لا خلافَ بين كُـلّ اليمنيين أنّ النظام السعوديّ هو من أضرّ بثورة السادس والعشرين من سبتمبر منذ ولادتها، وأفرغها من معناها، واغتال رموزها وقادتها، ولم يتركها تحقّق هدفًا من أهدافها.
الحقيقة أنّه لم تحظَ ثورة في العالم بما حظيت به ثورة السادس والعشرين من سبتمبر في اليمن من القداسة والمهابة والإجلال، ولو كانت هذه الثورة صحيحة سليمة لفرضت نفسَها على الواقع، ولما قامت بعدها انقلابات وثورات، ولما احتاجت هذه المبالغات والدعايات والمزايدات. والعجيب أنّ من يتبنى هذا الفكر المتطرف عن هذه الثورة اليمنية المباركة هو نفسه من قضى عليها في مهدها، وحرفها عن مسارها، وتنكر لأهلها ستة عقود.
ولا خلافَ بين كُـلّ اليمنيين أنّ النظام السعوديّ هو من أضرّ بثورة السادس والعشرين من سبتمبر منذ ولادتها، وأفرغها من معناها، واغتال رموزها وقادتها، ولم يتركها تحقّق هدفًا من أهدافها.
هذه الثورة -بعد سيطرة النظام السعوديّ عليها- هي من أدخلت اليمن تحت الوصاية السعوديّة، وحوّلتها إلى حديقة خلفية للمملكة، وفتحتها على مصراعَيها للتيارات الوهَّـابية والإخوانية وأجهزة المخابرات الإقليمية والدولية، ومكّنت اللجنةَ الخَاصَّة من تجنيد أغلب الشخصيات اليمنية وتحويلهم إلى عملاء ومرتزِقة، واعتمدت لهم رواتبَ شهرية لخيانة شعبهم ووطنهم. خمسون عامًا واليمن تسير من سيّئ إلى أسوأ في كافة المجالات، إلى أن قامت ثورة شعبيّة عارمة في فبراير 2011م.
هذه الثورة الشعبيّة لم يسمح لها النظامُ السعوديّ أن تكملَ مشوارَها وتحقّق أهدافَها، بل قضى عليها في مهدِها أَيْـضًا، وأدخل اليمنَ في نفق مظلم برعاية إقليمية ودولية. فبعد اتّفاقية الرياض بين الأدوات السعوديّة في اليمن، حدثت انهيارات أمنية وعسكرية وسياسية واقتصادية غير مسبوقة في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات اليمنية، وكادت الأمور في اليمن تخرج عن السيطرة.
فكان لا بُدَّ من قيام ثورة شعبيّة أُخرى للخروج من عُنق الزجاجة وتجنب الوقوع في الهاوية، فكانت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م، التي جاءت بقيادة وطنية جديدة، لا علاقة لها بالسلطة أَو المعارضة. هذه القيادة الثورية المخلصة استطاعت أن تجنّب هذه الثورة الأخطاء والتجاوزات التي وقعت فيها كافة ثورات الربيع العربي، وأن تجعلها ثورة نظيفة نقية طاهرة، قدّمت نموذجًا فريدًا في المنطقة.
هذه الثورة لم تفتح السجونَ والمعتقلات، ولم تصادر الأموال والممتلكات، بل فتحت صفحة جديدة لكافة الأحزاب والمكونات اليمنية، وحفظت لها أموالها وممتلكاتها، وأنصارها ومقراتها، ورفضت الوَصايةَ الإقليمية والدولية، وطهّرت مؤسّساتِ الدولة من العملاء والخونة، وأعادت الأمن والاستقرار إلى العاصمة صنعاء وبقية المحافظات.
هذه الثورة حقّقت خلال فترة قصيرة ما لم تحقّقه ثورةُ السادس والعشرين من سبتمبر خلال عقود طويلة. أصبحت اليمن دولةً ذات سيادة، تمتلكُ جيشًا من أقوى الجيوش في المنطقة، وأصبح القرار يمنيًّا خالصًا في كافة الملفات المحلية والإقليمية، وهذا ما جعل أعداءَ اليمن في الداخل والخارج يتكالبون عليها، ويوجِّهون أبواقَهم للنيل منها، وخلق حالة من الخلاف والقطيعة بينها وبين ثورة السادس والعشرين من سبتمبر.
هذه الأبواقُ اليمنية الإعلامية المأجورة التي تتباكى اليوم من الرياض وأبوظبي والدوحة على ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، تعمل لدى الكفيل السعوديّ بنظام الساعة، وتتقاضى رواتبها من اللجنة الخَاصَّة، لا يهمها ثورة سبتمبر ولا أُكتوبر ولا غيرها، ولا يهمُّها الوطنُ ولا الشعب ولا الأُمَّــة كلها، ما يهمها هو من يدفع لها أكثر، ومن يغطي نفقاتها في فنادق الرياض والقاهرة وغيرها، سواءٌ أكان سعوديًّا أَو إماراتيًّا أَو أمريكيًّا أَو صهيونيًّا.
لذلك نتمنى من كافة أبناء شعبنا اليمني العظيم -لا سيما الأسر السبتمبرية المناضلة التي تعرضت للإقصاء والتهميش أكثر من غيرها من القبائل اليمنية خلال العقود الماضية- أن تحافظ على مكانتها وكرامتها وتاريخها، وأن تحذر من هذه الأصوات المأجورة التي تسعى إلى دغدغة عواطفها ومشاعرها للوقوع في فتنة لا تخدم إلا الصهاينة.
وأن تدرك أنّ علاقةَ ثورة السادس والعشرين من سبتمبر بثورة الحادي والعشرين من سبتمبر كعلاقةِ موسى بعيسى -عليهما السلام-. لا خوفَ عليها من ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، الخوف عليها حقيقة، وعلى الشعب اليمني كافة، هو من هؤلاء العملاء والمرتزِقة، ومن القوى الإقليمية والدولية التي تمولهم وتشغلهم للنيل من شعبهم ووطنهم.