السياسي المصري "ماضي": مراكز المساعدات في غزة تحولت فعليًا إلى مصائد موت ومعسكرات اعتقال
السياسي التونسي "سلطاني": مراكز توزيع المساعدات الغذائية يتم توظيفها ضمن مخطط لتهجير سكان القطاع قسرًا.
السياسي اليمني "عنتر": المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية المجازر الصهيونية المروعة بحق المدنيين في غزة.

 

موقع أنصار الله - محمد المطري

 

لم تعد القنابل العنقودية والأسلحة المحرمة دولياً والجوع المنظم هي المخاطر الوحيدة التي تواجه أهالي غزة المحاصرين منذ عامين، فقد أصبحت طوابير الخبز وشاحنات الإغاثة جزءًا من جرائم الكيان الصهيوني الوحشية، حيث يُقتل الجائع قبل أن يتمكن من الحصول على كيس الطحين، وكأن العالم اتفق على عدم إتاحة مكان للضعفاء، حتى في طوابير الإغاثة!.

منذ اعتماد "مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية"، التي تديرها الولايات المتحدة، آلية توزيع المساعدات إلى قطاع غزة في مايو 2025، تحولت مراكز المساعدات الغذائية إلى مصائد للنازحين الجوعى بفعل الكيان الصهيوني. ما يعكس المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية، ودفع أهالي غزة نحو قبول التهجير القسري عبر المساعدات الغذائية.

وسيلة دعائية لتحسين صورة الكيان أمام العالم

 

\وفقا لإحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 56,077 شهيداً و131,848 إصابة منذ السابع من أكتوبر للعام 2023م. وأشارت الصحة إلى أن حصيلة الشهداء والاصابات منذ 18 مارس 2025 بلغت (5,759 شهيداً، 19,807 إصابة).

وأوضحت، أن حصيلة ما وصل للمستشفيات من شهداء المساعدات خلال 24 ساعة الماضية 49 شهيداً، وأكثر من 197 إصابة، ليرتفع إجمالي شهداء لقمة العيش ممن وصلوا المستشفيات 516 شهيداً وأكثر من 3,799 إصابة).

في هذا السياق وجه الناشط السياسي التونسي محمد سلطاني اتهام إلى "مؤسسة غزة الإنسانية"، ووصفها بأنها ليست سوى وسيلة دعائية يستغلها الكيان الصهيوني لتحسين صورته أمام المجتمع الدولي، ولتضليل الرأي العام حول الواقع المأساوي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة نتيجة السياسات المنهجية للتجويع والتهجير.

وفي حديثه لموقع أنصار الله يوضح سلطاني أن "مؤسسة غزة لا تسعى لتحسين الأوضاع الإنسانية كما يُروّج لها، بل تتخذ من الغطاء الإغاثي واجهة لإعداد كمائن الموت، وقد أسهمت في استشهاد الألاف من الفلسطينيين، نتيجة سياسات توزيع المساعدات التي تتم في مناطق معزولة، تقع تحت السيطرة الأمنية المشددة التابعة للكيان الصهيوني، ولا تصل إليها كاميرات الإعلام أو المراقبون الدوليون".

ويشير إلى أن الإدارة الأمريكية، بالتنسيق مع حكومة الكيان الصهيوني، تسعى إلى "هندسة الجوع في غزة"، بهدف توفير غطاء قانوني للعدو في مواجهة التحقيقات الدولية المتعلقة بجرائم الحرب.

ويلفت إلى أن ما يسمى بالمساعدات الإنسانية التي تصل إلى القطاع لا تكاد تُذكر، ولا تسد رمق الجائعين، في ظل سياسة الحصار المطلق وإغلاق كل المنافذ الحيوية، مشيرا إلى أن مراكز توزيع المساعدات الغذائية يتم توظيفها ضمن مخطط لتهجير سكان القطاع قسرًا، ودفعهم للتمركز في مناطق الجنوب، تمهيدًا لدفعهم نحو معبر رفح، في محاولة واضحة لإفراغ معظم أراضي غزة من سكانها، وهو ما يُعد جريمة تهجير قسري يعاقب عليها القانون الدولي.

ويشير إلى أن الأحداث الجارية في غزة تأتي في سياق سياسات التهجير والتطهير العرقي، التي يتبناها الاحتلال الإسرائيلي بدعم مباشر من الغرب، موضحاً أن الكيان يتجاهل كافة المواثيق الدولية، ويستمر في ارتكاب المجازر الوحشية التي يندى لها جبين الإنسانية، في الوقت الذي يصرف فيه الغرب نظره عن هذه الأفعال، ويمنح غطاءً سياسيا وعسكريا لهذه الجرائم.

ووفقا لسلطاني فإن سياسات كل من رئيس "حكومة" الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب تستند إلى معادلة "الاحتلال مقابل التهجير"، في إطار الضغط على حماس لدفعها إلى تقديم تنازلات سياسية خلال المفاوضات، مستغلين الوضع الإنساني المتدهور في القطاع كوسيلة ابتزاز سياسي.

انتهاك جسيم للقانون الدولي

عند النظر في تزايد عدد ضحايا لقمة العيش، حيث يسقط عشرات الشهداء والجرحى يومياً، يظهر للجميع الأهداف الخفية لـ"مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية". هذه المؤسسة أصبحت نقطة تركيز لاستهداف النازحين الذين يعانون من الجوع. وبالتالي، أصبحت وسيلة إضافية في حرب العدو الإسرائيلي ضد المدنيين.

وفي هذه الجزئية يقول الناشط السياسي المصري أشرف ماضي إن "النموذج الذي تتبناه المؤسسة يقوم على استدراج المدنيين نحو نقاط توزيع محددة ومكشوفة، تُدار بالتنسيق مع جيش العدو الإسرائيلي، الأمر الذي يجعلهم عرضة للاستهداف المباشر، من قتل واعتقال وتعذيب".

وفي حديثه لموقع أنصار الله يؤكد أن "هذه المراكز تحولت فعليًا إلى مصائد موت ومعسكرات اعتقال، تُستخدم كأداة ضمن استراتيجية الإبادة الجماعية التي تنفذها "إسرائيل" منذ أكثر من عشرين شهرًا في قطاع غزة".

ويطالب ماضي بـ "فتح تحقيق دولي مستقل في دور مؤسسة غزة الإنسانية، والتحقيق مع القائمين عليها جنائيًا عن الجرائم التي أسهموا في تنفيذها، سواء بالتخطيط أو التسهيل أو حتى بالصمت"، داعيًا إلى محاسبتهم بموجب القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.

ويشير إلى أن ما يحدث هو انتهاك كبير للقواعد الدولية الخاصة بحماية المدنيين في مناطق "النزاع"، مؤكدا على أهمية عدم السماح لهذه المنظمة بالاستمرار، حيث تدعي العمل الإغاثي والإنساني بينما في الواقع تزيد من معاناة المدنيين وتساعد على استهدافهم.

ويدعو أشرف ماضي الجهات الدولية والمانحة إلى "الوقف الفوري لأي دعم مالي أو لوجستي يقدم لتلك المؤسسة، والعمل على إدراجها في القوائم السوداء للكيانات المتورطة في انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، إلى جانب الجهات العسكرية والسياسية الصهيونية المتورطة في التخطيط والتنفيذ".

ويختم حديثه بالتأكيد على أن "صمت المجتمع الدولي عن هذه الجرائم يرقى إلى التواطؤ، وأن العدالة لن تُستعاد إلا حين يخضع كل من تسبب في معاناة الفلسطينيين للمحاسبة الفعلية".

كارثة إنسانية

ويعبّر الناشط السياسي اليمني العميد حميد عبد القادر عنتر عن استنكاره للمجازر الصهيونية المروعة بحق النازحين في قطاع غزة، واصفًا إياها بالكوارث الإنسانية وجرائم الحرب.

وفي حديثه مع موقع أنصار الله، يحمل المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان مسؤولية الانتهاكات في غزة.

ويؤكد أن "غزة تواجه حصارًا شديدًا أثر بشكلٍ بالغ على الأوضاع الإنسانية والمعيشية، حيث وصلت إلى مستويات غير مسبوقة"، مشيرًا إلى أن "المساعدات المقدمة من المنظمات الأممية تصل غالبًا متأخرة، أو لا تُوزع بشكل مناسب، ما يؤدي إلى حالات استشهاد بسبب نقص المساعدات الطبية والغذائية".

ويشير إلى أن كيان العدو الإسرائيلي يتعمد استهداف المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال وكبار السن، ما يعد جريمة حرب وفق القانون الدولي"، مطالبًا بمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم في المحاكم الدولية.

ويدعو عنتر جميع الدول العربية والإسلامية إلى "الاصطفاف خلف محور المقاومة"، معتبرًا أن "الانتصار للجمهورية الإسلامية هو انتصار لكل الشعوب العربية والإسلامية، وسيُعيد رسم خارطة المنطقة، ويُغيّر موازين القوى في العالم بأسره".

 

وأمام تزايد ضحيا العدوان الصهيوني والأمريكي يبقى التساؤل السائد في غزة: من ينقذ النازحين من مذبحة الجياع؟