ذكر السيد القائد في كلمته الأخيرة قائلًا:

"المجاهدون في فلسطين ولبنان لهم أعظم وأهم دور فاعل في مواجهة العدوّ الإسرائيلي، وقد شكّلوا وقاية وحماية للأُمَّـة الإسلامية، وفي مقدّمتها الدول العربية".

لقد كان للمقاومة المسلحة في لبنان وفلسطين دورٌ محوري في التصدي لاعتداءات الكيان الصهيوني المتكرّرة، وإفشال مخطّطاته التوسعية الرامية إلى بسط الهيمنة ليس على فلسطين ولبنان فحسب، بل على أجزاء واسعة من الأراضي العربية في سوريا والأردن، وحتى في مناطق من السعوديّة ومصر.

فقد برزت حركات المقاومة كحصن منيع للأُمَّـة، يُحبط محاولات الاحتلال ويجسّد إرادَة الشعوب في الدفاع عن حقوقها المشروعة وأرضها المقدسة.

تظل حركتا حماس والجهاد الإسلامي أمل الأُمَّــة في زمن التخاذل والضعف. وإن كُـلّ قطرة دم تُراق على أيدي هؤلاء الأبطال هي لعنةٌ على المتخاذلين الذين اختاروا طريق الذل والخنوع، وهي – في الوقت ذاته – دعوةٌ للأُمَّـة لتصحو من غفلتها، وتوحّد كلمتها في وجه التحديات الجسيمة التي تواجهها.

وفي النهاية، لن تُغفر خيانة من خان قضايا الأُمَّــة المحورية، ولن يرحم التاريخ من أدار ظهره لمصيرها.

منذ بداية الاحتلال، كانت المقاومة المسلحة في فلسطين ردًّا طبيعيًّا وضروريًّا على العدوان الصهيوني المُستمرّ. وقد تأسست حركات مثل حماس والجهاد الإسلامي كردّ فعل مباشر على الاعتداءات الوحشية، لا سِـيَّـما خلال الانتفاضات الفلسطينية. ولم يقتصر دور المقاومين على العمليات العسكرية، بل تعدّاه إلى إشعال شرارة الكفاح الشعبي، وتنظيم الاحتجاجات، وتقديم الدعم الإنساني لآلاف الأسر الفلسطينية التي تعاني من بطش الاحتلال.

تبرز في الآونة الأخيرة مؤامرةٌ خطيرة تهدف إلى نزع سلاح حزب الله والمقاومة الفلسطينية. وهذه المؤامرة، التي يشارك فيها بعض الأنظمة العربية بتنسيق مع الكيان الصهيوني، ليست مُجَـرّد خيانة، بل هي تآمر صارخ ضد الحق والعدل وقيم النضال العربي.

تأتي هذه التحَرّكات المشبوهة في وقتٍ يحتاج فيه العرب والمسلمون إلى توحيد الكلمة والصفّ في مواجهة الاعتداءات المتواصلة. وبدلًا من دعم مقاومة تسعى لتحرير الأرض واستعادة الحقوق، نرى تحَرّكات تستهدف إضعافها ومحاصرتها، في تجاهل صارخ للتضحيات الجسيمة التي قدمتها، وللتبعات الخطيرة لهذه المؤامرات، التي تمثل خنجرًا في خاصرة من يُقدّمون دماءهم دفاعًا عن الأُمَّــة، ويقفون في وجه السياسات الصهيونية التوسعية التي لا تقف عند حدود فلسطين ولبنان.

إن نزع سلاح حزب الله والمقاومة الفلسطينية ليس إلا محاولة يائسة لإرضاء الكيان الصهيوني، وتغليب مصالح ضيّقة على حساب الكرامة والسيادة العربية.

ألم تتعلم هذه الأنظمة من دروس التاريخ أن الكفاح والمقاومة هما السبيل الوحيد لاستعادة الحقوق؟!

وكيف لها أن تنسى الدماء الزكية التي سالت دفاعًا عن الأرض والعِرض؟

ينبغي أن يتذكّر الجميع أن المقاومة ليست إرهابا، بل هي حق مشروع لكل شعب يسعى للتحرّر.

وإن أي محاولة لنزع سلاحها ليست سوى طعنة في ظهر القضية العربية والإسلامية، وهي جريمة لن تُغفر، ولن تُنسى.

تُعد حماس والجهاد الإسلامي مثالين حيّين على قدرة المقاومة على الصمود والاستمرار رغم التضحيات الجسيمة؛ إذ لم تقتصر المقاومة في غزة والضفة على العمل العسكري، بل شملت بناء منظومات دفاعية وتطوير قدرات ذاتية لمواجهة التفوق التكنولوجي للعدو، مما جعل الاحتلال يواجه معركة استنزاف طويلة الأمد.

هذه المقاومة تظل رمزًا للأمل والإصرار، وتُثبت أن كفاح الشعوب؛ مِن أجلِ حقوقها لا يُقهر، وأن المقاومة ليست خيارًا فحسب، بل ضرورة حتمية لاستعادة الحقوق المغتصبة.

لم تقتصر جهود المجاهدين على مقاومة الاحتلال محليًا، بل ساهمت أَيْـضًا في حماية العمق الاستراتيجي العربي. فلطالما كانت المقاومة الفلسطينية واللبنانية درعًا يمنع الكيان الصهيوني من التمدد أكثر نحو العمق العربي.

ولولا هذه المقاومة البطولية، لكان الشرق الأوسط اليوم واقعًا تحت سيطرة لا تعبأ بحقوق الشعوب، ولا تعكس تاريخها ولا حضارتها.

لذا، فإن المقاومة ستظل دائمًا:

رمزًا للأمل،

وسلاحًا حاسمًا لحماية مستقبل المنطقة،

وصمّام أمان لحقوق الأجيال القادمة.