المصلحة، إن كان أحد يفهم ما هي المصلحة، ألا نتعامل مع مشاكلنا الداخلية ولا همومنا الداخلية ولا قضايانا الداخلية، لا نتعاطى معها بأسلوب عدائي، لا نتعاطى معها بأسلوب مناكفات ومزايدات ومساومات، تعالوا لنتعامل معها بروح المسؤولية، نناقشها، نعرف أسبابها، نعرف خلفياتها، ندرس الحلول لها بروح مسؤولة، ننتقد الأخطاء بكل شجاعة وبكل مسؤولية، لكن يبقى نشاطنا العدائي، يبقى جهدنا الأكبر في التصدي لهذا العدوان، الذي يشكل خطورة كبيرة جدًّا علينا كشعب يمني وكيمنيين من كل القوى والمكونات، وليس على طرف واحد.
هذا العدوان الرامي والهادف إلى الاستيلاء على بلدنا بكله، واحتلاله بكله، وإلى الدوس على كرامة هذا الشعب بأجمعه، من دون تمييز، يريد أن يدوس على كرامتك: سواء أنت من أنصار الله، أو من المؤتمر الشعبي العام، من أي حزب، من أي قبيلة، من أي محافظة، من أي منطقة... يريد أن يدوس على كرامتك. اليوم كل أولئك الذين انضموا إلى صف العدوان أليسوا في موقع الهوان؟ أليسوا يعيشون وضعية لا أمر لهم، لا كرامة لهم، لا قرار لهم؛ الأمر فيها للإماراتي، الأمر فيها للسعودي، والأمر على الإماراتي والسعودي للأمريكي.
فإذاً عندما نأتي لنقول دائماً: يا جماعة، لا نرغب بأن تكون وحدة صفنا الداخلي عرضة للتمزيق، وعرضة للإضعاف لها، من خلال التعاطي بأسلوب المناكفات، وأسلوب المزايدات، والتصرف الذي هو أشبه ما يكون بتصرف عدائي، يعني: ليس تصرفاً مسؤولاً؛ فيأتي البعض ليتجرأ علينا، أو ليتشجع علينا، أو ليزيد في المسألة، وكأننا مدللون. |لا|، معتادون نشمر ونصارع كل من يصارعنا، لكن ليس هذا لصالحنا في هذا البلد، أنا أُناشد وأتحدث مع القوى المسؤولة، القوى المهمة في هذا البلد، والقوى التي- عادةً- يأتي البعض ممن ينتمي إليها ليستخدم هذا الأسلوب ويتصرف على هذا النحو، يأتي البعض ليتصرف بهذه الطريقة، التصرف المسيء المشين اللامسؤول.
فإذاً، أنا أقول لكل القوى الداخلية، من موقع المسؤولية، ليس من موقع الانزعاج معتادون جدًّا، معتادون، وهذه الدنيا هي على هذا النحو: (فيها الشتامون والسبابون، وفيها غربان الفيس بوك، وفيها من كل شكل...) أبواق شيطانية، أبواق تبقى تكذب ليلاً ونهاراً وتشتم ليلاً ونهاراً... هذا شيءٌ سيبقى قائماً في الدنيا، ولا غرابة فيه، ولا نتفاجأ به، لكن يهمنا في وضعنا الداخلي أن نتعاطى مع المعنيين؛ لأنه حتى القوى الأخرى، المؤتمر الشعبي العام: (فيه الرجال الأوفياء، فيه الأحرار، فيه الوطنيون بكل ما تعنيه الكلمة، وفيه قوى وتيارات مسؤولة بكل ما تعنيه الكلمة)، نشيد بها، ولا نشكك أبداً بموقفها الوطني والمسؤول، بقية الأحزاب، بقية المكونات، جميعها: (فيها الأوفياء، فيها الشرفاء، فيها الجادون بكل ما تعنيه الكلمة، والمدركون لطبيعة هذه الظروف وهذه المرحلة، والواعون جيداً)، في المؤتمر الشعبي العام، وفي أنصار الله، في كل الأحزاب والمكونات، فيها الواعون جيداً أن من أهم ما تحرص عليها قوى العدوان وتسعى له قوى العدوان، هو تفكيك الجبهة الداخلية.
تماسك الجبهة الداخلية أفشل قوى العدوان
قوى العدوان اليوم مأزومة ومعانيه، وأكثر من أي وقت مضى، نحن في العام الثالث، وهي لم تستطع أن تحسم معركتها، ولا أن تنجز أهدافها من هذا العدوان، أهم عامل في فشل قوى العدوان هو: تماسك الجبهة الداخلية، الجبهة الداخلية كمكونات رئيسية، وعلى طليعتها (المؤتمر الشعبي العام، وأنصار الله)، بفعل وعي القادة في هذين المكونين، المسؤولون والوطنيون والحريصون والواعون في هذين المكونين، وبفعل موقف بقية المكونات والقوى والأحزاب في هذا البلد، التي تدفع بالمكونين دائماً إلى الحفاظ على وحدة الصف الداخلي، والتماسك الداخلي، وتزايد اللحمة الداخلية، والتنسيق المشترك في المواقف، وصولاً إلى ما كان من إنجاز مهم وكبير في الموضوع السياسي، عندما توصلت المكونات البارزة في هذا البلد (المؤتمر الشعبي العام، وأنصار الله، وشركاؤهما، وحلفاؤهما) إلى هذا الإنجاز الكبير في تسوية الوضع الرسمي، وفي تشكيل الحكومة، وقبلها المجلس السياسي الأعلى، هذا إنجاز عزز من وحدة الصف الداخلي والتماسك الداخلي، ولكن هذا الإنجاز يحتاج إلى محافظة عليه، وإلى تعاونٍ مستمرٍ فيه.
اعرف من هو خصمك!
صحيح، لدينا الكثير من المشاكل في هذا البلد على مستوى واقعنا الداخلي، ومشاكل فاقم منها، وعزز منها، وزاد من تعقيداتها العدوان الخارجي، مشاكلنا الاقتصادية، وفي مقدمة مشاكلنا الاقتصادية مشكلة المرتبات؛ فاقم منها على نحو أكبر، وزاد من تعقيدها بشكل أشد، العدوان الخارجي، الحصار الاقتصادي، ما عملته قوى العدوان بالبنك المركزي: من تآمرٍ عليه، من تجميدٍ لأرصدته، من إجراءات كثيرة شَلَّت من فاعليته وأضعفت من قدرته. كذلك ما يجري منهم من حرب اقتصادية شاملة، من المعلوم في كل الدنيا أن الحروب لها تأثيراتها على الاقتصاد، وخصوصاً إذا كان بلداً معانياً من ذي قبل ومستضعفاً، ودمرت مقدراته الاقتصادية، وحوصر، مثلما هو الحال مع بلدنا.
بلدنا اليوم يحاصر حتى على مستوى الرحلات للمرضى، رحلات إلى الخارج لنقل المرضى ونقل الجرحى، هذا ممنوع عليه اليوم، ومن قبل كان على نحو محدود وبمضايقات وإجراءات تعسفية وكثيرة، هذا البلد أكثر منافذه البرية والبحرية تحت الاحتلال، والباقي منها محاصر، أما على المستوى الجوي فمحاصر تماماً، وما يصل إليه يصل تحت إجراءات قوى العدوان، وما يخرج منه يخرج تحت إجراءات قوى العدوان، استهدفت فيه كل مقدراته الاقتصادية والحيوية، كم من المصانع والشركات والمتاجر دمرت، بفعل من؟ قوى العدوان، بصواريخ قوى العدوان، بقنابل قوى العدوان، الموارد ذات الطبيعة الاقتصادية الواعدة والمفيدة، أين هي اليوم؟ النفط في مأرب اليوم تحت تصرف من؟ من الذي يسرقه؟ من الذي يسرق البترول والنفط في مأرب وفي شبوة وفي حضرموت؟ قوى العدوان ومرتزقتها، حزب الإصلاح اليوم يسرق موارد مأرب، وسرق بالمليارات عوائد الموارد في مأرب. الغاز في مأرب اليوم من الذي يتحكم به؟ من الذي يسرقه؟ لماذا يضطر المواطن في صنعاء، أو في صعدة، أو في أي محافظة من محافظات هذا البلد، إلى أن يشتري اسطوانة الغاز- إن توفرت- أحياناً بأكثر من أربعة آلاف في معظم الشهور، بأكثر من أربعة آلاف ريال يمني؟ لأن حزب الإصلاح- الذي يقدم نفسه أنه حزب وطني وإسلامي- يسرق هذه المبالغ بإجراءاته، بسرقاته في مأرب، وهو يتحكم- تحت مظلة قوى العدوان- بالغاز في مأرب، هو الذي يسرقك يا أيها المواطن، هو وراء هذه الحالة التي أنت تعاني منها، مع أن البعض ينتمون إلى هذا الحزب، ولكن نتائج سرقات هذا الحزب هي على الجميع في هذا البلد (ممن ينتمون إليه، وممن لا ينتمون إليه)، اعرف من هو خصمك.
لمثيري البلبلة.. الشفافية مطلبنا
حينما يأتي البعض، حتى قوى العدوان هي اليوم وبكل وضوح، والأمم المتحدة أيضاً، تساوم على المرتبات، ويقولون: ، المسألة واضحة، الذي هو وراء كل هذه المشاكل واضح، وهو اليوم يساوم عليها، يساومونا على المرتبات، يساومونا في وضعنا الاقتصادي، لكن يأتي البعض من الدجالين والكذابين والمفترين ليحمل البريء ذنب المذنب، ليقول للقوى المظلومة، اليوم القوى الحرة في هذا البلد، كل المواطنين الأحرار في هذا البلد، في: (المدن، والقرى، والوديان)، كل الأسر الحرة والعزيزة في هذا البلد في: (المدن، والقرى، والوديان) تعاني، في مقدمة من يعاني هي القوى الحرة، هي القوى المسؤولة، وكثير من الأسر التي قدمت شهداء هي اليوم من أكثر الناس معاناةً، هل أن الذين لهم موقف في هذا البلد من هذا العدوان لا يعانون؟ بلى، هم في مقدمة من يعانون. المقاتل في الجبهة يعاني، وبعض المقاتلين من أنصار الله لا يمتلك حتى الأحذية في الجبهة، وهو ثابت ومرابط وصابر في الجبهة، حتى لو لم يمتلك الحذاء.
يأتي البعض ليتكلم عن المجهود الحربي، ويشكك في موضوع المجهود الحربي، ويحاول أن يثير النقمة على أي دعم أو إمكانات تصل إلى هذا المقاتل الوفي الصابر، الذي حمل روحه على كفة، وبقي في الجبهة يقاتل ذلك الذي أتى من خارج البلاد، أو من داخل البلاد مع الأجنبي؛ كي لا يحتل هذا البلد، كي لا يرتكب جرائم الإبادة الجماعية بحق هذا الشعب لو تمكن، كي لا يسقط هذا البلد تحت الاحتلال بكله، كي لا يفقد هذا الشعب استقلاله وحريته.
هذا الصابر المرابط في الجبهة، الذي يدافع عن حرية هذا الشعب، عن استقلال هذا البلد، عن كرامة هذا الوطن... يأتي البعض ليحاول أن يثير النقمة تجاه أي إمكانات ستذهب إلى هذا المقاتل؛ فيأتي البعض ليثير البلبلة عن المجهود الحربي، وعما يذهب لدعم الجبهات.
نحن نقول: أي إشكالات فعلية، أي إجراءات لضمان الشفافية، مرحبون بها. أي إجراءات لمحاربة الفساد، نحن أول من يدعمها ويقف إلى صفها، لكن إجراءات مسؤولة، إجراءات فعلية، إجراءات عملية، وليس الأسلوب الذي يقتصر على التحريض وإشاعة التذمر وإثارة البلبلة والقلاقل، هذا أسلوب سوقي، وأسلوب نفاقي، وأسلوب مَرَضي، غير صحي أبداً.
تعالوا عملياً لندرس كل الإجراءات التي تضمن الشفافية، وتحارب الفساد، وتضمن النقاء في الجانب المالي وفي الموارد وفي الإمكانات، وتبقى الأمور على ماهي عليه في حقائقها، أن المتحمل الأول للمسؤولية في كل مشاكلنا الاقتصادية هي: قوى العدوان التي حاربتنا ودمرتنا واستنزفت إمكاناتنا البسيطة والمتواضعة، في سبيل التصدي لها.
يا أخوة، لو نأتي إلى ما احتاج إليه البلد في (حرب 94)، الخسائر في حرب 94 -ولم تدخل فيها القوى الخارجية بشكل مباشر- حرب 94 كم كلفت البلد، (أشهر عديدة، أو قرابة شهرين فعليين من الحرب إلى أربعة أشهر) كم كلفت البلد من خسائر، أربعة أشهر بالكثير من بداية الأزمة إلى نهايتها، كم كلفت البلد؟ حرب لم تدخل فيها القوى الخارجية.
أمَّا اليوم تآمرت على بلدنا أغنى وأقوى دول العالم، أتت أمريكا وبريطانيا متآمرة، وأتت بعض دول الخليج، الأغنى في العالم الإسلامي والمنطقة، ومن أغنى الدول في العالم، أتت تتآمر وتتحرك ضد بلدنا بكل قدراتها وإمكاناتها، كيف نفترض أن نتحرك نحن في بلد كان منذ عقود يعيش مشاكل داخلية وأزمات اقتصادية، ليس لأن الوضع الاقتصادي كان في البلد على ما يرام، وكنا ننافس الخليج أو ننافس بقية البلدان في مستوى تحسن وضعنا الاقتصادي، نحن بلد غني، لكن شعبه فقير؛ لا موارده كان يستفاد منها في الماضي، ولا بنية اقتصادية فعلية وحقيقية كانت قد تحققت لنا في الماضي، وأتت هذه الأحداث ونحن (يابان ثانية، أو صين ثالثة). |لا|، كلنا نعرف ما كان عليه وضع بلدنا، لماذا؟ لأن البعض يتعاطى وكأن هذا البلد كان في كل ما مضى بخير، وأموره سابر، والاقتصاد على ما يرام؛ فقط فيحاول أن يحرض ضد أنصار الله بالدرجة الأولى، أكثر التحريض يأتي ضد أنصار الله، أو يحاول البعض أن يحملهم مسئولية مشاكل البلد.
البلد للجميع والمسؤولية مشتركة
هذا البلد هو بلدنا جميعاً، المسئولية علينا فيه جميعاً، وبالذات القوى التي لها موقف من العدوان، معنية بحكم المسؤولية، وليس لأحد حق أن يتنصل عن هذه المسئولية؛ وأي طرف يتنصل عن المسئولية لا يعفيه تنصله من آثارها ونتائجها، يعني: ما من خيار لنا في هذا البلد إلا أن نصمد، إلا أن نثبت، إلا أن نتوحد، إلا أن نتعاون، إلا أن ننظر بعين المسئولية، وبعقل الحكمة: إلى وضعنا، إلى مشاكلنا، إلى التحديات أمامنا، إلى معاناتنا؛ فنتجه بكل مسئولية، وبعقل الحكمة، لمعالجة قضايانا بكلها، مشاكلنا بكلها، ننظر في وضعنا الاقتصادي ما هي مشاكله، ولكن من دون أكاذيب وافتراءات، تأتي كدجال ومفتري لتبرئ قوى العدوان، وتبرئ عملاءها الذين يسرقون اليوم النفط والغاز في مأرب، وكذلك في شبوة وحضرموت، تأتي إلى من لا همّ له إلا ليقاتل عن بلده وعن شرف شعبه وكرامة وطنه، لتقول: ، هذا المكون من هذا البلد الذي قدم في طليعة هذا الشعب أكثر الشهداء، وأكثر أسر الشهداء منه، وأكثر الناس معاناة هم منه؛ فتأتي له تقول: . |لا|، مسؤول معك، بقدك، بمستوى مسئوليتك، المسئولية في رقابنا جميعاً في مستوى واحد، إذا أنا أتحرك أكثر منك، أو ذاك يتحرك أكثر منك؛ فبدافع مسئولية ربما عنده أحساس بالمسئولية أكثر منك فقط، وإلا المسئولية علينا جميعاً أمام الله، نحن جميعاً مسلمون، علينا مسئولية أن نقف ضد: هذا الظلم، هذا الباطل، هذا المنكر، هذا الطغيان؛ على أنفسنا، على بلدنا، على شعبنا، على أجيالنا.
من يأتي ليعتبر نفسه غير مسئول، بأي اعتبار أنت لا مسئولية عليك! أنت لست إنساناً، لست في موقع التكليف، لست مسلماً، لست يمنياً، إذا أنت يمني مسلم من هذا البلد، بلى عليك مسئولية بقدر ما عليَّ من مسئولية، وعليك أن تفعل كل ما تستطيع في مواجهة هذا العدوان، هذا الطغيان، هذا الظلم، هذا المنكر الذي فعل كل الذي فعل ببلدنا وبشعبنا، والذي يهدف إلى ألا يبقي لنا: (لا حرية، ولا كرامة، ولا استقلال)، علينا جميعاً مسئولية، ويجب أن نتعامل مع هذه المسؤولية بعين المسؤولية وبعقل الحكمة.
وبالتالي، نحن اليوم أمام اجتماع العاشر من شهر رمضان، من كل المكونات، وأنا أشكرها، وفي الطليعة المؤتمر الشعبي العام، الذي أثمن وأقدر على نحوٍ كبير تجاوبه مع هذه الدعوة، وأرى أن علينا جميعاً أن نتفاعل مع هذا الموضوع في كل المكونات ومن كل الاتجاهات.
الثبات والصمود مرهون بتماسك الجبهة الداخلية
لكن أمام هذا الاجتماع العاشر، أنا آمل في هذا الاجتماع العاشر أن يدرس المجتمعون واقعنا الحالي، المهمة واضحة في هذا الاجتماع: (التركيز على وحدة والصف)، نحن أقوياء وصامدون وثابتون في هذا البلد بقدر ما نحافظ على تماسك الجبهة الداخلية، الجبهة الداخلية قد تكون معرضة لمساعي وبلا شك، (قد) للتحقيق، بلا شك معرضة بمساعي من قوى العدوان: (السعودي، والإماراتي، قبلها الأمريكي، عليها البريطاني)، كل هذه القوى هي: تسعى إلى أن تنخر صفنا الداخلي بسوسها المتعفن، من خلال بعض المشبوهين، يعني: البعض قد يعطى مثلاً: (أربعة آلاف دولار، خمسة آلاف دولار)، ووظيفته وعمله: أن يعمل على إثارة المشاكل الداخلية، أن يفكك الصف الداخلي، أن يثير أي مشاكل داخلية تشغل الناس عن التصدي للعدوان؛ رحمة بقوى العدوان التي عانت، وهي في عامها الثالث، وبكلفة هائلة جدًّا (اقتصادية، عسكرية على رأسها)، ولم تنجز أهدافها؛ فإذاً لتسهل أمامها المهام لاحتلال هذا البلد، لتفكيك الجبهة الداخلية أو الصف الداخلي!!
البعض يشتغل إعلامياً، والبعض اجتماعياً، بين أوساط المجتمع، يحاول أن يضرب السلم الاجتماعي، ويثير حرباً ما بين قبيلة وأخرى، ويشغل الناس؛ ثم ينادون من في جبهات الحرب (من يتصدون للعدوان من أبناء القبائل) أن يأتوا وابدأوا اليوم بالمعركة الداخلية: (حرب القبيلة الفلانية مع القبيلة الفلانية، والمنطقة الفلانية مع المنطقة الفلانية...).
من يتآمر اليوم على السلم الاجتماعي، من يعمل لإثارة القلاقل والفتن في الصف الداخلي؛ هو يعمل لصالح العدوان بلا شك، يبقى إما أنه أصبح يستلم- كما هو حال البعض- من خمسة ألف دولار من الإمارات أو السعودية، أو من أقل؛ على حسب سلعة الرجل، وبمستوى تأثيره، البعض تخزينة قات؛ وسيكتب ما يريدونه من شتائم ومن كلام يستهدف ويسيء إلى الصف الداخلي.
ولكن البعض أصبح يشتغل بتآمر، (بخيانة مقصودة)، البعض |لا|، غبي، أحمق، متبلد، لا إحساس عنده بالمسئولية، ولا يمتلك لا إيمانياً ولا أخلاقياً ولا إنسانياً، ما يصحح عنده اهتماماته وأولوياته، فمع كل الذي قد حدث لحد الآن ليست أولوياته موضوع العدوان ولا التصدي له، ولا موضوع الموقف من كل ما تفعله قوى العدوان من جرائم، ما يزال صغير النفس، صغير الفكر، صغير الاهتمام، ضئيل المستوى الأخلاقي والقيمي والروحي؛ فلا التفات عنده إلى الأمور بمستواها.
لاحظوا، في اجتماع العاشر، أنا أؤمل من القوى المجتمعة من كل المكونات ومن كل الأطياف في هذا البلد، أن تدرس كل الإجراءات اللازمة لتفعيل ودعم الموقف الداخلي في التصدي للعدوان، وتعزيز الوحدة الداخلية، والحفاظ على الجبهة الداخلية من التصدع وتدرس المشاكل البارزة: (المشكلة الاقتصادية)، ولا بأس تدرس، وإذا لم تنجز ذلك في اجتماعها الأول، يمكن أن يبقى لها مسار عمل مستمر، السبل الضامنة لمواجهة الفساد، للشفافية المالية؛ لأن البعض- وهو دنس، وهو لص، وهو سارق- يأتي ليسيء إلى المقاتلين في الجبهات، إلى المجهود الحربي، إلى من يتصدون للعدوان.
لتناقش أي قضية لكن في جو مسؤول وأخوي
أي مشاكل داخلية يرغب أي مكون في أن تفتح، فلتفتح في جوٍ مسئول، أي قضايا يرغب أي طرف أن تناقش، تناقش في جوٍ مسؤول، في جوٍ أخوي، في جوٍ يحرص على أن يصل إلى نتيجة واقعية وفعلية وعملية، أما الأسلوب السوقي، الأسلوب اللاأخلاقي، الذي فيه ثرثرة وبلبلة وقلاقل وإشاعة تذمر وصياح بالفارغ، أما غربان الفيس بوك، أما الأنشطة المشبوهة. فلا، لا ليست من قيمنا وليست من أخلاقنا، سيجتمع حكماء اليمن، شرفاء اليمن، الناس الذين لديهم إحساس بالمسؤولية، الناس الذين يعيشون الهم الحقيقي، الهم الشعبي، الهم الوطني، همّ الإنسان اليمني الذي يريد أن ينظر في التحديات التي يواجهها بمسؤولية، وفي المشاكل التي يعيشها ليعالجها بمسئولية، وفي القضايا التي يعاني منها ليتعاطى معها بمسئولية... هذا هو اجتماع حكماء اليمن، وأن يخرجوا بتدابير وإجراءات ومسارات عمل، ليس المقصود فقط أن يجتمعوا ثم يعودون إلى منازلهم أو إلى مناطقهم، وانتهى الموضوع. |لا|.
أن يخرجوا بمقررات، ومسار عمل واضح يهدف هذا المسار بالدرجة الأولى في مقرراته، وفي تفاصيله، إلى الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، كهدف عظيم، ومشروع، ومقدس، وحكيم، ومهم، وأساسيّ لقوة الموقف وللتصدي للعدوان، وأيضاً لدراسة كل الإجراءات والوسائل التي تساعد على الارتقاء في الأداء في التصدي للعدوان، وتطوير ما نحتاج إلى تطويره، من: وسائل، وأساليب، وأدوات عمل، ومنهجية عمل في التصدي للعدوان. المقصود أن نشترك جمعياً في: (الهم، والموقف، والمسؤولية، والعمل، والقرار)، هذا هو المقصود.
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه؛؛؛