موقع أنصار الله - متابعات – 29 ذو القعدة 1446هـ
قالت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني، إن معتقلي غزة لا يزالون تحت وطأة جرائم التعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة الإنسانية، ولا تزال شهاداتهم وإفاداتهم هي الأشد والأقسى، وتزداد فظاعة التفاصيل وثقلها على المعتقلين مع مرور المزيد من الوقت.
وأفادت الهيئة ونادي الأسير في بيان مشترك، يوم الثلاثاء، بأن الطواقم القانونية نفذت خلال الشهر الجاري، عدة زيارات لمجموعة من معتقلي غزة شملت المعتقلين في معسكري "سديه تيمان"، و"عوفر"، الصهيوني وذلك امتدادًا لسلسلة زيارات جرت على مدار الشهور الماضية.
وعكست إفاداتهم مجددًا جرائم التعذيب الممنهجة، ومستوى غير مسبوق من سوء المعاملة وأساليب الإذلال الحاطة بالكرامة الإنسانية، ومحاولتهم المستمرة لترسيخ هذه الجرائم، وتطويع كل ما هو داخل المعسكرات لتعذيب الأسرى وقهرهم.
ففي معسكر "سديه تيمان"، الذي شكّل ولا يزال عنوانًا لجرائم التعذيب الممنهجة، إلى جانب معسكر "عوفر" الصهيوني الذي لا يقل مستوى الجرائم فيه عما يجري في "سديه تيمان"، ومعسكرات وسجون أخرى، تحدث معتقلون عن تفاصيل ما واجهوه خلال مرحلة الاعتقال الأولى، وتحديدًا خلال فترة التحقيق، وما رافقها من أساليب تعذيب نفسي وجسدي.
وأشاروا إلى الظروف الاعتقالية المأساوية التي تهدف بشكل أساس إلى سلبهم إنسانيتهم، والحط بكرامتهم.
وقال المعتقل (ي.س): "اعتُقلتُ في تاريخ 27-12-2024، من مستشفى كمال عدوان، وتم نقلي إلى سجن في القدس، لمدة 24 يومًا، طوال هذه الأيام كنا مقيدين، تعرضت للتحقيق لمدة 20 يومًا، ثم جرى التحقيق معي لثلاث مرات إضافية، كل مرة كانت تستمر لـ4 ساعات".
وأضاف"تم تهديدي بتحقيق (الديسكو). بعد مرور شهرين على اعتقالي تم إحضاري إلى محكمة عبر الهاتف، وتم تمديد اعتقالي حتى إشعار آخر، مدة الجلسة فقط 3 دقائق فقط".
ولفت إلى أنه قبل التحقيق معي تم تجريدي من ملابسي -بشكل كامل، وصوروني عبر الهاتف، ونحن محتجزون في ظروف قاسية جدًا، لا فتوجد أوانٍ للأكل، منذ أن حضرت إلى معسكر (سديه تيمان) بدلت ملابسي مرة واحدة.
بدوره، قال الأسير (م. د)، المعتقل منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2024: "كنت مع عائلتي عند الاعتقال إلى جانب نحو 180 شخصًا تم احتجازنا في بناية إلى جانب الحاجز الذي يُعرف بحاجز (الإدارة المدنية)، وبعدها جرى نقلنا إلى معسكر (سديه تيمان)، وأنا لا أزال منذ يوم اعتقالي في المعسكر".
وأضاف "في بداية الاعتقال تم التحقيق معي على مدار أيام منها 18 ساعة بشكل متواصل، خلالها تعرضت للضرب باستمرار، ثم خضعت لتحقيق (الديسكو) لمدة 24 ساعة، بعد 35 يومًا على اعتقالي تم إحضاري إلى جلسة محكمة عبر الهاتف، وأمر القاضي باستمرار اعتقالي حتى انتهاء الحرب".
وعلى صعيد الواقع الاعتقالي اليوم داخل المعسكر، فقد أفاد المعتقل (م.د)، بأن كل 25 معتقلًا يتم احتجازهم في "بركس"، ويجبر المعتقلون على الجلوس طوال الوقت، ويُمنع الحديث فيما بينهم، والمعسكر مزود بكاميرات.
وأكد أن الاعتداءات والمعاملة المهينة والمذلة، لا تتوقف، قد تختلف وتيرتها بحسب مزاج جنود العدو الصهيوني، فكل شيء مرهون هنا بمزاج الجنود، بما في ذلك خروج المعتقلين إلى ما تسمى (الفورة).
وأشار إلى أنه منذ 90 يومًا لم يُسمح له بتغيير ملابسه الخارجية، ومنذ 30 يومًا يرتدي ملابسه الداخلية، وكل 5-6 معتقلين يستخدمون (المنشفة) نفسها عند الاستحمام، ومدته دقيقتان.
وأما المعتقل (أ.ر) فقال: "اعتُقلتُ في تاريخ 27-12-2024، من على (الممر الآمن)، تم احتجازنا في مكان قريب، قضينا ليلة كاملة تحت البرد الشديد في مكان مكشوف، وأُجبرنا على ارتداء أرواب (الكورونا) البيضاء، تعرضنا للضرب المبرح طوال مدة نقلنا من مكان الاعتقال حتى وصولنا إلى معسكر (سديه تيمان)".
وأضاف "حتى اليوم ورغم مرور كل هذه المدة ما زلت أعاني آلاما في الكتف والغضروف، وأتوسل لهم من أجل إعطائي مسكنا، دون استجابة، وبعد 40 يومًا على اعتقالي عُقدت لي محكمة عبر الهاتف، وتم تمديد اعتقالي لمدة غير محدودة، وأرتدي الملابس ذاتها منذ أكثر من شهر، ومدة الاستحمام المسموح بها فقط دقيقتان".
وتابع "طوال النهار نجبر على أن نبقى جالسين على (الأبراش)، ولا يُسمح لنا بالحديث، وتوجد كاميرات مراقبة على مدار الساعة، ويُمنع علينا رفع رؤوسنا خلال الخروج إلى (الفورة)، ومن يرفع رأسه يتعرض للإهانة والتنكيل".
وأما المعتقل (م.و) فقال: "اعتُقلتُ في 29/12/2024، وأعاني إصابة في البطن، وقد نُقلت إلى معسكر (سديه تيمان) وأنا مصاب، وتعرضت للضرب المبرح رغم إصابتي، واليوم أعاني أوجاعًا دائمة.
من جهته، قل المعتقل (ي.ن): "اعتُقلتُ في 27/12/2024، بقيت ثلاثة أيام وأنا عارٍ دون ملابس، ثم أحضروا لنا روب (الكورونا)، جرى نقلنا إلى القدس وبقيت هناك محتجزًا لمدة 41 يومًا، خلالها بقيت معصوب العينين ومقيد اليدين، وتعرضت للضرب، وما زلت أعاني أوجاعًا صعبة، وانتفاخًا في ساقي اليسرى، ونتيجة لذلك لا أستطيع الخروج إلى (الفورة)، وأعتمد على الأسرى في تلبية احتياجاتي".
من ناحيته، قال المعتقل (أ.ل): "اعتُقلتُ في شهر تشرين الثاني 2024، وتعرضت لمعاملة صعبة وغير إنسانية، وعند إخراجنا إلى ساحة الفورة، يجبروننا على خفض رؤوسنا والخروج على شكل (قطار)، ومنذ خمسة أشهر لم أبدل ملابسي، وخلال مدة الشتاء كانوا يستخدمون الماء البارد في تعذيبنا من خلال إجبارنا على الاستحمام به، إذ ينتهجون سياسة (العقاب الجماعي)".
وأضاف "كما يتعمدون تعذيب بعض الأسرى أمامنا، لترهيبنا. وعلى صعيد الاحتياجات الأساسية للأسرى، نحن محرومون من توفير الحد الأدنى منها كفراشي الأسنان، وحتى معجون الأسنان، تزود كل غرفة بلفة ورق واحدة للمرحاض في اليوم، لا توجد أوانٍ بل يتم وضع لقيمات الطعام في أيدينا دون أوانٍ".
وأكدت هيئة الأسرى ونادي الأسير، أن هذه الإفادات تعكس نهج منظومة السجون والمعسكرات في استمرار استهداف الأسرى والمعتقلين، كامتداد لجريمة الإبادة والعدوان الشامل على شعبنا.
يشار إلى أن عدد معتقلي غزة الذين ارتقوا بعد الإبادة في سجون الاحتلال ومعسكراته (44)، وهم من بين (70) أسيراً استُشهدوا في سجون العدو الصهيوني بعد الإبادة، ولا يزال العشرات من شهداء غزة رهن جريمة الإخفاء القسري.
وآخر معطى أعلنته إدارة سجون العدو الصهيوني عن معتقلي غزة المصنفين (بالمقاتل غير الشرعي)، (1846) معتقلًا، وهذا المعطى لا يشمل كل أعداد معتقلي غزة المحتجزين في المعسكرات التابعة للاحتلال.
ويرتكب "جيش" العدو الصهيوني منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 175 ألف بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.