في هذا السياق نفسه، من أفظع وأبشع حالات الغباء والضلال المبين، هو مطالبة البعض للإخوة في حركة حماس بأن يسلِّموا أسلحتهم! ومن ضمن ذلك: السلطة الفلسطينية، السلطة الفلسطينية تثبت غباءها الرهيب، إن لم يكن هناك ما هو أكثر من الغباء، وهو أنها مخترقة، فيها من هم في حالة غباء، ومنهم من يعملون لمصلحة العدو الإسرائيلي، كيف في ظل ما هو قائم، ما هو حادث، ما يفعله العدو الإسرائيلي، يطلبون من حركة حماس أن تسلِّم سلاحها!
الحالة الصحيحة، المنطق الصحيح بمقتضى الحق والعدل، وبمقتضى الحقائق الواضحة والصريحة، بمنطق الحكمة والصواب، هو: أنَّ العدو الإسرائيلي الذي لا ينبغي أن يمتلك أي قطعة سلاح، ولا حتى السكاكين، ما بالك أن يسلَّم كل أنواع السلاح الفتاك والقاتل والمدمِّر، الذي لا يستخدمه فقط في الحرب والقتال، وضد من يقاتله؛ وإنما يستخدمه لإبادة الأطفال، لإبادة النساء.
حينما تقوم أمريكا بتسليم العدو الإسرائيلي الآلاف المؤلَّفة من أفتك القنابل تدميراً وإحراقاً، وغيرها من وسائل السلاح والقتل، مختلف أنواع القذائف وغيرها، كل أنواع الذخائر، ومع ذلك ما تقدِّمه له بريطانيا، ما تقدِّمه ألمانيا، ما تقدِّمه فرنسا، ما تقدِّمه دول أخرى في الغرب، وهو يستخدم ذلك ضد مَنْ؟ هل فقط في المعركة العسكرية، ضد من يقاتله؟ بل هو يستخدم ذلك بكل مرأى ومسمعٍ من العالم لإبادة المدنيين والعُزَّل، لقتل الناس جميعاً في قطاع غزَّة، يعمل على الاستهداف بما يسمِّيه الأحزمة النارية؛ لتدمير أحياء بأكملها، لقتل الناس جميعاً، يسعى لقتل أكبر قدر ممكن من الأطفال والنساء والسكان في قطاع غزَّة، يعني: أنَّه لا يستخدم هذا السلاح فقط في معركة عسكرية لمواجهة من يواجهه، وقتال من يقاتله، بل هو يستهدف به الأطفال، يستهدف به النساء، يستهدف به المدنيين العُزَّل من السلاح.
أمام كل ذلك يأتي من يقول للمقاتلين الفلسطينيين، المجاهدين في سبيل الله، الذين هم في الموقف الحق، يقول لهم: سلموا سلاحكم ! وفي لبنان تتحرَّك بعض القوى والأحزاب، التي لها خلفية سلبية جدًّا في علاقتها بالعدو الإسرائيلي في مراحل ماضية، وفي تعاونها مع العدو الإسرائيلي في مراحل ماضية، يعني: خيانتها للبنان، لها رصيد من الخيانة والإجرام، تأتي لتتحرَّك في داخل لبنان بهدف الضغط- استجابةً للأمريكي، وبتوجيهات من الأمريكي- بهدف الضغط على نزع سلاح حزب الله، الذي هو لحماية لبنان، ولبقاء لبنان حُرّاً، مستقلاً، محمياً وحصيناً، هذا النوع من التَّحَرُّك هو لخدمة الأعداء، وهو منطقٌ مستهجن، وغبي، وسيء، أُمَّتنا هي أحوج أُمَّة إلى أن تقتني السلاح.
إذا كان من لهم مثل هذا المنطق من الأعراب، في فلسطين، في لبنان، في أيِّ بلد هنا أو هناك، ويتكلَّمون بهذا المنطق: ، فمثلهم الأعلى هو أمريكا، هم يوالون أمريكا، يعظِّمون أمريكا، يرون فيها آلهةً من دون الله، مثلهم الأعلى هو أمريكا.
في أمريكا، في الدستور الأمريكي بنوداً تكفل لكل مواطن أمريكي حق أن يقتني السلاح! لماذا يراد لنا أن نكون أُمَّة منزوعة السلاح، في الوقت الذي علينا مثل هذه الهجمة الإسرائيلية والأمريكية، بكل وحشيتها، وإجرامها، وطغيانها، واستباحتها لكل المحرمات، وانتهاكها لكل الحرمات، مع أنها تستهدفنا في كل شيء: في ديننا، في مبادئنا، في معتقداتنا الدينية، في مقدَّساتنا الإسلامية، وفي دنيانا، ثم يراد لنا أن نكون أُمَّة منزوعة السلاح، بدون سلاح تدافع عن نفسها؟ لتكون فريسةً سهلةً لأعدائها، ودون أي استفادة من الحقائق التاريخية الواضحة، الواضحة.
هناك تجارب في فلسطين بنفسها، في لبنان، تجارب أيضاً في البوسنة والهرسك، تجارب تاريخية في أنحاء كثيرة من العالم، ماذا يكون حال من ينزع سلاحه، أو هو يلقي سلاحه، وهو مستهدف من عدوٍ حاقدٍ مجرم، غاشمٍ ظالم، إلَّا الإبادة، والإهانة، والقتل، والدروس كثيرة، والتفاصيل كثيرة، لا يتَّسع لها المقام، لكن في لبنان نفسها، متى حدثت مجزرة (صبرا وشاتيلا)؟ بعد أن ذهب المقاتلون الفلسطينيون وألقي السلاح الفلسطيني، متى حصلت جرائم ومجازر كبيرة في فلسطين؟ لأن الشعب الفلسطيني لم يقتنِ السلاح بالقدر اللازم، ولم يتحرَّك عسكرياً في مراحل مبكِّرة بالقدر اللازم، ولم يحظ بالدعم العربي والإسلامي ليقتني السلاح بالقدر اللازم.
فالأعداء يقدِّمون للعدو الإسرائيلي كل أنواع الدعم، بمختلف أنواع الأسلحة، وأفتكها تدميراً، وقتلاً، وإحراقاً، وشعوبنا المستضعفة، المضطهدة، المقهورة، المستباحة، التي تباد بشكلٍ جماعي، وفي مقدِّمتها: الشعب الفلسطيني، تخاطب بهذا المنطق: ، وهي الأحوج إلى امتلاك السلاح؛ لأنها المعتدى عليها، المظلومة، المستباحة، المقهورة، المضطهدة؛ ولأنها في الموقف الحق، في الموقف الحق والعادل.
كلمة السيد القائد حول آخر المستجدات والتطورات 29 محرم 1447هـ