منذ عقود طويلة، تستمرُّ آلةُ العدوان الإسرائيلي في ارتكاب انتهاكات صارخة ضد الشعب الفلسطيني، تتجلى في القصف العشوائي للمنازل، واغتيال المدنيين، وتدمير البنية التحتية، وفرض الحصار، وتهجير السكان قَسْرًا من أراضيهم. مشهد يعكس واحدة من أفظع صور الاحتلال والعنصرية في العصر الحديث.

لكن ما يزيد هذه الجرائم فظاعة هو الصمتُ الدولي المريب، الذي يرقى في كثير من الأحيان إلى مستوى التواطؤ، تحت شعارات زائفة مثل "حق الدفاع عن النفس" أَو "حماية الأمن القومي الإسرائيلي"، بينما يتجاهل العالم أن ما يجري في غزة والضفة الغربية والقدس ليس سوى تطهير عرقي ممنهج وانتهاك يومي صارخ لأبسط مبادئ القانون الدولي الإنساني واتّفاقيات جنيف.

ولا يقتصر الحديثُ عن جرائم الاحتلال على الشعوب العربية أَو مناصري القضية الفلسطينية، بل تؤكّـده تقارير موثقة من منظمات دولية مثل "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" و"مجلس حقوق الإنسان" التابع للأمم المتحدة. هذه الجهات وثقت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تشمل استهداف المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء، واستخدام القوة المفرطة ضد المدنيين، بمن فيهم الأطفال والنساء.

في المقابل، تندّد الدولُ الغربية بأي شكل من أشكال المقاومة الفلسطينية وتصفُها بـ"الإرهاب"، متجاهلة المجازر اليومية التي يرتكبها الاحتلال. هذه الازدواجية الصارخة تعكس انحيازًا سياسيًّا فاضحًا، حَيثُ تُقدّم المصالح الاقتصادية والتحالفات الاستراتيجية على القيم الإنسانية والعدالة.

وتلعب وسائل الإعلام الغربية دورًا سلبيًّا في تشويه الصورة الحقيقية للصراع، من خلال تصوير (إسرائيل) كضحية، وتغييب الرواية الفلسطينية. تُبرّر الجرائم تحت مسمى "الدفاع عن النفس"، وتُطمس المجازر تحت عناوينَ مراوغة مثل "اشتباكات" أَو "توترات".

ورغم هذا الصمت الرسمي، لا تزال الشعوب الحُرّة حول العالم تخرج إلى الشوارع، رافعة صوتها في وجه العدوان، مطالبة بالعدالة وإنهاء الاحتلال. لكن هذه التحَرّكات الشعبيّة، على الرغم من صدقها، تُواجَه غالبًا بالتجاهل من صُنّاع القرار، ما يعكس الفجوة العميقة بين صوت الشعوب ومواقف الأنظمة.

إن استمرار الصمت على جرائم الاحتلال لا يُهدّد فقط حقوق الفلسطينيين، بل يُقوّض الأسس الأخلاقية والقانونية التي يُفترض أن تحكم العلاقات الدولية.

فإما أن يكون القانون الدولي ملزمًا للجميع، أَو أنه مُجَـرّد أدَاة تُستخدم ضد الضعفاء وتُستثنى منها (إسرائيل).