حين تصمت منابر الدين، وتتلعثم الأفواه، وتتواطأ زعامات العرب مع الباطل… فاعلم أن الأُمَّــة تعيش أخطر مراحل انهيارها الأخلاقي والروحي.

لم يعد هناك متسع للمواقف الرمادية؛ فإما موقف يرضي الله ويُكتب في صحائف العزة، أَو سقوط مدوٍّ في وحل الخيانة والعار. التاريخ لا يرحم، ومن يتخلف عن معركة الحق اليوم، ستلحقه لعنة الأجيال وغضب السماء غدًا.

غـزة اليوم تحتضر، أرضًا وشعبًا. غزة اليوم بحاجة إلى إنعاش عاجل؛ بسَببِ كيان "صهيوني" محتلّ لم يكتفِ بحرب الإبادة وسلاح القتل والدمار، بل استخدم سلاح التجويع في حربه عليها.

كيف استطاع الساكتون إقناع أنفسهم بالصمت، وغزة تموت جوعًا؟ هذه جريمة بحق أنفسهم قبل غيرهم، فالصمت ليس حيادًا، بل هو خيانة تقتل ما لم تقتله القنابل.

من سيوقف التعنت الصهيوني والعنجهية والاستقواء على الشعب الفلسطيني الأعزل؟

يا عرب، يا مسلمون، أما فيكم رجال؟ من يوقِف الكيان الغاصب المحتلّ عن حصاره وتجويعه للنساء والأطفال الذين يموتون جوعًا في فلسطين؟ لقد وصلت هذه الأمور حدًّا لا يطاق، ولا يبدو أن لحربهم العدوانية العبثية حدودًا.

إن مشهد تجويع أهل فلسطين دون ردة فعل من المسلمين والعرب هو أدَاة يسخر بها الصهاينة من الأُمَّــة، كأنه اختبار أخير لمدى هوانها. ويا حثالة الأمم، ها أنتم ترون حال غزة اليوم وقد خذلتها أمتها وإخوانها من شعوب دول الطوق -الأقرب إلى فلسطين- بالتحديد، بعد أن هبّت هي نصرةً لدينكم ومقدساتكم ومسرى نبيكم.

ألا تدركون أن من يتجاهل ما يجري في غزة اليوم هو ميت القلب، ميت العقل، ميت الروح؟ من يتجاهل المظالم التي تلحق بالشعب الفلسطيني وجبهات الإسناد هو إنسان بلا قلب، بلا روح، بلا مشاعر إنسانية.

يقول الله سبحانه وتعالى: "وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ".

فهل رضيتم بالقعود خلودًا إلى الحياة الرغيدة، وأسكنتم وخز الضمير فيكم بالسكوت، وتسربلتم سرابيل الهزيمة حتى اضطرتكم إلى أضيق الدروب، فعشتم صورة الإسلام لا حقيقته؟

إنَّ أقبح صورةٍ سترويها الأجيال عنكم هي أنكم "شعرتم ولم تفعلوا"، والله يحاسبكم على ما تفعلون يا عرب، لا على ما تشعرون!

أما نحن أبناء اليمن -شعبًا وقيادةً- فنصرخ بصوت واحد: كفى صمتًا! كفى حصارًا لغزة! كفى تجويعًا لشعبها!

فلسطين وقضيتها لن تموت، والضمير العالمي يجب أن يستيقظ! سوف نصرخ حتى نخترق جدار الصمت بالحق، وسوف نجعل من خطواتنا دويًّا يهز أركان الظلم!

اليمن تاريخ وشجاعة وموقف.. فليكن وقوفنا وإسنادنا مع غزة صرختنا في وجه الظلم، ورسالة إلى العالم: "لا للصمت.. لا للتطبيع.. لا لقتل الأبرياء.. لا للتجويع. ارفعوا حصاركم عن غزة!".

وليعلم العالم أن السكوت جريمة بحد ذاتها، وأن مشاهدة كيان غاصب يجوع الشعب الفلسطيني هي جريمة ممنهجة تُرتكب في وضح النهار أمام أعين العالم. إن الجوع في غزة ليس نتيجة قلة الموارد، بل هو حصار خانق يمنع الحياة عن شعب بأكمله.

غزة تنادي ضمائركم، فهل من مجيب؟