على كل أمة إسلامية، وعلى كل نخبة وجماهير، أن تتوقف لتتأمل بعمق في خلفيات الموقف الأمريكي من قضايانا المصيرية، إن الموقف الأمريكي من الصراع العربي ـ الإسرائيلي، ومن قضايا المنطقة عموماً، لا يمكن فهمه فقط من زاوية سياسية أو استراتيجية بحتة، فالعمق الأيديولوجي والديني للعقيدة الأمريكية يلعب دوراً مركزياً في رسم السياسات وتوجيه المواقف، فهي ترى في دعم العدو الإسرائيلي، وتمكينه من الهيمنة في منطقتنا، جزءاً من "المهمة المقدسة"، هذه الرؤية تأتي في إطار عقائدي يبرر استمرار الإبادة والضغط على أمتنا الإسلامية.
في كثير من الأحيان، يُساء فهم السياسة الأمريكية باعتبارها مجرد مصالح استراتيجية أو تحالفات ظرفية، الحقيقة أن الأمريكيين يتعاملون مع منطقتنا وأمتنا من منظور عقائدي، يجعل من أي مقاومة لمشروع الكيان الإسرائيلي تهديداً وجودياً، هذا البعد العقائدي يفسر الدعم الأمريكي المستمر للعدو الإسرائيلي، رغم الانتهاكات اليومية للحقوق الإنسانية، والانحياز الواضح ضد الأمة الإسلامية، فالدعم الأمريكي ليس ناتجاً عن ظرف تكتيكي وسياسي عابر، بل عن اعتقاد راسخ بأن حماية الكيان الصهيوني وفرض الهيمنة الصهيونية على المنطقة واجب مقدس.
الموقف الأمريكي لا يُفهم إلا من خلال الجمع بين الدين والسياسة، هناك تصور لدى قطاعات واسعة من النخب الأمريكية، خاصة داخل التيار الإنجيلي، بأن قيام إسرائيل الكبرى جزء من تحقيق "الوعد الإلهي".
من هنا، يُنظر إلى كل تهديد لإسرائيل، أو أي مقاومة لأهداف المشروع الصهيوني، كتهديد وجودي، ويُبرر لكل إدارة أمريكية دعم العدو الإسرائيلي بلا شروط، هذا ما يجعل الولايات المتحدة مستعدة لتقديم دعم اقتصادي وعسكري ضخم، حتى لو كان على حساب مصالحها المباشرة، أو على حساب سمعتها الدولية.
المخطط الصهيوني بين أطماع رهيبة وأهداف واضحة، أي أن خلفيات الموقف الأمريكي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمخطط الصهيوني الذي يسعى إلى فرض سيطرة كاملة على منطقتنا العربية والإسلامية، الأهداف لا تقتصر على السيطرة الجغرافية أو الاقتصادية، بل تشمل الهيمنة الفكرية والدينية، وإضعاف الأمة الإسلامية داخلياً.
العدو الصهيوني يخطط بعناية لاستغلال ضعف الأمة، وتشتت مواقفها، ليتمكن من التقدم في مشروعه دون مقاومة فعالة، هذا المخطط يهدف إلى استلاب القرار السياسي للأمة، وتوجيه سياساتها ومواقفها بما يخدم أهدافه، بينما تُترك الأمة منكشفة أمام التدخلات الأمريكية.
وللأسف، الأمة الإسلامية اليوم تعاني من واقع منكشف: ضعف في الوعي الكامل بأبعاد الموقف الأمريكي والصهيوني، تقدم الأرض خصبة لمخططات أعدائها وانحراف في المواقف، وتشتت في السياسات، كل هذه العوامل تجعل من السهل على الأعداء توجيه سياساتهم ومخططاتهم دون أي مقاومة حقيقية.
التأمل في الخلفيات العقائدية للموقف الأمريكي، وفهم المخطط الصهيوني بدقة، أصبح ضرورة ملحة، فغياب الوعي سيجعل الأمة أسيرة لمخططات لا تُرى إلا بعد فوات الأوان، بينما فهم هذه الخلفيات يفتح الطريق لوضع استراتيجيات مواجهة حقيقية وفعالة.
إن فهم الخلفيات الدينية والعقائدية للموقف الأمريكي، وربطها بالمخطط الصهيوني، اليوم ضرورة حيوية لكل أمة إسلامية، الوعي بهذه الأبعاد يمكن أن يساعد الأمة على: توحيد الصفوف عبر إدراك طبيعة المخاطر المترتبة على التشتت والتفرقة، وتحديد الأولويات ومعرفة أي السياسات والمواقف يجب مواجهتها أولاً، ووضع استراتيجيات فعالة لا مواجهة صورية، بل مواجهة مدروسة تستند إلى تحليل شامل للعقيدة والمخطط.
إن الموقف الأمريكي هو موقف متجذر في عقيدة دينية وعقائدية، يجعل من دعم العدو الإسرائيلي وإضعاف الأمة الإسلامية مهمة مقدسة، إن فهم هذه الخلفيات أصبح ضرورة استراتيجية، وأي تجاهل لها سيترك الأمة في موقع ضعف مستمر، معرضة لتوجيه سياساتها ومواقفها بما يخدم أهداف أعدائها.
ومن هنا، دعا السيد القائد جميع الأمة الإسلامية، نخبها وشعوبها، إلى التوقف والتأمل العميق في خلفيات الموقف الأمريكي من قضايانا المصيرية، فقد شدد على أن هذا الموقف لا يمكن اختزاله في مجرد تصرفات سياسية تكتيكية أو إجراءات آنية، بل ينبع من خلفية عقائدية عميقة، تجعل من دعم إسرائيل وفرض الهيمنة الصهيونية على منطقتنا مهمة مقدسة، ذات بعد ديني وعقائدي.