عن الجولاني ومن على شاكلته.. حين لا يكون الصمت حيادًا

في هذه اللحظة من تاريخ الأُمَّــة، لسنا أمام معركة حدود أَو تنافس نفوذ فقط، بل أمام معركة فاصلة على هُوية الشعوب، ومصير المبادئ، وطبيعة الانتماء.

والمفارقة المؤلمة أن الغرب لا يضع معيار ولائه في أنك تعادي إيران، أَو تتبنى خطابه في الهجوم على قوى المقاومة.

فالعداوة لإيران، عندهم، ليست غاية، بل خطوةٌ في طريق أطول: طريق التخلّي الكامل عن الدين، عن القيم، عن الانتماء الحضاري.

الغرب لا يريدك عدوًّا لإيران فحسب، بل عدوًّا لكل ما تبقى فيك من دين وكرامة واستقلال.

ومع ذلك، وبعد كُـلّ خياناتك وتنازلاتك، لن يرضى عنك.

 

الجولاني.. نموذج الخيانة المقنّعة

لن نذهبَ بعيدًا. أمامنا الجولاني، الذي كان يومًا يتغنّى بالجهاد، ويستشهد بالقرآن، ويُحرّك المقاتلين من فوق المنابر.

لكننا رأيناه لاحقًا ينسلخُ من كُـلّ ما زعمه من معتقدات، يطبّع علنًا، ويسلّم مِلفات أمنية لكيان العدوّ وهو في وضع السجود، لا لله، بل لأجهزة استخباراته.

شارك في حربِ حزب الله، وقف في خندق أمريكا و(إسرائيل) ضد إيران، فعل بالعلويين ما تفعله (إسرائيل) بأهالي غزة… ومع ذلك، لم يرضَ عنه الكيان.

 

لا مكافأةَ للخونة.. بل جزاء التبعية

حين جاءه الغرب، لم يأتِ ليكاِفئَه، لم يمنحْه كَيانًا، لم يمنحه دولة، ولا حتى حماية.

جاءه ليحتلَّ جزءًا جديدًا من سوريا، فجاء الصمت.

لا بيان، لا استنكار، لا غضب، ولا حتى “صورة استياء” كما يفعل بعض أقرانه.

 

يسارعون فيهم.. فيسبقهم الذل

وهكذا نقرأ في القرآن:

"ترى كَثيرًا منهم يسارعون فيهم، يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة".

لكنهم، رغم مسارعتهم، لا ينالون إلا الخيبة.

الغرب لا يحترم التابع، ولا يثق بمن خان شعبه، ولا يكرم من خان دينه.

 

ختامًا.. الغرب لا يرضى عن الساجدين له

ما لم يدركه الجولاني ومن على شاكلته، أن السجودَ لغير الله لا يورث كرامة ولا يُكسِب عزة.

وأن التماهي مع الغرب في العداء لإيران أَو المقاومة، لن يصنعَ منهم رجالَ دولة ولا شركاءَ في القرار، بل أدوات تُستخدم ثم تُكسر.

إنها لحظة الفرز: إما أن تكونَ مع أمتك، بدينك، بمقاومتك، بهُويتك…

وإما أن تظلَّ راكعًا للغاصب، ثم تُلقَى جانبًا كما يُلقَى الحذاءُ بعد الخدمة.