إذا فقد الناس الثقة بالله فقد يصلون إلى حالة من الكفر
موقع أنصار الله | من هدي القرآن الكريم |
لاحظوا، لو تأتي دولة وتقول: هذا كل ما لدينا تحت أيديكم، أليس حينئذٍ سيصبح الناس أقوياء؟ ويصبحون فيما بعد يتهددون ويتوعدون الآخرين؟. لماذا؟ أمّا في ظرف كهذا والله يقول لكم أن بإمكانكم أن تصلوا إلى مستوى أن يكون معكم، فمتى ما كان معكم فهو من لـه جنود السماوات والأرض. أعظم مما تمتلك الدولة الفلانية من أسلحة، لماذا أراك ضعيفاً؟. لماذا أراك مستسلماً؟. لماذا أراك هكذا مقهوراً ذليلاً؟. لماذا أراك بعيداً عن أي تفكير في أي عمل ضد أعداء الله؟ لأنك لا تعيش حالة المعرفة بالله، ولا تعيش حالة الثقة بالله؟.
ويدُلّك على هذا أنه لو تأتي الدولة تقول: هذه مجموعة أسلحة ومعسكرات تحت تصرفكم سنرى الناس كلهم سيصبحون أقوياء.. أليس هذا سيصبح حاصلاً عند الناس؟ أولياء الله يثقون بالله في أصعب الظروف، وفي أشد الظروف ابتعاداً عما يقدمونه من حلول، عما يقدمونه من تصور عملي في مواجهة أعداء الله.
الثقة بالله هي من أهم ما ركز عليه القرآن الكريم، وتجد أنه إذا ما افتقد الناس الثقة بالله قد يصل الناس إلى حالة من الكفر لا يشعرون بها، كيف يمكن؟. مثلاً تجد آيات صريحة عندما يقول الله: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج: من الآية40) {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم}(محمد: من الآية7) {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ} (التوبة:14) {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ}(آل عمران:111) وكم لهذه الآيات من نظائر… ولكن عندما ترجع إلى الناس فتقول: أعداء الله يعملوا كذا، ويتحركوا كذا، ما لنا ما نعمل؟.[والله ما جهدنا، احنا مستضعفين، ما بأيدينا شيء، ويش جهدنا نسوي؟].
طيب وتلك الوعود التي في داخل القرآن الكريم؟. تصبح النظرة كيف؟ معنى ذلك أنه في الأخير أنني أقرأ تلك الآيات، وأقرأ قوله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} وأنا في واقعي، ونحن في واقعنا جميعاً نحكم على الله بأنه[فقط أنت تستطيع أن تنصر وأنت قوي وأنت عزيز، لكن إذا كان هناك أعداء مثل قريش مثل أولئك الذين كانوا في مواجهة محمد، أما أمريكا أما إسرائيل أما أمام ما تمتلك من أسلحة هذه القوى.. والله ما جهدك] هذا واقع، أي نحن في نظرتنا إلى الله على هذا النحو!.
من يقول: نحن أمام أمريكا لا نستطيع أن نعمل شيئاً بعد أن قال الله لـه: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} بهذه العبارات {قَوِيٌّ عَزِيزٌ}. معنى هذا في الأخير أنه [والله صح أنت قوي، أنت عزيز لكن أما أمام أمريكا فلا، أنت غالب على أمرك، أنت قاهر فوق عبادك لكن أما هؤلاء فلا]، هكذا الواقع، نظرة الناس هي هكذا في الواقع، أليس هذا من الكفر الفضيع؟ كفر فضيع في داخلنا ونحن لا نشعر.
سببه ماذا؟ ضعف الثقة بالله، ضعف الثقة بالله تجعلك ترى أن الله لا يستطيع أن يعمل شيئاً أمام أولئك وهم من هم؟ هم أولياء الشيطان الذي قال الله عنه: {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} (النساء: من الآية76) فكلما زاد خبثهم كلما ازدادوا فساداً، أليس يعني ذلك أنهم كلما ازدادوا ولاءً للشيطان؟ كلما ازدادوا ماذا؟ كلما ازدادوا ضعفاً؟. كلما عظمت ولايتهم للشيطان كلما ارتبطوا بضعيف مذموم مدحور طرده الله، وطبعه بهذا الطابع: مذموماً مدحوراً ضعيفاً ذليلاً {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً}.
قد تسأل واحد.. فيقول لك: نحن من أولياء الله، ونحن مؤمنون. لكن لماذا؟ لماذا نراك تنظر إلى أولياء الشيطان نظرة المنبهر بهم؟ المكترث بما هم عليه؟ يراهم كباراً، يراهم سَداً أمام الله، وليس فقط أمام نفسه، أمام الله، وأنت تسمي نفسك بأنك من أبناء القرآن، وأنك من أبناء الإسلام، وأنك من أولياء الله، وأنك.. وأنك.. هذه حالة خطيرة.
إذا لم نتعرف على الله من خلال القرآن فإن أي وسائل أخرى للمعرفة لا تصل بنا إلى هذه الدرجة التي سيوصلنا إليها القرآن الكريم، وبالتالي يمكن أن تسبِّح وأن تصلي لله، وأنت تقول: (الله أكبر) وأنت تراه في واقعك أنه أعجز عن أن يعمل شيئاً أمام أولئك، أنه أعجز عن أن يعمل شيئاً أمام أولئك هوَ لا يستطيع أن ينصر من ينصره وإن قال إنه قوي عزيز!.
لو كنا نفهم القرآن الكريم، كل من يحمل القرآن الكريم ونعرف الله من خلاله لما وجدنا أي شيء أبداً أمامنا كبيراً – مهما بدا كبيراً – ؛ لأن الله في القرآن يقول لنا بأنه هو يدبر الأمر، وهو ملك السماوات والأرض، هو الذي ترجع إليه الأمور، هو الذي يستطيع أن يهيئ، هو الذي يفتح المجالات, يهيئ الفرص، هو الذي يعمل الأشياء الكثيرة التي قد لا نفهمها إطلاقاً، في مجال الدفاع عن أوليائه حتى يستطيعوا أن يصلوا درجة معينة، أشياء كثيرة لا نستطيع أن نستوعبها. أهم شيء في الموضوع هو أن تكون ثقة الناس بالله قوية.
دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة الثقافة القرآنية
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 4/8/2002م
اليمن – صعدة