عمليات القسام خلال (25) يوماً: (11) عملية اشتباك، وتدمير (13) دبابة و(14) آلية، وقنص (7) صهاينة

 

كانت ولا زالت غزة تتصدر المشهد رغم العدوان الإسرائيلي الذي ارتكب الإبادة الجماعية، وبالرغم من صغر مساحة غزة، وقلة عتادها، وشدة حصارها، وشحوب وجوه أبنائها، ينقضُّ مجاهدوها من بين الركام بأمعائهم الخاوية، وأسلحتهم الخفيفة، وعقيدتهم الراسخة، ليُذيقوا عدوّهم كأس المذلة والهزيمة، فيدمرون دباباته، ويقنصون جنوده، وينصبون لقواته الكمائن، ويربكون حسابات العدو الذي يبحث له عن مخرج فلا يجد إلا مزيدًا من الخسارة أمام جمهوره والعالم أجمع.

ومنذ مطلع يونيو الجاري، لا يزال مجاهدو القسام ورثةُ الأنبياء يقذفون بـ"حجارة داود" على "عربات جدعون" فتدمَغ جبروتَ العدو فإذا هو زاهق، ليسطروا ببطولاتهم انتصارَ الفئة المؤمنة المستضعفة على الفئة الظالمة المتغطرسة، وما تكبده العدو من خسائرَ في خانيونس وجباليا وغيرها من المناطق لهو امتدادٌ لسلسلة العمليات النوعية، ونموذجٌ لما ستُجابَه به قوات العدو في كل مكان تتواجد فيه، وليس أمام جمهور العدو إلا إجبارَ قيادتهم على وقف حرب الإبادة أو التجهُّز لاستقبال المزيد من أبنائهم في توابيت، كما قال ناطق القسام أبو عبيدة.

ومنذ مطلع يونيو حتى الـ25 من الشهر تمكن مجاهدو القسام من تنفيذ (11) عملية اشتباك مباشر مع جنود العدو، وتدمير (13) دبابة و(14) آلية، وقنص (7) جنود صهاينة وعلى النحو التالي:

خلال العشرة الأيام الأولى من يونيو تمكن مجاهدو القسام من تدمير دبابتين واستهداف (5) جرافات عسكرية من نوع "D9" بقذائف "الياسين 105" وذلك في منطقة قيزان النجار وقرب مفترق مرتجى بمنطقة معن وقرب موقع اليرموك بحي المنارة جنوب مدينة خانيونس جنوب القطاع.

أما المواجهات الميدانية من ذات الفترة فتمكن مجاهدو القسام من تنفيذ كمين مركب بمنطقة الخط الشرقي في محيط موقع المبحوح شرق مخيم جباليا شمال قطاع غزة، حيث قَامَ المُجاهدون بتدمير ناقلة جند من نوع "نمر" بقذيفة "الياسين 105" وعبوة "شواظ" وإيقاع طاقمها بين قتيل وجريح، وبعد تدخل قوة النجدة وانسحابها فجّر المجاهدون عبوة شديدة الانفجار في جيب "همر" عسكري وأوقعوا من بداخله بين قتيل وجريح ومن ثم الاشتباك مع من تبقى من أفراد قوة النجدة بالأسلحة الخفيفة، وفور هبوط طائرة مروحية من نوع "يسعور" للإخلاء تم استهدافها بالأسلحة الرشاشة وأجبروها على الانسحاب.

أضف إلى ذلك فقد تمكن مجاهدو القسام من خوض اشتباكات ضارية مع جنود العدو من المسافة صفر وأوقعوا جنود العدو بين قتيل وجريح شرق مخيم جباليا شمال القطاع. كما تمكنوا من تفجير عين نفق مفخخة مسبقًا في قوة صهونية راجلة قوامها 6 جنود وأوقعوهم بين قتيل وجريح في منطقة مرتجى بالقرب من الجامعة الإسلامية جنوب شرق مدينة خانيونس جنوب القطاع. كما تمكنوا من الإجهاز على جنديين صهيونيين من المسافة صفر في شارع النزاز شرق حي الشجاعية شرق مدينة غزة بتاريخ 03-06-2025م.

**********

ومنذ الـ11 وحتى الـ25 من يونيو تمكن مجاهدو القسام من تنفيذ (8) عمليات اشتباك، وتدمير (11) دبابة و(9) آليات، وقنص (7) جنود صهاينة حيث تمت عمليات القنص: قرب "تلة المنطار" شرق حي الشجاعية وفي منطقة السناطي شرق بلدة عبسان الكبيرة وفي شارع المنطار وفي منطقة عبسان الكبيرة شرق مدينة خانيونس وعلى جبل المنطار شرق حي الشجاعية شرق مدينة غزة.

الدبابات كان لها النصيب الأوفر من العمليات حيث تم تدمير (11) دبابة، (6) دبابات منها دمرت شرق مدينة جباليا، و(4) دبابات في منطقة "الترخيص القديم وبالقرب من مفترق "أبو شرخ" بمنطقة "البطن السمين" جنوب مدينة خانيونس وفي شارع السكّة. وكذلك تدمير دبابة في منطقة العطاطرة ببيت لاهيا شمال القطاع.

كما تم تدمير (9) آليات، بينها (4) جرافات من نوع "D9" شمال القطاع وقرب مسجد "حليمة" ومنطقة التوحيد بمعن جنوب مدينة خانيونس وفي منطقة "جورة اللوت"، كما تم تدمير (أربع) ناقلات جند في جباليا ومنطقة عبسان الكبيرة ومناطق شمال القطاع. بالإضافة لتدمير آلية حفر عسكرية "باقر" في تل الزعتر شرق مخيم جباليا.

أما العمليات النوعية ضد جنود العدو الصهيوني فقد تمكن مجاهدو القسام من نسف منزل تحصنت بداخله قوة صهيونية راجلة بعدد من العبوات شديدة الانفجار التي تم تجهيزها مسبقًا وأوقعوا جنود العدو بين قتيل وجريح، وقد رصد المجاهدون هبوط الطيران المروحي للإخلاء الذي استمر لعدة ساعات في شارع "الڤلل" شرق مدينة حمد بمنطقة السطر شمال مدينة خانيونس جنوب القطاع وذلك فجر عيد الأضحى المبارك بتاريخ 06-06-2026م.

كما نفذ مجاهدو القسام كميناً مركباً استهدف قوة صهيونية تحصنت داخل أحد المنازل في منطقة العطاطرة ببيت لاهيا شمال القطاع بقذيفة "TBG" وأوقعوا جنود العدو بين قتيل وجريح، وتمكنوا من استهداف دبابة "ميركافا" صهيوينة بقذيفة "الياسين 105" وتدمير برج جرافة عسكرية من نوع "D9" بعبوة "صدمية" وإيقاع طاقمها بين قتيل وجريح بتاريخ 27-05-2025م.

مجاهدو القسام وبالاشتراك مع مجاهدي سرايا القدس تمكنوا من استهداف قوة صهيونية راجلة تحصنت داخل أحد المنازل بقذيفة مضادة للأفراد وأوقعوا أفرادها بين قتيل وجريح وتمكنوا من قنص أحد الجنود الصهاينة في ذات المكان ببندقية "الغول" القسامية في منطقة السناطي شرق بلدة عبسان الكبيرة شرق مدينة خانيونس جنوب القطاع.

وتمكن مجاهدو القسام من استهداف قوة صهيونية راجلة قوامها 11 جنديًا بقذيفة مضادة للأفراد وأوقعوهم بين قتيل وجريح في بلدة عبسان شرق مدينة خانيونس. وتمكنوا من تفجير عبوة مضادة للأفراد في قوة صهيونية وكذلك تفجير منزل تحصن به عدد من جنود العدو بعدد من العبوات شديدة الانفجار التي جهزت مسبقًا شرق بلدة عبسان الكبيرة، بالإضافة لتنفيذ كمين مركب استهدف قوة صهيونية تحصنت داخل أحد المنازل بقذيفة "الياسين 105" وقذيفة "RBG" وأوقعوا جنود العدو بين قتيل وجريح ومن ثم استهداف المبنى بالأسلحة الرشاشة في منطقة "الترخيص القديم" جنوب مدينة خانيونس جنوب القطاع. كما تمكن مجاهدو القسام من الإجهاز على 3 جنود صهاينة بالأسلحة الخفيفة من المسافة صفر شرق مدينة جباليا شمال القطاع.

ونفذت كتائب القسام عمليات قصف نوعية، منها دك موقع السناطي المستحدث شرق مدينة خانيونس ودك منطقة السطر الغربي بعدد من قذائف الهاون من العيار المتوسط ودك تجمع لجنود وآليات العدو في منطقة قيزان النجار جنوب مدينة خانيونس بقذائف الهاون، واستهداف كيبوتس "نيريم" و"العين الثالثة" شرق المدينة وقصف مغتصبة "ماجين" بمنظومة الصواريخ "رجوم" قصيرة المدى من عيار 114ملم. ودك تجمع لجيش العدو في بعدد من قذائف الهاون.

 

كمين شرق خانيونس.. نموذج للفتك بجنود العدو

ما إن أُعلِن صباح الثلاثاء عن دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ حتى خرج "رئيس وزراء" الكيان الإسرائيلي المجرم بنيامين نتنياهو متوعّدًا باستمرار عدوانه على سكان غزة، وكذلك صرّح "رئيس أركان جيشه" إيال زامير بأنه قد آن الأوان للتركيز على الحرب داخل القطاع حتى استعادة الأسرى وإنهاء حكم حركة حماس، إلا أن تلك التصريحات لم تقابلها المقاومة بتصريحات مضادة، بل بمشاهد مصورة كانت أبلغ في الرد من أي تصريح؛ حيث آليات العدو تُدمّر وجنوده يتساقطون قتلى وجرحى.

في تحول نوعي في ميزان المواجهة داخل قطاع غزة، فجّرت المقاومة الفلسطينية، ممثلة بكتائب الشهيد عز الدين القسام، واحدة من أعنف الضربات التي تلقاها العدو الإسرائيلي منذ بداية عدوانه الممتد على غزة، من خلال كمين “الشواظ” المحكم الذي نُفّذ شرق مدينة خانيونس، وأسفر عن مقتل سبعة جنود صهاينة من وحدة "النخبة الهندسية" الإسرائيلية، بينهم ضابط، وإصابة آخرين، في ضربة قلبت موازين الأرض والوعي في آنٍ معًا.

 خطة مركبة وتنفيذ بالغ الدقة

تسلسل العملية يكشف عن تطور نوعي في قدرة المقاومة على الدمج بين العمل الاستخباري الدقيق والتكتيك القتالي المعقّد. الكتائب تمكّنت من زرع عبوة متقدمة من نوع “شواظ” داخل ناقلة جند من طراز “بوما”، مستهدفة قمرة القيادة، ما أدى إلى احتراق المدرعة بمن فيها. وحين تحركت وحدة الإسناد لإنقاذ الطاقم، فُجّرت عبوة أخرى قرب مسجد علي بن أبي طالب"عليه السلام" لتوقع خسائر إضافية، وتؤكد مجددًا أن المقاومة لا تزال تمسك بزمام المبادرة في الميدان رغم ظروف الحرب المعقدة والمراقبة الجوية المكثفة.

ما يزيد من وطأة الكمين على العدو الإسرائيلي ليس فقط عدد القتلى، بل آلية التنفيذ التي دلّت على قدرة استخبارية عالية، ورصد مسبق لتحركات الوحدات الخاصة، وانتقاء توقيت دقيق وشروط بيئية مثالية للضرب.

من حيث تكتيك الكمين المزدوج والسيطرة بالنار فإن تنفيذ الكمين بهذه الدقة يشير إلى رصد استخباري سابق وتحضير على الأرض. واستهداف ناقلة "بوما" بالجنود داخلها، وتحولها إلى فرن ناري مغلق، يثبت أن العبوة كانت موجهة حرارياً أو من النوع الثاقب للدروع. فيما يكشف سماع صراخ الصهاينة عبر كاميرات المقاومة أن العدو سقط في فخ مراقب بالكامل.

السيطرة النارية على نقطة الكمين سمحت بتأخير وصول قوات الإنقاذ. ووجود كمائن إضافية لقوات الإنقاذ وتدخل الطيران الحربي لحمايتها يعني أن المقاومة كانت على وشك تنفيذ كمين ثلاثي أو على الأقل فتح نيران قنص وهجوم جديد على القوة اللاحقة.

ما يؤكد العجز التكتيكي للعدو هو مقتل 9 صهاينة، واحتراق مدرعة بكامل طاقمها، يعد فشلًا ذريعًا في كل دوائر التأمين والإسناد. كما أن فشل الإنقاذ من البر، واضطرار العدو لاستخدام الجو كسياج حماية للنقل والإخلاء يؤكد أن المقاومة سيطرت على رقعة أرضية حرجة بشكل شبه تام.

وفي الدلالات الأوسع فإن ما حدث هو أكبر دليل على أن غزة ليست تحت السيطرة، بل تحت النار فبعد أكثر من 18شهراً من المعارك، لا تزال المقاومة تُفاجئ العدو وتُحكم الفخاخ وتُدير المعارك على طريقتها.

والخلاصة أن ما جرى شرق خانيونس ليس مجرد كمين. إنه يوم أسود في تاريخ العمليات البرية للعدو الإسرائيلي، ونقطة فارقة تثبت أن اليد التي تُفجّر لا تزال تمتد من تحت الركام، وتُدير الميدان بحرفية وتكامل فصائلي نادر.

 غزة اليوم تكتب من جديد: لا تراجع، لا انكسار، ولا موطئ قدم بلا كمين.

مؤشرات فشل تكتيكي واستراتيجي

الحدث أثار عاصفة سياسية وأمنية داخل الكيان الإسرائيلي، حيث سارعت أوساط عسكرية إلى توصيف الكمين بأنه “كارثة”، فيما اعتبر الصهيوني "يتسحاق بريك"، أحد أشرس النقاد العسكريين في "إسرائيل"، أن العملية تُجسد “انهيار الجيش البري” في غزة، محذرًا من أن هذا الانهيار هو نتيجة عقود من الإهمال وضعف الاستعداد، مؤكدًا أن “الجيش غير قادر على الحسم، ولا على البقاء، ولا على حماية حدوده”.

التحليل الصادم الذي قدمه بريك لم يكن معزولًا، بل جاء متناغمًا مع خطاب تصعيدي يتصاعد داخليًا ضد "رئيس الوزراء" الإسرائيلي المجرم بنيامين نتنياهو، الذي يُتهم بأنه يدير الحرب بلا بوصلة واضحة، ويبيع أوهام “الانتصار المطلق” لجمهور يزداد سخطًا ويأسًا.

غزة لا تُهزم

عمليات المقاومة ومنها كمين خانيونس ليست مجرد ضربات تكتيكية ناجحة، بل رسالة عسكرية ومعنوية مزدوجة: غزة، رغم الركام والحصار والدمار، لا تزال قادرة على المبادرة، والمقاومة ما زالت تمتلك الأدوات والمعنويات لإيلام العدو في أعمق نقاطه العسكرية.

في ظل التفوق الجوي والاستخباراتي الإسرائيلي، فإن نجاح عمليات بهذه الدقة والتأثير يعني أن القواعد الكلاسيكية للاشتباك قد تغيرت. المقاومة باتت تُقاتل بمرونة تفوق الجيوش التقليدية، في بيئة صعبة، وأمام عدو يملك ترسانة عسكرية ضخمة، لكنها لم تركع المجاهد الفلسطيني.

العمليات الأخيرة التي نفذتها كتائب القسام في قطاع غزة، لا سيما تلك التي استهدفت ناقلات الجنود من الداخل والخارج، وأُرفقت بتوثيق دقيق ونشر سريع، تؤكد أننا أمام مقاومة قوية، منظمة، تقف على أرض صلبة وتُمسك بزمام المبادرة.

ما نشاهده اليوم ليس مجرد ردّ فعل، بل أداء مدروس يعكس تطورًا في الخبرة العسكرية، وارتقاءً في الجاهزية والقدرة على استنزاف العدو وإرباك خططه.

لقد تبيّن أن صمت المقاومة في بعض اللحظات لم يكن تراجعًا، بل كان جزءًا من عملية ترتيب وتقييم وتخطيط. ومع تصاعد العمليات المركبة وتوسّعها شمالًا وجنوبًا، يبدو أن الأيام المقبلة ستكون ثقيلة وصعبة على العدو الإسرائيلي، الذي يواجه مقاومة أكثر دهاءً ومرونة من أي وقت مضى.

لكن، وفي قلب هذا المشهد المقاوم، لا يمكن أن نغفل الحقيقة المؤلمة: الشعب الفلسطيني في غزة يعيش كارثة إنسانية غير مسبوقة. هناك حرب إبادة متواصلة، قهر وتجويع ودمار شامل، وواقع يفوق الوصف من حيث الألم والمعاناة..

ومع ذلك، فإن هذه العمليات النوعية، وقتل الجنود الصهاينة، واستهداف الدبابات، والتفاف الناس حول المقاومة، كلها تحمل قيمة استراتيجية حقيقية. هذه العمليات لا تطيل أمد الحرب كما يظن البعض، بل تُعجّل بوقفها، وتُسرّع بانسحاب العدو، وتفرض وقائع جديدة على الأرض وعلى طاولة المفاوضات.

نعم، الواقع في غزة كارثي بكل المقاييس، لكن ذلك لم يُسقط إرادة الناس، ولم يكسر شوكة المقاومة، بل زادها إصرارًا وصلابة. من يراهن على كسر هذا الشعب أو إذلاله، سيخسر. ومن يظن أن تجويعه سيُطفئ جذوته، سيُفاجأ بأنه يزداد اشتعالًا وقوة.

عمليات خان يونس، وما يجري في شمال القطاع، وكل فعل مقاوم مركّب ومدروس، هو صوت السياسة الحقيقي، صوت المفاوض الفلسطيني الأصيل، وصوت هذا الشعب العظيم، صوتٌ واحد، تطلقه كتائب القسام من فوهة البندقية، وتتلقفه السياسة بلغةٍ لا يُتقنها إلا الأقوياء.