لقد بات من الواضح أن العدوَّ الصهيوني في تعامله مع جبهات الدعم والإسناد قد اعتمد الاستراتيجية القائمة على أَسَاس التحييد، وليس على أَسَاس الردع..
ليس لأنه يريد ذلك طبعًا..
ولكن لأنه وجد نفسَه مضطرًّا إلى ذلك..
وأن لا خيارَ أمامه سوى ذلك..
فبعد أن بدأ هذا العدوّ عدوانَه الغاشم والظالم على «غزة» على خلفية عملية السابع من أُكتوبر، وجد نفسَه أمام متغير جديد لم يكن في حسبانه وهو انخراطُ محور المقاومة ودخوله على خط المواجهة كجبهة دعم وإسناد في إطار ما يسمى بوحدة الساحات..
لذلك، فقد سخر جميع إمْكَاناته وقدراته العسكرية والاستخباراتية والأمنية؛ مِن أجلِ وفي سبيل الوصول إلى ضرب وتفكيك وحدة الساحات هذه..
وفعلًا نجحت هذه الاستراتيجية إلى حَــدّ ما في إقصاء وتحييد لبنان، والعراق، وسوريا، وأخيرًا إيران مستفيدة طبعًا من عدة عوامل وعناصر وظروف موضوعية لا مجال لذكرها الآن..!
لكن هذا لا يعني أنه انتصر..
فمفهوم التحييد، وكما هو معروف، يختلف تمامًا وكليًّا عن مفهوم تحقيق الردع وإحراز الانتصار..
أن تحيد خصمًا أَو عدوًا، فهذا لا يعني أنك قد سحقته أَو قطعت دابره نهائيًّا، بل يعني أنه، وفي أية لحظة، قد يعود إلى ساحة المواجهة بقوة من جديد..
أما أن تردعه، فهذا يعني أنك قد وصلت معه إلى مرحلة لم يعد بمقدوره الوقوف على أقدامه أمامك من جديد، وهذا بالطبع، ما لم ولن يحصل أبدًا؛ خَاصَّة في ظل تآكل وتهالك نظرية الردع الإسرائيلي والذي بدأ منذ عقود..
ما علينـا..
المهـم..
جبهةُ الإسناد الوحيدة التي لا تزال استراتيجيةُ التحييد الصهيونية هذه تحاول ونحاول معها على أمل تحييدها وإسكات لعلعة صواريخها هي الجبهة اليمنية، والتي بدت، ولا تزال، عصية على الردع والتحييد في آن معًا..
فالعوامل والعناصر والظروف التي استثمرها العدوّ واستفاد منها في تنفيذ استراتيجية التحييد في الحالات السابقة تكاد، في الحقيقة، تكون معدومة في الحالة اليمنية الأمر الذي جعل من هذا العدوّ يبدو في مواجهته مع اليمن مثل ذلك الأعمى الضائع والتائه في الصحراء الذي يتلمس طريقه في عتمة الليل الحالك السواد..
ليس العدوّ الصهيوني وحده فحسب طبعًا.. بل، وكذلك الأمريكي والبريطاني أَيْـضًا..
وهذا، بالطبع، لا يعني إلا شيئًا واحدًا فقط وهو أن استراتيجية «التحييد الصهيونية المقرة والمعتمدة» قد فشلت فشلًا ذريعًا في اليمن،
وأن الضربات التي يوجهها هذا العدوّ، ما بين فترة وأُخرى، على منشآت وأعيان مدنية في اليمن ما هي إلا تحصيل حاصل، وعمل استعراضي الغاية منها فقط حفظ ماء الوجه، أَو هكذا يظن العدوّ..
وأن لا استراتيجية متاحة للعدو؛ لتحييد الجبهة اليمنية إلا بوقف العدوان وإنهاء الحصار عن غزة فقط..
أو هكذا تقول المؤشرات..
نقطة انتهى..