قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إن قوات الجيش اليمني نفذت خلال الأسبوع الجاري أعنف هجوم بحري على سفن الشحن في البحر الأحمر منذ بدء المعركة المفتوحة مع الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه، حيث استهدفت وحدات متخصصة سفينتين تجاريتين تحملان العلم الليبيري وتعودان لشركات يونانية، وأوقعت في صفوف طاقميهما قتلى وأسرى، في ظل غيابٍ كامل لأي استجابة عسكرية من القوات الأميركية أو البريطانية أو الأوروبية، الأمر الذي فضح هشاشة التحالف البحري الذي تقوده واشنطن تحت مظلة ما يسمى بحماية الملاحة.
وذكرت الصحيفة أن الهجوم، الذي وصفته بالأكثر تعقيدًا وتنظيمًا منذ انطلاق العمليات البحرية، استمر لأكثر من 48 ساعة، حيث هاجمت القوات اليمنية السفينة الأولى "ماجيك سيز" ظهر الأحد بقوارب مسلحة وصواريخ موجهة وطائرات مسيرة، قبل أن يصعد المقاتلون على متنها ويزرعوا شحنات ناسفة أدت إلى غرقها. وأظهرت تسجيلات مصورة وثقها الإعلام الحربي اليمني عملية التفجير والصعود إلى السفينة. كما أشارت إلى أن السفينة زارت ميناء إسرائيليًا في ديسمبر الماضي.
وتابعت الصحيفة أن السفينة الثانية "إترنيتي سي"، التي كانت تبحر فارغة باتجاه السعودية، تعرضت لهجوم مماثل مساء الإثنين، حيث هاجمتها الزوارق المسلحة وأُطلقت عليها القذائف والصواريخ، وتعرضت محركاتها للتدمير، ما أجبر الطاقم على إطلاق نداء استغاثة عاجل، تلاه انسحاب أفراد الأمن بعد نفاد ذخيرتهم، وهجر الطاقم السفينة التي بدأت بالغرق. وأكدت الصحيفة أن عددًا من البحارة قتلوا، فيما لا يزال خمسة عشر آخرون في عداد المفقودين، وقد أعلن الجيش اليمني أسر عدد منهم.
وفي الوقت الذي كانت فيه السفينتان تتعرضان للقصف، لم تكن هناك أي قطعة بحرية أميركية أو بريطانية قريبة من مسرح العمليات، بحسب ما نقلته الصحيفة عن مسؤولين في البحرية الأميركية والاتحاد الأوروبي، الذين اعترفوا بعدم وجود سفنهم في المنطقة. ونقلت الصحيفة عن ضابط بريطاني سابق يعمل في شركة أمن بحرية تأكيده أن السفن التجارية باتت مكشوفة تمامًا في أكثر مناطق البحر الأحمر خطورة، مضيفًا: "أنتم وحدكم".
ونقلت وول ستريت جورنال عن مصادر عسكرية واستخباراتية أن الهجمات مثلت نقلة نوعية من حيث التخطيط والتنفيذ، واستخدمت فيها القوارب الانتحارية والطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة بالتزامن. وأضافت أن شركة تأمين خاصة تولّت عملية الإنقاذ لاحقًا، وانتشلت بعض أفراد الطاقم من البحر، فيما لا يزال مصير آخرين مجهولًا.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الهجوم يأتي بعد نحو شهرين من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن "وقف لإطلاق النار" مع صنعاء، وهو ما اعتبر حينها انتصارًا سياسيًا لإدارته، لكن الهجوم الأخير أثبت زيف تلك الادعاءات، بحسب مراقبين نقلت عنهم الصحيفة. ونقلت عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية قولهم إن واشنطن لم تغير وضع قواتها على الرغم من الهجوم، وأن وقف إطلاق النار لا يزال قائمًا ما دامت السفن الأميركية لم تُستهدف.
تأتي هذه التطورات مع جهود وساطة دولية جديدة بين العدو الاسرائيلي وحركة حماس من أجل وقف إطلاق نار مؤقت، حيث تسعى واشنطن لتهدئة الجبهات بعد تصاعد الاشتباك الإقليمي وامتداد المواجهة إلى البحر الأحمر والخليج.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول إن هجمات الجيش اليمني تؤكد امتلاك صنعاء للقدرة والإرادة لشل الملاحة العالمية متى شاءت، وأنها باتت تُدير المعركة وفق توقيتاتها الخاصة، في ظل انسحاب وتراجع التحالفات الغربية من مسرح البحر الأحمر، وانكشاف هشاشة منظومات الحماية الغربية أمام ضربات بحرية نوعية لا تتوقف.