أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
في كلمـــــة اليــــوم، عن تطورات العدوان الهمجي الإسرائيلي الوحشي على قطاع غَزَّة، وما يتعلَّق بذلك، في معركة الإسناد من يمن الإيمان والجهاد والحكمة، نتحـــدث بدايــــةً عــن قطـــــاع غَـــزَّة:
العدو الإسرائيلي يواصل عدوانه الهمجي، الوحشي، الإجرامي، ويستمر في جريمة القرن- التي تستحق هذا التوصيف بكل ما تعنيه الكلمة- يستمر في جريمة القرن مواصلاً للإبادة الجماعية اليومية، ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّة.
وعلى مدى تسعة عشر شهراً، بلغ عدد الشهداء، والجرحى، والمفقودين، ممن جثامينهم تحت الأنقاض، وبحسب إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي في غَزَّة: أكثر من (مائة وثمانين ألفاً) من أبناء الشعب الفلسطيني، في نطاقٍ جغرافيٍ محدود، يصل هذا إلى نسبة مئوية من السكان، وهذه جريمة رهيبة جدًّا، ومن المؤسف جدًّا أن تكون في عمق البلاد الإسلامية، في محيطٍ كله من المسلمين، في محيطٍ عربي، تجاه جزءٍ من هذه الأُمَّة، من العرب، من المسلمين، وبمرأى ومسمعٍ من كل العالم، مرأى ومسمع من المسلمين، ومن غير المسلمين، من كل العالم الإنساني.
ويميِّز ما يحدث في فلسطين من جرائم الإبادة الجماعية: أنَّها تشاهد من خلال البث المباشر في القنوات الفضائية، واختلفت بذلك عن كثير من جرائم الإبادة الجماعية التي حصلت في العالم، كانت تحصل ويعرف الناس بها فيما بعد، أو تحصل في مراحل معيَّنة، أو أحداث معيَّنة، ثم يتلوها استقرارٌ معيَّن، أو هدوءٌ معيَّن؛ أمَّا هذه فجرائم يشاهدها الناس عبر البث المباشر، تنقلها وسائل الإعلام، ومستمرةٌ بشكلٍ يومي كل هذه المدة الزمنية (تسعة عشر شهراً).
هذا يترتب عليه تبعات كبيرة، تبعات تتعلَّق بالمسؤولية، المسؤولية على هذه الأُمَّة أولاً (الأُمَّة الإسلامية)، وفي مقدِّمة الأُمَّة الإسلامية العرب، هذا التفريط الكبير في مسؤوليتهم المقدَّسة والعظيمة:
- في الجهاد في سبيل الله تعالى.
- في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- في الوقوف ضد الظلم والطغيان.
هذه مسؤوليات كبرى، التفريط فيها من أُمَّة بحجم أُمَّتنا الإسلامية، بما تمتلكه من إمكانات وقدرات، وبأعدادها البشرية الهائلة، ليس له مبررٌ عند الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، بل يترتب على ذلك المقت من الله، يمقت هذه الأُمَّة، وعندما تصبح هذه الأُمَّة في حالةٍ من مقت الله وسخطه، فهذا له نتائج خطيرة عليها في الدنيا والآخرة؛ لأن الله هو ربُّ العالميين، مُدَبِّر شؤون السماوات والأرض، وهو ربُّ الخلائق أجمعين، هو ملك الناس، وإله الناس، وربُّ الناس، والمدبِّر لشؤون خلقه، والاعتبارات التي من أجلها فرَّطت هذه الأُمَّة بكل إمكاناتها، وثقلها، ودورها، وثروتها البشرية، هذه الاعتبارات التي من أجلها فرَّطت في مسؤوليتها العظيمة والمقدَّسة: إمَّا مخاوف، وإمَّا أطماع، وإمَّا تأثيرات تربوية سلبية، أفقدتها حسها الإنساني، أفقدتها شعورها بالمسؤولية، أفقدتها الضمير، وأفقدتها القيم والأخلاق، هذه الاعتبارات يترتب عليها أيضاً مخاطر كبيرة على هذه الأُمَّة، مخاطر كبيرة جدًّا، ولها نتائج عكسية، المخاوف ينتج عنها حينما يبنى عليها، وينتج عنها التفريط في مسؤوليات كبيرة وعظيمة، يترتب عليها ما هو أخطر مما خافه الناس، وفرَّطوا بسببه، من عواقب وخيمة جدًّا في الدنيا والآخرة: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا}.
من الشيء المؤسف، والمحزن، والمخزي، والرهيب: أن تكون الأُمَّة الإسلامية وفي مقدمتها العرب بمئات الملايين، وعلى مرأى ومسمعٍ منها، يُقتل أبناء الشعب الفلسطيني يومياً، في مجازر وحشية رهيبة جدًّا، معظم الشهداء فيها من الأطفال والنساء، يُجوَّع في قطاع غَزَّة أكثر من مليوني فلسطيني مسلم، يجوَّعون، يتضوَّرون جوعاً، وبدأت أعداد من الوفيات جوعاً، وحالات كثيرة جدًّا من سوء التغذية، وآثارها، ونتائجها، ومظاهرها، ومع ذلك هناك أيضاً استمرار من قبل العدو الإسرائيلي في استهداف هؤلاء، الذين هم جزءٌ من هذه الأُمَّة، لهم حقوقهم الإنسانية، وحقوقهم المشروعة، المشروعة بكل الاعتبارات، المعترف بها في كل العالم، والعدو الإسرائيلي يستهدفهم في كل مقومات الحياة:
- يستهدفهم في طعامهم وغذائهم، في شربهم للمياه (مياه الشرب).
- يحوِّل المسألة أزمة في كل شيء: أزمة ومعاناة في أن يحصلوا على الماء ليشربوه، في أن يحصلوا على الطعام، على القوت الضروري، في- كذلك- فيما يتعلَّق باستقرارهم.
- يفرض عليهم النزوح المستمر، من مربع إلى آخر، من منطقة إلى أخرى، وهكذا، لا يترك لهم فرصةً للاستقرار.
- يستهدفهم بالقنابل الأمريكية الفتَّاكة المُدَمِّرة- التي هي للتحصينات الكبيرة- إلى خيام نزوحهم، يستهدفهم بين أطلال وركام المنازل، التي سبق وأن دمَّرها.
- يستهدفهم أيضاً في الخدمة الصِّحيَّة والطِّبِيَّة بشكلٍ مستمر، ويعانون في ذلك أشد المعاناة، الجرحى، المرضى.
وهكذا، كل أشكال المعاناة موجودةٌ في قطاع غَزَّة، كل حالات الظلم، الظلم بكل أشكاله، وبأشد مستوياته، يمارسه العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّة.
لـذلك فالمسؤولية كبيرة جدًّا جدًّا على هذه الأُمَّة الإسلامية، تجاهلها المستمر لا يعفيها أبداً من نتائج تفريطها، وعواقب تجاهلها لما يحدث، وفي نفس الوقت كلما زاد حجم هذا الظلم، في يومياته الإجرامية المستمرة، وفي الزمن المتواصل، كل هذا أيضاً تكبر معه المسؤولية، يكبر معه الوزر أيضاً، والعواقب عند الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".
في حسابات المسلمين الدينية، هناك عنوان مهم جدًّا في القرآن الكريم، وتحدث عنه رسول الله "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ" كثيراً، هو عنوان: تقوى الله تعالى (اتقوا الله)، كم في القرآن الكريم من الأمر بتقوى الله؟ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، آيات كثيرة جدًّا في القرآن الكريم يأتي فيها الأمر بتقوى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، والتحذير من مخالفة توجيهاته القيِّمة، والعظيمة، والهادية، والمباركة، التي نحن في أمسِّ الحاجة إليها.
حينما أتى ما في القرآن الكريم من أوامر ونواهٍ، ليست لحاجةٍ لله إلى عباده؛ هو الغني الحميد، هي كلها ذات أهمية لنا نحن، والتفريط فيها له عواقبه، ونتائجه الخطيرة علينا نحن، والله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" هو ربُّنا، ملك السماوات والأرض، القائم بالقسط في عباده وبلاده؛ ولـذلك فما يترتب على الإخلال بتلك التوجيهات الإلهية، والتفريط في المسؤوليات الجماعية المباركة، المقدَّسة، العظيمة، المهمة، من جانب الأُمَّة، فله عواقبه من جهة الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، منها: عقوبات عاجلة في الدنيا.
قد يطمئن الكثير من الناس إلى خياراتهم، وقراراتهم، وتوجُّهاتهم، بالتَّنَصُّل عن هذه المسؤوليات المهمة في الإسلام، ويركنون ويفرحون بتخلفهم، {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا}، قد يركنون إلى مراحل معيَّنة كانوا فيها في شيءٍ من الدَّعَة والهدوء، وتصوروا أنهم بخياراتهم، وقراراتهم، وتوجهاتهم، جلبوا لأنفسهم الأمن والاستقرار، وأنهم وفَّروا لأنفسهم بذلك الحماية، من ثمن المواقف التي قد يدفعها من يتحرَّك في إطار المسؤولية، ويستجيب لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ويتحرَّك في إطار الموقف الحق، لنصرة القضايا العادلة؛ فيعتبرون أنفسهم أنهم حكماء، يعتبروا أنفسهم أنهم حكماء، وأنهم اتَّخذوا الخيارات التي ضمنوا بها سلامتهم، مما يمكن أن يترتب على المواقف من تضحيات، مما يمكن أن يترتب على النهوض بالمسؤولية أيضاً من تضحيات معيَّنة.
ولكن المسألة هي- كما أكَّدها الله في القرآن الكريم فيما يتعلَّق بحال المتربصين- هي عبارة عن وقت، أو مرحلة معيَّنة، ثم تدور الدوائر عليهم، ويحصل لهم- في إطار تدبير الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"- ما هو أخطر، وأكبر، وأسوأ، وأقسى مما فرَّطوا في مسؤولياتهم من أجله.
ولـذلك حينما قال الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في القرآن الكريم: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}، قضية خطيرة، وعيد صريح، حينما قال: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وعيدٌ صريح، وتأتي هذه العواقب التي توعد الله بها حتماً، حتماً، وإذا كان هناك نقصٌ في إيمان البعض بوعد الله ووعيده، فهذه حالة خطيرة عليهم، وهي- في واقع الحال- وراء كثيرٍ من المواقف، والتَّوجُّهات المختلفة والمخالفة لما وَجَّه الله إليه وأمر به، تأتي خيارات أخرى، قرارات أخرى، مواقف أخرى مخزية للأُمَّة مهينة.
ثم بالنظرة الموضوعية، يعني: عندما ننظر في إطار توجيهات الله وتدبيره، ووعده ووعيده، المسألة واضحة تماماً، ثم بالنظرة إلى الواقع؛ لأن هدى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" هو هدىً من الله الذي يعلم السِّرَّ في السماوات والأرض، وهو عالم الغيب والشهادة، هو المُدَبِّر لشؤون الناس في حياتهم، هو الذي رسم سنن هذه الحياة، وما يترتب على الأسباب من نتائج، عندما ندرس المسألة بموضوعية، ندرك- فعلاً- أن الخيارات في التخاذل تجاه ما يحدث، في مواجهة العدو الإسرائيلي، بكل ما قد تجلَّى من حاله، مما هو عليه من حقد، وعدوانية، وسوء، وإجرام فظيع للغاية، وسوء بكل أشكال السوء، لا يحترم شيئاً أبداً، لا قيم إنسانية ولا أخلاقية، ولا يحترم الدين والشرع، ولا يحترم القوانين، ولا يحترم الأعراف... ولا يحترم أي شيء، وينتهك كل الحرمات، نظرته إلى الناس كيف هي، وفي المقدِّمة للمسلمين؟ كيف ينظر إليهم في ثقافته، في فكره، في معتقداته؟ وكيف ينطلق على أساس ذلك في المواقف، في الأعمال، في التصرفات؟ كيف يترجم عملياً المعتقدات الباطلة السيئة، ثم تتجلَّى في واقع الحال في ممارساته العملية وتصرفاته العملية، أنه يُشَكِّل خطورة فعلية في مخططه الواضح ضد هذه الأُمَّة، يُشَكِّل خطورةً فعلية وواضحة.
والأُمَّة في حالة خطيرة جدًّا، حينما تتجاهل هذا العدو، وهو عدوٌ لها بأجمعها، هو يعادي هذه الأُمَّة بكلها، ليس عدواً فقط للشعب الفلسطيني، أو عدواً فقط لحركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي والمجاهدين، أو عدواً فقط للبعض من فئات الشعب الفلسطيني؛ هو يستهدف الشعب الفلسطيني في كل شيء، هو يستهدف في فلسطين المقدَّسات، التي هي مقدَّسات المسلمين جميعاً، يستهدف الشعب الفلسطيني بشكلٍ عام، لا ينحصر استهدافه لفئة دون أخرى، ويستهدفهم بالقتل، يستهدفهم بمصادرة الأراضي واغتصابها، يستهدف أيضاً بالتعذيب والاضطهاد، ويستهدف الجميع بكل أشكال الاستهداف، والتدمير الشامل، مسألة واضحة في قطاع غَزَّة، وفي مخيمات الضِّفَّة الغربية، وما حدث منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، منذ بداية العصابات الصهيونية الإجرامية، وما ارتكبته من جرائم، تستهدف الجميع: تستهدف الأطفال، النساء، تستهدف أحياناً المناطق بكل من فيها، هذه مسألة واضحة.
والمخطط الصهيوني واضح تجاه العرب والمسلمين، المعتقدات واضحة، النظرة واحدة إلى الجميع، نظرة العدو الإسرائيلي حتى إلى من يُطَبِّع معه، إلى من يواليه، هي نفس النظرة، نظرته إلى المسلمين، إلى بقية البشر والمجتمعات الإنسانية من غير اليهود: أنهم ليسوا بشراً حقيقيين، أنهم أسوأ حتى من بقية الحيوانات، يعني: يعتبر- العدو الإسرائيلي- يعتبر كل المسلمين، يعتبر كل العرب بدون استثناء: من يطبع ويوالي ويكون عميلاً له، أو من هو في مواجهته بالشرف، نظرته إلى الجميع أنهم أدنى من مرتبة الحمير، والبقر، والكلاب، هناك نصوص صريحة في التلمود كثيرة كثيرة، دون مستوى الكلاب والحمير والحيوانات الأخرى، وأنهم بشكل بشر، أشباه بشر؛ ليكونوا لائقين بخدمته واستغلاله.
النظرة هذه وحدها كان يفترض بها أن تكون مستفزة، عندما يكون نظرته- مثلاً- حتى إلى الزعماء العرب، الزعماء العرب بنصوص التلمود، في الثقافة الإسرائيلية، في المناهج التعليمية الإسرائيلية، حتى الزعماء العرب، الملوك والأمراء الذين قد يتَّخذون أقصى أنواع العقوبات في أوطانهم، تجاه من يتكلم من شعوبهم بكلمة فيها جرحٌ لمشاعرهم، أو تقليلٌ من مستوى مكانتهم وأهميتهم، أو انتقادٌ لهم، في بعض الأنظمة العربية قد يكون الملك فيها، أو ولي عهد، أو أمير، يتَّخذ إجراءً قاسياً جدًّا تجاه من هو من أبناء شعبه؛ لمجرَّد أنه انتقده، انتقده، وقد يكون انتقاداً في محلِّه، انتقاداً صحيحاً، وليس أبداً بمستوى ما يقوله الإسرائيليون عنه، أو في نظرتهم إليه، قد يتَّخذ البعض إجراءات بالإعدام، في بعض الأنظمة العربية يفعلونا هكذا: إجراءات بالإعدام، ولا يراعي أي اعتبار أبداً؛ لكنه في مقابل نظرة العدو الإسرائيلي إليه، كملك عربي، أو زعيم عربي، أو أمير عربي... أو أيّاً من العناوين، وهم لا يعتبرونه حتى بمستوى الحمار، أو بمستوى الكلب، أو بمستوى أي حيوان، ليس عنده تجاه هذه النظرة حالة من الاستفزاز، من الموقف، من الدافع، إلى أن يرى فيهم عدواً خطيراً وسيئاً؛ لأنها ليست مجرَّد نظرة عادية، هي نظرة يبنى عليها مواقف، والمواقف هي الاستباحة، هم يعتبرون أُمَّتنا الإسلامية، وفي مقدمتها العرب، مباحون لهم، يعتبرونهم مباحين لهم، يعتبرون هذه الأُمَّة أُمَّة مباحة لهم في كل شيء: مباحة لهم في الدم، في العرض، في المال، في الثروات... في كل شيء، هذا- بالنسبة لهم- هو معتقد ديني، وقامت عليه تربيتهم حتى نفسياً.
ولـذلك مسألة أن يرتكبوا أبشع وأفظع الجرائم ضد الشعب الفلسطيني وضد غيره، أن يقتلوا الأطفال والنساء بشكلٍ جماعي، بطرق فيها فظاعة للغاية، ليست هذه المسألة- بالنسبة لهم- مسألة شاقَّة، هناك مُجَنَّدات إسرائيليات، الواحدة مِنْهُنّ تتباهى بأنها قتلت أعداداً من الأطفال الفلسطينيين، باشرت قتلهم ببندقيتها، وأعدمتهم بدمٍ بارد، تتباهى بذلك، تتلذَّذ بذلك، تشعر بالسعادة لذلك؛ لأن هناك تربية على العداء، والحقد الشديد، والنظرة السلبية، يتربون عليها منذ الطفولة، يتعلمونها في مناهجهم الدراسية، وهناك تربية وترسيخ لها، حتى يصلون إلى مستوى المواقف العملية، وارتبطت بمخطط عملي، ليست مجرَّد أفكار في أذهانهم، وحالة نفسية في واقعهم النفسي، وتبقى في مكانها، هي في إطار مخطط، وأصلاً يُجمعون عليها لماذا؟ لأن هناك لدى اليهود ما يسمى بالصهيونية الدينية، والصهيونية العلمانية، لكنهم بكلهم يجمعون على تلك الثقافة، على تلك المعتقدات، على تلك الأفكار، لماذا يجمعون عليها؟ لأنها مرتبطة بمخطط عملي هو قاسم مشترك بينهم: أن يسيطروا بكيانهم على هذه الأُمَّة، أن يُحَقِّقوا مشروعهم ومخططهم التآمري فيما يعرف بـ (إسرائيل الكبرى)... وبقية المخطط بتفاصيله، هو محل إجماع، والتَّحرُّك على أساسه هو- بالنسبة لهم- قضية جامعة، وقضية أساسية، كلٌّ منهم ينافس الآخر في أن يُحَقِّق نتائج على أساس ذلك.
أكثر من (أربعين ألف طفل) في قطاع غَزَّة أصبحوا أيتاماً، آلاف من العوائل أُبيدت بأكملها، حالة مأساوية جدًّا، حالة مأساوية! حالة الجوع حالة مأساوية! العدو الإسرائيلي يمنع إدخال حليب الأطفال والمواد الغذائية إلى قطاع غَزَّة منذ (ستة وستين يوماً)، أكثر من (ثلاثة آلاف وخمسمائة طفل) أصبحوا قريبين من الموت جوعاً، المجاعة في قطاع غَزَّة أصبحت تهدد حياة عشرات آلاف الأطفال، يحرم الأطفال والأمهات الحوامل من كل مستلزمات الرعاية الغذائية والطبية.
هذا الحقد، هذا الإجرام، هو تجاه كل العرب والمسلمين؛ إنما لأن فلسطين، وقطاع غَزَّة في فلسطين، هي اليوم، هي كل هذه الفترة، هي كل هذه المدة الزمنية على مدى أكثر من خمسة وسبعين سنة، هي الخندق الأول لهذه الأُمَّة، لو كانت تعقل وتعي وتفهم، الخندق الأول الذي مثَّل أكبر عائق أمام العدو الإسرائيلي، للنجاح في بقية مخططاته ومؤامراته، في إطار المخطط الجامع، المخطط الصهيوني تجاه بقية البلدان، لو أنه تمكَّن من حسم المعركة نهائياً في فلسطين، وأنهى ما يريد إنهاؤه في فلسطين؛ لكان يعمل وفق هذه الممارسات الإجرامية، الوحشية، في بقية البلدان العربية التي يمتد إليها. ما الذي يعيقه عن أن يتصرف مثل هذه التصرفات تجاه الشعب المصري، الشعب السوري، الشعب اللبناني؟
- في لبنان، المقاومة وقفت له بالمرصاد، واجهته، تمكَّنت من إلحاق خسائر وهزائم كبرى به.
- في سوريا، كان هناك سد مانع أيضاً، هو: هذا النهج التحرري لمواجهته.
والآن لم يتغير الموقف الإسرائيلي تجاه سوريا، التهديد، الاحتلال، القصف، القتل؛ بل تجرَّأ العدو الإسرائيلي لأخذ مساحات أوسع في سوريا، للسيطرة على مواقع جديدة، ينفِّذ اعتداءاته بشكلٍ مستمر، وصولاً إلى غارات في داخل دمشق، الأعمال الإجرامية والانتهاكات العدائية مستمرة ضد لبنان... وهكذا.
العدو الإسرائيلي هو بهذا التَّوَجُّه، لكنَّ فلسطين لا تزال هي الخندق المتقدِّم للأُمَّة بكلها، العدو الإسرائيلي واجه عائقاً كبيراً، هي: المقاومة في فلسطين، المجاهدون في فلسطين، ثبات الشعب الفلسطيني، التضحيات الكبيرة التي يُقَدِّمها الشعب الفلسطيني، تَمَسُّك الشعب الفلسطيني بقضيته العادلة؛ وإلَّا فالعدو الإسرائيلي يسعى بكل جهد إلى التَّخَلُّص من هذه الجبهة، إلى أن يتجاوز هذا الخندق، وليعمل ما يعمل في غير فلسطين.
فيمـــا يتعلَّــق أيضــــاً بالضِّفَّــــة الغربيــــة:
- العدو الإسرائيلي يواصل كل اعتداءاته في الضِّفَّة الغربية، من تدمير، من قتل، من اختطاف.
- قطعان المغتصبين يمارسون كل أشكال البلطجة، والتَّعدِّي، والإجرام، تجاه الشعب الفلسطيني في الضِّفَّة الغربية: يُحرقون المزارع، ينهبون المواشي، يقتحمون المدارس، يقتحمون حتى حفلات الأعراس، لا يتركون للشعب الفلسطيني، أن يتهنَّأ حتى بحفلة عرس، يقتحمونها، يقلعون أشجار الزيتون، يشعلون النار أيضاً في المحاصيل الزراعية، يُدَمِّرون المساكن.
- ما يفعلونه في (طولكرم)، على مدى كل هذه الفترة الزمنية الطويلة، لأكثر من (مائة وإثنين أيام) وهم يمارسون كل أشكال: التدمير، التجريف، الاختطافات، القتل... وغير ذلك.
وكذلك في أماكن أخرى في الضِّفَّة الغربية بنفس الممارسات الإجرامية.
أمَّا تركيزهم على مدينة القدس، وعلى المسجد الأقصى، الذي هو من أهم وفي مقدِّمة المُقدَّسات الإسلامية، فهو شيءٌ واضحٌ ومعروف، والمفروض أن يستفز هذا كل المسلمين، إذا لم يصبح لمقدَّساتهم لم يعد لها أهمية عندهم، مسألة خطيرة جدًّا عليهم! العدو الإسرائيلي:
- يواصل أعمال الحفر والتنقيب وبناء الكُنُس في محيط المسجد الأقصى.
- يسعى إلى تهويد المدينة المقدَّسة بشكلٍ مُكَثَّف.
- يواصل العمل على استكمال مشروع المصعد الجديد.
- الاقتحامات للمسجد الأقصى بشكلٍ شبه يومي، بالمئات من الصهاينة، يرقصون في باحات المسجد الأقصى بحماية قوات العدو.
- يسعى العدو أيضاً إلى توسيع بؤر استعمارية قرب (باب الحديد): أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك.
وهكذا يستمر في كل اعتداءاته، وهي- كما قلنا- هي بذاتها خطوات استفزازية، إجرامية، مسيئة جدًّا لمقدَّسات المسلمين وللمسلمين، وفي نفس الوقت خطوات ترويضية، لما يهدف إليه العدو فيما بعد ذلك، من السيطرة والاستحواذ التام على المسجد الأقصى وتدميره، وبناء الهيكل المزعوم للأعداء.
في مقــــابل كـــل ذلــك، يستمر إخوتنا المجاهدون في قطاع غَزَّة في صمودهم وتصدِّيهم للعدو الإسرائيلي، نفَّذوا عدداً من الكمائن القاتلة للعدو، والمنكِّلة بالعدو، واشتبكوا مع العدو في عمليات أنتجوا عنها مشاهد مهمة جدًّا، تُبَيِّن فاعلية موقفهم، وصمودهم، وثباتهم، فهـم يقاتلون العدو:
- يتصدّون له بالعبوات الناسفة.
- يشتبكون معه في عمليات بطولية جهادية عظيمة.
- استدرجوا قوةً صهيونية إلى عين نفق مفخخ، أجهزوا فيها على ضابطٍ وجندي، وجرحوا عدداً من الجنود.
- يستهدفون دبابات الصهاينة بقذائف الياسين...
وهكذا، عمليات عظيمة وبطولية تم الإعلان عنها، ونشر مشاهد مهمة وعظيمة لها.
وكما قلنا في كل الكلمات الماضية: هذا المستوى من الصمود، والاستبسال، والتفاني، لإخوتنا المجاهدين الفلسطينيين، من كتائب القسَّام، ومن سرايا القدس... ومن معهم من الفصائل المجاهدة، وهذا المستوى أيضاً من الثبات، والتماسك، والتمسُّك بالقضية العادلة من الحاضنة: الشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّة، الأحرار من أبناء الشعب الفلسطيني في مختلف أنحاء فلسطين؛ هو يستحق من هذه الأمة أن تلتف حوله، أن تقدِّم له كل أشكال الدعم؛ لأن هذه هي مسؤولية من جهة، وفي نفس الوقت لو توفَّر القيام بهذه المسؤولية، وتوفَّر هذا الدعم كما ينبغي؛ لكان هناك فارق كبير في الموقف، الشعب الفلسطيني يمتلك مقومات الصمود من الجانب المعنوي، لكنه يحتاج إلى الدعم، إلى المساندة، أن تقف هذه الأُمَّة معه.
العدو الإسرائيلي بالرغم مما بحوزته من إمكانات هائلة جدًّا، مع ذلك يقف معه الغرب الكافر، تقف معه أمريكا بإمكاناتها وقدراتها، تقدِّم له كل أشكال الدعم، تقف معه الدول الغربية، تقدِّم له دعماً سخياً، ومتنوعاً، وهائلاً.
فلماذا لا تقف هذه الأُمَّة في الموقف الحق، في إطار مسؤولياتها أمام الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، في إطار ما يخدم أمنها وقضاياها، ويدفع الخطر عنها، مع شعبٍ هو جزءٌ منها؟! هذا تفريط كبير، وتقصير عظيم، وله مدلوله، في الانحدار الكبير على المستوى الإنساني والأخلاقي والقيمي، وفي الاهتمام من هذه الأُمَّة بقضاياها، {نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ}، ليس هناك التفات بأي اعتبار من الاعتبارات إلى هذه المسؤولية.
فيمــا يتعلَّــق بموقـف شعبنـــا العزيـــز في إسنــــاده لغَــــزَّة، في (معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس)، والتَّحرُّك المميَّز لليمن، في موقفٍ متكامل، من منطلقٍ إيماني، وإنساني، وأخلاقي، وقيمي، وديني، فالعمليات مستمرة، والعدو الإسرائيلي منذ أن استأنف الإبادة الجماعية وما قبلها، في الحصار والتجويع للشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّة، استأنف اليمن موقفه المتكامل رسمياً وشعبياً، وعلى كافَّة المجالات، وعلى كل المستويات:
- عسكرياً.
- وبالحصار للعدو الإسرائيلي.
- بالعمليات العسكرية.
- بالأنشطة الشعبية المتنوعة.
عمليات الإسناد المنَّفذة من خامس عشر شهر رمضان، وإلى التاسع من شهر ذي القعدة: بلغت- بعون الله وتوفيقه- أكثر من (مائة وواحد وثلاثين عملية)، نُفِّذَت بعدد (مائتين وثلاثة وخمسين) ما بين صاروخٍ بالِسْتِيٍ، ومُجَنَّحٍ، وفرط صوتي، وطائرة مُسَيَّرة، منذ الجولة الثانية من التصعيد الأخير (من الخامس عشر من شهر رمضان، إلى الآن).
هذا العدد الكبير من العمليات العسكرية، على مستوى العمليات العسكرية، التي تتحرك فيها: القوات الصاروخية، والقوات البحرية، وقوات الطيران المسيَّر، هذه العمليات بهذا العدد، بهذا الزخم، بالرغم من أنَّ العدو الأمريكي دخل في جولة ثانية من العدوان المكثَّف، والقصف المكثَّف الذي استهدف به بلدنا، وحاول منع هذه العمليات، ولكنها بهذا العدد الكبير، وبهذا الزخم المهم جدًّا.
في هذا الأسبوع نفسه، نُفِّذت عمليات كثيرة، هذه العمليات على مدى هذا الأسبوع نُفِّذت إلى عددٍ من المدن في عمق فلسطين المحتلة، والأهداف التي يتم استهدافها ضد العدو الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، نُفِّذت هذه العمليات بـ (عشرة صواريخ وطائرات مُسَيَّرة)، إلى (يافا) المحتلة، وإلى (عسقلان)، وإلى (النقب)، وإلى (أم الرشراش)، وإلى (حيفا)، وكلها ضد أهداف تابعة للعدو الإسرائيلي.
كان من أبرز العمليات في هذا الأسبوع، عملية عظيمة، ومهمة، وموفَّقة، هي: الاستهداف لـ (مطار اللُدّ)، الذي يسميه العدو الإسرائيلي ، هذه العملية كان لها صداها الكبير، وأثرها المهم، لماذا؟
لأن (مطار اللُد)، الذي يسميه العدو ، هو من أهم المنشآت ذات الحساسية الكبيرة لدى العدو الإسرائيلي، له أهمية استراتيجية، يعتمد عليه كمنفذٍ رئيسي يصله ببقية البلدان والدول، يعتمد عليه اعتماداً كبيراً في الحركة من فلسطين المحتلة وإليها؛ ولهـذا السفريات فيه، ونشاط النقل والحركة منه بالملايين سنوياً، بشكل مكثَّف جدًّا، يعتمد عليه اعتماداً رئيسياً، فله أهميته الاستراتيجية بكل الاعتبارات: اقتصادياً... وغير ذلك، هو يصله ببقية البلدان والدول بشكلٍ أساسي.
ويحظى من حيث الحماية، الحماية بطبقات مكثَّفة من الحماية، العدو الإسرائيلي يُركِّز على أن يقدِّم لهذه المنشأة التي يعتبرها ذات أهمية كبيرة جدًّا حماية مميَّزة؛ ولهـذا تشترك عِدَّة منظومات من الدفاع الجوي لحمايته، هناك أربع طبقات حماية، وعِدَّة منظومات متنوعة تؤدي هذا الدور، أُضيف إليها مؤخراً (منظومة ثاد) الأمريكية، التي هي من أهم ما يمتلكه الأمريكي من منظومات للدفاع الجوي، والحماية من الصواريخ والطائرات؛ مع ذلك كانت العملية ناجحة، وكان هناك توثيق واضح، ومشاهد واضحة لوصول الصاروخ إلى هذا المطار.
ولهـذا تأثيراتــه مـن جهــة اعتبـارات متعـدِّدة، وجهـــات متعــدِّدة:
- فوصولاً إلى الأهمية الكبيرة لهذا الموقع المهم جدًّا، الذي يعتمد عليه العدو الإسرائيلي، وله رمزيته وأهميته الاستراتيجية، أظهرت العملية انكشاف العدو الإسرائيلي أمام صواريخ اليمن، وسقوط جدران الحماية، ليس فقط من جهة المنظومات الإسرائيلية، ولكن ومعها المنظومات الأمريكية.
- إثــر ذلـك أعلنت أكبر شركات الطيران إيقاف رحلاتها إلى كيان الاحتلال، وانخفض عدد المسافرين.
- هناك أضرار كبيرة على قطاع السياحة، وعلى قطاعات الأموال، وعلى القطاع التجاري المعتمد على الشحن عبر الطيران.
التصريحات لخبراء العدو الإسرائيلي، ومسؤوليه، ووسائله الإعلامية، تُبيِّن مدى تأثير وأهمية هذه العملية، من ضمنها- باختصار- نذكر بعض العناوين:
- ، هذه الحالة من الخوف الجماعي، والذعر الجماعي، وعدم الاطمئنان في أوساط الصهاينة، لها أهميتها في هذه المعركة، ولها دورها الكبير في الضغط على العدو الإسرائيلي.
- أيضاً: ، هذا من عناوينهم.
- ، هكذا يعبِّرون عن أهمية هذا الموقع.
- مما ورد أيضاً: .
- .
- يقولون أيضاً فيما يتعلَّق بتعليقهم على الموقف: ، وهم يتحدَّثون عن الموقف اليمني، ، هكذا يعبِّرون هم عن مستوى الموقف وتأثيره عليهم.
وقد كان صدى هذه العملية على المستوى العالمي واضحاً في مختلف وسائل الإعلام، في تعليقات كل الخبراء والمحللين، وربما الكثير شاهد الكثير من هذه التحليلات والتعليقات عن العملية.
الأمريكي استمر خلال الأسبوع في عدوانه المساند للعدو الاسرائيلي ضد بلدنا، وكان له عمليات عدوانية كثيرة: قرابة (مائتين غارة وقصف بحري) نفَّذها بطائراته من قاذفات القنابل... وبقية الطائرات الحربية، شملت عدة محافظات: (صنعاء، وصعدة، والحديدة، وعمران، والجوف، ومأرب، والمحويت)، معظمها استهدفت الأعيان المدنية.
كان هناك في هذا الأسبوع أيضاً العدوان الإسرائيلي، مع فشل الأمريكي في الإسناد للعدو الإسرائيلي، اضطر العدو الإسرائيلي للدخول مباشرةً في العدوان على بلدنا، العـــدوان الإســـرائيلي:
- استهدف مطار صنعاء.
- استهدف الموانئ.
- استهدف محطات الكهرباء.
- واستهدف أيضاً مصانع الإسمنت.
يعني: كل ما استهدفه أعيان مدنية واضحة ومعروفة، كل هذا شاهدٌ على فشل الأمريكي، وفشل العدو الإسرائيلي في مسألة مهمة جدًّا، وهي: مواجهة القدرات العسكرية لليمن؛ لأن من أهمِّ ما يحرصون عليه: أن يتخلَّصوا من العمليات العسكرية، من عمليات القصف الصاروخي، والقصف بالمسيَّرات، ولكنهم فشلوا في ذلك؛ فاتَّجهوا إلى:
- استهداف الأعيان المدنية؛ بهدف الضغط على الشعب نفسه.
- والاستهداف للمنشآت الخدمية، والمصالح العامة للشعب اليمني؛ بهدف إلحاق الضرر العام بهذا الشعب.
وهم يتوقعون أن يكون لذلك مردود سلبي على إرادة هذا الشعب، على موقفه، على ثباته، على صموده، فالمستهدف بهذا العدوان هو: شعبنا بشكلٍ عام، في خدمات تعنيه جميعاً، وفي مصالح تعنيه جميعاً، والهدف هو: كسر إرادته، أن يصاب بالوهن، بالضعف، أن يؤثِّروا على ثباته، على موقفه العام، الداعم للعمليات العسكرية ضد العدو الإسرائيلي.
هذا العدوان- بحد ذاته- يشهد أنَّ العدو الإسرائيلي، ومعه الأمريكي، هم أعداء لشعبنا بشكلٍ عام، عملياتهم العدوانية هي تستهدف هذا الشعب بشكلٍ عام، لا تستهدف فئةً دون أخرى، المطار مطار لكل اليمنيين، الميناء ميناء لكل اليمنيين، المصالح العامة لهذا الشعب، محطات الكهرباء... غير ذلك؛ لكن- كما قلنا- هو شاهد على الفشل، الفشل الأمريكي والإسرائيلي، فشل في استهداف القدرات العسكرية، التي هي مشكلة على العدو، كانت مشكلةً على الأمريكي وهو يُواجَه في عدوانه على هذا البلد بالقصف الصاروخي إلى حاملات طائراته، إلى بوارجه وقطعه الحربية في البحار، يُستهدف أيضاً بالتصدِّي لعدوانه بكل أشكال التصدِّي والاستهداف له، في إطار ما هو متاح ومتوفر، مع التطوير المستمر للقدرات المتاحة، ومن ذلك: قدرات الدفاع الجوي، التي أسقطت على العدو الكثير من طائراته المطوَّرة، طائرات الـ (إم كيو 9)؛ فهـذا شاهدٌ على الفشل، وشاهدٌ على الحقد، الحقد الكبير ضد بلدنا.
الأمريكي في عدوانه في الجولة الثانية، جولة التصعيد الثانية على بلدنا، منذ تاريخ: خمسة عشر شهر رمضان المبارك، وإلى تاريخ: تسعة ذي القعدة، على مدى أكثر من شهر ونصف وهو يقصف على بلدنا، بلغت عمليات القصف الجوي والبحري: أكثر من (ألف وسبعمائة واثني عشر غارة وقصف بحري)، يعني: هناك تصعيد في الجولة الثانية، وهذا شيء واضح، واضحٌ بالنسبة لشعبنا العزيز، واضح بالنسبة لكل المتابعين إعلامياً، أنَّ الأمريكي عندما دخل في الجولة الثانية من إسناده للعدو الإسرائيلي ضد بلدنا، دخل بتصعيد مكثَّف: على مستوى الغارات، وعلى مستوى القصف البحري؛ ولكنه مع ذلك فشل فشلاً ذريعاً:
- لم يؤثِّر على القدرات العسكرية.
- لم يوقف العمليات.
- ولم يؤثِّر على الإرادة الشعبية.
في كل أسبوع يخرج شعبنا العزيز خروجاً مليونياً عظيماً في مئات الساحات، في مظاهرات لا مثيل لها في كل العالم، في مقابل هذا الفشل في التأثير على القدرات، في التأثير على العمليات، وفي التأثير أيضاً على الإرادة الشعبية، على الثبات على الموقف، لم يؤثِّر على كل ذلك.
تجاه هذا الفشل، وصل الأمريكي إلى خيار: أن يُوْقِف هذا الاسناد، حسب ما أعلن عنه الأمريكي، وأبلغ به أشقاءنا في سلطنة عمان.
الموقف الأمريكي لم يكن كما قال الكافر المجرم (ترامب)، أنَّه: ، هذا أبعد من عين الشمس، هذا هو المستحيل بذاته، المستحيل بذاته.
نحن- كشعبٍ يمني- تَحَرَّكنا في موقفنا المساند للشعب الفلسطيني، ضد العدو الإسرائيلي، الذي يمارس الإبادة الجماعية، وأفظع وأشنع وأبشع الجرائم على مستوى كل الدنيا، تَحَرَّكنا من منطلق إيماني، ثقتنا بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، اعتمادنا هو على الله "جَلَّ شَأنُهُ"، ولمسنا معونة الله، ونصره، وتأييده، ورعايته الواسعة، والفاعلية التي أعطاها الله لهذا الموقف، ومدى تأثيرات هذا الموقف، لو لم يكن موقف شعبنا العزيز، موقف يمن الإيمان مؤثِّراً، لما استنفر الأمريكي بكل قدراته، وإمكاناته، وحاملات طائراته، وقاذفات قنابله؛ لمحاولة إيقاف هذا الموقف، لو كان مجرَّد مسرحيات، لما تحرَّك أي تحرُّك الأمريكي، لكنَّ الأمريكي وهو استنفر بقدراته، بأقصى قدراته:
- قاذفات القنابل، وحاملات الطائرات... وغيرها من وسائله.
- نوع القنابل والأسلحة التي استخدمها في القصف في بلدنا.
- حجم وكثافة الغارات.
كل هذا الاستنفار؛ لأن هناك فاعلية كبيرة للموقف اليمني، هذه الفاعلية تعود إلى تأييد الله، إلى معونة الله، إلى توفيق الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، هي في إطار وعده الحق، حينما قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}، وفعلاً حتى على مستوى التَّصَدِّي للعدوان الأمريكي، يعني: هناك مسار المساندة للشعب الفلسطيني بشكلٍ مباشر في الموقف البحري، وحظر الملاحة على السفن الإسرائيلية، حقَّق نجاحاً كاملاً وتاماً، بكل ما تعنيه الكلمة، ومع ذلك العمليات إلى عمق فلسطين المحتلة ضد العدو الإسرائيلي، بالطائرات المُسَيَّرة والصواريخ بشكلٍ مستمر، بزخم متزايد، وهناك فارق إيجابي في زيادة العمليات، وفي نفس الوقت التَّصدِّي للعدوان الأمريكي، الاستهداف المكثَّف لحاملات الطائرات.
الفضيحة التي كُشِفَت- في نهاية المطاف- عن تأثير هذه العمليات على حاملة الطائرات (ترومان)، والتي تستخدم أساليب وتكتيكات هروبية، كما تحدثنا عن ذلك كثيراً، وصل الحال بها في تساقط الطائرات، التي هي من أهم الطائرات المقاتلة بحوزة الأمريكي (إف 18)، التي قيمة وتكلفة الواحدة منها: (سبعة وستين مليون دولار)، كان آخر ذلك ما حصل في مساء الثلاثاء، في مساء الثلاثاء قبل أمس يعني، في إطار- كذلك- حالة انعطاف حاد هروبي لحاملة الطائرات أثناء عملية يمنية، ما قُبيل الإعلان الأمريكي، فتسقط هذه الطائرة أثناء تلك العملية إلى البحر.
فهذه الفاعلية في الموقف، هي تعني: أننا كُنَّا في موقفٍ قوي، في موقفٍ متماسك، نحن في كل مراحل الصراع وإلى اليوم لم يخطر ببالنا، ولم نفكِّر، وليس وارداً عندنا على الإطلاق، أن نتخاطب مع عدوٍ مجرمٍ، ظالمٍ، طاغٍ، مستكبر، بأي لغة استسلام، أو ترجٍّ، أو عبارة ضعف، نحن- كشعبٍ يمني- في منطلقنا الإيماني، وثقافتنا القرآنية، ننطلق في إطار المواصفات القرآنية: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}، ننطلق في إطار المواصفات الإيمانية الراقية: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}، نحن من نهتف في كل فعالياتنا ومناسباتنا بأقوى العبارات، التي تعبِّر عن الموقف الصادق: (الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل)، وهذا شعارنا واضحٌ في هذه الخلفية، ونهتف به في كل المناسبات، في أقوى تعبير يعبِّر عن العِزَّة الإيمانية، وعلى مستوى المواقف العملية: صواريخنا، طائراتنا المسيَّرة، الزوارق الحربية، كل عملياتنا العسكرية واضحة ومعروفة، صلابة موقفنا السياسي مسألة واضحة ومعروفة.
خلاصة الموضوع: أنَّ أولويتنا الواضحة، المعلنة، هي: الإسناد للشعب الفلسطيني ضد العدو الإسرائيلي، هذه أولوية نعمل عليها.
جاء الأمريكي في الجولة الأولى من عدوانه على بلدنا إسناداً للعدو الاسرائيلي، واستمر في العدوان على بلدنا، وشاركه البريطاني في مراحل متعددة، استمرت هذه الجولة حتى التفاهمات الأخيرة ما بين الشعب الفلسطيني، ما بين قيادة حركة المقاومة الإسلامية في حماس، وما بين العدو الإسرائيلي، بوساطة قطرية ومصرية، وضمانة أمريكية، ثم دخلنا في مرحلة التَّوقُّف، الأمريكي توقَّف كذلك عن العدوان على بلدنا في تلك المرحلة.
تغيَّر الموقف الأمريكي من جديد، تحدث (ترامب) عن التهجير للشعب الفلسطيني من قطاع غَزَّة، أطلق اليد للعدو الإسرائيلي للإبادة الجماعية من جديد، وفَّر له الأمريكي مخزوناً ضخماً من القنابل والصواريخ؛ لقتل الأطفال والنساء في غَزَّة، أتاح له المجال لمنع دخول الغذاء والدواء، حتى حليب الأطفال، حتى الغذاء الضروري للشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّة؛ عدنا إلى موقفنا، عدنا بشكلٍ متكامل، بحسب مقتضيات المرحلة، ومستوى المعركة، وطبيعة الموقف، وكُنَّا واضحين في ذلك.
الأمريكي عاد بجولة عدوانية جديدة على بلدنا، وكان مؤمّلاً أنه سيحسم، وأنه سيحقِّق ما لم يحقِّقه خلال المرحلة الماضية، ولكنه فشل، وفشله واضح، حتى مستوى إسقاط طائرات الـ (إم كيو 9)، التي أُسْقِط منها (سبع) خلال شهر شوال، يعني: أنَّ المسار فعَّال وتصاعدي، الأمريكي صعَّد أكثر؛ لكنه خسر أكثر، وفشل أكثر، وما حصل أيضاً في البحر، خلال التَّصدِّي لحاملات الطائرات في أقصى شمال البحر الأحمر، وسقوط الطائرات المقاتلة وتدميرها، التي هي: الـ (إف 18)، بكلفتها العالية، وبأهميتها الكبيرة للأمريكي، فالأمريكي هو في فَشَل، صعَّد أكثر؛ لكنه فَشِل أكثر، صحيح أنَّه دمَّر من الأعيان المدنية الكثير، وهناك شهداء بالمئات، وجرحى من أبناء شعبنا العزيز، شهداء في سبيل الله، في طار الموقف الحق والقضية العادلة، لكن الأمريكي لم يتمكن إطلاقاً:
- لا من إيقاف العمليات.
- ولا من تدمير القدرات.
- ولا من كسر الإرادة لشعبنا العزيز، الذي ينطلق من منطلق إيماني ثابت، يعي قيمة الموقف الذي هو فيه.
ولـذلك فالإعلان الأمريكي ليس نتيجةً لترجٍ ولا استسلام، هذا هو من التهريج الذي يُعرف به (ترامب)، والمسألة بالنسبة لنا- كما كررنا كثيراً- أولويتنا هي الإسناد للشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعِزَّاء، دخل الأمريكي في جولة عدوانية؛ تصدينا له، الآن عندما يتورَّط في أي جولة عدوانية ثالثة، نحن جاهزون تماماً للتَّصدِّي له، موقفنا ثابتٌ بشكلٍ متكامل في الإسناد للشعب الفلسطيني، سواءً بالقصف الصاروخي وبالطائرات المسيَّرة إلى عمق فلسطين المحتلة، أو بالحظر على السفن الإسرائيلية من الملاحة في (البحر الأحمر، والبحر العربي، وخليج عدن، وباب المندب)، موقفنا لم ينقص، لم يتراجع، لم يضعف، هو بكل ما هو عليه من قوة وتكامل، والأمريكي إن تورَّط في أي جولة، نحن له بالمرصاد، نستعين عليه بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ونواجهه.
فيمـــا يتعلَّـــق بالمظاهـــرات في مختلــف البلـــدان: كان هناك تظاهرات في دول عربية، بلدان بعضها أوروبية، مناطق أخرى.
هناك أيضاً مساعٍ إنسانية في كسر الحصار الإسرائيلي عن قطاع غَزَّة، استهدف العدو الإسرائيلي (سفينة الحُرِّيَّة) بشكلٍ وحشي وإجرامي، وبكل تنكُّر للقيم الإنسانية.
هناك أيضاً نشاط طلابي في الجامعات الأمريكية، بالرغم من الضغوط الكبيرة التي تمارسها سلطة (ترامب) ضد الجامعات، لكن النشاط مستمر.
الفعاليات والمظاهرات وأنشطة التعبئة العامة في بلدنا مستمرة، هي قد بلغت خلال تسعة عشر شهراً إلى: أكثر من (مليون وتسعمائة ألف) نشاط متنوع، ما بين مظاهرات، ومسيرات، ووقفات، وأنشطة للتعبئة العامة... وغير ذلك، فالنشاط هو كبيرٌ جدًّا بالنسبة لشعبنا العزيز.
موقفنا- كما قلنا- ثابت، من منطلق إيماني، مسألة أن نقدِّم تضحيات، أو شهداء، أو أن يقوم العدو الإسرائيلي بالقصف لأعيان مدنية؛ هذا لا يؤثِّر على صلابة موقف شعبنا، وعلى إرادته؛ لأنها إرادة إيمانية، من أجل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، ما يمكن أن يحصل في إطار هذا الموقف من تضحيات، هو تضحيات في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وفي إطار موقفٍ صحيح، ليس المعنى أننا لو لم نتحرَّك في إطار هذا الموقف كُنَّا سنضمن لأنفسنا الاستقرار والسلامة، ولا يحصل علينا أي مشاكل، أُمَّتنا مستهدفة، مستنزفة، هناك من يخسر في طريق الباطل، في قضايا عبثية الكثير والكثير، بل البعض فيما يقدِّمونه مع العدو الأمريكي والإسرائيلي من مال ودم... وغير ذلك، وهناك في قضايا عبثية، أو في قضايا تافهة، في غير الموقف الحق، واستنزاف كبير جدًّا، ما يحصل في السودان استنزاف هائل جدًّا في الدم، والمال... وفي كل شيء، ويمكن أن يحصل ذلك في أي بلدٍ عربيٍ ومسلمٍ هنا وهناك.
من الطبيعي في الموقف الحق، في القضية العادلة، في إطار الجهاد، في موقف بحجم موقفنا في اليمن، أن يكون هناك تضحيات، ظروف الحرب المعروفة من استهداف لأعيان مدنية أو غيرها، لكنَّ ذلك لا يؤثِّر على موقفنا؛ لأنه موقف يستحق أن نضحِّي من أجل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وفي سبيله، تضحيات محسوبة عند الله، وتضحيات تبني واقعنا.
نحــن في مقابـــل مـا يحصــــل:
- نبني واقعنا على أرضية صلبة، في مواجهة كل التحديات، حتى على مستوى البناء الاقتصادي، ولو أننا نبني من تحت الصفر، وليس فقط من نقطة الصفر، لكنه بناء على أرضية صُلبة، نُصَمِّم واقعنا المستقبلي لكي يكون واقعاً قوياً على كل المستويات، ومؤسساً على أسس قوية، تبني شعبنا لمواجهة كل التحديات، وليس بناءً هشاً ضعيفًا.
- نصــبر؛ لأن الصبر من الإيمان، ومن متطلبات الموقف، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}؛ لأن الله مع الصابرين، {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}، {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}، {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}، كل هذا أمرنا الله به في القرآن الكريم، وبشَّرنا بأنَّه معنا حينما نصبر ونحن نؤدِّي موقفنا المشرِّف، وفي نفس الوقت لذلك نتائج مهمة في المستقبل، نتائج مبشِّرة، نتائج عظيمة.
- ولا تنكسر إرادتنا، الكثير من الناس مستنزفون، أُمَّتنا غارقة في الأزمات، انظروا حال بقية الشعوب والبلدان، والبعض مستنزف في ما يقدِّمه للأعداء، ونحن نقدِّم ما نقدِّم في سبيل الله، مع الله، استجابةً لله، لا يضيع شيء، ولا مثقال ذرة، {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}، لهذا النتائج العظيمة التي وعد الله بها في الدنيا وفي الآخرة، وحساب الآخرة مهم جدًّا في حسابات الإنسان المؤمن.
لا يمكن أن نصاب بالوهن، ولا بالضعف، ولا بالاستكانة، لأي استهداف معيَّن، أن دمَّروا مطاراً، أو دمَّروا مصنع أسمنت، الإرادة والكرامة والإيمان أقوى من كل ذلك، أن تبقى لنا كرامتنا الإنسانية، وأن نصون حُرِّيَّتنا الإيمانية، وعِزَّتنا الإيمانية، وشرفنا وإرادتنا كشعبٍ حُرٍّ عزيز، لم يخنع للأعداء، ولم يخضع لهم، هذا أكبر وأهم من محطة، أو مصنع، أو منشأة تُستَهدَف، ثم تُبنى فيما بعد ذلك بشكلٍ أكبر وأهم بإذن الله تعالى، {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}.
الخســـارة الحقيقيـــة: حينما تخسر أُمَّةٌ، أو شعبٌ، كرامتها الإنسانية، إيمانها، مستقبلها عند الله، عندما تخنع للعدو، وتستسلم للعدو، وما يترتب على ذلك من كوارث وطامَّات كبرى في الدنيا والآخرة؛ أمَّا التضحيات في سبيل الله فليست خسائر، هي ذات قيمة، ذات أهمية، لها نتائج محسوبة، ونتائج عظيمة، الذي يخسر هو من يخسر رضوان الله، ويبوء بغضبٍ من الله، ومقتٍ من الله.
العمليات، والمواقف، والأنشطة الشعبية، والخروج المليوني، شاهد على الثبات الإيماني، الخروج المليوني في الأسبوع الماضي كان عظيماً، وكبيراً، ومشرِّفاً.
الخـــروج المليـــوني يـــوم الغـــد إن شــاء الله تعــالى:
- فيه احتفالٌ لشعبنا بالفشل الأمريكي الكبير.
- فيه تأكيدٌ على الثبات في مواجهة العدو الإسرائيلي.
- ورسالة تحدٍ وثبات للعدو الإسرائيلي.
- وفي نفس الوقت نصرةً للشعب الفلسطيني.
أدعو شعبنا العزيز إلى الخروج المليوني العظيم، الكبير، المهم: شكراً لله تعالى على الفشل الأمريكي، تحدياً للعدو الإسرائيلي، ثباتاً على الموقف ضد العدو الإسرائيلي، نصرةً ومؤازرةً إيمانيةً أخويةً للشعب الفلسطيني ومجاهديه الأَعِزَّاء.
أرجو أن يكون الخروج واسعاً وكبيراً وعظيماً في العاصمة صنعاء (في ميدان السبعين)، في بقية المحافظات، في بقية الساحات.
في آخـــر الكلمـــة، لا يفوتنا أن نتوجَّه إلى كل الأنظمة والحكومات في عالمنا الإسلامي، بالنصح لهم، والتذكير لهم بمسؤوليتهم، تجاه ما يحصل من توتر كبير جدًّا بين الهند وباكستان، هناك تحريض أمريكي للهند ضد باكستان، ينبغي أن يكون هناك جهود كبيرة لاحتواء هذا التوتر، والسعي لإفشال المساعي الأمريكية في إثارة حرب كبرى مدمِّرة ما بين الهند وباكستان، بدأت مساعٍ إيرانية محمودة، يفترض أن يكون هناك مساعي أكبر وأوسع لاحتواء هذا التوتر؛ لأن الأمريكي له مآربه وأهدافه من إثارة مثل هذه الفتن والمشاكل الكبرى.
نَسْألُ اللَّهَ "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛