الاتفاق لا يعني بالضرورة أنه جاء بناءً على رؤية ورغبة سعوديّة مستقلة.. ربما في إطار مخطّط أمريكي إسـرائيلي خفي للإيقاع بباكستان قبل إيران، وإعادة رسم خارطة المنطقة، كما وعد بذلك المجرم نتنياهو، وما السعوديّة، وحتى بدون أن تعلم، إلا أدَاة من أدوات تنفيذ هذا المخطّط.
جميلٌ جِـدًّا أن توقِّعَ السعوديّة وباكستان على اتّفاقية دفاع استراتيجي مشترك..
لكن السؤال الذي يطرح نفسَه الآن هو:
هل يشمل هذا الاتّفاق إمْكَانيةُ خوض مواجهة مشتركة مع الكيان الصـهيوني في حال ما أقدم مثلًا على الاعتداء على السعوديّة على غرار ما فعل مع قطر؟
الإجَابَة، بصراحة: لا.
لا أعتقد ذلك..
ذلك أن السعوديّة، لو كانت تريد بهذا الاتّفاق (إسـرائيل)، لكانت، ومن باب أولى، ذهبت ووقّعت مثل هكذا اتّفاقية مع إيران العدوّ اللدود لـ (إسـرائيل)..
طيب..
هل السعوديّة حين ذهبت للتوقيع على هذه الاتّفاقية، قد ذهبت بعيدًا، وبمعزل عن عِلم وموافقة الإدارة الأمريكية..؟!
الإجَابَة أَيْـضًا، لا..
ذلك أن السعوديّة لا يمكن لها، بأي حال من الأحوال، أن تقدم على أمر قد يغضبُ أمريكا أَو يحدث حالة من عدم الوفاق بينهما، خَاصَّة وأن العلاقة السعوديّة-الأمريكية، ومنذ أن وقَّع الملك السعوديّ المؤسّس مع الرئيس الأمريكي الراحل روزفلت ما عُرِفَ باتّفاق «كوينسي» في 1945، علاقة ذات طبيعة وخصوصية كاثوليكية، أي: لا طلاقَ فيها..
ضف إلى ذلك أن السعوديّة وأمريكا بصدد التوقيع قريبًا على معاهدة تلزمُ الأخيرةَ بالدفاع عنها وحمايتها في مقابل التطبيع مع الكيان..؟!
وهذا ما يعزّز أَيْـضًا فكرةَ أن الهدف من وراء توقيع السعوديّة وباكستان على اتّفاقية دفاع مشترك ليس (إسـرائيل)..
وبناءً عليه:
إذا لم تكن (إسـرائيل) هي الهدف، فمن الهدفُ برأيكم إذن..؟
وما مصلحة أمريكا و(إسـرائيل) في عدم اعتراضهما أَو منعهما السعوديّة في الذهاب نحو هذا الاتّفاق..؟!
الهدفُ الخفي بالنسبة للسعوديّة، في اعتقادي، هو رغبةُ السعوديّة في إحداث حالة توازن ردع مع إيران المقبلة على دخول النادي النووي من خلال باكستان الدولة الفقيرة التي قد لا تمانع، وأمام الأموال السعوديّة الضخمة، في بيع السعوديّة سِرًّا بعض الرؤوس النووية..
يعزّز هذا الطرح أن السعوديّةَ -التي لا تملك أصلًا بنيةً تحتية نووية- لطالما أعلنت أكثر من مرة بأنها ستسعى إلى امتلاك سلاح نووي في حالة قيام إيران بامتلاك هذا السلاح، وهو الأمر الذي كان يُقابَلُ برفض أمريكي طبعًا..
ولا أعتقد، في الحقيقة، أن السعوديّين قد يخبرون الأمريكيين بذلك الآن، لكن المؤكّـد أنهم في المقابل -ولكي يقنعوا الأمريكيين بالذهاب نحو هذا الاتّفاق- قد قدّموا لهم سردية مختلفة قليلًا تقول بأن الهدفَ من هذا الاتّفاق هو العملُ على تطويق إيران مثلًا أَو مواجهتها أَو أي شيء من هذا القبيل..
وهذا، بالطبع، ما يعتقد السعوديّون أنه يحقّق بالضرورة مصلحة وهدفًا استراتيجيًّا للأمريكيين والإسـرائيليين في آن معًا..
أو هكذا يعتقدون..
والحقيقة التي يغفلُها السعوديّون والباكستانيون أَيْـضًا، في اعتقادي، هي أن الأمريكيين والإســرائيليين -بعدم منعهما السعوديّة من توقيع هذا الاتّفاق- في جعبتهم مخطّط خفي ويراد به تحقيق مصلحة أُخرى أهم وأكبر من هذه المصلحة، وهي الإيقاع بإيران وباكستان في آن معًا..
وجميعنا، بالطبع، يتذكر تصريحات المجرم «نتنياهو» التي قال فيها إن الهدف بعد إيران هي باكستان..
على أية حال،
تزامن التوقيع على هذا الاتّفاق مع واقعة العدوان الإسـرائيلي على قطر، لا يعني بالضرورة، أنه جاء موجّهًا من السعوديّة ضد (إسـرائيل) كما أنهُ لا يعني بالضرورة أَيْـضًا، أنه جاء بناءً على رؤية ورغبة سعوديّة مستقلة لتعزيز قدراتها الدفاعية والهجومية، وإنما قد يكونُ أتى في إطار مخطّط أمريكي إسـرائيلي خفي للإيقاع بباكستان قبل إيران، وإعادة رسم خارطة المنطقة، كما وعد بذلك المجرم نتنياهو، وما السعوديّة، وحتى بدون أن تعلم، إلا أدَاة من أدوات تنفيذ هذا المخطّط..
وهذا، في اعتقادي، ما ستكشفه لنا الأيّام..