موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

إن المواقف هي من بداياتها، والناس يفهمون هذا، لو أننا نتصرف مع أعدائنا الكبار كما يتصرف الواحد منا مع عدوه من أسرته أو من أصحابه.. ترى كيف التصرفات هنا تكون مبنية على المبادرة والحذر، والاحتمالات كلها لها أثرها، أليس الواحد منا إذا ما دخل في خصومة مع صاحبه يحاول أن يريه وجهه قوياً، وصفعته قوية من أول يوم؟ لماذا؟ قال: ما الناس يقولون هكذا؟ .

أليس هذا هو التفكير الذي يحصل عند كل واحد منا في مواجهة خصمه على أو على قطعة أرض أو على أي قضية من القضايا البسيطة؟ لكننا في مواجهة أعدائنا الكبار نقبل الاحتمالات... والتبريرات أيضاً نركن إليها؛ لأننا لا نحب أن نعمل شيئاً، والتبرير الذي يعزّز قعودي سيكون هو المقبول.

لكن لاحظ أنك ستصل إلى حالة تتحسر فيها، يصل الشعب إلى حالة يتحسر فيها، وحسرة النادم هي حسرة من ضيع نفسه، ضياعاً أصبح يرى نفسه أنه ليس بإمكانه أن يتلافى ما فرط.

لكن إذا ما انطلق الناس ليعملوا فكما قلت سابقاً: العمل هو الضمانة الحقيقية, هو الضمانة لأمن الناس، هو الضمانة لسلامة الناس. ولا أن يترك الناس أنفسهم حتى يصل الوضع إلى أن يصبحوا كالفلسطينيين يستجدون السلام من هنا وهنا، ثم يتأسفون أن العرب لم يعملوا شيئاً، وأمريكا تنكرت لهم، ألم يجدوا العالم كله تنكر لهم؟ ألم يجدوا أنفسهم في وضع لم يستطيعوا أن يؤمِّنوا أنفسهم، ولم يستطيعوا أن يحافظوا على دُوَيْلَة صغيرة كانوا قد فرحوا بها.

الناس سيصلون إلى أوضاع كهذه، تكون كلها حسرة، وسترى أنه لا أحد يقف معك، ثم ترى أنت أنك أصبحت لا تستطيع أن تقف مع أخيك, أن تقف معه بشكل مجاميع، أولسنا نرى الفلسطينيين الآن بشكل أفراد يتحرك فرد واحد فقط وبسرية بالغة من أجل أن يعمل عملاً ما.. الناس ضيعوا الفرص التي هي مواتية لأن يتحركوا كمجاميع كبيرة حينها سيرون أنفسهم لا يستطيعون أن يتحركوا إلا أفراداً قليلين, وبأعمال تبدوا منهكة بالنسبة لهم، وضعيفة النكاية في أعدائهم، هكذا يجب أن نحذر من الحسرة.

فالقرآن الكريم رَبَّانا على أن لا نكون من أولئك الذين يسمحون لأنفسهم وهم يفرطون ويتوانون أن يكونوا من يقولون: ألم يأتِ هذا في القرآن الكريم يتحدث عن مواقف المتحسرين النادمين؟ وحتى قد يصل لديهم وعي على درجة عالية {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ}(السجدة: من الآية12) حينها حتى الوعي العالي لا ينفع، تصبح وضعيتك لا يمكن أن تعمل فيها شيئاً.

فرعون ألم يؤمن؟ لكنه آمن في عمق البحر داخل أمواج البحر المظلمة، ألم يحصل لديه وعي عالي {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ}(يونس: من الآية90) ألم يقل هكذا؟ وعي حصل لديه وإيمان حصل لديه لكنه في غير وقته. هكذا القرآن الكريم يعلمنا أنه من يضيع العمل في وقته، أنه من لا يَعِيَ في الوقت الذي ينفع فيه الوعي، أنه من لا يفهم في الوقت الذي يُجْدِي فيه الفهم سيصل به الحال إلى أن يرى نفسه يَعِي, ويُؤمن, ويفهم في الوقت الذي لا ينفع فيه شيءٌ, لا إيمانه, ولا وعيه, ولا فهمه.

يجب أن نفهم الأمور، وأن نقول لكل شخص يريد أن يقول : هذه الشواهد من داخل بلادنا، ومن خارجها ماثلة أمامكم يا من يقولون: إن واجبكم أن تنطلقوا أنتم، إن واجب الناس الآن هو أن يتحركوا وأن لا يخدعوا.

وأكرر أن لا يصبح الناس كثيري التحليلات, التحليلات يجب أن نتركها، تحليل واحد فقط هو: أن الأمريكيين دخلوا بلادنا من الذي سمح لهم، وأننا نرفض أن يدخلوا، وأننا سنقاوم وجودهم هنا.. يجب أن نقول هذا, وهذا هو التحليل الصحيح.

وكل تبرير لوجودهم مرفوض سواء يأتي من عالم، أو من رئيس، أو من قائد، أو من كبير أو من صغير؛ لأن الله تعالى علمنا في القرآن الكريم كل شيء، وهو من يعلم السر في السماوات والأرض وهو العليم بذات الصدور، أما هؤلاء فإنهم من يُخدعون دائماً، هم من يُخدعون دائماً، فنحن لا يجوز أن نُخدع، ولا أن نكون أبواق دعاية لتبريرات تنطلق منهم فيقول واحد منا: . قد نقول هكذا ونفرح، [شفت أنهم جاءوا يساعدونا[

كل عمل يبرر تواجدهم كن أنت من يقف ضده، كن أنت من يفضحه أمام الناس، كن أنت من يقول أنه خداع.

هذا هو الكلام الذي أريد أن أقوله في هذه الليلة.باعتبار أننا سمعنا - كما يقول بعض الإخوان - من إذاعة إيران, وإيران فعلاً لا تنشر خبراً على هذا النحو إلا ولديها مصادر تؤكد لها هذا, وأن هذا هو المحتمل أيضاًً.

وربما أن اليهود أيضاً - والله أعلم - قد يكون لديهم أشياء أخرى، أمارات أخرى في هذا الزمن بالذات يركزون فيما يتعلق بالشيعة، ويركزون أيضاً على ما يتعلق بالحرمين الشريفين، قد يكون لديهم ملاحم, أو لديهم أخبار أو أشياء من هذه، يعني يتصرفون كتصرف فرعون، يحاولون أن يحولوا دون ما يريد الله أن ينفذ {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ}(يوسف: من الآية21).

كان تحركهم في هذه المرحلة, ومن قبل فترة كنا نعتقد أنه تحرك يوحي بأنهم يعرفون، كما كان تحرك أولئك اليهود الذين عرفوا أن محمداً سيُبعث في حينه، وصرخوا في مكة، وصرخوا في المدينة بعضهم قالوا: هكذا.. (صلوات الله عليه وعلى آله). هم من عرفوا بأنه سيبعث, وأحد علمائهم قال لسلمان الفارسي: إنه قد أظلك زمان نبي سيبعث، وأعطاه علاماته.

هم من يعرفون ربما أن الأمة أصبحت في وضعية يمكن أن تشكل خطورة عليهم، وأن الشيعة هم من يشكلون خطورة بالغة عليهم، فهم من يسارعون كما سارع فرعون لكن الله سبحانه وتعالى هـو الذي قال عن نفسه: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ}. ويجب أن نثق بهذا أن الله الذي نريد أن نصدق معه بأن نجعله ولينا، وأن نتولاه، وأن نكون من أوليائه هو القوي العزيز، وهو الغالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 



دروس من هدي القرآن الكريم


من ملزمة خطر دخول أمريكا اليمن


‏ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي


بتاريخ 3/2/2002م


اليمن - صعدة