بعد أن فشل العدو الأمريكي الإسرائيلي في إيقاف الإسناد اليمني لغزة، لجأ إلى استخدام أدواته القذرة لمحاولة زرع الفتنة وزعزعة الجبهة الداخلية. "العفافيش" وهم المرتبطون بالخائن الهالك علي عبدالله صالح عفاش، والذي حكم اليمن طيلة ثلاثة عقود بالنار والبارود، هم حجر الزاوية في المخطط الصهيوني تجاه اليمن. هؤلاء، الذين نهبوا ثروات اليمن لعقود، يستخدمون أموال الشعب المنهوبة اليوم في إثارة الفوضى والصراع الداخلي خدمة لعدو الأمة.
وحتى لا ينخدع الناس ببعض العناوين التي يرفعها أدوات الصهيونية نورد جانبا بسيطا من حقائق تلك الأدوات القذرة: 

نشير -بدايةً- إلى حجم المال الذي نهبه الخائن علي عفاش طوال فترة حكمه، إذ قدرت لجنة العقوبات الدولية التابعة للأمم المتحدة أن الثروة التي راكمها صالح وأسرته تبلغ 60 مليار دولار، جُمعت عبر أنشطة غير قانونية. هذه الثروة الهائلة لم تتراكم من نشاط تجاري، بل كانت نتيجة لسيطرة مطلقة على مفاصل الدولة الاقتصادية، حيث كانت عقود النفط والغاز الحكومية تُدار عبر قنوات مغلقة، وتصب في نهاية المطاف في جيوب "عفاش" وأسرته وحاشيته. 
تكشف التقارير أيضاً أن هذه الأنشطة الفاسدة كانت تدر على صالح نحو ملياري دولار سنوياً على مدار ثلاثة عقود. وتضمنت الممارسات الفاسدة سرقة أموال برنامج دعم الوقود، وابتزاز الأموال، والاختلاس من المشاريع العامة. هذه الثروات المنهوبة لم تبقَ في الداخل، بل تم تهريبها إلى الخارج وتوزيعها في مصارف خليجية وأوروبية، وأخرى أقل شفافية في أمريكا اللاتينية. كانت هذه الشبكة الواسعة من المقربين، التي تضم أبناءه وأصهاره وأفراداً من دائرته العسكرية والقبلية، مجرد أداة لتنفيذ خططه، بل تحولت إلى كيان اقتصادي بحد ذاته.

مسؤولية تاريخية وخدمة للأعداء

إن هذا النهب الممنهج لم يكن مجرد فساد مالي، بل كان جزءاً من مخطط أوسع أضعف الدولة اليمنية وأبقاها تحت الوصاية الخارجية. فقد حكم "عفاش" اليمن 33 عاماً، خلالها كانت البلاد تُدار بالأزمات الاقتصادية والجرع السعرية، ولم يحقق أي تنمية أو نهضة اقتصادية حقيقية.
تشير الوثائق التاريخية إلى أن "عفاش" وعائلته وقيادات "العفافيش" المقربين استغلوا سلطاتهم لنهب ثروات اليمن، والاستئثار بالموارد والاستثمارات، وتهريب الأموال إلى الخارج لبناء عقارات وشركات. ولم يشهد أي مواطن يمني أن أحد هؤلاء استثمر في مشروع وطني لخدمة الشعب والبلد. على العكس، كانت استثماراتهم تتركز في الخارج، بأوروبا والخليج ومصر وأفريقيا، وضمن أسلوب ممنهج يهيئ لطرد الاستثمارات.
إن هذه السياسات، التي أدت إلى رهن قرار اليمن السياسي والسيادي لأمريكا، هي السبب الرئيس لما تعرض له اليمن من عدوان وحصار ومعاناة مضاعفة، لا سيما عندما أراد الشعب الخروج من الوصاية الأجنبية وتحقيق الاستقلال. إن "عفاش" وأزلامه كانوا جزءاً من مؤامرة تستهف البلد، حيث انضم كبار قياداته إلى صفوف العدوان الأمريكي السعودي  منذ اللحظة الأولى، مثل عبد ربه منصور وسلطان البركاني ورشاد العليمي ومعمر الإرياني وحافظ معياد والقربي، وغيرهم الكثير.

موارد مهدرة وتنمية غائبة

في تلك الفترة لم يكن البلد تحت الحرب أو الحصار في ظل نظام صالح، وكان لديه موارد نفطية هائلة تقدر قيمتها المستنزفة خلال 30 عاماً بنحو 500 مليار دولار. هذا المبلغ، لو أُدير بحكمة، كان كفيلاً بإحداث ثورة تنموية ونهضة اقتصادية، وتحقيق بنية تحتية متقدمة على كثير من دول العالم. ومع ذلك، انتهت فترة حكمهم، وما زالت شوارع العاصمة والمحافظات تفتقر لأبسط الخدمات، وتطفح بالمجاري.
لم تكن هناك تنمية حقيقية. بل كان هناك توجه متعمد لتنفيذ سياسات صهيونية أمريكية، تُبقي اليمن في حالة من الركود والتبعية والحرمان. ولنا في محافظة ريمة مثال حي، حيث لم تدخلها الخدمات نهائياً. وحتى في المناطق القريبة من العاصمة صنعاء، مثل بني مطر وسنحان، تنعدم الطرق والمشاريع التنموية، وحتى داخل أمانة العاصمة نفسها، توجد شوارع غير مسفلتة ولا يوجد فيها صرف صحي أو مياه، كما في سعوان والأربعين وبيت بوس.
لقد أضاع نظام صالح مئات الفرص الذهبية لتنمية اليمن. ففي ظل حكمه، لم تستثمر الموارد النفطية والغازية والمعدنية، ولا المنح المالية الدولية التي تلقوها باسم المساعدات والمشاريع التنموية، ولم تُستغل الميزانيات السنوية الضخمة التي كانت تُرصد سنوياً لمشاريع خدمية. بل سُخرت كل هذه الموارد للنهب والفساد والإثراء الفاحش لأنفسهم.

نهب الثروات وتغذية المشاريع الخارجية

تعد الثروة المنهوبة من خيرات اليمن، مثالاً صارخاً على كيفية استغلال النفوذ لتحقيق مكاسب شخصية. فقد اعتمدت هذه الثروة على السيطرة المطلقة على مفاصل الدولة الاقتصادية، حيث كانت عقود النفط والغاز الحكومية تمر عبر قنوات مغلقة تتيح لعائلة صالح الاستفادة من عمولات وتسهيلات مشبوهة. ولم تقتصر مصادر هذه الثروة على الداخل اليمني، بل امتدت إلى تهريب أموال ضخمة إلى الخارج، كما أكدت تقارير الأمم المتحدة.
إن نظام صالح وقياداته، الذين يُطلق عليهم "العفافيش"، لم يقدموا لليمن أي شيء حقيقي باستثناء التبعية وإبقاء البلاد تحت الوصاية الخارجية لعدة عقود، وتسخير مواردها لخدمة الأعداء. فبعد فشل الخيارات العسكرية، يستخدم العدو الصهيوني "العفافيش" كأدوات داخلية لتنفيذ مخططاته التي تخدم مصالحه. وتُظهر التقارير أن هذه القيادات تتلقى أموالاً من الإمارات والسعودية وفقاً لمخطط إسرائيلي لإثارة الفوضى والصراع الداخلي المسلح، بهدف إلهاء الشعب اليمني عن مساندة غزة وإغراقه في صراع داخلي.

مخطط صهيوني ضد الموقف اليمني

إن هذه الممارسات لم تنتهِ برحيل صالح، بل استمرت عبر "أدوات داخلية جديدة" تستخدمها قوى العدوان بعد فشل خياراتها العسكرية. تشير الوثائق إلى أن العدو الصهيوني الأمريكي يستخدم "العفافيش" كأدوات جديدة لتنفيذ مخططات تخدم مصالحه.
 ففي الوقت الراهن، يتم استخدام الثروات التي نهبها عفاش وأزلامه لتمويل خلايا تعمل على إحباط المشروع الوطني لبناء الدولة، والذي تتبناه صنعاء، ودعم المشروع الصهيوني في التأثير على الموقف اليمني تجاه القضية الفلسطينية وإسناد الشعب الفلسطيني لاسيما في المواجهة التي تقودها فصائل المقاومة الفلسطينية في معركة "طوفان الأقصى" ضد جرائم حرب الإبادة الجماعية والتجويع والتهجير القسري وقرارات الضم والإلحاق التي تصدرها "حكومة" الاجرام الصهيونية.
هذا التحرك هو امتداد لولائهم التاريخي للأمريكي والصهيوني، وهدفهم الفعلي هو إعادة اليمن إلى حظيرة الوصاية الصهيونية وأدواتها الإماراتية والسعودية. وتُبرز الحقائق أن "العفافيش" لا يملكون الأهلية لتبني هموم الشعب اليمني، وأن شعاراتهم حول الجوع والمرتبات هي مجرد خداع وتضليل. فكيف يمكن لمن هم سبب الأزمة أن يدَّعوا اليوم أنهم يحملون هموم الشعب؟ والأهم من ذلك كان يجدر بتلك الأدوات أن تسعى لتوحيد الجهود ضد العدو الأمريكي السعودي الذي دمر البلد ويحاصر الشعب لأكثر من عشرة أعوام. لكن للأسف الشديد فإن قيادات "العفافيش" لم يكن لهم موقف مشرف ضد العدوان، ولم يطالبوا السعودية والإمارات بإعادة مرتبات موظفي الدولة. بل إن مواقف تلك القيادات كانت سلبية جداً. هذا يؤكد أن العدو الأمريكي الصهيوني الذي يحركهم اليوم لرفع هذه الشعارات هو نفسه الذي يقصف الموانئ والمنشآت النفطية، ويفرض الحصار الخانق على الشعب اليمني.