في زمن تتعالى فيه أصوات الجوعى، وتئن فيه بطون الرضّع الخاوية، وتنتحب فيه أُمهات يمسحن دماء أطفالهن من الطرقات، يُطرح السؤال المرعب الذي سيُطرح علينا جميعًا يوم لا تنفع فيه خطابات ولا تبريرات: ماذا ستقولون؟
ماذا ستقولون حين يسألكم الله عن أجساد الصغار التي احترقت بلا ذنب؟
عن أُسر بأكملها ماتت جوعًا لا لشيء سوى أنها في غزة؟
عن مقابر نُبشت، ومستشفيات سويت بالأرض، ونساء قُتلن على الأرصفة، ونازحين شُرّدوا تحت القصف وبلا مأوى؟
عن دماء طاهرة سالت، وصرخات استغاثة لم تجد لها صدًى؟
أين كنتم؟
في أي ركن من أركان الصمت اختبأتم؟
هل نطقتم بكلمة حق؟
هل تجرأتم على قول: كفى؟
أم خشيتم بطش الظالم أكثر من خشيتكم وقوفكم بين يدي العدل العظيم؟
أيها المتفرجون على المذبحة،
أيها المنشغلون بتوافه الدنيا عن أعظم فاجعة إنسانية في القرن،
اعلموا أن التاريخ لا يرحم،
وأن الله لا ينسى.
ستُسألون.. وستُعرض عليكم المشاهد من جديد،
لكنكم حينها لن تجدوا شاشات تطفئونها،
ولا صمتًا تحتمون به،
ولا أعذارًا تعلقون عليها خيانتكم.
اصطفّوا اليوم مع المظلوم قبل أن تقفوا غدًا بين يدي الله، ولا تجدوا ما تقولونه.
فغزة لا تحتاج دموعكم، بل وقفتكم.
وغدًا لا يُسأل فيها الظالم فقط.. بل كُـلّ من صمت.