موقع أنصار الله | من هدي القرآن الكريم | 

 

يقول لنا في أول كل سورة: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ثم ينطلق داخل السورة هذه بالثناء عليه ثم يتحدث بتوجيهنا وهدايتنا بأشياء مهمة.. فنأتي نحن ونقول: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}هذه ليست آية ماذا نعمل بها؟ فنرمي بها بعيداً في أفضل عبادة من العبادات التي شرعها لنا وهي الصلاة.. أليس هكذا يعمل بعض البشر من المسلمين يرفضون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وهي آية مهمة لها دلالتها المهمة جداً جداً، في أن كل هداية منه، وكل تشريع منه، وكل توجيه منه داخل هذا القرآن الكريم هو من منطلق رحمته، يقوم على أساس رحمته، ويسير بنا في أجواء رحمته، وينتهي بنا إلى مستقر رحمته.

فيتنازع الفقهاء والمفسرون هل هي آية أو ليست آية! كيف لا تكون آية من أعظم الآيات وأهمها وهي التي تكررت في القرآن كله حتى قيل أنها حتى في سورة براءة إنما حذفها عثمان على أساس أن يدمج [الأنفال] و[براءة] كسورة واحدة واعترض عليه ابن عباس قال: كيف عمدتم إلى سورة هي من أول السور نزولاً في المدينة وسورة أخرى هي من آخرها فدمجتموهما سورة واحدة وحذفتم بسم الله الرحمن الرحيم بينهما؟! هكذا روي.
بسم الله الرحمن الرحيم, بسم الله الرحمن الرحيم.. هذه الآية المهمة لمن يتأملها. ثم تأتي داخل السور نفسها تكرير للرحمن الرحيم {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}(فصلت:2) {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (الفاتحة:2-3) وهكذا تتكرر. 

لو نأتي إلى هذا الاسم الإلهي: {الرَّحِيمِ} ونتأمل مظاهر رحمته فينا لكفتنا هذه، لكفتنا خلي عنك, {عَلِيمٌ حَكِيمٌ خَبِيرٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ قَدِيرٌ} إلى آخر أسمائه الحسنى، رحيم وحدها, إسمه العظيم {رَّحِيمِ} لو نأتي لنتأمل معناه ونتلمّس مظاهره في حياتنا كلها، وفي تشريعه لنا لوجدنا أنفسنا, لوجدنا أنفسنا في حالة سيئة من الكفران بالله، من الظلم لأنفسنا، وسنرى أنفسنا كما قال الله: ظلوم كفار, ألم يصف الإنسان بهذا؟ {إِنَّ الْإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}(إبراهيم: من الآية34).

وعندما يذكِّرنا بنعمه في القرآن الكريم هو كذلك لننظر إليها من منظار أنها مظهر من مظاهر رحمته بنا أيضاً ألم تتكرر آيات كثيرة يذكرنا الله فيها بنعمته علينا؟.ألم تتكرر آيات كثيرة يقول لنا فيها: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ}(النحل53) {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}(لقمان: من الآية20) {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا}(إبراهيم: من الآية34) فكون الأشياء كلها بالنسبة لنا نعمة منه أليس ذلك يعني أنها مظهر من مظاهر رحمته بنا؟. أليس يعني ذلك أنه رحيم سبحانه وتعالى بنا؟. 

ثم نأتي إلى بقية الأسماء الحسنى التي أثنى الله سبحانه وتعالى بها على نفسه في هذه الآية؛ لننظر إليه سبحانه وتعالى نظرةَ مَن نفسُه ممتلئة بالشعور بعظمة الله. {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ}(الحشر: من الآية23) ألم يكرر نفس العبارة الأولى {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} هو الله, ثم يأتي بعدها بقية أسمائه الحسنى التي هي قائمة على هذا الإسم المبارك [الله] الذي لا إله إلا هو {الْمَلِكُ}الملك بـ (ألـ) التي تفيد الإختصاص أنه وحده الملك من له ملك السماوات والأرض من هو ملكنا إذاً فهو هو وحده من له حق التصرف فينا، هو وحده من يجب أن نرغب إليه، ونخاف منه؛ لأنه الملك القاهر علينا.

ثم تجد مُلكَه سبحانه وتعالى ليس كمُلكِ الآخرين من البشر مُلْك هيمنة، مُلك جبروت، ملك طغيان، أوامر جافة، نواهي جافة نفِّذ.. لا تكريم فيها ولا كرامة معها. أما الله عز وجْل فإن ملكه كله قائم من منطلق أنه رب العالمين، وهو رحيم ورحمن بهم، نفس المعنى الذي جاء في أول سورة الفاتحة: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (الفاتحة:1-3) هو الذي ربوبيته تقوم على أساس رحمته، ربوبيته لعباده هي مظهر من مظاهر مُلكه, وتدبير من تدبير شؤون عباده الذين هو مَلِكُهم.
 

دروس من هدي القرآن الكريم
معرفة الله عظمة الله- الدرس السادس
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 25/1/2002م
اليمن - صعدة