في مشهد مهيب يجسد أسمى معاني النخوة والإباء، احتشدت الجماهير اليمنية ، أمس الجمعة، في مسيرات مليونية عارمة، شملت العاصمة صنعاء ومحافظات اليمن الحرة، تحت شعار "مع غزة.. لمواجهة جريمة الإبادة والتجويع". أمواج بشرية جارفة تتلاطم في ما يقارب ألفاً و100 مسيرة حاشدة ومصغَّرة، بحسب المحافظات، بدءاً من ميدان السبعين، وصولاً إلى المديريات والأرياف.، لتعلن للعالم أجمع عن موقف يمني شامخ وراسخ كالجبال، إسناداً لأبناء غزة الصامدين وقضيتهم العادلة التي هي جوهر القضايا العربية والإسلامية.
لقد صدحت حناجر الأحرار بهتافات العزة والكرامة، مباركة بكل فخر واعتزاز الضربات البطولية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية في عمق الكيان الصهيوني، وتحديداً استهداف مطار اللد (بن غوريون)، في رسالة عملية لا تخطؤها العين بأن الدعم لم يعد مجرد كلمات، بل أفعال تُربك حسابات العدو وتزلزل أركانه. وأكدت الجماهير عزمها الذي لا يلين على مواصلة النفير والتعبئة، مجددة بصدق وثبات التفويض الكامل لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، ومعلنة عن الجهوزية العالية لتنفيذ كل الخيارات، وخوض معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس.
وفي خضم الكارثة الإنسانية، وفي الوقت الذي يخرج فيه الشعب اليمني الأبي بالملايين مؤكداً أن العزة ثابتة لله ولرسوله وللمؤمنين، كان الكافر المجرم ترامب -الشريك الأول لكل جرائم العدو الصهيوني في غزة والمنطقة- يتجول بكل عنجهية وغطرسة في بعض العواصم الخليجية، ليمارس علناً مفهوم السياسة الأمريكية تجاه هذه الأنظمة والقائمة على الابتزاز والاستغلال، كما أكد ترامب نفسه بقوله إن بعض الأنظمة "لن تدوم لأسبوع بدوننا" و"عليها أن تدفع".
وبدلاً من أن تستغل تلك الدول وضع الولايات المتحدة المالي المثقل بالديون والعجز التاريخي غير المسبوق للضغط عليها لوقف دعمها للعدو، ذهبت لتكافئها! تُقدم لها أموالا هائلة جداً وغير مسبوقة في تاريخ البشرية، تصل إلى تريليونات الدولارات، من أموال الشعوب العربية والمسلمة، بل وتُقدم أفخر الهدايا التي لم يسبق في التاريخ أن أهديت لأي زعيم.
إن الموقف اليمني العظيم اليوم هو استجابة لواجب ديني وإنساني وأخلاقي، وهو امتداد للصمود الفلسطيني الذي تعاظم على مدى العقود، رغم كل المؤامرات ومحاولات العدو لزرع اليأس والهزيمة النفسية. لقد أثبت الصمود الفلسطيني في غزة فاعليته، ومنع تكرار النكبات في بلدان أخرى. إن خذلان هذا النموذج وعدم مناصرته جريمة لا مبرر لها.
وفي مواجهة محاولات العدو الأمريكي والإسرائيلي وأبواقهما في المنطقة لتشويه القضية الفلسطينية وتقديمها كـ"قضية إيرانية"، يشدد الشعب اليمني على أن هذه القضية عربية وإسلامية وإنسانية بامتياز، وأن النكبة حدثت قبل قيام الثورة الإسلامية في إيران بزمن طويل. إن من يردد هذا المنطق الصهيوني هم خونة وعملاء يبررون خذلانهم وعمالتهم. الجمهورية الإسلامية ثبتت في أداء واجبها الإسلامي المشرّف، وهذا واجب على كل نظام مسلم.
إن شعبنا العزيز مستمر في أنشطته الشعبية بزخم عظيم، هذا الأسبوع بلغت ألفاً و67 مسيرة حاشدة ومصغرة، هذا الخروج المليوني الأسبوعي الذي لا مثيل له في الدنيا يعبر عن إيمان وضمير إنساني وقيم وشهامة وإخلاص لله، وهو نعمة وتوفيق إلهي يجنب شعبنا الوزر المخزي للتخاذل.
إن مآلات هذه القضية محسومة بوعد الله الحق الذي لا يتخلف، فالكيان الإسرائيلي إلى زوال وفناء، مهما بلغ عتوه ودعم الغرب له. بهذا الموقف المبدئي والعملي، يقدم الشعب اليمني الأبي، قيادة وجماهير، نموذجاً حياً في التضحية والوفاء لقضايا الأمة، ويؤكد أنه يواصل دوره التاريخي في نصرة المستضعفين، ليظل منارة للأحرار في زمن عَزَّ فيه الأحرار.
وفي ختام هذه المسيرات المليونية الحاشدة، صدر بيان يؤكد على استمرار هذا الزخم الشعبي والجهادي، بلا كلل ولا ملل، نصرة ومساندة للشعب الفلسطيني المسلم المظلوم، جهاداً في سبيل الله وابتغاء لمرضاته، واستمرارا في الموقف المحق والمشرف.
وخاطب البيان الشعب الفلسطيني عامة وأهل غزة خاصة في ذكرى النكبة الكبرى بالقول "إنكم بجهادكم في سبيل الله، وصبركم، وثباتكم الذي لا مثيل له، واستمراركم في ذلك، فإنكم بكل ذلك تمنعون تكرار النكبة، وأنتم بهذه المواقف الخالدة تقفون حجر عثرة أمام العدو الصهيوني، وتحمون الأمة العربية والاسلامية من تكرار النكبات بحق بلدان أخرى، ونحن معكم وإلى جانبكم، وبتوكلنا على الله، وجهادنا في سبيله، لن تتكرر النكبة بإذن الله؛ بل سيتحقق وعد الله المحتوم بزوال الكيان الظالم، وظهور دين الله على الدين كله ولو كره الكافرون".
وأضاف" نتشرف برد التحية والسلام وعهود الوفاء للإخوة في سرايا القدس ولكل المجاهدين الأعزاء الذين أهدوا لنا ولقائدنا التحية في عمليتهم الصاروخية الأخيرة ضد الكيان، وخصوا الحشود المليونية في ميدان السبعين وبقية الساحات، ونقول لكم: إن رسالتكم هذه أغلى ما يصلنا في هذه المعركة المقدسة، ولكم منا العهد والوعد بأننا سنبقى إلى جانبكم أوفياء لخط الجهاد والاستجابة لله، مهما كانت التحديات، متوكلين على الله ومعتمدين عليه وواثقين بنصره، والعاقبة للمتقين".
وأشار إلى أنه وفي الوقت الذي كان العدو الصهيوني يصعد من جرائمه في غزة قتلاً وحصاراً وتجويعاً، كان الكافر المجرم ترامب -الشريك الأول للصهيوني في الجريمة- يتجول بكل عنجهية، وغطرسة، وكبر، وخيلاء، في بعض العواصم الخليجية، ويجمع الكميات الهائلة جدا وغير المسبوقة في تاريخ البشرية، من أموال الشعوب العربية والمسلمة، ليقدم منها الدعم المهول لمجرمي الحرب في كيان العدو ليبيدوا الشعب الفلسطيني ويقتلوا العرب والمسلمين؛ بل وقُدم له في بعض العواصم الفتيات العربيات للرقص بين يديه، والتمايل بشكل مذل برؤوسهن المكشوفة، في مشهد يعبر عن الانسلاخ الرهيب عن الإسلام، وتعاليم القرآن الكريم، ويدمي القلوب الحية، ويستثير النخوة العربية.
ولفت إلى أن ما يعطي الأمل ويبعث على الاعتزاز هي تلك الصواريخ التي ذهبت أثناء خطاب الكافر المجرم ترمب، ومرت من فوق رأسه إلى عمق كيان العدو، لتقدم شاهداً بأن الإسلام عزيز بعزة الله، وبأن ما يحدث لا يمثل الإسلام، ولا يقبله أهل الإيمان والحكمة، وأن العزة ثابتة لله ولرسوله وللمؤمنين.
وذكّر البيان شعوب الأمة العربية والإسلامية بالمسؤولية الدينية والإنسانية والأخلاقية والأخوية التي لا يمكن أن تسقط بمرور الزمن، بل تكبر وتتعاظم تجاه المآسي والفظائع التي تحدث في غزة.. داعيا إياهم إلى التحرك الحقيقي وتفعيل كل الطاقات للدفاع عن إخوانهم، وعن مقدساتهم في فلسطين.
وأكد أن من أقل المسؤوليات جهداً، وأكثرها تأثيراً، المقاطعة الاقتصادية للأعداء، والتي لا يعفى منها أي مسلم، وكذا تنظيم المظاهرات والاحتجاجات.
كما دعا العلماء وقادة الفكر والرأي والنخب العلمية والفكرية والسياسية للعمل على رفع حالة الوعي داخل الأمة بضرورة العودة العملية الصادقة إلى القرآن الكريم، والاهتداء والالتزام به، وبأهمية النهوض بالمسؤولية، والجهاد في سبيل الله، ضد أعداء الله وأعداء الإنسانية، وعدم موالاتهم، باعتبار ذلك هو الطريق الصحيح والوحيد لحماية الأمة، وعزتها، وكرامتها، وصون دينها، وكرامة أبنائها، وبلادها، وأن ما دونه هو الهوان والخذلان.