موقع أنصارالله. تقرير
تزايدت حدة الهجمات اليمنية على المواقع العسكرية والحيوية في عمق الكيان الصهيوني خلال الساعات الماضية.
وبعد العملية الواسعة التي نفذها سلاح الجو المسير في القوات المسلحة اليمنية، والتي أخفقت (أحدث الدفاعات الجوية في العالم) حسب الوصف الإسرائيلي في التصدي لها، عاودت القوات المسلحة اليمنية، مساء الاثنين، تنفيذ عملية هجومية، نوعية باستخدام الطيران المسير.
العملية الأخيرة بحسب بيان القوات المسلحة اليمنية، الاثنين، استهدفت بثلاث طائرات مسيرة، مطار اللد في يافا، ومطار "رامون" في أم الرشراش، وهدفا حساسا في منطقة ديمونة.
العمليات المكثفة من قبل القوات المسلحة اليمنية باستهداف عمق الكيان الصهيوني، تحمل الكثير من الدلالات في هذا التوقيت الحساس من عمر معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس التي تخوضها اليمن، في معركة إسناد غزة منذ اكتوبر 2023.
حيث تأخذ العمليات الهجومية اليمنية، أبعاد متعددة، على الأصعدة العسكرية والسياسية والاقتصادية.
صحيفة "غلوبس" العبرية كشفت في تقرير أن اليمنيين يغيرون أساليب عملياتهم الهجومية وبأن خطر الطائرات المسيرة اليمنية باتت تمثل تهديدًا متزايدًا على عمق واعتبرت الصحيفة أن تمكن طائرة مسيرة يمنية من اختراق الدفاعات وضرب مطار "رامون" بشكل مباشر ودون سابق إنذار، وتحليق مسيرة أخرى في أجواء فلسطين المحتلة لمدة نصف ساعة كاملة يعتبر تطورا يعكس تغيّر أساليب عمل اليمنيين في اختيار المسارات، وأوقات التنفيذ، وأهداف الهجمات، وهو ما يضع "جيش" العدو أمام تحدٍ نوعي متصاعد.
وأكدت غلوبس أن هذه هي المرة الثانية خلال أربعة أشهر التي ينجح فيها اليمنيون في إصابة مطار داخل الكيان بعد الضربة الباليستية التي استهدفت مطار "بن غوريون" في مايو، وأن حادثة رامون الأخيرة تندرج ضمن استراتيجية يمنية واضحة لفرض حصار جوي على المطارات في الكيان الإسرائيلي، في وقت تعترف فيه "تل أبيب" بأنها عاجزة عن منع تكرار هذه الاختراقات. وأضافت أن الطائرات المسيرة، بخلاف الصواريخ، صغيرة الحجم، منخفضة الارتفاع، سهلة المناورة، وبصمتها الرادارية منخفضة، الأمر الذي يجعل اكتشافها واعتراضها مهمة بالغة الصعوبة.
وذكرت الصحيفة أن الهجمات اليمنية لم تعد مجرد عمليات تكتيكية محدودة، بل تحولت إلى مصدر تهديد استراتيجي قادر على إصابة أهداف حساسة والتأثير على الاقتصاد الإسرائيلي وقطاع الطيران بشكل مباشر. وبينت أن أنظمة الدفاع مثل القبة الحديدية وقبة الدرع قد أظهرت قدرة جزئية على مواجهة المسيرات، لكنها لم تُصمم أساسًا لهذا النوع من التهديد، كما أن تكلفة تشغيل الطائرات المقاتلة والمروحيات لمطاردة المسيّرات توازي أو تفوق تكلفة السلاح اليمني البسيط، ما يجعل المعادلة في صالح اليمنيين.
واختتمت الصحيفة بالتأكيد على أن الضربات الأخيرة تمثل تحولًا خطيرًا، وأن استمرار اليمن في تطوير أساليبه وتصعيد وتيرة عملياته يعني أن "إسرائيل "تقف أمام تهديد متواصل لا يمكنها التعايش معه أو تطبيع وجوده.
فمن الناحية العسكرية، تعد العمليات اليمنية، تأكيدا على حقيقة هشاشة الكيان الصهيوني، وأن هزيمة الترسانة العسكرية التي يتباهى بها العدو الإسرائيلي، أمرا وارداً، وأن المعادلة العسكرية في المنطقة، قد تغيرت، ولم يعد بإمكان الولايات المتحدة، والعدو الإسرائيلي، احتكار المبادرة، ودفع الآخرين إلى أن يكونوا مجرد ردة فعل باهت أمام العربدة الصهيونية، خصوصا أن اليمن أعلن أن لديه الكثير من المفاجآت خلال الفترة القادمة، بما يشير إلى أن الهجمات اليمنية على الكيان الصهيوني، ستشهد تطورا من حيث النوع والكم.
وفي هذا الصدد نشرت صحيفة معاريف العبرية تقريرا ذكرت فيه أن طائرة مسيّرة يمنية أصابت مطار "رامون "، الأحد، محققة إصابة مباشرة، أعقبها الاثنين إطلاق مسيّرات جديدة أربكت منظومات الإنذار في الجنوب وأجبرت الاحتلال على إعلان اعتراض بعضها، فيما سقطت أجسام صاروخية في "إيلات" وسط تضارب في التقديرات حول طبيعتها في محاولة للتغطية على فشل الدفاعات الجوية. وأضافت أن هجوم الأحد وحده تضمن أربع طائرات مسيرة أُطلقت من اليمن، نجحت واحدة منها في إصابة مجمع مطار رامون بشكل مباشر، الأمر الذي أدى إلى إغلاق المطار ووقف حركة الملاحة الجوية فيه. ورأت الصحيفة أن هذه الضربة تمثل دليلًا إضافيًا على أن أنظمة الدفاع الإسرائيلية عاجزة عن حماية المطارات الحيوية، وأن صنعاء تواصل فرض معادلتها الرادعة التي تُربك العدو وتكشف هشاشة جبهته الداخلية.
وعلى الصعيد السياسي، تمثل العمليات العسكرية، وسيلة ضغط ناجعة، للحد من اندفاع العدو الإسرائيلي تجاه تنفيذ نواياه الخبيثة بتهجير أهل غزة أو إملاء شروطه من أجل إنهاء عدوانه على غزة، حيث تمنح الهجمات اليمنية، وحضر الملاحة البحرية على السفن المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة ، ورقة مهمة بيد المقاومة الفلسطينية على طاولة المفاوضات.
صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية نلت تصريحات لافتة أدلى بها القائد السابق لمديرية "الدفاع الجوي" في "جيش" العدو الصهيوني ، "العميد احتياط زفيكا هايموفيتش"، اعترف فيها بتطور القدرات اليمنية وتحوّلها إلى تهديد استراتيجي متصاعد على الكيان. وأشار إلى أن التهديد اليمني قد يبدو تكتيكيًا في بدايته، لكنه قادر على التحول إلى "مشكلة استراتيجية" خطيرة، مستشهدًا بفشل اعتراض صاروخ أصاب منطقة قرب مطار "بن غوريون " وما سبّبه من قلق واسع. وأوضح أن أي إصابة مباشرة في هدف استراتيجي، سواء كان مطارًا أو منشأة حيوية، تحمل "إمكانات ضرر هائلة" على الكيان، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
وقال هايموفيتش إن "الحوثيين يتعلمون ويصقلون عملياتهم"، موضحًا أنهم خلال السنوات الأخيرة باتوا قادرين على تصنيع صواريخهم وطائراتهم المسيّرة داخل اليمن بشكل كامل.
وأضاف أن "سلاح الجو الإسرائيلي بات يواجه "تهديدًا جويًا متعدد الجبهات"، يفرض عليه جاهزية فورية بزاوية 360 درجة، إذ لم يعد الخطر يأتي من الجنوب وحده، بل يمكن أن يظهر من الغرب أو الشرق أيضًا" . واعتبر أن "ما يميز الحوثيين هو قدرتهم على تطوير تكتيكاتهم، سواء في طريقة نشر التهديدات، أو اختيار المسارات، أو توقيت العمليات، أو الأهداف الاستراتيجية"، مؤكّدًا أنهم "يختبرون منظومة جيش الدفاع الإسرائيلي ويواصلون تحديها".
وختم هايموفيتش بالقول إن "إسرائيل لا يمكنها أن تطبع التهديد القادم من اليمن أو أن تعيش في ظله"، محذرًا من أن تجاهل هذا الخطر سيجلب على الكيان أضرارًا "غير مقبولة".
بينما كان للهجمات اليمنية، أثراً كبيراً على اقتصاد الكيان الصهيوني، فإلى جانب الإسهام في هروب الشركات ورؤوس الأموال من الكيان الإسرائيلي، وتعطيل حركة الملاحة الجوية، وحرمان الكيان الصهيوني من أموال طائلة نتيجة توقف السياحة، إضافة إلى إخراج ميناء أم الرشراش "إيلات" عن الخدمة، تعاني قطعان المستوطنين من حالة قلق، نتيجة دوي صفارات الإنذار في مختلف مناطق تواجد المغتصبين الصهاينة، مع كل موجة هجومية من اليمن، وهي مسألة أثرت على قدرات العدو الإنتاجية، بعد أن وجد المستوطنين الصهاينة أنفسهم مضطرين إلى المرابطة في الملاجئ خوفا من هجمات اليمن.
تؤكد صحيفة غلوبس العبرية المهتمة بالشؤون الاقتصادية إن بورصة "تل أبيب" شهدت تراجعًا ملحوظًا ،الاثنين، حيث انخفض مؤشر "تل أبيب" 35 بنسبة 0.4%، فيما تكبّد مؤشر التأمين خسائر بأكثر من 2%. وأشارت الصحيفة إلى أن "الشيكل" ارتفع إلى أعلى مستوى له في شهرين مقابل الدولار، في وقت ما تزال فيه الأسواق تعيش حالة من الارتباك على وقع الضربات اليمنية المتواصلة.
وذكرت غلوبس أن الهجوم على مطار "رامون" كان له تأثير مباشر في جلسة التداول السابقة، حيث ارتفعت أسهم شركات الطيران الإسرائيلية بعد أن وجد العدو نفسه أمام تهديد مباشر للمطارات، وهو ما دفع المستثمرين للمراهنة على تقلبات جديدة في قطاع الطيران. وأوضحت أن الأسواق تأثرت أيضًا بإعلان صفقة "برودكوم" التي رفعت أسهم شركات الرقائق.
وأكدت غلوبس أن البورصة الإسرائيلية باتت أكثر حساسية لأي حدث أمني أو عسكري في المنطقة، لاسيما مع تصاعد الهجمات اليمنية التي فرضت نفسها كلاعب رئيسي في رسم المشهد الاقتصادي والأمني للكيان الإسرائيلي.