نشرت صحيفة "التلغراف" البريطانية تقريرًا جديدًا يفضح حالة من الانكشاف التقني والعملياتي الحاد تعاني منه البحرية الدنماركية، بعد فشل ذريع لفرقاطتها الحديثة "إيفر هويتفيلدت" في البحر الأحمر أمام صواريخ اليمنيين.
التقرير الذي حمل عنوان "لقد تخلى الدنماركيون عن أفضل سفنهم الحربية: دروس للبحرية الملكية"، كشف تفاصيل خطيرة تُظهر عجز الفرقاطة عن الصمود في بيئة الحرب الحقيقية، رغم ما أُشيع سابقًا عن تطورها.
وبحسب ما نقلته الصحيفة على لسان الكاتب البريطاني توم شارب، فإن البحرية الملكية الدنماركية قررت رسميًا التخلي عن خطة تحديث فرقاطاتها الثلاث الحديثة من فئة "إيفر هويتفيلدت"، بعد أن اتضح فشلها الميداني الكامل في التصدي للهجمات الصاروخية اليمنية، وما رافق ذلك من أعطال مدمّرة في أنظمة الدفاع الجوي والمدافع البحرية.
في الهجوم اليمني الذي طالت فيه صواريخٌ بحريةٌ دقيقة هذه الفرقاطة، تعطلت أنظمة القيادة والتحكم، ما أدى إلى فقدان تام لقدرة استخدام صواريخ الدفاع الجوي لمدة نصف ساعة كاملة. وأوضح التقرير أن مدافع السفينة الاحتياطية من عيار 76 ملم واجهت بدورها خللاً في التحكم، وتسببت في انفجار نصف القذائف بالقرب من السفينة ذاتها، ما جعلها عديمة الفاعلية.
الصحيفة نقلت عن مصادر دفاعية أن رئيس الدفاع الدنماركي آنذاك تم إعفاؤه من منصبه بعد هذه الفضيحة، وتم إخراج السفينة من مسرح العمليات فورًا، في اعتراف واضح بحجم الانهيار التقني والتكتيكي.
ويشير التقرير إلى أن الإشكال الرئيسي لم يكن في نوعية الأسلحة بحد ذاتها، وإنما في غياب التكامل بين أنظمة الرادار والتحكم وإطلاق النيران والطاقة. فالفرقاطة، رغم أنها مزوّدة بأنظمة مارك 41 الأميركية لإطلاق الصواريخ، إلا أنها كانت تعمل بأنظمة قيادة ورادارات أوروبية لا تتكامل معها بسلاسة، ما جعل السفينة عرضة للشلل الكامل في وقت الحاجة.
وفي مفارقة لافتة، أشار الكاتب إلى أن مثل هذا الفشل لا يكشفه سوى ساحة القتال الحقيقي، موضحًا أن اختبارات المختبرات والتدريب في وقت السلم لا يمكن أن تعوّض ضغط العمليات القتالية.
الصحيفة نبهت أيضًا إلى أن مثل هذا الفشل يُعد جرس إنذار للبحرية البريطانية التي تعتمد بدورها على سفن بتكوينات معقدة، وذكّرت بحوادث مشابهة شهدتها مدمرات "تايب 45" البريطانية في جزر الفوكلاند والخليج، حيث لم تنجح أنظمتها في صد هجمات صاروخية إلا في لحظات استثنائية.
وبخلاصة التقرير، شدد الكاتب على أن العبرة الأهم هي أن "المرونة النظرية في أنظمة القتال لا تُغني عن التكامل الحقيقي"، وأن التكلفة الباهظة لتطوير الأنظمة المتفرقة والمتباعدة قد تفوق في النهاية تكلفة بناء نظام متكامل منذ البداية.
هذا التقرير البريطاني يعكس مستوى الإرباك الذي تسببت به الضربات اليمنية الدقيقة في البحر الأحمر، والتي كشفت عجز جيوش كانت تعتبر نفسها في طليعة العالم، ليبقى اليمني المقاوم – بحسب منطق الواقع – هو من يفرض الموازين الجديدة في معركة الإرادة.