القاضي عبدالكريم  الشرعي: استهداف الأذرع المالية والعسكرية للكيان يسهم في إخضاعه.
عبدالمنان السنبلي: المبادئ واحدة وغير قابلة للتجزئة، فالعدوان على إيران واليمن هو ذاته العدوان على غزة.
د. قادري صروان: التظاهرات الشعبية تفرض على بعض الأنظمة إعادة النظر في تحالفاتها مع الدول الغربية.
 

موقع أنصار الله- محمد المطري

بلا كلل ولا ملل ولا فتور يخرج ملايين الشعب اليمني إلى ساحات التظاهرات أسبوعيا منذ فجر السابع من أكتوبر 2023م وحتى اللحظة، تأكيدا على ثبات الموقف المؤازر لغزة، وتمسكا على الخط الجهادي المقاوم للغطرسة الغربية ممثلة بأمريكا و"إسرائيل".

في مشهد جماهيري مهيب توافد الملايين من اليمنيين إلى ساحات التظاهرات في مسيرات "مباركة لإيران.. وثابتون مع غزة"، في رسالة مزدوجة أكدت دعم اليمن الشعبي والسياسي لمحور المقاومة، وخصوصًا صمود غزة في وجه حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال الصهيوني منذ أكثر من 260 يومًا.

حملت الحشود اليمنية الأعلام الفلسطينية واليمنية، ورددت الهتافات المنددة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مجددة العهد بالمضي في خط دعم المقاومة حتى رفع الحصار ووقف المجازر.

وعبر المتظاهرون عن تقديرهم العميق للجمهورية الإسلامية الإيرانية، على موقفها الثابت والداعم للقضية الفلسطينية، لا سيما بعد الضربة الإيرانية الأخيرة التي هزّت منظومة الردع الإسرائيلية.

يرى مراقبون أن هذا الحراك الشعبي في اليمن ليس مجرد فعالية تضامنية، بل امتداد عضوي للمعركة الكبرى ضد الاحتلال، إذ يعكس التلاحم بين الجبهة الشعبية والجبهة العسكرية اليمنية، ويوجه رسالة للعالم مفادها: "الشعب اليمني لا يدعم غزة من خلف الشاشات، بل يخرج إلى الميادين، ويبارك للمقاومة، ويضغط بكل الوسائل المتاحة".

ويُعد هذا الحضور الجماهيري الواسع مصدر دعم معنوي هائل لصمود الشعب الفلسطيني، ورسالة مباشرة إلى الكيان الصهيوني بأن "جبهة غزة ليست وحدها"، بل تساندها شعوب حيّة، واعية، لا يمكن كسر إرادتها.

اليمن يخوض معركة الأمة 

وفي السياق يؤكد عضو رابطة علماء اليمن ورئيس الحملة الدولية لتحرير المقدسات، القاضي عبدالكريم الشرعي أن المسيرات الجماهيرية المليونية الأسبوعية في مئات الساحات اليمنية تحمل رسائل واضحة للداخل والخارج، مفادها أن الشعب اليمني بكل أطيافه الاجتماعية والسياسية يقف صفًا واحدًا تحت قيادة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله، في معركة الأمة ضد الكيان الصهيوني وأعوانه.

وفي حديث خاص لموقع أنصار الله يؤكد الشرعي أن الهتافات والشعارات التي تصدح بها حناجر الجماهير عبرت عن الانخراط الشعبي اليمني الحقيقي في محور المقاومة، ومساندة الشعبين الفلسطيني واللبناني، في مواجهة العدوان الإسرائيلي المستمر.

ويشدد على أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية أثبتت قدرتها الاستراتيجية على احتواء الهجمات المباغتة من قبل الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة، والرد عليها بصبر وثبات واقتدار، حتى "ردت الحجر إلى وجه من رماه" على حد تعبيره.

ويوجّه القاضي الشرعي تحية للجمهورية الإسلامية الإيرانية قيادةً وشعبًا، لما أبدوه من تماسك وصلابة في مواجهة العدوان الإسرائيلي–الأمريكي، مؤكدًا أن آلاف الصواريخ والمسيرات التي استهدفت عمق الأراضي المحتلة حوّلت مدنا مثل "تل أبيب" وحيفا وعسقلان إلى ركام، تمامًا كما هو حال غزة اليوم.

ويشير إلى أن استمرار الكيان الصهيوني في ارتكاب المجازر المروعة يأتي نتيجة الدعم الخليجي الكبير للكيان، وعلى رأسها السعودية وقطر والإمارات.

اليمن وفلسطين عنوان الحرية

ويعكس الزخم الجماهيري في الساحات اليمنية وحدة الساحات ووحدة القضية، وهو ما يزعج أعداء الأمة الإسلامية وعملائهم الذين يحاولون تجزئة المواقف وبعثرتها، فنراهم يباركون الغارات العدوانية الأمريكية والإسرائيلية على اليمن أو إيران، وينددون بالغارات ذاتها على غزة، بالرغم من أن الجاني واحد، في تناقض فاضح واضح.

 وحول هذه الجزئية يؤكد الناشط السياسي الشيخ عبدالمنان السنبلي على استحالة التوفيق بين دعم العدوان الصهيوني والأمريكي على اليمن وإيران، وإدانة ما يتعرض له قطاع غزة، مؤكدًا أن المبادئ لا تقبل التجزئة، والحرية لا تعرف الانتقائية.

وفي حديثه لموقع أنصار الله يرى السنبلي أن "من يدين العدوان على غزة ويبارك في الوقت ذاته العدوان ذاته على اليمن يقع في تناقض صارخ، وازدواجية أخلاقية لا يمكن تبريرها مهما كانت دوافعه أو مبرراته".

ويقول: "تُعد المبادئ الأخلاقية كقوانين الفيزياء والرياضيات، نظرية ثابتة لا تقبل التلاعب. ويُشير إلى أن من يتناول الأحداث بازدواجية فاضحة هو مجرد بيدق في لعبة دولية أكبر منه"، مضيفا: "المقصوف في غزة هو ذاته المقصوف في اليمن وإيران عقيدةً وعرقاً ومضموناً، والقاتل هو ذاته، وآلة القتل هي ذاتها أيضاً".

ووفقا للسنبلي فإن الولايات المتحدة والغرب هما المحركان الرئيسان للعدوان الصهيوني في كلا الساحتين، ما يجعل من التمييز في الموقف بين القضيتين أمرًا غير منطقي ولا أخلاقي.

وأمام هذه المعطيات، أكد السنبلي أن "الناس اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يكونوا مع المظلوم أو مع الظالم، مع الضحية أو مع الجلاد"، مستبعدًا إمكانية وجود موقف وسطي في ظل اكتمال وضوح الصورة.

نهج استراتيجي متجذر في الهوية اليمنية

ويؤكد الحراك اليمني المستمر أن الدعم الشعبي للقضية الفلسطينية في اليمن ليس لحظيًا أو موسميًا، بل هو نهج استراتيجي متجذر في الهوية السياسية والثقافية اليمنية.

وبينما تحاول بعض الأنظمة العربية نزع الغطاء عن غزة، يثبّت اليمن هذا الغطاء، ويجعله أكثر صلابة، ليكون صوت الشارع اليمني بمثابة درع سياسي وشعبي للمقاومة الفلسطينية.

ويقول الناشط السياسي ونائب الأمين العام لمؤسسة الاتحاد العربي للصحفيين، الدكتور قادري عبد الله صروان، إن المسيرات الجماهيرية الواسعة التي شهدتها اليمن مؤخرًا، في ميدان السبعين وباقي الساحات اليمنية، تحت شعار "مباركة لإيران وثابتون مع غزة"، تحمل أبعادًا استراتيجية تتجاوز التعبير الشعبي، وتمتد لتؤثر في مسارات السياسة الإقليمية والدولية.

وفي حديثه لموقع أنصار الله يستعرض صروان بعضاً من النقاط السياسية التي تحملها المسيرات الشعبية المليونية، قد تُحدث تحوّلات على عدة مستويات رئيسية، كونها تعكس زخمًا عربيًا شعبيًا متجددًا تجاه القضية الفلسطينية، ما قد يُفضي إلى تقوية الروابط بين الشعوب والدول العربية، ويفرض مناخًا عامًا داعمًا لتحركات جماعية في وجه الاحتلال.

ويلفت إلى أن الزخم الشعبي الكبير يمثل عامل ضغط مباشر على الحكومات العربية، وقد يدفعها إلى إعادة تقييم سياساتها الخارجية، وتبنّي مواقف أكثر جرأة تجاه الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه، مشيرا إلى أن هذه التظاهرات تمثل رسائل دعم واضحة لحركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وتعزز مكانتها الإقليمية، وتمنحها غطاءً شعبيًا عربيًا صلبًا في معركتها المستمرة.

وبحسب صروان فإن التظاهرات الشعبية تفرض على بعض الأنظمة إعادة النظر في تحالفاتها مع الدول الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة وبريطانيا، نظرًا لتعارض تلك التحالفات مع مشاعر الشارع العربي المتعاطف مع غزة، لافتا إلى أن التفاعل الشعبي الواسع في اليمن قد يدفع قوى إقليمية فاعلة كإيران وتركيا إلى مزيد من الانخراط العملي في دعم القضية الفلسطينية، ما قد يؤدي إلى تبدل في ميزان القوى في المنطقة.

ويشدد على أن المسيرات تسهم في نقل معاناة الفلسطينيين في غزة إلى الواجهة الدولية، ما ينعكس إيجابًا على مستوى الدعم الإنساني والإغاثي في ظل استمرار العدوان الصهيوني.

وفي المجمل تمثل المسيرات الجماهيرية أداة استراتيجية مؤثرة في صنع القرار، سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي، وتُسهم في صياغة اتجاهات السياسة الخارجية تجاه القضية الفلسطينية.