القبيلة اليمنية.. الرمح الثاقب والصخرة الصماء في وجه الاستكبار

  في لحظةٍ تاريخيةٍ فارقة، تتشظَّى فيها الأممُ تحت وطأةِ الهوانِ السياسي وتتفشى عدوى المساومةِ الرخيصة، تظل القبيلةُ اليمنيةُ هي الرمحَ الثاقبَ الذي يرفضُ الانكسار، وقلعةَ الصمودِ التي تبصق على مشاريعِ الاستعمار الجديدةِ وأدواتها.. إنها الذاكرةُ الحيةُ للأُمَّـة، ومستودعُ القوة التي تتدفقُ كلما احتاجت الأرض إلى طوفانٍ يجرفُ الظلمَ ويقيمُ ميزانَ العدلِ بحد السيف. هكذا كانت على مر الدهور، وهكذا هي اليومَ في معركةِ العزةِ الشاملة، متوَّجة...

الفــكر يواجَه بالفــكر، لا بإعدامه

  متى يلجأ الخصمُ إلى استخدام وسائل وأساليب قذرة ورخيصة وحقيرة جِـدًّا..؟ في حالة واحدة فقط: عندما يَشْعُر بالعجز أَو الهزيمة أمام خصمه.. هذا، باختصار، ما قامت به ما تُسَمَّى بمنصة "واعي"!! لا، وهم فَرِحُون جِـدًّا..! يعتقدون أنهم بذلك قد انتصروا نصرًا ساحقًا وماحقًا نالوا به من خصومهم..! والحقيقة أنهم بذلك، إنما أضافوا هزيمة فكرية وأخلاقية نكراء إلى مجمل هزائمهم المتلاحقة في ميادين أُخرى.. أن تسعى إلى شنق الرأي الآخر أ...

الإنسان.. بين كرامة الخِلافة ومسؤولية نصرة المظلوم

  كرم الله الإنسان على سائر المخلوقات بالعقل والحواس والإدراك، ومنحه القدرة على التمييز وتحمّل المسؤولية؛ فكان الإنسانُ منذ اللحظة الأولى مخلوقًا ذا رسالة، لا جسدًا يتحَرَّكُ ولا عقلًا فارغًا من المعنى.. ولأجل هذه الكرامة قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}، فأحلّه مقام الفكرة الرفيعة، وجعل...

غزة.. هُدنة مع وقف التنفيذ بإشراف مجلس الوصاية الاستعماري

  تستطيع الصورة أن تنقُلَ تفاصيل الإجرام الصهيو-أمريكي، وعمليات الإبادة الشاملة بالقتل والتجويع، وتستطيع أن تلتقطَ قِطَعَ الأشلاء المتناثرة، ومشاهد أجساد الأطفال الممزقة، لكنها تعجزُ عن نقل حقيقة الإحساس بهول الفاجعة في قلوب الضحايا، وذكريات الحنان في الأطراف المبتورة، ودفء العواطف في الدماء المراقة على الأرض، وعمق الأسى في قلب الأم الثكلى، وشعور الأب المفجوع، الذي يجمع ما تبقى من أولاده السبعة في كيس واحد، يحملُه على ظهره، ويفرُّ بهم؛ كي...

ما بعد MQ-9 العاجزة.. سيارات العملاء

  بعد الضرباتِ المتتالية التي أطاحت بطائرات التجسس الأمريكيةMQ-9 فوقَ السماء اليمنية، وجد العدوُّ نفسَه أمام مأزِقٍ استخباراتي حقيقي؛ فقد إحدى أخطر أدواته الجوية وأدقّ عيونه الإلكترونية. ومع كُـلّ طائرة تهوي محترقة، كان العدوّ يفقد قدرة أُخرى من قدراته على رسم صورة ميدانية عن الداخل اليمني. ولأن الغرفة المشتركة في الرياض لم تستطع تعويض هذا الفشل، لجأت إلى أُسلُـوب آخر.. أُسلُـوب أقل ضجيجًا، لكنه لا يقل خطرًا: إدخَال معدات وتجهيزا...

السعوديّة.. التحديات المزدوجة بين الإفراط والتفريط في السياسة والهُـوية

  الحالة الراهنة في السعوديّة تعكِسُ تناقضًا معقَّدًا يتجلَّى في ظاهرتين متعارضتين: الإفراط في التحالفات الخارجية والتفريط في الهُـوية الثقافية والدينية.. يمكن تلخيص حالة المملكة وانفصامها في الإشكالية الجمع بين الإفراط والتفريط. فالإفراط في تحالفاتها على المستوى الإقليمي والدولي يبرزُ في كَثيرٍ من الأحيان مَيْلًا لدى السياسة السعوديّة نحو الإفراط في الاعتماد على هذه التحالفات؛ مما أثار انتقاداتٍ لكونها تدعم سياسات قد تؤثِّرُ سلبًا على...

ما بعد حرب الممرات الكبرى

  لم تعد معركة البحر الأحمر مُجَـرّد مواجهة عابرة، بل تصاعدت لتصبحَ "حرب الممرات الكبرى"؛ الحرب التي تعيد رسم خريطة القوى العالمية، وتُسقط آخر ما تبقى من هيبة المِظلة الأمريكية فوق البحار، وتضع اليمن في قلب المعادلة كعقدة استراتيجية تتحطَّمُ عندها مخطَّطاتُ أمريكا وكَيان الاحتلال. إنه شعب الإيمان والحكمة الذي رفض الترويض والتدجين، وخاض معركة تحرير القدس من بوابة البحر الأحمر، معيدًا توجيه بوصلة القوة في الإقليم بلا تردّد. ...

النظام السعوديّ وصناعة الأزمات.. قراءةٌ في جذور تحَرّكه ضد اليمن والأمة

  لم يكن اليمن في أي مرحلة من تاريخه باحثًا عن حرب أَو متطلعًا إلى الصراع، بل كان دائمًا حريصًا على استقرار المنطقة واحترام مبادئ الجوار والأخوة العربية والإسلامية.. ومع ذلك، تكشف التطورات السياسية في السنوات الأخيرة أن التوتر القائم لم يكن ناتجًا عن خلاف بين الشعبَين اليمني والسعوديّ، بل هو نتيجة مسار سياسي اختاره النظام السعوديّ، قائم على الهيمنة وبسط النفوذ والتماهي مع مشاريع خارجية أمريكية صهيونية تستهدف تفكيك المنطقة وإضعاف قواها الح...

ماذا تريد السعوديّة من ترامب وماذا يريد ترامب من السعوديّة..؟

  حاجة واحدة فقط، هي: تطبيعٌ كامل ومعلَن مع أحفاد بني قينقاع وتبادل السفراء بين الجانبين، على أن يتم فتحُ السفارة السعوديّة في القدس وليس في تل الربيع.. ـ طائرات إف 35. ـ طاقة نووية سلمية. ـ تكنولوجيا في مجال الرقائق الإلكترونية. هذه، باختصار، هي الثلاثة الأشياء الأَسَاسية التي يطمع وليُّ العهد السعوديّ في الحصول عليها من ترامب خلال زيارته التي بدأها اليوم إلى الولايات المتحدة الأمريكية.. فهل سيعطيه ترامب ذلك..؟ يتوقف ال...

السعوديّة.. من بوابة الاقتصاد إلى دهاليز الحرب: حكاية تحوّل لم يعد خافيًا

  لم يكن أحد يتخيّل أن الطريق المعبّد باللقاءات الاقتصادية الهادئة بين السعوديّة والكيان سيفضي في النهاية إلى دهاليز غرفة عمليات واحدة تستهدف اليمن وفلسطين والمنطقة معًا.. لكن الأحداث –كما لو أنها أرادت أن تفضح المستور– أخذت تفتح الأبواب بابًا بعد باب، حتى ظهر المشهد كاملًا بلا رتوش.   البداية الهادئة.. في السنوات الماضية، بدأت الحكاية ببطء، كخطواتٍ محسوبة في ممرٍّ جانبي بعيدٍ عن أعين الناس. ملفات اقتصادية تُف...

الحرب الإعلامية على اليمن.. معركة الوعي التي لا تُرى

  منذ اندلاع العدوان على اليمن، لم تقتصر المواجهة على الصواريخ والطائرات، بل اتخذت شكلًا جديدًا لا يقلّ خطورة: حربٌ تستهدف الوعي والعقل والإرادة، إنها الحرب الإعلامية التي تُدار بخبثٍ وذكاء، تُصاغ فيها الأكاذيب كحقائق، وتُقدَّم فيها الهزائم كـ"نصرٍ مزعوم"، وتُحرَّف فيها المفاهيم لتقويض الثقة وضرب المعنويات. فالعدو الذي عجز عن كسر الجبهات بالسلاح، يحاول اليوم اختراق العقول بالكلمة المسمومة، وبمنصّاتٍ رقمية تموَّل وتدار من الخا...

علي هراش

كاتب يمني

اليمن في مواجهة أحلام العدوان الجديدة.. صمودٌ أُسطوري

  إن الموقف الدولي إزاء القضية اليمنية يمثل نموذجًا صارخًا لاختلال موازين العدالة العالمية، حَيثُ تتعالى الأصوات المطالبة بتحمُّل روسيا والصين مسؤولياتهما التاريخية في استخدام حق النقض ضد القرارات الجائرة التي تستهدف اليمن، خَاصَّة وأن هاتين الدولتَينِ تعانيان من وطأة العقوبات الأمريكية ذاتها؛ مما يجعلهما الأكثرَ إدراكًا لتداعيات الظلم الدولي. إننا إزاء نظام عالمي مختلّ يقدّم المصالحَ الضيِّقة على مبادئ العدالة، وهو ما يستدعي إعادةَ هن...

أمريكا أُمُّ الإرهاب.. والواقع يشهد

  إلى أُولئك الذين قامت الولايات المتحدة الأمريكية على أنقاض وجودهم، أُولئك الذين صارت جماجمهم وعظامهم ودماؤهم المسفوكة حجارة الأَسَاس لقيام كَيانٍ لم يعرف في تاريخه سوى منطق القوة والهيمنة، وإلى الشعوب التي دُفعت إلى المحارق كي تبقى واشنطن واقفة على جبل من الجثث والثروات المنهوبة، ترفع راية الديمقراطية زيفًا وتغطي خونتها وإرهابها بغلافٍ من الأكاذيب المصنوعة. منذ نشأتها الأولى، لم تبنِ أمريكا نفسها إلا فوق المقابر. فقد استنبتت كيانه...

النهاية المحتومة لأمريكا في البحر الأحمر

  لطالما كانت الولايات المتحدة الأمريكية رأسَ حربة المؤامرات التي تستهدف دول المنطقة.. لم تكتفِ بالتدخُّل في شؤون الأمم، بل عملت دومًا على إشعال الفتن بين الأنظمة وشعوبها، في المشرق والمغرب على حَــدٍّ سواء؛ سعيًا لفرض هيمنتها وخدمة مصالحها الاستعمارية تحت شعارات زائفة. واليوم، وبعد أن مُنِيَت بهزيمةٍ مذلّة في البحر الأحمر، تسعى أمريكا جاهدةً لاسترداد الاعتبار، محاولةً طمس واقع الفشل الذي أثبته ساحات المواجهة. فقد اضطرّت إلى سحب قوا...

فلسطين قضية الأُمَّــة المركزية

  فلسطين ليست مُجَـرّد صراع سياسي أَو نزاع حدودي، بل هي قضيةٌ ترتبط بالهُوية والاعتقاد والوجدان، وتمثّل رمزًا للعدل والكرامة والتحرّر.. منذ أكثر من قرن، ظلت فلسطين الجرح المفتوح في قلب الأُمَّــة، والقضية التي لم تفقد مركَزيتها مهما تبدّلت الظروف وتعاقبت الأجيال. ما تزالُ قضية فلسطين قضيتَنا المركَزية، رغمَ كُـلّ المحاولات الصهيونية والأمريكية والبريطانية وعملائهم لطمسها أَو تهميشها؛ فهي البُوصلةُ التي تكشف مكانة الشعوب وحيوية مواقفها ...

ماذا تُخبئ القبائل من قوة.. إلى جانب الإيمان والموقف؟

  وقفات القبائل اليمنية تعلن جهوزيتها وتبارك صفعة الأمن لمخابرات العدو.. في الزمن الذي تُختبر فيه المواقف، وتتكشف فيه معادن الشعوب، تثبت القبائل اليمنية مرة أُخرى أن القوة ليست مُجَـرّد سلاح يُرفع، بل رَوح تتجذّر في الصدور، وإيمان يتحول إلى فعل، وموقف يتجلى في الميدان حين تُستباح الأوطان أَو تُمس الحرمات. فمع كُـلّ نداء مسؤول، أَو تهديد يلوّح به العدوّ، أَو مؤامرة تُحاك في الغرف السوداء، تهبّ القبائل اليمنية بوقفاتها المشهودة، معلنة جه...

السعوديّة.. ذِراعٌ وظيفية

  يقف الشعب اليمني اليوم، أمام مشهدٍ مكشوفٍ لم يعد العدوّ قادرًا على تجميل قبحه، ولا إخفاء دمويته خلف شعارات الشرعية الدولية أَو حقوق الإنسان، وبات واضحًا لكل ذي بصيرة أنّ العالم تُديره منظومة غاشمة، تمسك أمريكا بخيوطها، ويؤدي كَيان الاحتلال الصهيوني دورَ الخادم المتوحِّش في تنفيذ جرائمها، والأنظمة العربية الوظيفية بدور الممّول؛ بينما تُزيّف المؤسّسات الأممية العدالةَ بقراراتٍ تُكتب وفق ميزان القوة لا ميزان الحق. في المشهد الذي يبدو غي...

تأمُّلات في دلالات سقوط شبكة التجسّس ضد اليمن

  تكشف العملية الأمنية النوعية "ومكرُ أُولئك هو يبور" عن بنية أمنية يمنية ويقظة عالية الجهوزية، للعمل بموازاة المواقف العسكرية، وتوقعات تحَرّكات الأعداء المسبقة، وفق أسس قرآنية وعملية وخبرة استخباراتية تراكمية ممتدة منذ الحروب الأولى على صعدة وما تلاها. أيضًا تُظهِرُ اكتساب اليمن خبرات واسعة عن طبيعة العمل الاستخباراتي للعدو وتحَرّكاته في العديد من دول المنطقة، وكيف يفكر ويخطط وينفذ عملياتها داخل دول محور المقاومة والاستفادة ...

قراءة يمانية لقرار مجلس الأمن الأخير

  في خطوة متوقَّعة لم تُخفِ حِقدَها، عاد مجلسُ الأمن ليُصدِرَ قرارًا جديدًا يستهدفُ اليمنَ وشعبَه، متجاهلًا بوقاحةٍ الجذورَ الحقيقية للأزمة، ومتناسيًا بانتقائيةٍ مَشينةٍ سنواتِ العدوانِ والحصارِ التي لم تحَرّك المنظمةُ الدوليةُ ساكنًا لوقفها، ويمعن هذا المجلس في الانتقاصِ المتعمّد من سيادة اليمن وحقّه في الدفاع عن نفسه، لأنّه تجرّأ ورفضَ أن يكونَ رقمًا في معادلةِ الهيمنة. ما يعانيه مجلسُ الأمن من ازدواجيةٍ في المعايير أصبح عاريًا للعال...

علي هراش

كاتب يمني

نار تحت الرماد.. خطر الجاسوس المتعلِّم على كيان الأُمَّــة

  قضية الجاسوسية من أعظم القضايا التي تمس كيان الأمم وتقوض أركان المجتمعات، ولكنها تبلغ ذروة الخسة والدناءة حينما يكون صاحبها من أهل العلم والمعرفة، ممن رُزقوا موهبة الفكر والعقل، وأُوتوا حظًا من الثقافة والدراية.. فالجاسوس الذي يكونُ عالِمًا أَو دكتورًا أَو مثقفًا قد ارتكب جُرمًا لا يُقاسُ بجُرم غيره؛ لأنه قد خان أعظمَ الأمانات، أمانة العلم والمعرفة التي ائتمنه عليها المجتمع والبشرية. إن العالِمَ الحقيقي ليس مُجَـرّد حاملٍ لشهادة، أَو...