فيما العدو الإسرائيلي يحشد عدته وعتاده استعدادا لجولة جديدة من التصعيد في غزة، يفاجأ بصفعة مدوية، تدخله في مأزق حقيقي. صاروخ يمني فرط صوتي يخترق 6 طبقات من الدفاعات الجوية المتقدمة، ليصل إلى هدف يقول عنه العدو الصهيوني بأنه الأكثر تحصينا، مطار اللد "بن غوريون"، ليتحول في غمضة عين إلى ساحة من الدمار والفوضى: الشظايا تملأ المكان، الدخان يتصاعد، حفرة بعمق 25 مترا يحدثها الصاروخ في المدرج 3 على بعد 200 متر من برج المراقبة، ثلاثة ملايين صهيوني في الملاجئ، الحياة معطلة في "تل أبيب".
ضربة أمنية سياسية عسكرية اقتصادية يتلقاها العدو الصهيوني، المطار مقفل، شركات الطيران تعلق رحلاتها، "جيش" العدو يعترف بوصول الصاروخ إلى هدفه، مشاهد هلع المستوطنين تعم السوشال ميديا، الحدث يسيطر على الإعلام العالمي، الجميع يقر بالفشل الإسرائيلي، السؤال المطروح: ما الذي يمكن للعدو الإسرائيلي أن يفعله؟ العدوان الأمريكي عاجز عن حماية نفسه، الدفاعات الجوية الإسرائيلية أيضا عاجزة، أدوات الصهيونية في المنطقة سبقت الجميع في تلقي الصفعات اليمنية.
التأثير الاقتصادي يكشفه موقع investing الاقتصادي والذي أكد أن الصاروخ اليمني ضرب بورصة "تل أبيب"، وأن 50% من القطاعات الاقتصادية "الإسرائيلية" تتكبد خسائر فورية، حيث سجلت 6 قطاعات "إسرائيلية" خسائر مباشرة في القيمة السوقية في بورصة "تل أبيب"، متأثرة باستهداف اليمن للمطار، مضيفا أن بيانات بورصات "تل أبيب" تؤكد تضرر قطاعات البنوك والنفط والغاز والتمويل والعقارات والاستثمار والبناء والتشييد في أعقاب الهجوم".
لم ينتهِ الأمر عند هذا الحد؛ فضربة "بن غوريون" خطوة أولى. القوات المسلحة تعلنها مدوية: كل مطارات العدو الصهيوني تحت الحصار الشامل. على شركات الطيران العالمية إلغاء رحلاتها إلى مطاراتِ العدوِّ المجرمِ حفاظاً على سلامةِ طائراتِها وعملائِها.
الرئيس المشاط من جانبه ينصح المغتصبين الصهاينة ألا يثقوا في إدارتي نتنياهو وترامب مطلقا، فاليمن لن يوقف عملياته العسكرية التي تستهدف الأراضي المحتلة إلا بوقف العدوان ورفع الحصار عن غزة. وكلفة التجاهل لمطالب إيقاف العدوان على غزة كبيرة، وستجبرنا للذهاب إلى خيارات تصعيدية أخرى. الصهاينة لا يزال بمقدورهم العودة إلى أوطانهم ومغادرة فلسطين قبل ألا يتمكنوا من ذلك.
مركز تنسيق العمليات الإنسانية "HOCC" بالعاصمة صنعاء، يوجه خطابًا لمنظمة الطيران المدني الدولي "ICAO"، والاتحاد الدولي للنقل الجوي "IATA"، بأن عليهم تجنب الملاحة الجوية من وإلى مطارات العدو الإسرائيلي الغاصب وعلى رأسها مطار اللد المسمى "بن غوريون"، وتحويل مسارات الطائرات، كون المطارات معرضة للاستهداف بشكل مستمر من قبل القوات المسلحة اليمنية.
شركات الطيران تستجيب
وعلى وقع الصدمة تسارع شركات الطيران للاستجابة للقرار اليمني، لا مماطلة، فالوضع خطير وتداعياته كبيرة، اليمن إذا قال فعل. تؤكد القناة 13 العبرية أن 20 شركة طيران عالمية أوقفت رحلاتها إلى مطار "بن غوريون" بعد تعرضه للهجوم اليمني.
شركة الطيران الأمريكية العملاقة "دلتا إيرلاينز" تُلغي رحلاتها وغيرها الكثير: طيران إير أوروبا، وشركات الطيران البولندية واليونانية والإيرلندية والبلجيكية تلغي رحلاتها المقررة إلى مطار اللد "بن غوريون". إلغاء ما يقارب 80 رحلة جوية إلى مطار اللد خلال الـ 5 من مايو . موقع فلايت رادار يؤكد أن مؤشر تأخير وصول الرحلات في مطار اللد " بن غوريون" يصل إلى مستوى قياسي. صحيفة معاريف الصهيونية تبدي تخوفها من الوضع: إلغاء الرحلات الجوية على نطاق واسع سيتطلب لاحقا كثيرا من الوقت والجهد لإعادة شركات الطيران، وتجاربنا السابقة تؤكد أن شركات الطيران حذرة للغاية في قرارها بالعودة" هكذا تقول الصحيفة.
أما الرحلات المعلقة ساعة إصابة الصاروخ للمطار فكانت كثيرة. خطوط أوروبا الجوية الإسبانية، ومجموعة لوفتهانزا التي تضم شركة لوفتهانزا الألمانية وشركات "سويس" و"النمسا للطيران" و"بروكسل للخطوط الجوية"، كذلك شركات "إير يوروبا" و"إير إنديا" و"ITA الإيطالية".
تقول صحيفة "معاريف" العبرية إنه كان من المقرر أن يغادر من الكيان يوم الأحد نحو 34,700 مسافر، وأن يصل 31,500 آخرون، فيما تكشف هيئة المطارات الإسرائيلية أن نحو 66,200 مسافر كانوا سيعبرون، الاثنين، عبر مطار "بن غوريون" على متن 422 رحلة دولية.
رئيس مجلس إدارة "هيئة المطارات" في كيان العدو، بنحاس عيدان، يؤكد أنه "سقط الصاروخ داخل أراضينا، بالقرب من الطائرات. وكانت هناك سحابة من الدخان الأسود الكثيف، ولم نرَ عمليات الاعتراض، هذه المرة سُمع دوي الانفجار في جميع أنحاء المنطقة. كان قريبًا جدًا من الطائرات، قريبًا جدًا. لحسن الحظ، هبطت طائرة كانت في الجو بسلام وفي الوقت الحالي، كل شيء مُعلّق. كل شركة تُقرر بنفسها ما إذا كانت ستواصل رحلاتها أم لا. أطلب منهم عدم اتخاذ أي قرارات حتى يعود كل شيء إلى طبيعته".
موقع "والا" العبري من جانبه كان قد أورد تقريرا عن أثر تعطيل الرحلات، ونشر قائمة الشركات التي ألغت رحلاتها، شملت: "ويز إير"، و"إير إنديا"، و"إير يوروبا"، و"TUS Airways"، و"لوفتهانزا"، و"أوستريان إيرلاينز"، و"بروكسل إيرلاينز"، و"يونايتد إيرلاينز"، و"إير كندا"، و"سويس إير". كما أعلنت مجموعة لوفتهانزا أن جميع رحلاتها - بما في ذلك "سويس"، و"أوستريان"، و"بروكسل"، و"يورو وينغز" - ستبقى معلقة حتى السادس من مايو. ولاحقًا انضمت شركات أخرى مثل "ترانسافيا"، و"رايان إير"، و"دلتا"، و"نيبون"، و"بريتيش إيرويز".
وفي مقابلة أجراها موقع "والا"، أبدى مجموعة من المسافرين "الإسرائيليين" تذمرهم الشديد من قرارات الإلغاء المفاجئة. المستوطنة ليرام إلكايم، التي كانت على وشك السفر إلى لارنكا، وصلت إلى المطار بكامل أمتعتها، لكنها فوجئت في اللحظة الأخيرة بإلغاء الرحلة. وقالت في حديثها للموقع: "لا أصدق أنني وصلت حتى هنا، وفي آخر دقيقة يُبلغونني أن الرحلة أُلغيت. إلى متى سنعيش في ظل التهديدات؟ إلى متى سيُسمح بأن تعطل حياتنا؟ يتمكنون من تهديدنا كل يومين، وإسرائيل لا تفعل شيئًا".
وينقل "والا" عن إلكايم تساؤلاتها: "كنا قد اعتدنا سابقًا على التهديد من غزة، أما الآن فهل علينا أن نعتاد على التهديد من اليمن أيضًا؟ يبدو أن هناك معادلة غير معلنة تُفرض علينا. الناس هنا غاضبون، ولا يفهمون كيف تم الإلغاء رغم التصريحات الإعلامية التي تقول إن المطار عاد إلى العمل كالمعتاد. على الأقل لتكن هناك شفافية.".
وفي شهادة أخرى وثقها "والا"، قالت المستوطنة إفريت إيلواز، التي كانت تنوي السفر إلى سالونيك عبر "رايان إير"، إن رحلتها كانت مقررة في العاشرة مساءً، لكنها اكتشفت أنها أُلغيت دون إشعار مسبق. وأضافت: "لم أتلق أي بريد إلكتروني، وفقط عندما دخلت التطبيق عرفت أن الرحلة أُلغيت، وحتى البريد وصلني بعد ساعة. كنت أنوي زيارة أقاربي، وأخذت إجازة من عملي، والآن أشعر بخيبة أمل كبيرة".
وتابعت إيلواز، وفق ما أورده "والا": "حاولت الحصول على تعويض أو حجز رحلة بديلة، لكن الموقع لم يكن واضحًا. ما يحدث غير معقول".
إرباك غير مسبوق يشهده الكيان الصهيوني، يبدأ الحديث في الكيان عن مناقشة ما بعد استجابة الشركات الجوية للقرار اليمني. موقع "ذا ماركر" الصهيوني يكشف أنه عند تلقي المزيد من شركات الطيران تعليمات بإلغاء رحلاتها فسيكون الكيان الصهيوني في ورطة، والساعات الـ24 المقبلة حاسمة لقطاع الطيران في "إسرائيل".. مدير عام "وزارة النقل" الصهيوني يصرح لصحيفة غلوبس: "مع إلغاء شركات الطيران الأجنبية لرحلاتها لن نقبل بارتفاع الأسعار من قبل الشركات الإسرائيلية، ونبذل قصارى جهدنا لوقف عمليات إلغاء الرحلات من قبل الشركات الأجنبية". يكشف أيضا أن 17 شركة من أصل 32 شركة أجنبية ألغت رحلاتها وليس لدينا إلا 3 شركات محلية".
الرئيس التنفيذي لشركة "سيجنال" الصهيونية يأمل عدم تعليق شركات الطيران رحلاتها لفترة أطول، ما سيؤدي إلى أضرار جسيمة وارتفاع الأسعار. المدعو "نير مازور"، نائب رئيس علاقات الطيران الصهيوني يؤكد: تعود المشكلة الرئيسية مجددًا إلى الرحلات منخفضة التكلفة وشركات مثل لوفتهانزا وغيرها. كذلك الرئيس التنفيذي لشركة أوفاكيم الصهيونية يؤكد أنه لا يزال من الصعب تحديد استمرار نشاط الشركات في "إسرائيل"، التي تراقب الوضع عن كثب.
صحيفة "معاريف" العبرية توجز المشهد: "الإنجاز اليمني غير المسبوق لم يكن في إغلاق مطار "بن غوريون" لساعتين، بل في تدمير أحد رموز "السيادة الإسرائيلية" وعزل الكيان عن العالم الخارجي، "الحوثيون" استطاعوا تعطيل حركة الملاحة الصهيونية منذ أكثر من عام ونصف ومنعوا السفن التجارية من الوصول إلى ميناء "إيلات" والموانئ الأخرى، وركزوا جهودهم على مهاجمة موانئ حيفا وأسدود ورصيف الطاقة في عسقلان". تكشف الصحيفة الخطر اليمني على جانب حيوي آخر، مؤكدة أن اليمنيين في إحدى الحالات كادوا أن ينجحوا عندما تحطمت طائرة بدون طيار على بعد أمتار من الجسر المحيط بمركز الطاقة.
موقع "Ynetnews" الإخباري العبري يؤكد المؤكد: "الصاروخ الذي أصاب مطار "بن غوريون" مثل انتصارًا لـ"الحوثيين" وأظهر مجددًا أن أنظمة اعتراضنا ليست مضمونة، ورغم الغارات الأمريكية التي تستهدف قدرات "الحوثيين" إلا أنهم ما زالوا قادرين على إطلاق الصواريخ، وهذه هي المرة الثالثة التي تفشل فيها أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية والأمريكية في اعتراض صاروخ باليستي أُطلق من اليمن".
موقع "واي نت" العبري ينقل عن "مايكل ميلستين"، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في "مركز ديان" بجامعة "تل أبيب"، أن الصاروخ الذي أطلق من اليمن وسقط في مطار بن غوريون يكشف عن حقيقة معقدة مفادها أن "إسرائيل"، رغم إنجازاتها العسكرية، لا تزال تواجه قتالًا مستمرًا على عدة جبهات، وتفتقر إلى استراتيجية واضحة ومتماسكة للتعامل مع هذه التحديات المتصاعدة. مشيرا إلى أن سقوط الصاروخ "الحوثي" قرب مطار بن غوريون لم يكن حدثًا استثنائيًا، بل هو حلقة أخرى في "حرب دائرة على سبع جبهات" منذ 17 شهرًا. واعتبر ذلك بمثابة نذير للروتين الحياتي الذي ينتظر الإسرائيليين لفترة غير محددة، خاصة في ظل قرار تعميق الحملة العسكرية في غزة".
سي إن إن تؤكد أن: "نجاح صاروخ يمني في ضرب مطار بن غوريون، يمثل خرقًا أمنيًا كبيرًا في أحد أكثر المواقع حماية، فالهجوم يثير تساؤلات حول قدرة "إسرائيل" على اعتراض مثل هذه الهجمات على الرغم من نظام الدفاع الصاروخي الذي تتباهى به. أما "نيويورك تايمز" الأمريكية فتقول: "نقف اليوم أمام واحدة من أكبر نجاحات "الحوثيين" في الأشهر الأخيرة، وواحدة من أخطر الإخفاقات بالنسبة لـ"إسرائيل"، بعد نجاح الصاروخ في اختراق جميع الدفاعات الجوية ووصوله إلى مطار بن غوريون".
موقع "ذاميديا لاين" الأمريكي سلط الضوء على التداعيات الخطيرة للهجوم الصاروخي على مطار "بن غوريون" في يافا المحتلة. ونقل عن داني سيترينوفيتش، الباحث في "معهد دراسات الأمن القومي" في "تل أبيب"، قوله: "هذا عدوٌّ لم تواجهه إسرائيل من قبل. إنه بعيدٌ عن إسرائيل، وذو دوافع قوية. صراعه ضد إسرائيل قائمٌ على الأيديولوجية، ولا يوجد حلٌّ نموذجيٌّ لهذا التحدي". مضيفا "من غير المرجح إلى حد كبير أن تتمكن إسرائيل من وقف هذا، طالما استمرت الحرب في غزة، مما يربط بشكل مباشر بين استمرار الصراع في غزة وتصاعد هجمات الحوثيين".
وقال سيترينوفيتش: "لقد استخدم الأمريكيون كل قدراتهم تقريبًا ضد الحوثيين. فماذا يمكن لإسرائيل أن تضيف أيضًا؟" وحذر من أن الضربات المباشرة لن تقضي على التهديد، نظرًا للتحديات الاستراتيجية التي يشكلها الحوثيون إقليميًا وعالميًا.
"يديعوت أحرونوت" العبرية اعتبرت أن الصاروخ الذي أطلق من اليمن وأحدث حفرة كبيرة في محيط المطار الدولي الرئيسي لدى كيان العدو منح أنصار الله إنجازًا نفسيًا ملحوظًا، غير أن الصحيفة شددت على ضرورة النظر إلى الحدث ضمن سياقه العملياتي، كونه يمثل ثالث حالة فشل في اعتراض صاروخ باليستي يُطلق من اليمن، رغم نشر منظومة الدفاع المدعومة ببطاريات THAAD الأميركية