في كُـلّ مرة يتعرض فيها قطاع غزة لعدوان صهيوني غاشم، تخرج التصريحات الرسمية المصرية بلغة دبلوماسية معتادة: نحن ندعو إلى التهدئة، نحن مع حقوق الشعب الفلسطيني، نفتح المعبر للحالات الإنسانية. لكن الواقع على الأرض يكذّب هذه التطمينات، ويكشفُ عن وجه آخر أكثر قسوة.
إغلاق معبر رفح: بوابة الموت المفتوحة
معبر رفح، المنفذ البري الوحيد لغزة الذي لا يخضع لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي، تحوّل إلى ورقة ضغط سياسية وأدَاة ابتزاز جماعي. فتحه وإغلاقه لا يخضعان لحالة إنسانية أَو ظرف طارئ، بل لحسابات إقليمية وأمنية لا علاقة لها بمأساة سكان القطاع. في عزّ المجازر، يُغلق المعبر تحت ذريعة "الأوضاع الأمنية"، فيموت المرضى، ويُمنع دخول الجرحى، وتُحاصر المساعدات.
المنطقة العازلة: جدار العُزلة العربي
في السنوات الأخيرة، أقامت السلطات المصرية منطقة عازلة على طول الحدود مع غزة، وهدمت مئات المنازل في رفح المصرية تحت مبرّر مكافحة التهريب. لكن هذه الإجراءات لم تخدم إلا مصلحة الاحتلال، بتجفيف شريان الحياة الوحيد للفلسطينيين تحت الحصار، ومنع إدخَال أية مواد أَو تجهيزات طبية وغذائية من الجهة المصرية.
التنسيق الأمني من القاهرة إلى "تل أبيب"
لا يمكن تجاهُلُ أن مصر، إلى جانب بعضِ الأنظمة العربية، باتت شريكًا ضمنيًّا فيما يُسمّى "التنسيق الأمني" مع الاحتلال. إغلاق المعابر، والتضييق على المقاومة، والتصريحات التي تساوي بين الجلاد والضحية، كلها تصب في خدمة المشروع الصهيوني.
صمت إعلامي ورسمي = التواطؤ
في الوقت الذي تتدفق فيه دماء الفلسطينيين في شوارع غزة، تنشغل الفضائيات المصرية بمسلسلات الصيف ومشكلات المشاهير، فيما تغيب التغطية الجادّة أَو حتى التعاطف الإنساني مع الضحايا. أما الخطاب الرسمي، فغالبًا ما يكتفي بلعب دور الوسيط "الحيادي"، في تجاهل فاضح لحقيقة أن الصمت في مواجهة الجريمة هو شكل من أشكال التواطؤ.
خاتمة: كلمة يجب أن تُقال
نحن نؤمن أن الشعب المصري الأصيل لا يرضى بهذا الدور، ولا يقبل أن تكون بلاده شريكة ـ ولو بالصمت أَو الحصار ـ في معاناة إخوانه في غزة. وقد آن الأوان لكسر حاجز التبريرات ومواجهة الحقيقة: مصر ليست مُجَـرّد وسيط محايد، بل طرف فاعل يتحمل مسؤولية تاريخية وأخلاقية عن الحصار المُستمرّ والعدوان المتجدد.
ولن يتغيّر ذلك إلا بموقف شعبي واعٍ يضغط لكسر هذا التواطؤ، ويفرض على صُنّاع القرار الانحياز للحق لا للتوازنات.