أفاد موقع "دي ماركر" الاقتصادي العبري بأنّ ميناء "إيلات" سيتوقّف بالكامل عن العمل اعتباراً من يوم الأحد المقبل، بعد أن قامت "بلدية" المدينة بالحجز على حساباته المصرفية نتيجة تراكم الديون بملايين "الشواقل".
ويأتي هذا التطوّر في ظلّ شلل شبه تام منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023، حين فرض اليمنيون حصاراً بحرياً على السفن المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة ، ما أدّى إلى تراجع الإيرادات وانهيار الحركة التجارية في الميناء، إضافة إلى استهداف الميناء بشكل دائم آخر هذه الاستهدافات يوم أمس حيث تم استهداف الميناء بطائرة مسيرة.
وذكرت سلطات العدو الإسرائيلي في "إيلات" أنّ ديون الميناء فاقت قدرته على السداد، ما دفعها إلى اتخاذ إجراء قضائي بحجز الحسابات.
وفي وقت سابق، كشف موقع "ذي ماركر" العبري أنّ مداخيل مرفأ "إيلات" انهارت بنسبة 80% عام 2024، بعدما توقّفت السفن عن الرسو فيه، في أعقاب الحصار الذي فرضه اليمن على الملاحة البحرية في البحر الأحمر، إسناداً لقطاع غزة.
المدير التنفيذي لميناء "إيلات"، جدعون غولبر، من جانبه جدد التأكيد على استمرار تعطل الميناء وغياب الحلول لإعادة تنشطيه بسبب الهجمات المتجددة التي تشنها القوات المسلحة اليمنية على السفن والشركات المتعاملة مع الميناء.
ونشر موقع "إذاعة إيلات" العبرية، أمس الأول، تقريراً، جاء فيه أن “هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تشُلّ حركة التجارة وتُبقي ميناء إيلات مهجوراً”.
وتعليقاً على الهجوم الذي استهدف سفينة (إتيرنتي سي) نقلت الإذاعة عن المدير التنفيذي للميناء "جدعون غولبر"، قوله: “لا أستطيع القول إن السفينة المستهدفة كانت في طريقها إلى إيلات، ولكن كان من الممكن سحبها إلى هنا”.
وألمح غولبر إلى مثل هذا التوجه قائلاً: “علينا أن نفكر خارج الصندوق”.وأضاف: “على إسرائيل أن تصدر أمراً للسفن بدخول ميناء إيلات”.
وانتقد غولبر العجز الإسرائيلي والغربي عن وقف هجمات الجيش اليمني، قائلاً: “أريد أطرح سؤالاً بسيطاً: ما المشكلة في أن نفعل في اليمن ما فعلناه في بلاد فارس؟”. واقترح أن “يتم الجمع بين الغارات الجوية والهجمات البرية من الجنوب”.
وأضاف: “لقد وقع الحوثيون في غرام القوة، ولا يوجد من يوقفهم”. وتعليقاً على المساعدات التي قالت "الحكومة" الإسرائيلية إنها ستقدمها للميناء لتفادي فصل الموظفين، قال غولبر: “لا نريد مالاً، نريد عملاً”.
ووفقاً للإذاعة، فإن “هناك قراراً مجمداً بفصل 11 موظفاً في ميناء "إيلات"، لكن المستقبل يبدو قاتماً”.
أدت الهجمات الأخيرة التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر وأدت إلى إغراق سفينتين، إلى إثارة جدل حول إجراءات التأمين البحري ضد مخاطر الحرب، والتي وصفها البعض بأنها “منطقة رمادية”.
موقع “سيتريد ماريتايم” البريطاني المتخصص في شؤون الملاحة البحرية نشر، الجمعة، تقريراً ذكر فيه أن “تكاليف تأمين الحماية والتعويض التقليدية التي تغطي مخاطر فقدان الأرواح والإصابات وتلف البضائع والتلوث وإزالة الحطام، لا تطبق في أوقات الحرب أو الأعمال العدائية، لذلك، يجب على مالكي الأصول التجارية في المناطق المتضررة من الأعمال العدائية اتخاذ ترتيبات بديلة لمواجهة مخاطر الحرب لتغطية هذه الحالات، وتُجرى هذه الترتيبات إما عبر قنوات نادي الحماية والتعويض التابع لهم، أو مع شركات تأمين متخصصة في مخاطر الحرب”.
ونقل الموقع عن مصادر في نوادي تأمين الحماية والتعويض قولها إن “وضع التأمين في حالة الأعمال العدائية يشكل منطقة رمادية”.
وأشار الموقع إلى أنه “إذا استثنت البوليصة تحديداً مخاطر الحرب أو النشاط في المياه المعادية، فهذا أمر غير قابل للتفاوض”.
وكشفت صحيفة “لويدز ليست” البريطانية في تقرير نشرته، الجمعة، أن شركة (ترافيلرز) الأمريكية العملاقة للتأمين، رفضت تغطية الرحلة الأخيرة لسفينة (إتيرنتي سي) التي أغرقتها القوات اليمنية الأسبوع الماضي في البحر الأحمر.
وأوضحت الصحيفة أنه “يتعين على السفن التي تخطط لدخول المياه التي تم تحديدها كمناطق خطر حرب أن تبلغ شركات التأمين الخاصة بها مسبقاً، ويحق لشركات التأمين حينها طلب قسط إضافي للرحلة، أو يمكنها ببساطة رفض التغطية، وهذا ما فعلوه هذه المرة مع السفينة (إتيرنتي سي)”.
وقالت الصحيفة إنه “من الواضح أن المسؤولين كانوا على علم بأن اليمن هدد باستئناف هجومه على السفن، فقبل يوم واحد فقط، تم استهداف سفينة شحن كبيرة أخرى، مما جعل شركة (فيسيل بروتكت) مسؤولة عن مطالبة محتملة بقيمة 40 مليون دولار على سفينة (ماجيك سيز)”.
وأشارت إلى أن “هناك إجماعاً على أن (إتيرنتي سي) لم تكن مؤمَّنة، وأن شركة (كوزموشيب مانيجمنت) المشغلة لها ستتحمل الخسارة كاملةً بنفسها، ومن المحتمل أنها كانت مغطاة ببوليصة تأمين مستقلة”.
وذكرت الصحيفة أن “الحادثة أثارت غضباً بين كبار مشغلي سفن الشحن، حيث عبر بعضهم عن استيائهم من تصرفات شركة (ترافيلرز) للتأمين”.
وفيما تحجج المشغلون بأن شركات التأمين جنت أرباحاً هائلة بسبب حرب أوكرانيا وحرب غزة، قالت الصحيفة إن “شركات التأمين لم تجلس مكتوفة الأيدي وتحصد الأموال، فقد كانت أنشطة الحوثيين مسؤولة عن سلسلة من عمليات دفع الخسائر الكلية”. وخلصت الصحيفة إلى أن “شركات التأمين ليست ملزمة بكتابة وثيقة تأمين أكثر من التزام أصحاب السفن بقبول عقد التأمين”.
وقال الرئيس السابق لـ"هيئة الشحن والموانئ" الإسرائيلية، الصهيوني " ييغال ماور"، إن الهجمات الأخيرة التي شهدها البحر الأحمر بددت الاعتقاد بأن القوات المسلحة اليمنية قد أوقفت عملياتها البحرية، مشيراً إلى أنه لا يرى مجالاً لعودة الملاحة الإسرائيلية إلى البحر الأحمر في أي وقت قريب.
وفي تصريحات نقلتها صحيفة “دافار” العبرية التابعة لاتحاد العمال الإسرائيليين،، قال ماور: “في الأشهر الستة الماضية، اعتقدنا أن الحوثيين توقفوا عن مهاجمة السفن، ثم رأينا الهجومين مؤخراً وأدركنا أنهم لا يستمرون فحسب، بل يفعلون ذلك بطريقة أكثر عنفاً”.
وأشار إلى أن “الهجمات الأخيرة تضمنت إطلاق صواريخ دقيقة، يتطلب الدفاع ضدها أنظمة دفاع جوي، وهذا ليس شيئاً يمكن تثبيته على كل سفينة تجارية”، لافتاً إلى أن “الجيش الأمريكي وقوات الاتحاد الأوروبي موجودون في المنطقة المجاورة من أجل حماية حرية الملاحة، لكن قوتهم ليست كافية فيما يتعلق بالمساحات الشاسعة للبحر الأحمر”، حسب تعبيره.
ورداً على سؤال حول مستقبل ميناء "إيلات"، أجاب ماور: “لسوء الحظ، لا أرى عودة التجارة البحرية إلى البحر الأحمر في أي وقت قريب. لا أرى أي حل لهذه المشكلة”.
وأضاف: “الجهة التي تولت دور تأمين ممرات الشحن في العقود الأخيرة هي الولايات المتحدة، وهناك مزاعم بأن واشنطن انسحبت في السنوات الأخيرة من دورها كشرطي عالمي.. لا أعرف ما إذا كان هذا صحيحاً، لكن في النهاية، العالم كبير، والبحرية محدودة في قدرتها. نرى واشنطن تضغط من أجل توسيع كبير في ميزانيات الدفاع لجميع أعضاء الناتو، بما في ذلك الولايات المتحدة، لكن المهام الدفاعية تنمو أيضاً، لذا فإن البطانية ليست كبيرة بما يكفي لتغطية كل شيء”.
و أكد أن ميناء "إيلات" الذي تم إغلاقه بسبب ذلك الحصار “له أهمية هائلة لإسرائيل، اقتصادياً واستراتيجياً”. وقال إن “على الحكومة أن تساعد في الحفاظ على الميناء مالياً حتى لا ينهار”. وأضاف: “يجب عدم التخلي عن ميناء إيلات، ويجب التحضير لعودة الرحلات البحرية الإسرائيلية إلى البحر الأحمر على المدى الطويل”.
وأشار إلى أن “ميناء إيلات كان بالفعل الميناء الرئيسي لاستيراد المركبات لإسرائيل، وهذا يرجع إلى حقيقة أن معظم المركبات تأتي من آسيا، وبالتحديد كوريا الجنوبية واليابان ومؤخراً الصين أيضاً”.
وقال ماور إن “الإبحار حول إفريقيا يمثل رحلة طويلة جداً بالنسبة لمنتجات مثل الأدوية التي يجب حفظها في الثلاجة أو شحنات الماشية الحية، وقد لجأت إسرائيل لزيادة التجارة مع أوروبا في هذه المنتجات، ومن المحتمل أن يكون هذا قد تسبب أيضاً في زيادة الأسعار”.